دعا مجلس الأمن في جلسة طارئة عقدها في وقت متأخر الأربعاء الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني إلى وقف العنف فورا.
وعقب الاجتماع، دعا المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور المجلس إلى تحمّل مسؤولياته وإيجاد وسيلة لوقف العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأضاف قائلا "أعتقد أن جزءا من توقيت الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة هو محاولة لتحويل الانتباه عن المساعي الفلسطينية المبذولة ومنع المجتمع الدولي من دعم جهودنا بالتوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الاعتراف بدولة فلسطين والتي تعد خطة في غاية الأهمية في تاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي المقرر في الـ29 من الشهر الجاري".
وفي المقابل، قال مندوب إسرائيل لدى المنظمة الدولية رون بروسور إن بعض ممثلي الدول في مجلس الأمن أكدوا خلال الاجتماع المغلق حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، كما أدانوا إطلاق الصواريخ من قطاع غزة ضد الأراضي الإسرائيلية.
وتابع قائلا إن تسلسل الأحداث بأكمله، بدأ مع إطلاق صاروخ مضاد للدبابات استهدف عربة جيب إسرائيلية، ومن هي الجهة وراء هذه الأحداث؟ إنها حركة حماس التي يعتبرها المجتمع الدولي منظمة إرهابية والتي حوّلت غزة إلى مستودع للذخيرة والأسلحة التي تأتي من إيران وليبيا والسودان والتي تطلق على المدنيين الإسرائيلين يوما بعد يوم".
وقدمت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس دعم الولايات المتحدة الحازم لإسرائيل في ردها العسكري على الهجمات التي تشنها حماس عليها، واعتبرت أن الهجمات بالصواريخ تجهض الجهود التي تبذل لوضع حد للنزاع في الشرق الأوسط وقيام دولة فلسطينية.
من جهتها، أدانت المجموعة العربية في الأمم المتحدة العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع، وقال مندوب السودان لدى المنظمة دفع الله الحاج علي عثمان إن المجموعة العربية ستطالب المجلس بإدانة العمليات ووقفها فورا.
وكانت مصر قد طلبت عقد الاجتماع الطارئ بعد شن إسرائيل 20 غارة على قطاع غزة قتل خلالها أحمد الجعبري القيادي البارز في كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس.
وسط هذه الأجواء، أعلن نائب الأمين العام للجامعة العربية أحمد بن حلّي أن اجتماعا على مستوى وزراء الخارجية العرب سيعقد في القاهرة السبت للبحث في العملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة.
تضارب الأنباء حول ضرب تل أبيب
يأتي ذلك فيما تواصل القوات الإسرائيلية عملياتها العسكرية في القطاع بالتوازي مع قيام فصائل فلسطينية بإطلاق صواريخ على جنوب إسرائيل وفق ما ذكره شهود عيان.
وكانت العملية التي أطلقت عليها إسرائيل اسم "ركيزة الدفاع" قد بدأت بهجوم دقيق على سيارة تقل قائد الجناح العسكري لحماس التي تسيطر على قطاع غزة، لتقوم الفصائل الفلسطينية بالرد عبر إطلاق صواريخ.
وقد تضاربت الأنباء حول قيام كتائب عز الدين القسام بإطلاق صواريخ على تل أبيب وهو ما نفاه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي لـ"راديو سوا".
نفي سقوط صواريخ في تل أبيب
وقال إن تلك الادعاءات "تأتي في إطار منظومة الأكاذيب التي تطلقها حماس من حين إلى آخر بعد الضربة التي تلقتها في استهداف أحد أبرز قادتها، والآن تطلق الإشاعات مثلما ادعت بأنها أغرقت زورقا حربيا إسرائيليا أو استهدفته بصاروخ أرض-بحر، وهذه الأنباء إضافة إلى الأنباء التي تحدثت عن سقوط صواريخ في تل أبيب عارية عن الصحة".
وحول رد فعل إسرائيل في حال استهداف تل أبيب بالصواريخ، قال أدرعي "نحن سندرس الموقف حسب المعطيات على الأرض، وسنتّخذ القرارات بناء على ما سيحدث، أنا لا أعرف ما ستكون تحركات الجيش المستقبلية لو حدثت هذه الحادثة أم لا".
وتابع "إسرائيل ما زالت وجيش الدفاع الإسرائيلي يمضي في تنفيذ الخطط الميدانية التي تم إقرارها في المستويات العسكرية والسياسية العليا وهي مواصلة ضرب حماس ومصالحها".
في السياق ذاته، أكد المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية عوفير جندلمان في مقابلة مع "راديو سوا" أن الجيش الإسرائيلي دمر معظم قواعد الصواريخ بعيدة المدى التي تمتلكها حماس وفق معلومات استخبارية.
وأضاف قائلا "أريد أن أشير إلى أن المعلومات الاستخباراتية الدقيقة المتوفرة لدينا أتاحت لنا تدمير معظم الصواريخ بعيدة المدى التي كانت لدى حماس والمنظمات الإرهابية الفلسطينية الأخرى".
وتابع "لنا القدرة على توجيه ضربة موجعة جدا إلى هذه المنظمات الإرهابية لكي تفهم أنه لا يمكن لها أن تطلق الصواريخ على مدن وبلدات ومواطنين بدون أن تدفع أبهظ الأثمان على هذه الجرائم".
من جانبه أعرب مراسل الشؤون الأمنية في صحيفة Jerusalem Post ياكوف لابين في مقابلة مع "راديو سوا" عن اعتقاده بأن "الإجابة عند حركة حماس"، موضحا أن الجيش الإسرائيلي "الآن يتابع حماس وما ستفعله، فإذا قررت وقف إطلاق الصواريخ فإن الجيش الإسرائيلي سيوقف عملياته ولن يطورّها، ولكن في حال توجيه الصواريخ إلى المدن الكبيرة والقرى فإن الجيش سيشعر بالحاجة إلى توسيع نطاق العملية". وقال "الكرة في ملعب حماس".
"الحملة الانتخابية لنتانياهو"
وعلى الجانب الفلسطيني، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه في لقاء مع "راديو سوا" إن "هذا العدوان الإسرائيلي يجب أن يتوقف فورا"، مضيفا أن "العملية العسكرية التي تقوم بها إسرائيل في غزة تأتي ضمن الحملة الانتخابية لرئيس الوزراء الإسرائيلي".
وأردف قائلا إن "نتانياهو بدأ الحملة الانتخابية داخل إسرائيل من خلال هذا العدوان ومن خلال عمليات واسعة النطاق يشنها"، مشيرا إلى أنه يعتقد أن "نواياه (نتانياهو) هو الاستمرار في هذه الحملة لتسجيل انتصارات وهمية يستطيع أن يضلل بها الناخب الإسرائيلي".
وربط عبد ربه بين العملية العسكرية الجارية حالياً وموضوع طلب فلسطين رفع مستوى تمثيلها في الأمم المتحدة، وأوضح ذلك بالقول إنه "إذا كانت إسرائيل تريد أيضا إثارة أجواء من الأزمة والحرب لكي تؤثر على قرار الذهاب إلى الأمم المتحدة، ونحن نضع هذا الاحتمال في عين الاعتبار".
توتر على الحدود المصرية
وفي مصر، نقل مراسل "راديو سوا" في العاصمة المصرية بهاء الدين عبد الله عن شهود عيان قولهم إن الغارات التي تشنها القوات الإسرائيلية على قطاع غزة طالت مناطق الحدود المصرية-الفلسطينية في المسافة ما بين معبر كرم أبو سالم وحتى العلامة الدولية الثالثة شمال بوابة صلاح الدين في رفح.
وأضاف أن القصف أدى إلى اهتزاز عنيف في المنازل على الجانب المصري وأدى إلى تحطم عشرات النوافذ الزجاجية في المنازل الحدودية لرفح وسط حالة من الذعر والهلع بين الأهالي نظرا لقوة الانفجارات.
وتابع أن عددا من شهود العيان سمعوا دوي الانفجارات على أطراف مدينة الشيخ زويد، التي تبعد نحو 20 كيلومترا من مدينة رفح، وأن هناك أسرا في مدينة رفح تفكر في الرحيل نظرا لخطورة الوضع، كما قالوا.
من جهة أخرى، رفعت قوات الأمن المصرية حالة الاستنفار الأمني في معبر رفح ونشرت التعزيزات على الحدود المصرية- الإسرئيلية.
من جهة أخرى، قال مراسل "راديو سوا" إن "هناك دعوات من قبل حزب الحرية والعدالة والتيار السلفي وعدد كبير من الحركات إلى تنظيم تظاهرات غدا بعد الظهر في القاهرة وبعض المدن والمحافظات المصرية تنديدا بما يحدث في قطاع غزة من غارات إسرائيلية".
وأضاف أن "هناك ربما دعوة للاحتشاد في ميدان التحرير تزامنا مع مليونية في ذات التوقيت للمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية يبدو أنها ستنقلب للمطالبة بتأييد الفلسطينيين والتنديد بما يحدث في غزة وبضرورة تصعيد الموقف المصري". لكن الطلب الأخير قد تمت تلبيته مسبقا من قبل الرئاسة المصرية التي قامت بسحب السفير المصري في إسرائيل، في حين غادر السفير الإسرائيلي القاهرة متجها إلى إسرائيل.
"الردّ المصري متوقع"
في هذه الأثناء، قال غانم نصيبة الباحث في King's College في لندن إن رد الفعل المصري على تطورات العملية العسكرية في غزة باستدعاء السفير المصري لدى إسرائيل كان متوقعاً، حسب تعبيره.
وأضاف في مقابلة مع "راديو سوا" أن "الحكومة المصرية لا يوجد أمامها إلا اتخاذ مثل هذه الخطوات، استدعاء السفير المصري والإسرائيلي في القاهرة"، مشيرا إلى أن "العلاقات طبعا كانت ستتأثر بأية حال في حال حدوث مثل هذه المواجهة، لكن ما جرى اليوم كان ربما إحراجا للحكومة المصرية، وطبعا الحكومة الإسرائيلية كانت تدرك أن مثل هذا الإجراء سيحرج الحكومة المصرية لكن رغم ذلك قرروا أن يمضوا في المواجهة مع قطاع غزة على الرغم من الخطر على العلاقات بين المصريين والإسرائيليين".
مجلس التعاون يندد
وفي الرياض، ندد مجلس التعاون لدول الخليج العربية على لسان وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن حمد آل خليفة بالغارات التي تشنها إسرائيل على غزة وطالبها بالوقف الفوري للعمليات العسكرية في القطاع.
وقال آل خليفة في مؤتمر صحافي عقد في ختام اجتماع وزراء خارجية دول الخليج مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الرياض، "تابع مجلس التعاون لدول الخليج العربي بقلق بالغ ما يتعرض له قطاع غزة من اعتداءات إسرائيلية نتج عنها العديد من القتلى والجرحى وتدمير المنازل والممتلكات".
وأضاف أن "المجلس الوزاري إذ يدين هذه الاعتداءات الوحشية وغير المبررة يطالب مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين".
نتانياهو وأوباما يبحثان التطورات
هذا وأجرى رئيس الوزراء الإسرئيلي بنيامين نتانياهو اتصالا هاتفياً مع الرئيس باراك أوباما لبحث تطورات الوضع في قطاع غزة بعد إعلان كتائب القسام إطلاق صواريخ على تل أبيب الأمر الذي نفته إسرائيل.
وأعلنت رئاسة الوزراء في إسرائيل أن نتانياهو اتصل هاتفيا أيضاً بنائب الرئيس الأميركي جو بايدن ومسؤولة الأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون لبحث تداعيات الوضع في القطاع.