نتانياهو يترأس اجتماعا لحكومته، أرشيف
نتانياهو يترأس اجتماعا لحكومته، أرشيف

 
فرضت التصريحات المتعاقبة لوزراء إسرائيليين يعلنون صراحة رفضهم تقديم تنازلات للفلسطينيين في المفاوضات التي تسعى الولايات المتحدة جاهدة لاستئنافها، تساؤلات ملحة ليس فقط حول مستقبل هذه المفاوضات المأمولة بل أيضا مستقبل الائتلاف الحاكم في إسرائيل وهل بإمكانه الاستمرار أو أن التوصل لاتفاق سلام قد يؤدي إلى انهياره؟

فمن وزير يرفض وقف الاستيطان أو حتى إبطاءه، إلى آخر يشكك في صلاحيات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ونفوذه، إلى ثالث يرفض منح الفلسطينيين عاصمة لدولتهم في الجانب الشرقي من القدس.. بات التساؤل الملح هو .. إذن على ماذا سيتفاوض الطرفان؟

يقول المحلل السياسي الإسرائيلي موردخاي كيدار لموقع "راديو سوا" إن حزب البيت اليهودي سينسحب من الحكومة إذا بدأت مفاوضات ربما تتمخض عنها دولة فلسطينية مستقلة.

لكنه استطرد قائلا إن "هناك أحزابا أخرى تعطي شبكة أمان لنتانياهو كي لا تسقط الحكومة أهمها حزب العمل الذي عبرت رئيسته شيلي ياشيموفيتش عن استعدادها لإعطاء شبكة أمان لنتانياهو إذا سقط بسبب البيت اليهودي".
هناك خلافات عميقة داخل الحكومة الإسرائيلية حول المفاوضات
تسيبي ليفني
​​
ويتألف الائتلاف الحاكم في إسرائيل من أربعة أحزاب هي تحالف "الليكود-بيتنا" الذي يقود التحالف بإجمالي 31 مقعدا في الكنيست، وحزب يش عاتيد (هناك مستقبل) الذي يمتلك 19 مقعدا، وحزب البيت اليهودي الذي يمتلك 12 مقعدا وأخيرا حزب الحركة بإجمالي ستة مقاعد.

هذا التحالف يمنح نتانياهو أغلبية مريحة قدرها 68 مقعدا في الكنيست المؤلف من 120 مقعدا لكن في حال انسحاب حزب البيت اليهودي فسيفقد نتانياهو هذه الأغلبية ما يجعله في حاجة إلى إدخال حزب أو أحزاب أخرى في الائتلاف الحاكم.

وفي حال ما وفت رئيسة حزب العمل شيلي ياشيموفيتش بوعودها لنتانياهو بمنع انهيار ائتلافه إذا انسحب حزب البيت اليهودي بسبب مفاوضات السلام التي يطالب حزب العمل باستئنافها، فإن ياشيموفيتش ستضع 15 مقعدا إضافيا تحت تصرف الائتلاف لكن سيضطر حينها نتانياهو إلى تغيير الحقائب الوزارية لمنح الحزب ما يطلبه من وزارات.

ائتلاف ثابت

في المقابل يستبعد المحلل الإسرائيلي بنحاس عنباري انهيار الائتلاف الحكومي في إسرائيل مؤكدا أن هذا الائتلاف "ثابت وصامد ولن يتأثر كثيرا بالمفاوضات" مع الفلسطينيين.

وشكك عنباري في مقابلة مع موقع "راديو سوا" في إمكانية انسحاب حزب البيت اليهودي من الحكومة بسبب مفاوضات السلام أو تجميد الاستيطان.

وقال إن تجميد الاستيطان يظل مسألة تكتيكية ولا يعبر عن تغير إستراتيجي، مشيرا إلى أن إسرائيل قامت في السابق عام 2009 بتجميد الاستيطان ثم عادت إليه مجددا لأنه شيء مؤقت وتكتيكي، على حد وصفه.

واستطرد عنباري قائلا إن "حزب البيت اليهودي قد ينسحب فقط من الائتلاف الحاكم إذا انسحبت إسرائيل من المناطق ج أو اعترفت بحدود 1967".

الخوف من حماس

لكن في المقابل، يطرح كيدار إشكالية أخرى يرى أنها قد تكون عائقا أمام المفاوضات المزمعة مع الفلسطينيين وهي الخوف من حركة حماس.

وتساءل كيدار قائلا " هل يمكن لأحد أن يضمن ألا تنشأ إلى جانب إسرائيل دولة حماس أخرى، بعد أن شاهدنا ما حدث في قطاع غزة عقب الانسحاب الإسرائيلي في 2005 ؟".

وشدد كيدار على أن المعارضة لإقامة دولة فلسطينية نابعة من الخشية من أن تتحول هذه الدولة إلى دولة حماس ثانية كتلك الموجودة في قطاع غزة.

وشكك في جدوى أي ضمانات أمنية قد تحصل عليها إسرائيل من الولايات المتحدة أو الدول الأخرى في هذا الصدد معتبرا أنه "لا يوجد أي جندي أميركي أو أوروبي أو من أي دولة أخرى قد يأتي إلى هنا للتخلص من حكم حماس".
لا يوجد أي جندي أميركي أو أوروبي أو من أي دولة أخرى قد يأتي إلى هنا للتخلص من حكم حماس
موردخاي كيدار
​​
وأكد كيدار في الوقت ذاته إمكانية التوصل لاتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين "إذا كان هذا الاتفاق لا يعرض الأمن الإسرائيلي للخطر، ويبقي القدس كاملة تحت سيطرة الإسرائيليين، ويستجيب للمتطلبات الإسرائيلية".

يذكر أن الحكومة الإسرائيلية قد وافقت بأغلبية كبيرة الأحد على طرح أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين على الاستفتاء العام وذلك تلبية لطلب من حزب البيت اليهودي، لكن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو تجنب الحديث صراحة عن المطالب الإسرائيلية في المفاوضات.

وقال نتانياهو لحكومته إن "تحقيق السلام هدف حيوي لدولة لإسرائيل، كما أن السلام والأمن يعدان هدفين صعبين ومعقدين، وينبغي أن نعمل باتجاه تحقيق هذه الأهداف الحيوية وتحقيق الأمن عبر المفاوضات".

لكن في المقابل يقول رئيس حزب البيت اليهودي نفتالي بينيت إن حزبه "يعارض الدولة الفلسطينية ويعارض منح أرض إسرائيل إلى أعدائنا"، على حد قوله.

إسرائيل استهدفت مناطق عديدة في قطاع غزة مع استئناف الضربات - رويترز
إسرائيل استهدفت مناطق عديدة في قطاع غزة مع استئناف الضربات - رويترز

أعلنت السلطات الصحية في قطاع غزة، الثلاثاء، ارتفاع عدد القتلى جراء استئناف إسرائيل غاراتها على القطاع إلى أكثر ٢٥٠ شخصا، فيما أعلنت إسرائيل أن حملتها العسكرية ستتوسع "لما هو أبعد" من الضربات الجوية.

وقالت وزارة الصحة في القطاع في بيان إن 254 قتيلا وأكثر من 440 مصابا وصلوا إلى المستشفيات في مختلف أنحاء القطاع، مضيفة أنه لا يزال هناك ضحايا تحت الركام وجاري العمل على انتشالهم.

من جانبه ذكر المكتب الإعلامي لحكومة غزة (التابع لحماس)، في بيان، أن هناك "أكثر من 322 قتيلا ومفقودا وعشرات الإصابات، خلال 5 ساعات من الهجمات الإسرائيلية".

وتأتي الضربات وسط وضع إنساني متدهور في القطاع، مع انقطاع الكهرباء والمياه وإغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات، بنهاية المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة، وعدم الاتفاق على بنود المرحلة الثانية أو تمديد وقف إطلاق النار.

ودعا البيان المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الحقوقية والإنسانية إلى "التحرك الفوري" لوقف الهجمات الإسرائيلية.

الجيش الإسرائيلي: الحملة في غزة ستتوسع لما هو أبعد من الغارات الجوية
قال الجيش الإسرائيلي، الاثنين، إنه مستعد لمواصلة الهجمات على قادة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) والبنية التحتية في قطاع غزة ما دامت هناك حاجة لذلك وسوف يوسع الحملة إلى ما هو أبعد من الضربات الجوية.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، فجر الثلاثاء، أنه بدأ شن هجمات ضد "أهداف تابعة لحركة حماس في غزة".

ونشر المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي، صورا لرئيس الأركان أيال زامير ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، وقائد سلاح الجو تومر بار، خلال إشرافهم على "الغارات المكثفة على أهداف حماس الليلة الماضية من غرفة عمليات سلاح الجو".

وقال الجيش الإسرائيلي، الإثنين، إنه "مستعد لمواصلة الهجمات على قادة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) والبنية التحتية في قطاع غزة ما دامت هناك حاجة لذلك، وسيوسع الحملة إلى ما هو أبعد من الضربات الجوية".

وأعلنت حماس أن إسرائيل أنهت بغاراتها هذه اتفاق وقف إطلاق النار، مما يترك مصير 59 رهينة لا يزالون محتجزين في غزة مجهولا، وفق بيان نقلته رويترز.

وجاء في البيان: "نتانياهو وحكومته المتطرفة يأخذون قرارا بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، ويعرضون الأسرى في غزة إلى مصير مجهول".

من جانبه، اتهم مكتب نتانياهو حماس "بالرفض المتكرر لإطلاق سراح رهائننا"، ورفض مقترحات مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.

وقال في بيان: "ستتحرك إسرائيل، من الآن فصاعدا، لمواجهة حماس بقوة عسكرية متزايدة".

وفي واشنطن، قال متحدث باسم البيت الأبيض إن إسرائيل تشاورت مع الإدارة الأميركية قبل تنفيذ الضربات، التي قال الجيش إنها استهدفت "قادة الصف الثاني في حماس ومسؤولين قياديين، بالإضافة إلى بنية تحتية تابعة للحركة المسلحة".

وذكر المتحدث برايان هيوز: "كان بإمكان حماس إطلاق سراح الرهائن لتمديد وقف إطلاق النار، لكنها اختارت الرفض والحرب".

كما قالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن إسرائيل تشاورت مع إدارة الرئيس دونالد ترامب بشأن غاراتها على غزة.

وقالت في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز": "تشاور الإسرائيليون مع إدارة ترامب والبيت الأبيض بشأن هجماتهم على غزة الليلة".

وكانت مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس تُعقد في الدوحة، حيث يسعى وسطاء من مصر وقطر إلى تقريب وجهات النظر بين الجانبين بعد انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، والتي شهدت إعادة الحركة الفلسطينية 33 من الرهائن الإسرائيليين و5 تايلانديين مقابل نحو 2000 سجين فلسطيني.

وضغطت إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة من أجل إعادة باقي الرهائن المحتجزين في غزة وعددهم 59، مقابل هدنة أطول أمدا تنهي القتال حتى بعد شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي في أبريل.

لكن حماس أصرت على الانتقال إلى المفاوضات لإنهاء الحرب بشكل دائم وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة، وفق بنود اتفاق وقف إطلاق النار الأصلي.

وطالما تبادل الطرفان الاتهامات بعدم احترام بنود اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في يناير، وشهدت المرحلة الأولى عثرات عديدة. لكن الطرفين تجنبا العودة الكاملة للقتال حتى الآن.

ومنعت إسرائيل دخول المساعدات إلى غزة، وهددت مرارا باستئناف القتال إذا لم توافق حماس على إعادة الرهائن الذين لا تزال تحتجزهم.

ولم يقدم الجيش تفاصيل عن الغارات التي نفذها في الساعات الأولى من صباح اليوم، لكن السلطات الصحية الفلسطينية أفادت بوقوع أضرار في مناطق عديدة من غزة، حيث يعيش مئات الآلاف في ملاجئ مؤقتة أو مبان مدمرة.

وقُصف مبنى في مدينة غزة في الطرف الشمالي من القطاع وكذلك ثلاثة منازل على الأقل في دير البلح وسط غزة.

كما ذكر مسعفون وشهود لرويترز أن الغارات أصابت أهدافا في مدينتي خان يونس ورفح جنوبي القطاع.