أولاد فلسطينيون بجانب الدمار جراء القصف في غزة
أولاد فلسطينيون بجانب الدمار جراء القصف في غزة



غزة اليوم في خريف 2012 هي غير غزة في شتاء 2008. فقد أظهرت العملية الإسرائيلية الأخيرة في القطاع معادلة جديدة في المنطقة بدأت مع ثورات "الربيع العربي"، أخذت فيها مواقع التواصل الاجتماعي حيزا كبيرا. 
 
ففور انتشار نبأ اغتيال القيادي في كتائب عز الدين القسام أحمد الجعبري في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني وانطلاق شرارة المعارك في غزة، إلى لحظة إعلان الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس، تناقل الآلاف سواء من الفلسطينيين والعرب والإسرائيليين، صور المعارك والضحايا والحملات ومشاهد الحياة بعد الهدنة، عبر تلك المواقع التي أصبحت في بعض الأحيان مصدرا رئيسيا للأخبار القادمة من هناك..

ومما لا شك فيه، أن النظرة إلى القتال المسلح بين إسرائيل وحماس هذه المرة، تغيرت بشكل كبير وأصبحت اقرب إلى التفاعل الإنساني بفضل النقل الحي والسريع للصور الإنسانية التي شدت انتباه العالم، وبفضل تبادل الآراء عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية ليئور بن دور، في حوار مع موقع قناة "الحرة"، إن الشبكات الاجتماعية لعبت دورا مهما جدا، مشيرا إلى أن وزارة الخارجية الإسرائيلية وزعت الكثير من المعلومات بلغات مختلفة، وهكذا تمكنت من شرح المواقف والأهداف لجماهير واسعة النطاق.

في المقابل، اعتبر عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف أن العالم أجمع كان شاهدا على ما قامت به إسرائيل من قصف للمدنيين في غزة، واستهداف المساكن والمؤسسات والمدارس والبنى التحتية للقطاع، مما أدّى بالتالي إلى سقوط العدد الكبير من القتلى والجرحى.
 
ولعل الصور والمشاهد الإنسانية القادمة من غزة أسهمت في تغيير موازين الصراع بين الجانبين، فهو لم يعد محصورا في نطاق الأرض. وكان استهداف المدنيين في غزة وجنوب إسرائيل أبرز قضية شدت انتباه الرأي العام، إضافة إلى كونه مصدر حملات مضادة من الجيش الإسرائيلي وحركة حماس.  

فالجانب الفلسطيني والعديد من المغردين العرب ركزوا على استهداف إسرائيل للمدنيين خلال العمليات، وعلى ليالي قصف طويلة عانى فيها المدنيون وخاصة الأطفال.

وكما المشهد في غزة، كذلك كان المشهد في جنوب إسرائيل وصولا إلى مشارف القدس وتل أبيب حيث شهد الإسرائيليون للمرة الأولى سقوط عدد كبير من الصواريخ التي استهدفت بعض المدارس والمباني السكنية. 

وهذه تغريدة لشابة مصرية، نشرتها على حسابها في تويتر تنقل فيها فيديو لليلة شهدتها غزة في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني تحت القصف وتثني فيها على سكان القطاع:

في المقابل، صوّر إسرائيليون مشاهد الرعب التي صاحبت سقوط صواريخ قادمة من غزة على القرى والمدن الإسرائيلية.

وهذا فيديو يظهر حالة الرعب والهلع في إسرائيل في 16 نوفمبر/تشرين الثاني:



كما احتل الوصول إلى هدنة بين الجانبين حيزا كبيرا، وتهافت العديد من المغردين والمشتركين في حساباتهم على تويتر وفيسبوك بنقل صور استئناف تلاميذ غزة للدراسة في أول يوم بعد وقف إطلاق النار رغم الدمار الذي لحق بمدارسهم.

وكانت إسرائيل قبل ستة أشهر من إنطلاق عملياتها العسكرية في غزة  عام 2008، قد شكلت "هيئة الإعلام القومي" للتركيز حينها على التمييز بين غزة وبقية الأراضي الفلسطينية.

أما في العملية الأخيرة، فقد اختارت إسرائيل صفحة "إسرائيل تتكلم بالعربية" على فيسبوك، لنقل وقائع العمليات بكل أحداثها حتى  وقف إطلاق النار.

وفي هذه الصفحة، اتهمت إسرائيل حماس باستهداف المدنيين وأكدت أن الجنود الإسرائيليين يتجنبون استهداف المدنيين الفلسطينيين. 

 

صفحة "اسرائيل تتكلم بالعربية "على فيسبوك

​​حرب معقدة
 
وفي السياق نفسه، أكد ليئور بن دور أن  إسرائيل استهدفت في عمليتها الأخيرة منشآت استخدمها المسلحون في غزة لشن هجماتهم على إسرائيل.
 
وفي هذا الإطار علل بن دور  استهداف مبنى الشروق الذي يضم مكاتب تابعة لعدد من وسائل الإعلام العاملة في القطاع، بالقول إن الغارة استهدفت هوائيات تابعة لحركة حماس على سطح ذلك المبنى.

وأضاف أن إدارة الحرب في مناطق مأهولة بالسكان أمر معقد جدا، وإن إسرائيل تحرص قدر الإمكان على عدم المساس بمن لا علاقة له بالإرهاب، حسبما قال.

فيما أشار أفخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على حسابه على تويتر إلى أن السبب وراء قصف المبنى كان لاستهداف قائد لواء مسلح في غزة متورط بإطلاق صواريخ بعيدة المدى يدعى أبو العطى.

وفور قصف مبنى الشروق في غزة، تناقل الآلاف صور استهدافه. وهذه تغريدة لصحافي من غزة للمبنى بعد استهدافه

وقف إطلاق النار  

أما وقف إطلاق النار فقد كان أبرز محطة عند الطرفين لاستمالة المغردين والمعلقين، فضلا عن سعي الطرفين لإعلان النصر.

فقد ركزت صفحة "غزة الآن" على فيسبوك على أن استقالة وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك تدل على فشل حرب غزة، على حد قولها.

وقال المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم من هذه الصفحة "إن اعتزال باراك العمل السياسي هو تأكيد على الفشل السياسي والعسكري للحرب على غزة وفشل الحكومة الإسرائيلية في تحقيق أي من أهدافها خلال العملية المسلحة الأخيرة."

واعتبر واصل أبو يوسف أن العمليات ضد قطاع غزة كانت ذات أبعاد داخلية إسرائيلية من أجل محاولة كسب أصوات اليمين واليمين المتطرف.

لكن ليئور بن دور أكد أن النشاط الإسرائيلي عبر الشبكات الاجتماعية أسهم في إطلاع  الناس على مواقف الدولة العبرية في هذا الصدد.

وقال إن كثيرين وجهوا أسئلة بخصوص العملية الأخيرة وبعضهم من انتقد إسرائيل، لكنهم أدركوا، بعد تلقيهم الشرح،  أن الأمور معقدة وذات أبعاد وزوايا عديدة.

ويبدو أن غزة والصراع المسلح بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم يعد صراعا يعتمد على السلاح والعتاد فقط، بل أيضا على ثقل ونشاط الجانبين على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ومدى القدرة على إقناع المهتمين بوجهة نظر أي منهما إزاء الأحداث.

دمار واسع لحق بقطاع غزة
دمار واسع لحق بقطاع غزة

اعتبر الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، الاثنين، أن غزة يمكن أن تكون "واحدة من أفضل الأماكن في العالم"، لكن الفلسطينيين "لم يستفيدوا أبدا" من موقعها الساحلي على البحر المتوسط.

وأدلى المطور العقاري السابق بهذه التعليقات في مقابلة إذاعية، زعم فيها أنه "كان هناك" (في غزة)، على الرغم من أن السجلات العامة تظهر أنه لم يزر القطاع أبدا، حسبما نقل موقع أكسيوس. فيما قال مصدر بحملته لصحيفة نيويورك تايمز، إن "غزة في إسرائيل. والرئيس ترامب كان في إسرائيل".

وفي مقابلة تزامنت مع مرور عام على هجوم مسلحي حماس في 7 أكتوبر على إسرائيل، سأل المذيع هيو هيويت، ترامب، عما إذا كان يمكن لغزة، التي دُمرت مساحات واسعة منها خلال الضربات الجوية والبرية الإسرائيلية، "أن تكون موناكو إذا أعيد بناؤها بالطريقة الصحيحة؟ وأن تكون مكانا يفخر به جميع الفلسطينيين، ويرغبون في العيش فيه؟". 

ليجيبه ترامب، "يمكن أن تكون أفضل من موناكو. لديها أفضل موقع في الشرق الأوسط، وأفضل مياه، وأفضل كل شيء. إنها الأفضل، لقد قلت ذلك لسنوات. لقد كنت هناك، وهي قاسية. إنه مكان قاسٍ، قبل، كما تعلم، قبل كل الهجمات وقبل كل الذي حدث خلال العامين الماضيين".

وتابع: "لم يستفيدوا منها أبدا. تعرف، كمطور، يمكن أن تكون أجمل مكان، الطقس، الماء، كل شيء، المناخ. يمكن أن تكون جميلة جدا.. يمكن أن تكون واحدة من أفضل الأماكن في العالم".

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، أنه لا يوجد سجل لزيارة ترامب إلى غزة نهائيا، خلال فترة رئاسته أو كرجل أعمال. 
وفي عام 2017، وهو عامه الأول في المنصب، زار ترامب إسرائيل وسافر إلى الضفة الغربية، للقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في بيت لحم.

تعليقا على ادعاءات ترامب بزيارة غزة، قال مسؤول في حملة الحزب الجمهوري، رفض الكشف عن هويته. إن "غزة في إسرائيل" وإنه قد زار إسرائيل.

وفي ردها على ادعاءات ترامب بشأن زيارته غزة وتعليق المسؤول الحملة لصحيفة نيويورك تايمز بشأن موقع القطاع، قالت كارولين ليفيت، المتحدثة الصحفية الوطنية لحملة ترامب، في بيان عبر البريد الإلكتروني إنه "زار  غزة سابقا".

وقالت لأكسيوس، إن ترامب "عمل دائما على ضمان السلام في الشرق الأوسط"، مشيرة إلى تفاوضه على اتفاقيات إبراهيم، وأنه "جلب الاستقرار إلى المنطقة."

وأحيا ترامب ذكرى 7 أكتوبر بزيارة لضريح الحاخام الأرثوذكسي، مناحيم مندل شنيرسون، في نيويورك، وأكّد الرئيس السابق دونالد ترامب، خلال حفل أقيم في ناد يملكه في ميامي وشارك فيه حشد ضمّ مئات الأشخاص تكريما لضحايا هجوم حماس "لا يمكننا أبدا أن ننسى كابوس ذلك اليوم"، مشدّدا على أنّ الهجوم "ما كان ليحصل لو كنت رئيسا".

ومنذ بداية الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة قبل سنة، تسبّبت العمليات العسكرية الإسرائيلية،  بمستوى من الدمار لم يحصل في العالم منذ سنوات طويلة، وفقا لفرانس برس.

وقالت منظمة العفو الدولية، إن 90 بالمئة من المباني على امتداد المناطق الحدودية بين قطاع غزة وإسرائيل، والبالغة مساحتها 58 كيلومترا مربعا، تعرضت "للتدمير أو الضرر البالغ" بين أكتوبر 2023 ومايو 2024.