فاجأ الملك محمد السادس، الأربعاء، المغاربة بإلغاء شعيرة ذبح الأضاحي في عيد الأضحى لأول مرة في عهده بعدما ألغاها والداه الراحل، الحسن الثاني، لثلات مرات تسببت إحداها في احتجاج نادر انتهى بانتهاكات حقوقية جسيمة.
وفي خطاب ألقاه نيابة عنه وزير الأوقاف أحمد التوفيق، أهاب الملك محمد السادس، بالشعب المغربي عدم القيام بشعيرة الذبح في عيد الأضحى هذا العام نظرا "للتحديات القائمة".
وأكد ملك المغرب في رسالة للشعب "حرصنا على تمكينكم من الوفاء بهذه الشعيرة الدينية في أحسن الظروف، يواكبه واجب استحضارنا لما يواجه بلادنا من تحديات مناخية واقتصادية، أدت إلى تسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية."
وأضاف الملك في البيان: "وأخذا بعين الاعتبار أن عيد الأضحى هو سنة مؤكدة مع الاستطاعة، فإن القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لاسيما ذوي الدخل المحدود.".
وأعلن الملك أنه سيقوم بذبح الأضحية نيابة عن الشعب المغربي، "اقتداء بسنة النبي المصطفى، عندما ضحى بكبشين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته".
وأثار قرار الملك تفاعلا واسعا بين المغاربة، إذ رأى فيه بعضهم قرارا سيوقف جشع التجار الذين يستغلون المناسبة لرفع الأثمان في وجه مواطن غير قادر ماديا، فيما تأسف البعض الآخر لـ"تعطيل شريعة من شرائع الإسلام".
وأشادت أحزاب مغربية بالقرار باعتباره يراعي القدرة الشرائية للمغاربة ويستند على حقيقة القلة والندرة التي يشهدها قطيع الغنم بالبلاد.
سد للطريق على المتاجرين بأزمات الفقراء
واعتبر مغرد مغربي أن القرار سيسد الطريق على المتاجرين بمثل هذه المناسبات، الذين يحرصون على رفع الأسعار.
وأشار المغرد إلى أنه في العام الماضي، استورد المغرب أضاحي من إسبانيا ورومانيا بـ500 درهم لكنها بيعت في السوق بأسعار بلغت 4000 درهم أو أكثر.
قرار حكيم بإلغاء شعيرة عيد الأضحى للعام الهجري 1446، الموافق ل 2025 ميلادي
حتى لو أن عيد الأضحى يعد سنة مؤكدة في الشريعة الإسلامية وليس فريضة، لكن حرص عدد من العائلات المغربية على ممارسة هذه السنة كان دائما يشكل موضوع أزمة خانقة خاصة عند العائلات الفقيرة أو المعوزة، ولنا في… pic.twitter.com/JB5V7bPEY4— BENDAOUI Chakib (@ChakibBendaoui) February 26, 2025
وأشاد مغرد مغربي آخر بالقرار مشيرا إلى أنه سيخفف "الضغط على قطعان الماشية بعد سنوات متتالية من الجفاف".
وتداول مغاربة مقاطع فيديو من الأسواق بعد صدور القرار تشير إلى انخفاض كبير في أثمنة الأضاحي.
وفي عام 2023، انطلقت دعوات شعبية في المغرب لحظر ذبح الأضاحي بسبب الأزمة الاقتصادية، وارتفاع أسعارها بشكل كبير.
وتشير الأرقام الرسمية إلى تراجع القطيع الوطني من المواشي بنسبة 38 في المئة مقارنة بعام 2016.
لكن قرار الملك استقبل بانتقاد من مغاربة آخرين رأوا فيه "إلغاء لشريعة دينية" يحتفل بها المغاربة ويحرصون على عاداتهم فيها.
واستغربت مغربية على "إكس" ما قالت إنه "إلغاء شعيرة من شعار الله وفي المقابل تنظيم بطولات لكرة القدم و بناء ملاعب و قاعات مقابل مليارات الدولارات."
في زمن الجهل و الانحلال إلغاء لشعيرة من شعائر الله وفي المقابل تنظيم بطولات لكرة القدم و بناء ملاعب و قاعات مقابل مليارات الدولارات فإن كانت شعيرة عيد الأضحى مجرد سنة مؤكدة فهل كرة القدم و بطولات الغولف و الهوكي فرض عين ؟! pic.twitter.com/lyZuInj6uv
— سيرين🇲🇦 (@si_riis_) February 26, 2025
وقرار العاهل المغربي ليس سابقة في تاريخ البلاد، بل كانت هناك قرارات مشابهة اتخذت في الماضي بسبب الظروف الاقتصادية والمناخية الصعبة.
وأصدر الملك الراحل الحسن الثاني عام 1996 قرارا بإلغاء العيد بسبب الجفاف الذي ضرب المغرب عام 1995، كما سبق أن شهد المغاربة إلغاء لإقامة هذه الشعيرة في مناسبات أخرى، أبرزها عامي 1963 و1981، وهي قرارات أثارت انتقادات كبيرة.
وفي عيد 1981، قرر الحسن الثاني إلغاء عيد الأضحى بسبب أزمة اقتصادية، وعبر بعض المغاربة عن رفضهم ذلك بشكل علني، وأقدم مجهولون على ذبح كلبين ووضع جثتيهما على واجهة إحدى المباني بمدينة "كلميمة" جنوب المغرب، مع كتابة عبارات مناوئة لقرار الملك.
وردت السلطات بعنف إذ اعتقلت وعذبت عددا من سكان المدينة، وبعدها بأربع سنوات تكرّر التعذيب والاعتقال بقرية قريبة على خلفية القضية ذاتها، في واحد من أشهر ملفات سنوات الرصاص بالمغرب.