خيمة مؤقتة لأحد المتضررين من الزلزال بقرية إجوكاك بإقليم الحوز
خيمة مؤقتة لأحد المتضررين من الزلزال بقرية إجوكاك بإقليم الحوز

وسط خيمة ممزقة بالكاد تقيه من الأمطار، يقف إبراهيم اكضان، 62 عاما، مذهولا مما آلت إليه حياته بعد عام ونصف على الزلزال القوي الذي ضرب منطقة الحوز (وسط المغرب).

"لا نزال نعيش تحت البلاستيك، نموت ونحن واقفون"، بهذه الكلمات يلخص إبراهيم معاناته القاسية بعد انهيار منزله في الزلزال في إحدى الدواوير ببلدية تالوين بإقليم تارودانت، وهو يقاوم البرد والمطر رفقة زوجته وأطفاله الخمسة، فيما تلاشت وعود إعادة الإعمار.

يصف إبراهيم، لموقع "الحرة"، كيف تحولت خيمتهم إلى مستنقع بارد يمنع النوم، قائلا: "الأطفال ينامون بصعوبة، أما نحن فنسهر الليل كله".

ومع تزايد الأمطار، يبقي أبناءه في الخيمة عوض الذهاب إلى المدرسة، خشية الطرق الوعرة التي تصبح أشد خطورة مع التساقطات المطرية.

يستذكر إبراهيم بحسرة رحلاته المتكررة بين الإدارات، بحثا عن حل يخرجه من هذا الوضع، مؤكدا أنه "لم يتلق أي تعويض، ولم يأت أحد ليخبره لماذا لم يستفد من دعم إعادة بناء منزله كباقي جيرانه، كل ما يعرفه أنه مضطر في كل مرة لاستبدال الخيمة بأخرى، لأن البلاستيك لا يصمد طويلا أمام قسوة الطبيعة".

كان إبراهيم يعمل نادلا، لكنه لم يعد يستطيع مغادرة أسرته بسبب التساقطات المطرية والرياح القوية التي تعرفها البلاد. 

و"يفضل البقاء ويحاول تدبير قوت يومه بالاستدانة أو بمساعدة الجيران، لكنه يعرف أن هذا ليس حلا، بل مجرد انتظار طويل لمستقبل مجهول". بحسب تعبيره.

قصة إبراهيم ليست سوى واحدة من المشاهد التي تداولها مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي، حيث أثارت موجة استياء واسعة تجاه استمرار معاناة متضرري زلزال الحوز. 

ومع تزايد موجات البرد والأمطار، تتجدد التساؤلات حول أسباب استمرار العديد من متضرري زلزال الحوز داخل الخيام.

معاناة لا تنتهي

وقبل عام ونصف، فقدت زهرة الوصيفي (60 عاما) منزلها في دوار تيكيرت بإقليم ورزازات بسبب الزلزال، ومنذ ذلك الحين، تعيش وأسرتها المكونة من ابنها وزوجته وستة من أبنائه، إضافة إلى ابنها الآخر وطفليه، وسط معاناة لا تنتهي.

تقول زهرة لموقع "الحرة": "عشنا شهورا تحت خيمة بلاستيكية، لكنها لم تصمد أمام البرد القارس والمطر الغزير، كنا نرتجف ليالي طويلة، والمياه تتسرب من كل الجهات."

مع اشتداد موجة البرد والأمطار الأخيرة، لم تعد الخيام قادرة على حمايتهم، فاضطرت زهرة وعائلتها للعودة إلى منزلهم المتضرر رغم خطر انهياره. 

"نعرف أننا نغامر بحياتنا بالعودة إلى بيت مشقوق، لكن لم يكن أمامنا خيار آخر. الأطفال لا يحتملون البرد. قلنا: اللهم هذا ولا الموت بردا...".

وبخلاف إبراهيم، حصلت زهرة على دعم مالي لإعادة بناء منزلها، لكن الأشغال لم تكتمل بعد بسبب انشغال ابنها بالعمل لإعالة أسرته. 

"بنينا الجدران، لكن السقف لم يُنجز بعد. ابني يعمل طيلة اليوم، وحين يجد وقتا، يحاول إتمام البناء. لكن المطر لم ينتظر، فاضطررنا لدخول المنزل رغم تصدعاته"، تقول زهرة.

في كل ليلة، تنام زهرة على وقع الخوف من سقوط السقف فوق رؤوسهم، لكن ذلك لم يكن أصعب ما تعانيه. "حفيدي معاق، لا يحتمل البرد والرطوبة، ونحن عاجزون عن توفير مكان دافئ له".

دوامة التأجيل

وفي دوار تفكاغت ضواحي أمزميز بإقليم الحوز، تقول زهرة المناري (50 عاما) بحسرة، "رغم حصولي على دعم إعادة الإعمار، ما زلت أعيش في خيمة بلاستيكية مع زوجي وطفلي بسبب تماطل مقاول البناء في إنهاء عمله، تتكرر وعوده دون نتيجة بينما نبقى عالقين هنا في انتظار الفرج".

وفي تصريحها لموقع "الحرة"، تصف زهرة الظروف القاسية التي تعيشها أسرتها داخل الخيمة، قائلة: "الخيمة لم تعد تقي من المطر، والمياه تتسرب إلينا والبرد قارس، والأغطية البلاستيكية بالكاد تصمد، لا نوم لنا في الليالي العاصفة، فقط انتظار الصباح على أمل النجاة".

تتحدث زهرة عن محاولاتها المتكررة للاستفسار عن موعد إتمام بناء منزلها، "كلما سألت عن المنزل، أسمع الجواب نفسه: 'غدا سنكمل السقف'، لكن لا شيء يتغير"، تروي زهرة بألم. "البعض حصل على بيوت، ونحن ما زلنا ننتظر. متى نخرج من هذه الدوامة؟ إلى متى هذا التأجيل؟".

وإلى جانب مشاكل السكن، تعاني زهرة وأسرتها من قلة الموارد وصعوبة الوصول إلى المواد الغذائية. "في قريتنا، لا يوجد مكان لشراء الضروريات، وإذا لم نذهب إلى المدينة، لا يمكننا توفير الطعام"، تقول زهرة، مشيرة إلى أن زوجها يعمل بشكل غير منتظم، مما يجعل تأمين لقمة العيش تحديا يوميا.

عراقيل الإعمار

وتعليقا على الموضوع، يذكر مقاول البناء، رشيد بابامو، أن تأخر وصول مواد البناء يعرقل إعادة إعمار المنازل المتضررة، قائلا: "يستغرق توفير الطوب والإسمنت أياما طويلة بسبب الضغط الكبير على الموردين، خاصة بعد موجة الأمطار الأخيرة، ما يبطئ وتيرة الأشغال ويزيد من معاناة المتضررين".

ويتابع بابامو حديثه لموقع "الحرة"، موضحا أن "بعض المتضررين يحتفظون بالدفعات المالية المخصصة للبناء بدل دفعها للمقاولين في الوقت المناسب، ما يؤدي إلى تعطيل المشاريع. كما أن تأخر صرف الدفعات من الجهات المشرفة يجعل الكثير من المنازل غير مكتملة، ويبقي السكان داخل الخيام".

ويؤكد بابامو أن النقص في العمالة يمثل تحديا كبيرا، إذ يرفض البعض العمل في الظروف القاسية، بينما تقل ساعات العمل خلال رمضان مما يبطئ الإنجاز. معتبرا أن هذا التأخير يزيد من معاناة العائلات التي تنتظر بفارغ الصبر مغادرة الخيام نحو مساكن لائقة.

ومن جهة أخرى، أشار بابامو إلى أن المبالغ المخصصة لإعادة البناء غير كافية لتغطية التكاليف الفعلية، إذ يضطر المقاولون إلى تدبير الفارق أو إيقاف الأشغال. "في بعض الحالات، لا يتم صرف الأموال المتبقية إلا بعد إنهاء مراحل متقدمة، وهذا الأمر يعرقل استكمال المنازل". بحسب بابامو.

وضع مأساوي

ومن جانبها، تعزو كلثومة أيت مومن، رئيسة جمعية كشافة المغرب فرع أمزميز، استمرار بعض الأسر في العيش داخل الخيام لأسباب متعددة، من بينها "مشاكل إدارية وإقصاء بعض المتضررين من الدعم الحكومي لأسباب غير واضحة أو نتيجة تصفية حسابات شخصية من بعض المسؤولين المحليين".

وتقول أيت مومن، في تصريح لموقع "الحرة"، "هناك فئة من السكان فضلت البقاء في الخيام طمعا في استمرار تلقي المساعدات الإنسانية، فيما وجد آخرون أنفسهم مضطرين للبقاء بسبب عدم قدرتهم على دفع تكاليف الإيجار، رغم حصولهم على دعم مالي محدود لا يكفي لتغطية احتياجاتهم السكنية".

وتوضح أيت مومن أن العيش في الخيام أصبح "مأساويا"مع الأمطار الغزيرة. لافتة إلى أن البرد والرطوبة زادا من معاناة السكان، خصوصا الأطفال والمسنين، فيما تفاقمت حالات مرضى الربو والأمراض المزمنة بسبب انعدام الظروف الصحية المناسبة.

وأكدت الفاعلة الجمعوية أن "الأثر النفسي لهذه المعاناة عميق، حيث ظهرت اضطرابات نفسية بين المتضررين، خاصة الأطفال. بعضهم أصيب بمشاكل تنفسية، فيما توفي آخرون نتيجة ظروف العيش القاسية. "رؤية الناس يموتون في الخيام أمر لا يحتمل"، تضيف بألم.

وشددت المتحدثة ذاتها على ضرورة تحرك السلطات بإنسانية لإنهاء هذه الأزمة، بعيدا عن الحسابات الضيقة، مطالبة بتسريع عمليات إعادة الإعمار وتوفير سكن لائق لكل متضرر.

نزاعات الإرث

ويؤكد سعيد أوشن، رئيس بلدية أيت واعزيز بإقليم تارودانت، أنه رغم جهود إعادة الإعمار، لا تزال بعض الأسر تحت الخيام لأسباب مختلفة، منها من تم إقصاؤه من الدعم ومنها من حصل عليه لكن لم يبدأ في البناء بعد، كما أن البعض يفضل البقاء في الخيام انتظارا لمزيد من المساعدات خاصة في شهر رمضان.

ويضيف أوشن لموقع "الحرة"، أن نزاعات الإرث تعيق عملية إعادة الإعمار، حيث يمتنع بعض الورثة عن تمكين ذويهم من البناء رغم حصولهم على الدعم، فيما يترك بعض المستفيدين أبناءهم في الخيام انتظارا لدعم مستقل، مما يؤخر خروج الجميع من الظروف الصعبة.

وكشف أوشن أن 40 أسرة فقط من أصل 730 في البلدية التي يرأسها لا تزال تعيش في الخيام، موضحا أن "بعضهم يرفض إزالتها رغم تقدم البناء، حيث يستخدمونها كمأوى نهاري انتظارا لأي مساعدات جديدة، وهو ما يعيق إنهاء هذا الملف تماما".

⁠وشدد رئيس البلدية على أن الحل يكمن في تكثيف التواصل بين السلطات والمواطنين، لدفعهم إلى الإسراع في البناء، مشيرا إلى أن الدولة قدمت الدعم اللازم، لكن بعض العوامل الفردية والاجتماعية تسببت في استمرار هذه الوضعية التي تتطلب جهودا إضافية لحلها.

تسريع إعادة الإعمار

وفي آخر معطياتها حول برنامج إعادة البناء وتأهيل المناطق المتضررة من الزلزال، أفادت الحكومة المغربية، في بلاغ لها، الأربعاء، بتمكن 33.636 أسرة من استكمال أشغال بناء وتأهيل منازلها، بينما 14.463 مسكنا تجاوزت نسبة الأشغال بها 50٪، مشيرة إلى أن عملية بناء وتأهيل المنازل المتضررة انطلقت على مستوى 52.669 مسكنا.

وفي هذا السياق، دعا رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، خلال اجتماع للجنة البين وزارية المكلفة ببرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز،  إلى تسريع مشاريع إعادة الإعمار، خاصة "مواكبة الأسر التي لا تزال في الخيام حتى تتمكن من الانتهاء من إعادة تأهيل وبناء ‏منازلها في أقرب الآجال".

وأكد أخنوش، ضرورة تحسين الأداء وضمان التنمية المستدامة. مشددا على التزام الحكومة بتنفيذ التوجيهات الملكية لضمان عودة الحياة الطبيعية بالمناطق المتضررة.

وكانت عمالة (محافظة) الحوز، قبل أيام، قد كشفت تقليص عدد الخيام إلى 3211 خيمة بعدما تجاوز 35500 في بداية الزلزال، مشيرة إلى أنه من المنتظر أن تصل نسبة تقدم الأشغال في غضون الشهرين المقبلين إلى 80٪.

وأوضحت السلطات أن 10٪ من المستفيدين لم يباشروا البناء لأسباب تتعلق بنزاعات ورثية أو تأخر رغم تلقيهم الدعم، مؤكدة أنها اتخذت إجراءات قانونية لحثهم على بدء الأشغال، كما تم إيجاد حلول بديلة للمساكن الواقعة في مناطق غير صالحة للبناء.

وذكر المصدر ذاته، أن الأسر المتضررة استفادت من دعم مالي شهري 2500 درهم (حوالي 250 دولار) للإيجار، إضافة إلى 140,000 درهم أو 80,000 درهم (14 ألف أو 80 ألف دولار تقريبا) لإعادة الإعمار، مؤكدا أن الإنجاز يتم بوتيرة سريعة مقارنة بالتجارب الدولية التي تستغرق 3 سنوات على الأقل لإعادة البناء.

 إسرائيل قررت الاعتراف بسيادة المغرب على أراضي الصحراء الغربية
ترامب اعترف بسيادة المغرب على الإقليم في ولايته الأولى

‏أعلن نائب جمهوري بالكونغرس الأميركي، أنه سيقدم مشروع قانون لتصنيف جبهة البوليساريو "منظمة إرهابية" متهما روسيا وإيران باستغلال الجبهة لإيجاد موطئ قدم بأفريقيا.

وكتب النائب عن الحزب الجمهوري جو ويلسون وعضو لجنة الشؤون الخارجية ولجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي في تغريدة على "إكس" ، "سأقدم مشروع قانون يصنف البوليساريو كمنظمة إرهابية".

وأضاف "‏إيران وبوتين يسعيان لإيجاد موطئ قدم في أفريقيا من خلال البوليساريو. اربطوا النقاط: محور العدوان".

وربط النائب مشروعه بدعم مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه للمغرب لحل نزاع الصحراء الغربية وجددت واشنطن دعمها له قبل أيام.

وأوضح النائب"‏أتفق مع وزير الخارجية ماركو روبيو على أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل العملي الوحيد لقضية الصحراء".

 ويأتي تحرك النائب الجمهوري ليضاف إلى عودة الجدل حول الصحراء الغربية إلى واجهة الأحداث عقب تأكيد وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أن الولايات المتحدة "تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية".

وخلال لقائه، الثلاثاء، في واشنطن بنظيره المغربي، ناصر بوريطة، قال ريبو إن بلاده "تدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي الجاد والموثوق والواقعي باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع".

وتفاعلت الجزائر مع الموقف الأميركي المتجدد، إذ عبرت عن "أسفها" من تجديد الولايات المتحدة لموقفها الداعم "لسيادة المغرب على إقليم الصحراء الغربية"، ومخطط الحكم الذاتي الذي اقترحته الرباط كحل وحيد للنزاع.

ومن نيويورك، اعتبر ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة، سيدي محمد عمار، أن الموقف الذي أعلنته الإدارة الأميركية "لا يغير أي شيء على الإطلاق".

والصحراء الغربيّة مستعمرة إسبانية سابقة مطلة على المحيط الأطلسي تصنفها الأمم المتحدة ضمن "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي"، ويسيطر المغرب على 80 بالمئة من أراضيها.

وكان المغرب قد اقترح الخطة لأول مرة عام 2007، وفي العاشر من ديسمبر 2020، أكد ترامب في ولايته الأولى دعم بلاده للمقترح المغربي بشأن الصحراء الغربية، وقال إنه يعترف "بسيادة المغرب على المنطقة بأكملها".