السلطة الفلسطينية سترسل وفدا رفيعا إلى السعودية الأسبوع المقبل ـ صورة أرشيفية.
السلطة الفلسطينية سترسل وفدا رفيعا إلى السعودية الأسبوع المقبل ـ صورة أرشيفية.

بالتزامن مع استقبال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ظهر فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي لاثنين من كبار قادة حركة حماس وهما يؤديان مناسك العمرة.

ويظهر في الفيديو المتداول على نطاق واسع رئيس حماس في الخارج، خالد مشعل، ورئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، وهما يرتديان الرداء الأبيض في المسجد الحرام بمكة.

ولم يصدر عن السعودية أو حماس أي تأكيدات على وجود وفد الحركة الفلسطينية في المملكة.

وكان الأمير محمد بن سلمان استقبل في جدة وفدا فلسطينيا رفيعا برئاسة محمود عباس، حيث "جرى خلال الاجتماع استعراض مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية"، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس).

وقالت "واس" إن الاجتماع يأتي أيضا لـ "التأكيد على مواصلة الجهود المبذولة بما يكفل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لمبادرة السلام العربية والقرارات الشرعية الدولية".

وربط محللون زيارة عباس ووجود قيادات حماس في مكة بوساطة سعودية من أجل مصالحة فلسطينية فلسطينية بين السلطة الحاكمة للضفة الغربية وحماس التي تدير قطاع غزة.

ورغم عدم وجود تأكيدات رسمية بشأن وجود مصالح فلسطينية برعاية سعودية، إلا أن هناك تكهنات باحتمالية وجود "اتفاق مكة 2"، حسبما قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، عبدالله العساف، لموقع قناة "الحرة".

وقال العساف إن "السعودية دائما تسعى لرأب الصدع الفلسطيني"، مردفا أن "مكانة فلسطين حاضرة في القرار السعودي".

وسبق للسعودية أن رعت وساطة بين فتح وحماس تعرف باسم اتفاق مكة بعد أن وقع في المدينة المقدسة للمسلمين عام 2007 بهدف إنهاء الاقتتال الداخلي وتشكيل حكومة وحدة وطنية.

انعكاس للاتفاق السعودي الإيراني

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني، أشرف العكة، أن السعودية "تلعب دورا كبيرا في مسار" مصالحة فلسطينية فلسطينية تأتي ضمن إطار سياسة جديدة للمملكة تعرف بـ "تصفير المشاكل"، وفق وصفه. 

وقال العكة في حديثه لموقع "الحرة"، إن السعودية ودول أخرى في المنطقة، يقودون "حراكا استراتيجيا" يهدف للاستقرار والترابط بين دول الشرق الأوسط بهدف رفع مستوى التنمية.

ويخيم التوتر على العلاقة بين حركتي فتح الحاكمة للضفة الغربية وحماس التي تسيطر على غزة وذلك منذ عام 2007 الذي شهد اشتباكات دامية أسفرت عن طرد حماس لفتح من القطاع الذي يقطنه 2.3 مليون فلسطيني.

وخلال السنوات الماضية، فشلت كل محاولات المصالحة بين الطرفين من خلال وساطات قادتها الرياض والقاهرة والدوحة، في حين بقيت السيطرة على الأراضي الفلسطينية منقسمة بين الحركتين منذ ذلك الحين بحكم الأمر الواقع.

في العام الماضي، شدد عباس في كلمة بمناسبة الذكرى الـ 18 لوفاة سلفه، ياسر عرفات، على أنه "لا دولة فلسطينية مستقلة بدون قطاع غزة ولا دولة في غزة دون الضفة والقدس"، مؤكدا أنه "لن نقبل بأقل من دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران (يونيو) لعام 1967".

في هذا الاتجاه، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة في قطاع غزة، حسام الدجني، أن إعادة علاقات حماس بالسلطة الفلسطينية من شأنها أن "تسهل على المملكة إدارة الملف الفلسطيني".

وقال لموقع "الحرة" إنه "في ظل التحولات الحالية بالمنطقة، من الواضح أن هناك تحولات في السياسة السعودية على أكثر من اتجاه ومنها القضية الفلسطينية".

وأشار الدجني إلى أن أي تحرك في الملف الفلسطيني "لا يمكنه تجاوز فيه حماس كونها الحركة الأكثر نشاطا وفاعلية في قرارات السلم والحرب وإدارتها لقطاع غزة"، مردفا أن زيارة وفد حماس لمكة تحمل في طياتها بعدا سياسيا حتى وإن كانت الرحلة ذات طابع ديني.

واستشهد بـ "تزامن الزيارة مع وجود عباس في السعودية والحراسات (السعودية) التي ظهرت في الفيديو المسرب للزيارة لقادة حماس"، مما يشير إلى وجود ترتيب رسمي لهذه الرحلة، وفق قوله.

وبينما وصفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" زيارة وفد رفيع من حماس للسعودية بـ "التطور الكبير"، يعتقد الدجني أن السبب الرئيسي لما وصفه بـ "تقارب السعودية وحماس" يتمثل في الاتفاق بين الرياض وطهران الذي جرى الشهر الماضي بوساطة صينية.

مصالحة "تعتمد على الفلسطينيين أنفسهم"

وكانت السعودية وإيران اتفقتا على إعادة العلاقات الدبلوماسية بعد اتفاق وقع في بكين خلال مارس الماضي، فيما شهدت العلاقات بين المملكة وسوريا تحركا عقب تبادل وزيري خارجية البلدين الزيارة مؤخرا.

وفي هذا الإطار، يشير العكة إلى أن قطار المصالحات في المنطقة، لا سيما بعد الاتفاق السعودي الإيراني الذي "يفضي بالضرورة إلى حلحلة الملف الفلسطيني الذي يحتاج لتحريك جدي" قياسا على ارتفاع منسوب العنف في الأراضي الفلسطينية والمسجد الأقصى خلال المرحلة الماضية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني أن "الفرصة مواتية" من أجل مصالحة فلسطينية في ظل التغييرات والتحولات التي تعيشها المنطقة برمتها، قياسا بتاريخ المملكة في مبادرات الصلح الفلسطينية.

ولم ينجح "اتفاق مكة" في العام 2007 وما تبعه من اتفاقات أخرى فتح وحماس، حيث لم تعقد أي انتخابات في الأراضي الفلسطينية منذ عام 2005 عندما ترأس عباس السلطة. 

وبعدما أعلن عن تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في عام 2021، عاد عباس عن هذا القرار مبررا ذلك برفض إسرائيل السماح بإجرائها في القدس الشرقية التي يعتبرها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم المستقبلية. 

وقال الدجني إن "حماس لن ترفض أي مصالحة تقوم على ركيزة الانتخابات ... فإن كان هناك إمكانية للضغط بإقامة انتخابات شاملة فهذا خيار محبب لها وللشعب الفلسطيني"

وأضاف أن وجود "قيادة جديدة سيسهل عمليا السيطرة على الضفة وقطاع غزة (معا) وإعادة الاستقرار (للأراضي الفلسطينية) في ظل وجود حكومة يمينية إسرائيلية تشكل عبئا على المجتمع الإسرائيلي نفسه وعلى الإدارة الأميركية التي تحاول أن تدفع بعملية السلام".

ومع ذلك، يرى العساف أن أي مصالحة بين الفصائل ستعتمد على الفلسطينيين أنفسهم قائلا إن "حل الفلسطينيين بأيديهم".

وتابع: "الأهم أن يكون هناك نوايا صادقة بين الفلسطينيين أنفسهم واستيعاب الدروس الماضية والقدرة على ترجمة حقيقية لاتفاق مكة 2 (المحتمل)"، مضيفا: أن "الفلسطينيين كانت مواقفهم غير جيدة وهناك من قفز على المصالحة السابقة لإفشالها".

وقال إن الفلسطينيين عليهم "فهم الواقع السياسي الجديد جيدا واستيعاب المتغيرات التي تحدث في المنطقة والعالم ... ففي 2007 كانت ظروف المصالحة مختلفة عن الآن حيث هناك مستجدات مختلفة".

مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جيك سوليفان، يعكف على دفع صفقة للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، ووقف إطلاق النار في قطاع غزة. 

ومن المتوقع أن يعقد المسؤول الأميركي، اجتماعات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون درمير، بغية حث الأطراف المختلفة على اتخاذ الخطوات اللازمة لتأمين إطلاق سراح المختطفين وتحقيق وقف شامل لإطلاق النار في غزة، في ظل تعقيدات المفاوضات الجارية حتى الآن. 

ووفقا لمصادر مطلعة، عقد سوليفان، الثلاثاء، اجتماعا مع عائلات المختطفين الأميركيين، وأكد لهم أنه يعمل مع فريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب، لتحقيق تقدم سريع في هذا الملف.

وتأتي تحركات سوليفان في وقت تسعى فيه الإدارة الأميركية جاهدة لتحقيق اختراق دبلوماسي في الشرق الأوسط قبيل مغادرة الرئيس بايدن لمنصبه.

وفي سياق متصل، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، لنظيره الأميركي، لويد أوستن، الأربعاء إن ثمة "فرصة حاليا" للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المتبقين ممن تم احتجازهم فيأكتوبر 2023.

وقال كاتس لأوستن خلال مكالمة هاتفية "ثمة فرصة حاليا للتوصل إلى اتفاق جديد". وأضاف وفق بيان صادر عن مكتبه "نأمل في إطلاق سراح جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون".

وتوسطت الولايات المتحدة، إلى جانب مصر وقطر، من دون جدوى للتوصل إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن بين إسرائيل وحركة حماس منذ أكثر من عام.

واحتجزت الفصائل الفلسطينية 251 رهينة خلال هجوم 7 أكتوبر 2023 ما زال منهم 96 في غزة، بينهم 34 أكد الجيش الإسرائيلي أنهم قضوا في الأسر.

وفي الأيام الأخيرة، صدرت إشارات إلى احتمال إحياء المفاوضات وتحقيق اختراق. فقد صرح مصدر مقرب من حماس لوكالة فرانس برس الاثنين أن الحركة أبلغت رئيس المخابرات المصرية عن "جهود لجمع معلومات عن الأسرى الإسرائيليين، خصوصا الأحياء".

وأوضح أن حماس "تعدّ قائمة بأسماء الأسرى الذين ما زالوا على قيد الحياة، ومن بينهم عدد من الأسرى المزدوجي الجنسية الإسرائيلية والأميركية".

وقال "في حال وافقت إسرائيل على الاقتراح المصري (بشأن تبادل الأسرى)، أعتقد أن صفقة التبادل ستصبح جاهزة للتنفيذ".

وقالت الدوحة من جانبها، السبت، إن انتخاب دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة أحدث "زخما" جديدا للمفاوضات.

وفي الوقت نفسه، قال مصدر مقرب من وفد حماس إن تركيا، وكذلك مصر وقطر، تبذل جهودا حثيثة لوقف الحرب، وأنه يمكن أن تبدأ جولة جديدة من المحادثات قريبا.

وألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أيضا إلى تقدم محتمل، قائلا لأسر الرهائن إن النجاحات العسكرية الإسرائيلية ضد حزب الله وحماس من شأنها أن تسهل المفاوضات لإطلاق سراحهم.

ودعا متظاهرون ومن بينهم أهالي الرهائن باستمرار إلى التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراحهم واتهموا نتانياهو بإطالة أمد الحرب لأغراض سياسية.

وأسفر هجوم حماس عن مقتل 1208 أشخاص معظمهم من المدنيين، وفقا لإحصاء لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية.

وأسفرت الحملة العسكرية التي شنتها إسرائيل في غزة ردا على هجوم حماس عن مقتل 44805 أشخاص على الأقل، غالبيتهم من المدنيين، وفقا لأرقام وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.

وما زال سبعة أفراد يحملون الجنسية الأميركية في غزة، وقد تأكد مقتل أربعة منهم. وفي الأسبوع الماضي، أبلغ الجيش الإسرائيلي عائلة الجندي الأميركي الإسرائيلي، أومر نيوترا، أنه قُتل يوم الهجوم وأن جثته في غزة.

ومساء الأربعاء، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم".

وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس.