فلسطينيون يفرون من منازلهم متجهين نحو الجزء الجنوبي من قطاع غزة في 13 أكتوبر 2023
فلسطينيون يفرون من منازلهم متجهين نحو الجزء الجنوبي من قطاع غزة في 13 أكتوبر 2023

إعلان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة وإسرائيل اتفقتا على وضع خطة تسمح بوصول المساعدات إلى المدنيين في غزة، قد يخفف حدة القلق الدولي من كارثة ستحل على سكان غزة الذين يفتقرون لأدنى مقومات الحياة بسبب القصف الإسرائيلي العنيف.

بلينكن قال، في ختام محادثات ماراثونية أجراها في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إن "من الضروري أن يبدأ تدفق المساعدات إلى غزة في أقرب وقت ممكن".

كما أعلن البيت الأبيض، الاثنين، أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، سيلتقي، الأربعاء، في عمّان العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، والرئيسين المصري، عبد الفتاح السيسي، والفلسطيني، محمود عباس، لبحث الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.

وكان بلينكن أعلن أن بايدن سيزور إسرائيل الأربعاء، حيث يتلقي في تل أبيب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانانياهو.

سكان غزة ينتظرون بفارغ الصبر السماح بدخول الشاحنات التي تحمل وقودا ومساعدات إنسانية، كما أن مئات الفلسطينيين الذين يحملون جوازات سفر أجنبية، والذين انتقلوا إلى الحدود مع مصر على ينتظرون أمل السماح لهم بالعبور.

"المياه والحياة تنفدان من غزة. مليونا شخص في القطاع يعيشون حاليا بدون مياه"، بحسب ما قالته مديرة الاتصالات في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين، جوليات توما، مؤكدة أن الأونروا لم تتمكن من إدخال أي إمدادات منذ السابع من أكتوبر الجاري بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة، نافية بذلك ما تداولته وسائل إعلام عن فتح المعبر ودخول شاحنات وقود تابعة للأمم المتحدة، بعد ظهر الاثنين.

وأضافت توما، خلال مؤتمر صحفي عقدته، الاثنين، حول الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، أن الأرقام الأخيرة تشير إلى نزوح مليون فلسطيني منذ بداية الحرب بين غزة وإسرائيل، مجددة مطالبة الأونروا برفع الحصار عن القطاع كي تتمكن ووكالات الأمم المتحدة الأخرى والهيئات الإنسانية من إيصال الإمدادات الأساسية التي تشتد الحاجة إليها وتقديم المساعدة للمحتاجين.

لجأ أهالي غزة إلى المدارس للاحتماء من القصف العشوائي للمنازل والأحياء

كلام توما أكده، الأحد، المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، الذي دق ناقوس الخطر، قائلا "اعتبارا من اليوم، لم يعد زملائي في الأونروا في غزة قادرين على تقديم المساعدة الإنسانية".

وأضاف في مؤتمر صحفي "في الوقت الذي أتحدث فيه معكم، تنفد من الماء والكهرباء، لم يتم السماح بدخول قطرة ماء واحدة، ولا حبة قمح واحدة، ولا لتر وقود إلى قطاع غزة خلال الأيام الماضية، غزة تختنق، وقريبا على ما أعتقد، سيترافق ذلك مع عدم وجود طعام أو دواء أيضا".

إن عدد الأشخاص الذين يلتمسون المأوى في مدارس ومرافق الأونروا الأخرى في الجنوب بحسب لازاريني "هائل للغاية، ولم يعد لدينا القدرة على التعامل معهم. تتكشف أمام أعيننا كارثة إنسانية لم يسبق لها مثيل".

وذكّر المفوض الأممي، بأن "غزة تحت الحصار لمدة 16 عاما وبشكل أساسي، كان أكثر من 60 بالمئة من السكان يعتمدون على المساعدات الغذائية الدولية.  في كل ساعة، نتلقى المزيد والمزيد من نداءات المساعدة اليائسة من الناس في جميع أنحاء القطاع".

يذكر أن معبر رفح الواقع في أقصى جنوب غزة على الجانب المصري، يعتبر شريان حياة للقطاع بعد إغلاق إسرائيل معبري إيريز (شمال غزة)، وكرم أبو سالم وهو (معبر تجاري بين إسرائيل وغزة)، ومنع دخول إمدادات الوقود والكهرباء والمياه، عقب هجمات حماس.

وتتحكم حماس ومصر بحركة المرور عبر معبر رفح، لكن شلّت حركته بعد تعرضه لقصف إسرائيلي ردا على هجوم حماس.

آثار الدمار في غزة جراء القصف

مساع حثيثة

في محاولة المساعدة في المحادثات الدائرة بشأن الوصول الإنساني إلى قطاع غزة، أعلن منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة، مارتن غريفيثس، أنه سيتوجه، الثلاثاء، إلى منطقة الشرق الأوسط.

زيارة غريفيش للمنطقة ستكون أيضا كما قال في مؤتمر صحفي بمكتب الأمم المتحدة في جنيف" لإبداء تضامنه وتقديره للشجاعة الفائقة للآلاف من عاملي الإغاثة الذين يواصلون عملهم في ظل الظروف الصعبة في غزة والضفة الغربية".

كما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي سيفتح ممرا إنسانيا جويا إلى غزة عبر مصر.

وأكد وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، على الحاجة لضمان وصول المساعدات إلى غزة، قائلا إن "الأمم المتحدة تبذل كل الجهود لضمان ذلك وإن المشاورات المكثفة دائرة مع السلطات الإسرائيلية والمصرية وغيرها بمساعدة من وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال زياراته للمنطقة".

وشدد على أن "التاريخ يراقب. إدخال المساعدات إلى غزة هو الأولوية القصوى"، مؤكدا على أهمية دعم العمليات الإنسانية داخل غزة لضمان استمرارها.

والأحد، قال غريفيث إن" شبح الموت يخيم على غزة، "وبدون ماء وكهرباء وغذاء ودواء، فإن الآلاف سيموتون".

يذكر أن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أكد، الأحد، ثقته بأن المساعدات الإنسانية ستمر إلى غزة، معلنا تعيين الدبلوماسي الأميركي المخضرم والخبير بالشرق الأوسط، ديفيد ساترفيلد، موفدا للمساعدات إلى غزة. 

إسرائيل حشدت قواتها بالقرب من غزة

ولفت إلى أنه "سيكون على الأرض في إسرائيل اعتبارا من الاثنين لتنسيق نقل المساعدات"، كما قال بلينكن إن "معبر رفح سيفتح"، مضيفاً "إننا نضع مع الأمم المتحدة ومصر وإسرائيل آلية لإيصال المساعدات لمن يحتاجون إليها".

وقالت الرئاسة المصرية، الأحد، إن مصر تكثف جهودها الدبلوماسية لإيصال المساعدات إلى غزة ووقف القتال. وجاءت هذه التصريحات خلال زيارة بلينكن للقاهرة في إطار جولة إقليمية.

شاحنات عند المعبر

مئات الشاحنات تنتظر عند معبر رفح للدخول إلى غزة، حيث سبق أن وصلت طائرات محملة بالمواد الغذائية من برنامج الأغذية العالمي إلى مطار العريش المصري قرب المعبر.

والجمعة الماضي، قال ممثل برنامج الأغذية العالمي ومديره القُطري في فلسطين، سامر عبد الجابر، إن الوضع في قطاع غزة كارثي، حيث ينفد الطعام وتتوقف المخابز عن العمل في ظل انقطاع الكهرباء والمياه النظيفة وشح إمدادات الوقود.

وأضاف أنه لا يريد أن يتصور ما قد يحدث إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق على تأمين ممرات إنسانية إلى القطاع، مشددا على أن 2.4 مليون شخص "مهددون بألا تكون لديهم أبسط حقوق الإنسان من ناحية الغذاء والماء والدواء والصحة".

كما وصلت طائرة تحمل إمدادات صحية من منظمة الصحة العالمية إلى مطار العريش لإدخالها إلى غزة بمجرد إنشاء ممر إنساني، وتشمل الشحنة أدوية الرضوح والإمدادات الصحية اللازمة لها، لعلاج 1200 جريح و1500 مريض يعانون من أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري ومشكلات التنفس، بالإضافة إلى إمدادات صحية أساسية لتلبية احتياجات 300 ألف شخص، بمن فيهم الحوامل.

وحذرت المنظمة العالمية من أن "أي تأخير في بقاء هذه الإمدادات على الجانب المصري من الحدود، سيؤدي إلى موت مزيد من الناس، "بينما توجد الإمدادات التي يمكن أن تنقذهم على بُعد أقل من 20 كيلومترا".

الجيش الإسرائيلي حشد آلاف جنود الاحتياط وعشرات الدبابات على حدود غزة تحضيرا لعمل بري محتمل

"عقاب جماعي"

سبق أن أدانت منظمة الصحة العالمية "بشدة الأوامر الإسرائيلية المتكررة بإخلاء 22 مستشفى يعالج أكثر من 2000 مريض شمال غزة"، مشددة على أن "الإجلاء الإجباري للمرضى والعاملين في المجال الصحي سيفاقم الكارثة الصحية والإنسانية الراهنة".

وقالت المنظمة الأممية، في بيان صحفي، إن "حياة ذوي الحالات الحرجة والمرضى الضعفاء على المحك"، مشيرة إلى أن الموجودين في وحدات العناية المركزة أو المعتمدين على أجهزة دعم الحياة والمحتاجين لغسيل الكلى وحديثي الولادة في الحضانات والنساء اللاتي يعانين من مضاعفات الحمل، وغيرهم ممن سيعانون من تدهور وضعهم الصحي أو سيلقون حتفهم إذا أجبروا على التحرك وقُطعت عنها الرعاية الطبية المنقذة للحياة أثناء إجلائهم".

وما زالت المنشآت الصحية في شمال غزة تشهد تدفقا كبيرا من المصابين، فيما تكافح للعمل بما يفوق طاقتها الاستيعابية القصوى. ويُعالج بعض المرضى في ممرات المستشفيات أو خارج مبانيها في الشوارع المحيطة بها بسبب عدم توفر الأَسرة.

واعتبرت المنظمة الأممية أن "إجبار أكثر من 2000 مريض على الانتقال إلى جنوب غزة، حيث تعمل المنشآت الصحية بأقصى طاقتها الاستيعابية ولا تستطيع استيعاب الزيادة الكبيرة في عدد المرضى، قد يصل إلى الحكم بالإعدام"، داعية إسرائيل إلى العدول فوراً عن أوامر إخلاء المستشفيات في شمال غزة، وإلى حماية المنشآت الصحية والعاملين في المجال الطبي والمرضى والمدنيين.

الحصار على غزة، بالطريقة التي يتم فرضه عليها، هو بحسب لازاريني "عقاب جماعي"، داعيا إلى رفعه "قبل فوات الأوان" إذ يجب أن تكون "وكالات الإغاثة قادرة على جلب الإمدادات الأساسية بأمان مثل الوقود والمياه والغذاء والدواء"، وشدد "يجب على جميع الأطراف تسهيل ممر إنساني حتى نتمكن من الوصول إلى جميع المحتاجين إلى الدعم".

قافلة من الصليب الأحمر تستعد لاستلام الرهائن الثلاثة (رويترز)
قافلة من الصليب الأحمر تستعد لاستلام الرهائن الثلاثة (رويترز)

قال الجيش الإسرائيلي إن الرهائن الثلاثة الذين أفرجت عنهم حماس في قطاع غزة، السبت، دخلوا الأراضي الإسرائيلية، في إطار عملية التبادل الخامسة ضمن اتفاق وقف إطلاق النار.

وأوضح الجيش في بيان "قبل فترة وجيزة عبر الرهائن العائدون أور ليفي وأوهاد بن عامي وإيلي شرابيي الحدود ودخلوا الأراضي الإسرائيلية" مؤكدا أنهم سيجتمعون بعائلاتهم في جنوب إسرائيل.

وتأتي هذه الخطوة كجزء من عمليات تبادل منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين، والذي دخل حيز التنفيذ بعد حرب استمرت 15 شهرًا.

وفي سياق متصل، أوضح بيان  صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، وبعد ظهور المختطفين الثلاثة في حال هزيلة أن إسرائيل "لن تتجاهل المشاهد الصادمة التي رأيناها اليوم".

وقبل ذلك، كان  عشرات من مسلحي حركة حماس الملثمين قد انتشروا في منطقة دير البلح بغزة، حيث أقامت الحركة منصة رفعت عليها صور آليات عسكرية إسرائيلية مدمرة، بالإضافة إلى أعلام الحركة وصور عناصر لها قضوا في القتال. 

كما ركنت شاحنات بيك آب بيضاء تابعة لحماس في المكان استعدادًا لعملية الإفراج، حسب وكالة فرانس برس.

شاشة عملاقة.. وانتظار

وفي تل أبيب، تجمع مئات الأشخاص في "ساحة الرهائن" لمتابعة البث المباشر لعملية الإفراج، حيث نُصبت شاشة عملاقة تعرض العد التنازلي للأيام والساعات منذ الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر 2023، والذي أدى إلى اختطاف الرهائن واندلاع الحرب.

وأما رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، فتابع عملية التبادل من الولايات المتحدة، حيث يجري زيارة، وفق مكتبه.

من جانبها، أفادت أماني السراحنة، المتحدثة باسم نادي الأسير الفلسطيني، بأن من بين المعتقلين الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم 18 شخصًا يقضون أحكامًا بالسجن المؤبد، و54 شخصًا بأحكام طويلة، و111 شخصًا من غزة اعتقلوا بعد 7 أكتوبر 2023.

تقرير: الجيش الإسرائيلي يبدي شكوكا حول خطة ترامب بشأن غزة
أفاد تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الجمعة، أن قيادة الجيش الإسرائيلي أبدت شكوكًا بشأن إمكانية تنفيذ خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب بشأن غزة، مشيرةً إلى أن نجاحها يعتمد على عاملين رئيسيين غير متوفرين حاليًا، وهما رغبة سكان غزة في الهجرة، واستعداد دول لاستقبالهم.

وينص اتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ تطبيقه في 19 يناير، على الإفراج عن رهائن محتجزين في غزة مقابل معتقلين فلسطينيين، مع وقف العمليات القتالية. ويتضمن الاتفاق ثلاث مراحل، تشمل الأولى الإفراج عن 33 رهينة مقابل 1900 معتقل فلسطيني.

وقد أسفرت  عمليات التبادل الأربعة السابقة عن إطلاق سراح 18 رهينة و600 معتقل فلسطيني.

وأدت الحرب التي اندلعت بعد هجوم 7 أكتوبر إلى مقتل 1210 أشخاص على الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، وفقًا لإحصاءات رسمية. بينما قُتل في غزة أكثر من 47 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في غزة.