Palestinian walks on a rainy day near the rubble of a store that was destroyed by Israeli air strikes during a fight between…
الوضع المعيشي في غزة لا يزال سيئا بعد أشهر من جولة القتال الأخيرة مع إسرائيل

على الرغم من أن حماس تؤكد علنا أنها انتصرت على إسرائيل خلال جولة القتال الأخيرة في مايو، إلا أن الحركة تضغط بشكل خاص من أجل الحصول على تنازلات اقتصادية جزئية من إسرائيل.

ولم تحصل حماس حتى الآن على صفقة لإعادة إعمار قطاع غزة الذي تحكمه منذ العام 2007 لإصلاح أضرار القتال الأخير مع إسرائيل، ولم يتغير شيء منذ مايو الماضي.

وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن مكسب حماس الوحيد الذي لا جدال فيه - ارتفاع في الشعبية بين الفلسطينيين - بدا وكأنه قد تبدد بعد أن انخفضت أرقام استطلاعات الرأي إلى نفس المستوى الذي كانت عليه في أوائل هذا العام.

واحتشد المئات من سكان غزة في مؤتمر برعاية حماس، تروي من خلاله الحركة مزاعم الانتصار على إسرائيل.

وقال مدير المؤتمر، كنعان عابد، في خطاب، "ستكون دولة إسرائيل تاريخا. الفلسطينيون خارج فلسطين: جهزوا أوراقكم. ستعودون إلى فلسطين بعد التحرير".

وتشير الصحيفة الأميركية إلى أن الواقع في قطاع غزة مختلف تماما عما تروج له الحركة الإسلامية.

وقتلت الضربات الإسرائيلية في مايو ما لا يقل عن 130 مدنيا وما يصل إلى 100 مسلح، ودمرت أو ألحقت أضرارا جسيمة بأكثر من 1000 منزل ومتجر ومكتب في غزة. في المقابل، قتلت صواريخ حماس وحلفائها 13 شخصا في إسرائيل، و15 فلسطينيا على الأقل عن طريق الخطأ في غزة.

كذلك، لا يزال الحصار الإسرائيلي المصري المفروض على غزة منذ 14 عاما قائما، ولا تزال القيادة الفلسطينية منقسمة بين الضفة الغربية والقطاع. كما أن آفاق مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين المحتضرة منذ عام 2014، بعيدة المنال.

ويعيش أكثر من مليوني نسمة في قطاع غزة تحت حصار، منذ سيطرة حماس على السلطة، حيث يشيع الفقر والبطالة في القطاع. وتقول إسرائيل إن الإغلاق مطلوب لاحتواء حماس، بينما يعتبر معارضون أنه شكل من أشكال العقاب الجماعي.

آلاف الشباب في غزة تقدموا للحصول على تصاريح عمل في إسرائيل بعد قتال مايو الماضي

وبناء على ميثاقها التأسيسي وبصفتها جماعة مسلحة ترفض الاعتراف بإسرائيل، فإن حماس ملتزمة بتدميرها. لكن الحركة لا تملك الأدوات لذلك خلاف إطلاق وابل من الصواريخ كل بضع سنوات، كما تقول الصحيفة الأميركية.

ومع ذلك، لم تستطع إسرائيل القضاء على الحركة التي سيطرت على القطاع عنوة في العام 2007، رغم سقوط عدد كبير من القتلى بسبب الضربات الإسرائيلية في الحروب السابقة.

وفي كل صراعاتها مع إسرائيل في 2008-2009، 2012، و2014، أعلنت حماس النصر على إسرائيل على كومة من الأنقاض الناجمة تدمير المباني بسبب عن الغارات الجوية.

وقال مسؤول كبير بالجيش الإسرائيلي في مقابلة "لا نريد هزيمة حماس". 

وأضاف المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته وفقا للبروتوكول الإسرائيلي، أن منافس حماس الرئيسي في غزة - هو فصيل إسلامي أكثر تطرّفًا وإنهم "ليسوا أفضل من حماس".

"ليس من الواضح في أي اتجاه نسير"

على مستوى الحياة المدينة في قطاع غزة، يدفع السكات الثمن على اعتبار أن معدل البطالة يفوق نسبة 40 بالمئة، كما أن 10 بالمئة من السكان فقط لديهم إمكانية الوصول المباشر للمياه النظيفة، وفقا لليونيسيف. كما أن الرعاية الطبية المتخصصة متوفرة غالبا في إسرائيل.

ورغم أنهم يلومون إسرائيل أيضا، إلا أن سكان غزة وبشكل متزايد، يلومون حماس أيضا على تفاقم الأوضاع المعيشية من خلال المحسوبية والفساد وعدم الكفاءة، وتحويل الكثير من الأموال من البرامج الاجتماعية إلى البنية التحتية العسكرية.

وقال علي الجردلي، وهو شاب عاطل عن العمل يبلغ من العمر 28 عاما وينتظر التقدم بطلب للحصول على تصريح عمل في إسرائيل: "أريد عملا أكثر من الصواريخ" التي تطلق باتجاه إسرائيل.

في أكتوبر، أعلنت إسرائيل أنها ستزيد عدد العاملين الفلسطينيين الذين تسمح لهم بدخول أراضيها من قطاع غزة، في لفتة على ما يبدو هدفها تعزيز الهدوء الهش بين الجانبين، وفق ما ذكرت وكالة أسوشيتد برس.

من جانبه، قال حسن الداودي، المعارض البالغ من العمر 26 عاما، والذي اعتقلته أجهزة الأمن في غزة عدة مرات بسبب آرائه: "المسؤول الأول عن هذا الحصار هو إسرائيل، وليس أي شخص آخر".

وتابع: "لكن حماس (أيضا) لها علاقة".

في مقابلة أجريت معه مؤخرا، قال القيادي في حماس وعضو المكتب السياسي للحركة، غازي حمد، "كل شيء هنا مجمّد - غائم وضبابي". وأضاف: "ليس من الواضح في أي اتجاه نسير".

وقال المحلل السياسي، معتصم دلال، أنه على الرغم من تصريحات قيادتها بشأن إسرائيل، فإن هناك أيضا نقاشات بين بعض أعضاء حماس حول الحاجة إلى مقاربة أكثر براغماتية بشكل هامشي تجاه إسرائيل.

وقال دلال إن بعض الأعضاء الشباب في حماس أيدوا بشكل خاص التحدث إلى المسؤولين الإسرائيليين بشكل مباشر.

وأضاف أنه لا يرى أن التحدث إلى إسرائيل مباشرة أمر ليس جيدا.

وتابع: "أنت تحت الاحتلال الإسرائيلي، إنهم يسيطرون على كل شيء في حياتك، ويمكنهم قتلك. فلماذا لا تتحدث معهم؟".

غانتس ونتانياهو.. اختلافات آخرها استقالة
غانتس ونتانياهو.. اختلافات آخرها استقالة

وجه رئيس حزب "المعسكر الرسمي" المعارض في إسرائيل، بيني غانتس، انتقادات جديدة لرئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، على خلفية الحرب في غزة، وعرض عليه "شبكة أمان سياسية" لو تمكن من التوصل إلى اتفاق يعيد الرهائن إلى بيوتهم.

وليست هذه المرة الأولى التي يحصل فيها نتانياهو على هذا العرض من منافسيه السياسيين. ففي يوليو الماضي، عرض زعيم المعارضة، يائير لابيد، عليه أيضا شبكة أمان سياسية من أجل المضي قدما في صفقة الرهائن على الرغم من معارضة حلفاء رئيس الوزراء من اليمين.

وجاءت تصريحات غانتس الأخيرة بعد اجتماع مع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قال فيه أيضا إن المقترح المطروح "يحظى بدعم واضح في الكنيست ولدى الجمهور الإسرائيلي"، وفق بيان صادر عن الحزب.

وتتهم بعض أطراف المعارضة الإسرائيلية نتانياهو بأنه يعرقل التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن، "من أجل الحفاظ على اتئلافه اليميني الحاكم وبقائه في السلطة".

من جانبه، يصر رئيس الوزراء على "الاستمرار في القتال حتى تحقق الحرب أهدافها"، وأبرزها "القضاء على حماس".

ويتمسك نتانياهو ببقاء القوات الإسرائيلية في محور فيلادلفيا (صلاح الدين)، الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر، ما زاد مفاوضات الهدنة تعقيدا.

وقال غانتس قبل أيام إن إسرائيل لا تحتاج إلى الاحتفاظ بقوات في منطقة الحدود الجنوبية لقطاع غزة لأسباب أمنية ولا ينبغي استخدام ذلك لمنع التوصل إلى اتفاق لإعادة الرهائن المتبقين من قطاع غزة، وفق رويترز.

وهو الموقف الذي ردده لابيد في يوليو حين قال: "هناك صفقة رهائن على الطاولة. ليس صحيحا أن نتانياهو عليه الاختيار بين صفقة الرهائن واستمراره في منصب رئيس الوزراء. لقد وعدته بشبكة أمان، وسأفي بهذا الوعد".

وقالت أسوشيتد برس في ذلك الوقت إن خصوم نتانياهو السياسيين عرضوا عليه "شبكة أمان إذا توصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن"، ولكن من غير المرجح أن يساعدوه في البقاء في منصبه على المدى الطويل.

وقالت تال شنايدر، المعلقة السياسية الإسرائيلي في تايمز أوف إسرائيل: "يولي نتنياهو اهتماما كبيرا بكل ما يطالب به (إيتمار) بن غفير و(بتسلئيل) سموتريتش أو يهددان بفعله، هدف نتنياهو النهائي هو النجاة".

وحكومة نتانياهو الحالية، التي تشكلت في أواخر عام 2022 بعد خمس انتخابات متتالية، هي الأكثر قومية ودينية في تاريخ إسرائيل.

وقبل أشهر من الحرب، دفعت بسياسات رسخت المستوطنات في الضفة الغربية، وأطلقت خطة لتعديل النظام القضائي أدخلت البلاد في حالة انقسام سياسي.

وبعد وقت قصير من هجوم حماس في السابع من أكتوبر الذي أشعل فتيل الحرب، انضم غانتس، وهو رئيس أركان سابق، إلى الحكومة في إظهار للوحدة. وشكل نتانياهو وغانتس ووزير الدفاع، يوآف غالانت، حكومة حرب لتوجيه العمليات.

لكن غانتس انسحب من الحكومة في يونيو متهما نتانياهو بمواصلة الحرب في حين يقبع عشرات الرهائن في الأسر، وهو ما فتح الباب أمام انتقادات شرسة من العديد من الإسرائيليين، بما في ذلك عائلات المتختطفين.

وكتب ديفيد هوروفيتز في مقال نشر في "تايمز أوف إسرئيل": "تحت حكم نتانياهو، إسرائيل في خطر وجودي. في مواجهة النظام الإيراني الإبادي ووكلائه، فإن هوس نتانياهو الجديد بممر فيلادلفيا يعرض حياة الرهائن للخطر، وفي نهاية المطاف، مستقبل بلدنا".

وكتب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي "يخترع مطلبا غير مبرر (البقاء في محور فيلادلفيا)، ويقدمه على أنه وجودي، من أجل إحباط صفقة محتملة لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين منذ ما يقرب من عام لدى حماس في غزة. ويفعل ذلك لأنه يخشى المتطرفين الذين بنى معهم حكومته، والذين هم عازمون على جر إسرائيل إلى حرب إقليمية".

وأضاف أن" هذا هو بالضبط ما يحذره وزير الدفاع الإسرائيلي، ورؤساء الأمن، وزعيم المعارضة، ورئيسان سابقان لأركان الجيش الإسرائيلي من أنه يفعله الآن".

ورأى أن التفاوض على صفقة رهائن مع المتشددين الإسلاميين الذين ذبحوا 1200 شخص في جنوب إسرائيل في أكتوبر "يشكل تحديا شنيعا، ولكنه أيضا ضرورة وطنية".

ومنذ أسابيع، أبلغ المفاوضون الإسرائيليون، بقيادة رئيس الموساد ورئيس الشين بيت، نتانياهو بضرورة التوصل إلى اتفاق، وأن حماس تعرضت لضربة عسكرية كافية لإطلاق سراح نحو 30 رهينة على الأقل في مرحلة أولية مدتها 42 يوما من الاتفاق.

"ولكن بدلا من اغتنام الفرصة، أصدر نتانياهو شروطا جديدة".

ويشير الكاتب إلى أن وزير الدفاع لا يرى حاجة للاحتفاظ بقوات عند ممر فيلادلفيا، وأن الجيش قادر على استعادة الحدود بسرعة إذا لزم الأمر، وأن عمليات الانتشار والآليات الأخرى يمكن أن تمنع حماس من استغلال غياب الجيش المؤقت لتهريب الأسلحة.

وتقول أسوشيتد برس إن موقف نتناياهو المتشدد ألقى أيضا بثقله على علاقات إسرائيل بأقرب حلفائها، الولايات المتحدة، التي قدمت دعما عسكريا، لكنها أعربت عن استيائها من الخسائر في صفوف المدنيين وعدم وجود أي خطط إسرائيلية واقعية لما بعد الحرب.

وعلى الصعيد الدولي، تعرضت إسرائيل لاتهامات بالإبادة الجماعية، ونتانياهو نفسه معرض لإصدار مذكرة اعتقال دولية بحقه.

وعلى الرغم من كل تهديداتهم، فإن حلفاءه من اليمين في مأزق مماثل. ومن المرجح أن ينضموا إليه في معسكر المعارضة إذا أجريت انتخابات مبكرة.

لكن إذا تمكن نتانياهو من الحفاظ على ائتلافه حتى الانتخابات المقررة التالية في عام 2026، فقد يكون قادرا على تحسين صورته.