كريم مجدي
"السلام من أجل الرخاء"، الاسم المعتمد لخطة الإدارة الأميركية لإحلال سلام دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والتي خرجت إلى النور بعد مخاض عسير استمر عامين.
الخطة التي ستشمل تغييرات جذرية متمثلة في إقامة دولة واحدة (إسرائيل) مقابل تنمية اقتصادية لدول منطقة الشرق الأوسط، كانت خلاصة سنوات من التجارب والمفاوضات التي نجح بعضها فيما كان مصير أغلبها الفشل.
أبرز محاولات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين على مدار العقود الماضية.
بعد عام من الانتفاضة الفلسطينية الأولى، أدان زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، العنف واعترف بحق إسرائيل في الوجود، وأعلن أحاديا في العام ذاته "استقلال" فلسطين. ومنذ تلك اللحظة، اعترفت أكثر من مئة دولة بفلسطين رغم عدم وجود حدود واضحة، حسب مصادر فلسطينية.
مع انتهاء الحرب الباردة، عقد مؤتمر الشرق الأوسط في العاصمة الإسبانية مدريد، بدعم كل من واشنطن وموسكو لتمهيد الطريق لمفاوضات سلام من أجل الوصول لحل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وقع كل من ياسر عرفات ورئيس وزراء إسرائيل آنذاك إسحاق رابين اتفاقية أوسلو، والتي عرفت رسميا باسم "إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي"، والذي قد أنهى النزاع المسلح بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، ونظم عملية إقامة سلطة وطنية فلسطينية في الضفة الغربية وغزة.
بعد اغتيال إسحاق رابين على يد يهودي متطرف معارض لاتفاقية أوسلو في عام 1995 وتنفيذ حركة حماس لعدد من التفجيرات الانتحارية، تم انتخاب بنيامين نتانياهو رئيسا للوزراء.
في عام 2000، فشل الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في الوصول لاتفاق سلام مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، وبعد شهور قليلة اندلعت الانتفاضة الثانية والتي تخللتها تفجيرات انتحارية وأعمال عنف.
قمة عقدها الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في مدينة طابا المصرية، ركزت بشكل أساسي على قضية اللاجئين والقدس، إلا أن المفاوضات فشلت نتيجة تباعد رؤى الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
قدمت السعودية في عام 2002، مبادرة لإحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين تدعى "مبادرة السلام العربية"، دعت إلى إنشاء دولة فلسطينية على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان، وذلك مقابل اعتراف الدول العربية بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها.
أصدرت اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط، والمكونة من الولايات المتحدة، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة. خارطة طريق لإنهاء العنف بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية.
بعد وفاة عرفات في عام 2004، تم انتخاب محمود عباس رئيسا للسلطة الفلسطينية، فيما سحب رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون المستوطنين والجنود الإسرائيليين من قطاع غزة.
فازت حماس في الانتخابات البرلمانية في عام 2006، وكونت حكومة لكنها قوطعت من جانب إسرائيل والقوى الغربية.
سيطر الإسلاميون بشكل كامل على قطاع غزة وطردوا العناصر التابعة للسلطة الفلسطينية بقيادة عباس. بعد شهر، اجتمع الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن بكل من رئيس وزراء إسرائيل السابق إيهود أولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في مدينة أنابوليس بولاية ميريلاند الأميركية من أجل محاولة أخرى للتوصل لسلام.
بعد عام من المفاوضات غير المثمرة، انسحب عباس من المفاوضات عندما أطلق أولمرت هجوما على قطاع غزة.
تولى باراك أوباما رئاسة الولايات المتحدة بعد فوزه بالانتخابات في 2008، ووعد بالتوصل إلى سلام دائم، فيما أوقف نتانياهو عملية الاستيطان لمدة 10 أشهر من أجل التقدم بعملية السلام.
أوباما يقترح مفاوضات جديدة قائمة على حدود إسرائيل ما قبل 1967 مع تبادل أراض مع الفلسطينيين.
فور تولي الرئيس دونالد ترامب الرئاسة، أعلن رؤيته الجديدة للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وكانت خطوته الأولى هي إسقاط التزام الولايات المتحدة الطويل الأمد بحل الدولتين، مؤكدا على دعم حل الدولة الواحدة بعد اجتماعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. وفي العام ذاته، أعلن ترامب اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل.
كشف البيت الأبيض في 23 يونيو الجاري عن خطة "السلام من أجل الرخاء" لإحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والتي خرجت إلى النور بعد جولات عديدة في الشرق الأوسط، أجراها مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر.
الخطة لم تظهر ملامحها بشكل كلي، إذ تم الكشف عن شقها الاقتصادي، والذي يتضمن استثمارات بقيمة حوالي 50 مليار دولار في الأراضي الفلسطينية ومصر والأردن ولبنان. أما الشق السياسي، بحسب ما تم تم تداوله في محادثات كوشنر السابقة، فإن الخطة ستقوم على حل الدولة الواحدة المتمثلة في إسرائيل.