جانب من عمليات البناء في مستوطنة جيلو في القدس الشرقية يوم 20 ديسمبر/كانون الأول 2012
جانب من عمليات البناء في مستوطنة جيلو في القدس الشرقية يوم 20 ديسمبر/كانون الأول 2012

أقرت الحكومة الإسرائيلية الخميس خططا جديدة لبناء 523 وحدة استيطانية في كتلة غوش عتصيون جنوب الضفة الغربية، في خطوة أولى لإنشاء مستوطنة ضخمة سيطلق عليها اسم جفاعوت.

وقد وصف رئيس المجلس الإقليمي لكتلة غوش عتصيون ديفيد بيرل موافقة الحكومة الإسرائيلية على عملية البناء،  بأنها إنجاز عظيم.

وقالت هاغيت أوفران من حركة السلام الآن المناهضة للاستيطان، إن المشروع الجديد سيكون ضخما ويتسع لـ25 ألف شخص.

ومن جانبه، قال مدير دائرة الخرائط في مركز بيت الشرق في القدس خليل التوفكجي في حديث لـ"راديو سوا" إن المستوطنة الإسرائيلية الجديدة، من شأنها أن تمزق أوصال الضفة الغربية بما يمنع قيام دولة فلسطينية متواصلة تكون القدس الشرقية عاصمتها.

تنديد فلسطيني

وأثار الإعلان الجديد الذي جاء غداة إعلان لجنة تخطيط إسرائيلية الموافقة على بناء 2610 وحدات سكنية استيطانية في حي جيفعات هامتوس الاستيطاني في القدس الشرقية، انتقادات فلسطينية ودولية.

وأكد المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة الخميس أن إسرائيل "ستحاسب" على "جرائم" الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، مشددا على أن كل مشاريع البناء "لن يبقى منها حجر واحد في الضفة الغربية والقدس الشرقية".

وتابع أبو ردينة أن "على المستوطنين وحكومة إسرائيل أن يعلموا تماما أن حدود دولة فلسطين تم تحديدها على كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967 بما فيها القدس الشرقية".

كما قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات "لم يعد أمامنا مجال إلا دراسة الخيارات المتعلقة بمحاسبة ومساءلة إسرائيل على استيطانها في أراضي دولة فلسطين التي ينطبق عليها الآن ميثاق اتفاقية جنيف الرابعة وخاصة المادة 49"، التي تنص على حظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال وإلى أراضي أي دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، أيا كانت دواعيه.

وأضاف عريقات "نأمل من الولايات المتحدة ألا تعترض تحركنا في مجلس الأمن وألا توفر الحماية لإسرائيل واستيطانها في أراضي دولة فلسطين المحتلة"، مشيرا إلى أن "مشاوراتنا بدأت في مجلس الأمن من خلال سفيرنا رياض منصور".

تنديد دولي

ومن جانبه، قال ممثل اللجنة الرباعية الدولية توني بلير إن تسريع الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية يضعف التوصل إلى حل سلمي يقود إلى إقامة دولة فلسطينية.

وجاء في بيان وزعه مكتب بلير أن "المشكلة لا تكمن فقط في بناء هذه المستوطنات بحد ذاتها، بل أيضا في هذه اللحظة التي يصبح استئناف مفاوضات مناسبة وسليمة أمرا حيويا".

وفي نفس الإطار، أعلن الاتحاد الأوروبي الخميس معارضته الشديدة لمشاريع البناء الإسرائيلية في القدس الشرقية، معتبرا أن من شأنها وضع مزيد من العراقيل أمام عملية السلام.

وقالت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إن خطط إسرائيل لبناء 2610 وحدة سكنية في مستوطنة جفعات هاماتوس إلى جانب 1500 وحدة أعلنت عنها في نوفمبر/تشرين الثاني في رمات شلومو ستؤدي عمليا إلى عزل بيت لحم عن القدس.

وأضافت آشتون في بيان صباح الخميس أن "الاتحاد الأوروبي يعارض بشكل خاص فرض خطط تقوض بشكل خطير آفاق حل متفاوض عليه للنزاع عبر تهديد فرص إقامة دولة فلسطينية قابلة للاستمرار وإعلان القدس عاصمة مستقبلية لدولتين".

وفي باريس، نددت وزارة الخارجية الفرنسية بما وصفتها بـ"إعادة إطلاق غير مسبوقة" لمشاريع الاستيطان الإسرائيلية واعتبرتها "استفزازا يزيد من تقويض الثقة الضرورية لاستئناف المفاوضات ويدفعنا إلى التساؤل حيال التزام إسرائيل بحل الدولتين".

وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية فيليب لاليو إن موافقة السلطات الإسرائيلية على بناء 2610 وحدات استيطانية جديدة في جعفات هاماتوس "قرار غير مشروع".

وفي نيويورك، طالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وجميع أعضاء مجلس الأمن الدولي باستثناء الولايات المتحدة، خلال جلسة لمجلس الأمن مساء الأربعاء بوقف فوري لإجراءات توسيع المستوطنات الإسرائيلية.

رفض إسرائيلي

إلا أن إسرائيل اعتبرت الخميس الأمم المتحدة منظمة "متحيزة" وبالتالي قالت إنها "غير معنية بقراراتها"، فيما أعربت عن ارتياحها لما وصفتها بالخطوة الإيجابية التي قامت بها الإدارة الأميركية لإحباط محاولة أوروبية للتنديد بإسرائيل في مجلس الأمن الدولي.

وقالت مصادر في مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو إن الأمم المتحدة تثبت مرة أخرى أنها "منحازة ضد إسرائيل كالعادة وبالتالي فهي غير معنية بأي من قراراتها التي لن تثني إسرائيل عن الاستمرار في البناء في المستوطنات بالقدس والضفة الغربية".

وأكد نتانياهو أثناء لقائه العديد من السفراء من الدول في مكتبه "أن القدس هي عاصمة الشعب اليهودي منذ ثلاثة آلاف عام وكل الحكومات الإسرائيلية بنت في القدس ونحن لن نغير هذا".

جانب من مستوطنة رامات شلومو في القدس الشرقية، أرشيف
جانب من مستوطنة رامات شلومو في القدس الشرقية، أرشيف

وافقت لجنة تخطيط إسرائيلية الأربعاء على بناء 2610 وحدات سكنية استيطانية في حي جيفعات هامتوس الاستيطاني في القدس الشرقية، في خطوة أثارت تنديدات فلسطينية وأسفا أميركيا.

وقال داني سايدمان رئيس منظمة القدس الدنيوية إن نائب رئيس البلدية أبلغه بالموافقة على خطة البناء في الحي الاستيطاني القريب من مدينة بيت لحم في الضفة الغربية.

وكانت المنظمة قد قالت الثلاثاء إنه في حال أعطت اللجنة الضوء الأخضر للمشروع فإنها ستكون المرحلة الأخيرة من عملية الموافقة وسيكون من المتوقع أن يبدأ البناء "في غضون أسابيع أو بضعة أشهر".

في السياق ذاته، أكد ليؤر أميحاي من حركة السلام الآن المناهضة للاستيطان أن قرار البناء نهائي مضيفا أنه "لا توجد لجان إضافية لتوافق عليه، وهناك فترة 15 يوما ليصبح ساري المفعول وبعدها سيكون بالإمكان البدء بإصدار العطاءات".

واعتبرت الحركة أن البناء في جيفعات هامتوس "سيغيّر في قواعد اللعبة" وأن من شأنه أن يغيّر كثيرا في الحدود بين إسرائيل وأي دولة فلسطينية مستقبلية.

"إسرائيل في عزلة دولية"

وفي الجانب الفلسطيني، قال المتحدث بإسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن إسرائيل تمر بعزلة دولية نتيجة استمرارها في بناء المستوطنات.

وأضاف لـ"راديو سوا" أن "هناك عزلة إسرائيلية الآن، بما فيها حتى الولايات المتحدة وحلفاء إسرائيل التاريخيين"، مضيفا أن "الإدانات جيدة ولكنها وحدها لا تكفي لا بد من الانتتقال إلى مرحلة الضغط الفعلي الحقيقي على الحكومة الإسرائيلية لوقف هذا التداعي لأن الخيارات الفلسطينية عديدة ابتداء بمجلس الأمن وانتهاء ببعض الإجراءات خاصة بعد حصولنا على عضوية الأمم المتحدة".

إلا أن  المتحدث بإسم رئيس الوزراء الإسرائيلي أوفير غندلمان أعرب عن اعتقاده بوجود سوء تفاهم لدى الدول المعنية في ما يتعلق بموقفها من البناء في المستوطنات.

وأضاف لـ"راديو سوا" أن "مساحة المستوطنات لا تتعدى اثنين في المئة من كل أراضي الضفة الغربية والبناء في القدس استمر كما استمر دائما تحت  كل الحكومات الإسرائيلية على مدار السنوات الأخيرة وعلى مدى العقدين الأخيرين منذ انطلاق عملية السلام".

وأكد المتحدث أن السياسة الإسرائيلية لم تتغير، مضيفا بالقول "لم نلتزم أبدا بوقف البناء في عاصمتنا، وعندما جمدنا البناء في مستوطنات الضفة الغربية  لمدة 10 شهور تلبية للطلب الأميركي والأوروبي لذلك، الطرف الفلسطيني لم يعد إلى طاولة المفاوضات".

وردّاً على سؤال حول صعوبة تحريك عملية السلام في المدى المنظور نتيجة لما يحصل من بناء في المستوطنات أجاب غندلمان "إسرائيل مازالت تريد استئناف المفاوضات ونعتقد بأن هذا هو المسار الوحيد لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وحل القضايا العالقة وإنهاء الصراع".

إلا أن أبو ردينة قال إن إسرائيل هي التي تستمر في وضع العقبات أمام أي مفاوضات حقيقية، وأردف قائلا  "نحن موافقون على البيانات الأوروبية وموافقون على الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة وموافقون على  خارطة الطريق التي وضعتها الإدارة الأميركية مع الاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة، فليتفضلوا في تنفيذها ونحن جاهزون".

خيبة أمل أميركية

وفي السياق ذاته نددت الإدارة الأميركية بعزم إسرائيل بناء وحدات سكنية استيطانية جديدة، معربة عن "خيبة أمل كبيرة" من الخطوة التي وصفتها بأنها "استفزازية" و"تشكل خطرا" على عملية السلام.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند في تصريح اتسم بلهجة حادة أكثر من العادة "لقد خاب أملنا بشدة بسبب إصرار إسرائيل على المضي قدما في هذا النمط من الأعمال الاستفزازية".

وأضافت أن "المسؤولين الإسرائيليين يقولون على الدوام إنهم يدعمون الطريق المؤدي إلى حل الدولتين ولكن هذه الأعمال لا تؤدي إلا إلى تعريض هذا الهدف لمزيد من الخطر".