مظاهرة في الأردن من بين احتجاجات في عدة دول عربية
مظاهرة في الأردن من بين احتجاجات في عدة دول عربية

شهدت عدة مدن عربية تظاهرات ليلة الثلاثاء، في أعقاب الضربة على مستشفى المعمداني بقطاع غزة، والتي أسفرت عن مقتل مئات الفلسطينيين، من بينهم نساء وأطفال.

وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن "طائرات شنت غارة على المستشفى، أثناء وجود آلاف المواطنين النازحين الذين لجأوا إليه، بعد أن دمرت منازلهم، وبحثوا عن مكان آمن".

فيما اتهمت وزارة الصحة في قطاع غزة، إسرائيل، قائلة إن "ما حدث في مستشفى المعمداني جراء غارة إسرائيلية كان مجزرة لا مثيل لها"، مشيرة إلى سقوط مئات الضحايا.

من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي، فجر الأربعاء، إن "فحصا دقيقا لأنظمة المراقبة"، أثبت أن الضربة التي تعرضت لها المستشفى، ناجمة عن "عملية إطلاق صواريخ فاشلة، تقف خلفها حركة الجهاد الإسلامي".

ونفت "الجهاد الإسلامي" من جهتها هذه الاتهامات، مؤكدة أن "المجزرة ناجمة عن غارة جوية إسرائيلية".

وفي أعقاب الصور التي انتشرت للضربة، خرجت مظاهرات في عدة مدن عربية، من بينها الأردن ولبنان والعراق ومصر وليبيا، بجانب احتجاجات في الضفة الغربية.

وفي الأردن، شهد محيط السفارة الإسرائيلية في عمّان مظاهرات حاشدة، وحاول بعض المحتجين اقتحام السفارة.

وذكرت وكالة الأنباء الأردنية، نقلا عن مصدر أمني أنه "جرى التعامل مع مجموعة الأشخاص المحتجين الذين تجمعوا على مقربة من السفارة محاولين الوصول إليها، وتم إبعادهم عن محيطها".

وندد الأردن "بشدة بالهجوم الإسرائيلي على مستشفى في غزة، والذي أدى إلى مقتل مئات المصابين والنازحين من المدنيين"، وفق بيان لوزارة الخارجية.

كما شهدت الضفة الغربية مسيرات ليلية حاشدة احتجاجا على الضربة على المستشفى في غزة، وواجهت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله، مسيرات هتفت ضد رئيس السلطة محمود عباس.

وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية على المحتجين، الذين ألقوا الحجارة ضد القوات الأمنية.

وذكر شهود عيان للحرة، أن "مواجهات اندلعت في عدة مدن أخرى بالضفة الغربية، في وقت متأخر من الليلة الماضية".

وقطع عباس زيارته إلى الأردن وعاد إلى الضفة الغربية ليلة الثلاثاء، في أعقاب الضربة، وألغيت قمة رباعية كان من المقرر أن تجمعه بالعاهل الأردني عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس الأميركي جو بايدن، في عمّان، الأربعاء.

كما شهد لبنان مسيرات احتجاجية أمام السفارتين الأميركية والفرنسية.

وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام، أن مظاهرة "انطلقت في اتجاه السفارة الأميركية في لبنان" في منطقة عوكر، فيما اتخذت القوى الأمنية اللبنانية والجيش تدابير أمنية مشددة في محيط السفارة، وقطعت كل الطرق المؤدية إليها بالأسلاك الشائكة.

وأفاد مراسل موقع "الحرة" في بيروت، أن القوات الأمنية استخدمت خراطيم المياه والقنابل الدخانية لتفريق المتظاهرين أمام السفارة.

وشهد محيط السفارة الفرنسية في بيروت تحركا احتجاجيا غاضبا لعشرات الشبان الغاضبين، تخللته مناوشات وتدافع مع عناصر الجيش اللبناني الذين ينتشرون أمام مدخل السفارة لمنع دخول المحتجين. 

كذلك شهد محيط مبنى منظمة "الإسكوا" التابعة للأمم المتحدة (لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا)، في وسط بيروت، تجمعاً لعدد من الشبان الغاضبين، الذين قاموا بإضرام النيران أمام المبنى، وعمدوا إلى تحطيم وإزالة الحواجز المقامة عند مدخله. 

كما شهدت مصر تجمعا صغيرًا ولفترة وجيزة لقادة الحركة المدنية المعارضة، قرب السفارة الأميركية في القاهرة، تنديدا بالضربة ضد المستشفى.

وفي سياق متصل، دعت نقابة الصحفيين المصريين لوقفة احتجاجية في وقت لاحق الأربعاء، تضامنا مع الفلسطينيين وضحايا الضربة على مستشفى المعمداني، و"حمّلت إسرائيل مسؤولية الهجوم".

كما خرجت مظاهرات في العاصمة العراقية بغداد، حيث رفع مواطنون الأعلام الفلسطينية تنديدا بالضربة ضد المستشفى.

وشهدت أيضا مدن تركية مسيرات ليلية احتجاجية، وبحسب وكالة أنباء الأناضول، فإن المظاهرات خرجت في مدن من بينها إسطنبول وأنقرة وقيصري وسيواس ونيغدة ودياربكر وأرضروم وأرزينجان وأنطاليا.

وأوضحت الوكالة أن "مئات الأتراك تظاهروا أمام السفارة الإسرائيلية في أنقرة والقنصلية في إسطنبول"، منددين بضربة مستشفى المعمداني في غزة.

كما شهدت مدينتا طرابلس ومصراتة في ليبيا احتجاجات ليلية، وخرج المئات رافعين الأعلام الفلسطينية، دعما لضحايا الضربة التي استهدفت مستشفى المعمداني.

وبحسب صحيفة "الوسط" الليبية، فقد خرج المئات في ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس، كما أشارت إلى وقفة احتجاجية لمئات المواطنين في مصراتة، حيث حملوا الأعلام الفلسطينية.

وأدانت عدة دول عربية استهداف مستشفى المعمداني في غزة، وأصدرت جامعة الدول العربية قرارا بتنكيس الأعلام لمدة 3 أيام حدادا أرواح القتلى في الضربة.

كما أعلنت السلطة الفلسطينية والعراق والأردن وموريتانيا، الحداد على أرواح من قضوا في الضربة.

زعيم حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار- صورة أرشيفية.
زعيم حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار- صورة أرشيفية.

مع تزايد الشكوك بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، اقترحت إسرائيل منح زعيم حركة حماس، يحيى السنوار، "ممرا آمنا للخروج من غزة" مقابل إطلاق الحركة سراح الرهائن الذين تحتجزهم والتخلي عن السيطرة على القطاع، وفقا لما قاله مسؤول إسرائيلي كبير.

وقال منسق ملف المفقودين والمختطفين الإسرائيليين، غال هيرش، في مقابلة مع بلومبيرغ، الثلاثاء، إنه "مستعد لتوفير ممر آمن للسنوار وعائلته ومن يريد الانضمام إليه. نريد استعادة الرهائن. نريد نزع السلاح، ونزع التطرف وبالطبع نريد نظاما جديدا لإدارة غزة".

وكشف هيرش أنه عرض مقترحه على المعنيين قبل يومين، ولم يوضح طبيعة الرد حتى الآن، مؤكدا في الوقت ذاته، أن بلاده ستكون على استعداد أيضا للإفراج عن السجناء الذين تعتقلهم كجزء من أي صفقة.

ووصف المسؤول الإسرائيلي العرض بأنه جزء من جهد للتوصل إلى حلول جديدة مع تزايد ضعف احتمالات وقف إطلاق النار، معتبرا أن "حماس سعت حتى الآن إلى إملاء الشروط بدلا من التفاوض".

"عرض اختراق الطريق المسدود"

ويأتي المقترح الإسرائيلي الذي أعلن عنه هيرش في وقت تتزايد فيه الضغوط الداخلية والدولية على الحكومة الإسرائيلية للتوصل إلى اتفاق ينهي الصراع المستمر منذ نحو عام ويضمن إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى الحركة المصنفة إرهابية بالولايات المتحدة ودول أخرى.

وحاول موقع "الحرة" التواصل مع مكتب الحكومة الإسرائيلية للتوقف عند مزيد من التفاصيل، لكنه لم يحصل على إجابة حتى نشر هذه المادة. 

تعليقا على المقترح الجديد ومدى إمكانية أن يسهم في كسر جمود المفاوضات، يقول المحلل الإسرائيلي، شلومو غانور، إن هذا العرض "يصدر عن مسؤول إسرائيلي رسمي، ما يعني أن الحكومة الإسرائيلية تنخرط في مساعي التوصل لاتفاق بعد جملة المقترحات التي سبق أن عرضتها لتحريك الأمور والإفراج عن المخطوفين".

ويضيف غانور في تصريح لموقع "الحرة"، أنه في مقابل هذه الجهود، تواصل حركة وقادة حماس "إغلاق كل الطرق والبوادر لإيجاد مخرج للأزمة"، بالتالي الاقتراح الجديد "إضافي لاختراق الطريق المسدود".

ومنذ إعلان إسرائيل في الأول من سبتمبر استعادة 6 رهائن قالت إن حماس قتلتهم في جنوب غزة، أحدهم يحمل الجنسية الأميركية، تزايدت الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي للتوصل إلى اتفاق.

وتواصل الإدارة الأميركية أيضا  الضغط على إسرائيل وحماس لإبرام اتفاق. وأكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الخميس، أن "من واجب الطرفين التوصل لاتفاق بشأن القضايا العالقة".

محور فيلادلفيا يقع على امتداد الحدود بين قطاع غزة ومصر
"مقترح جديد".. هل يذلل "العقبة الرئيسية" في مفاوضات غزة؟
تبرز "خطة جديدة" قد تشكل منفذا للخروج من حالة الانسداد الراهنة، إذ تداولت تقارير إعلامية غربية مقترح نشر قوات فلسطينية مدرّبة أميركياً، على محور فيلادلفيا الحدودي، كبديل عن الجيش الإسرائيلي الذي يصر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، على الاحتفاظ بوجوده هناك.

وأقر الوزير الأميركي بأنه لحين الحصول على موافقة نهائية من كلا الجانبين، فإن الاتفاق الذي يتم التفاوض عليه لوضع حد لأحد عشر شهرا من إراقة الدماء قد ينهار في أي لحظة، مشيرا إلى أنه كل يوم قد يجلب "حدثا فاصلا يتسبب ببساطة بإبطاء الأمور ويخاطر بإفشالها نظرا لحساسية الوضع".

وعرض الرئيس الأميركي، في 31 مايو، خطة لوقف القتال لستة أسابيع في المرحلة الأولى وتتضمن  إطلاق سراح عدد من الرهائن بمن فيهم النساء والمسنين والجرحى مقابل "إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين" لدى إسرائيل.

وتعثّرت المحادثات للتوصل إلى هدنة، في الأسابيع الماضية، بسبب خلافات أبرزها الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر المعروف باسم "محور فيلادلفيا" الذي يصرّ نتانياهو على إبقاء قوات إسرائيلية فيه، في حين تتمسك حماس بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع. 

وسعت الولايات المتحدة، بالتعاون مع الوسيطين القطري والمصري، في الأسابيع الأخيرة إلى العمل على جسر الفجوات المتبقية.

وقال هيرش، إنه "بالتوازي، يجب أن أعمل على الخطط "ب" و"ج" و"د"، لأنني يجب أن أعيد الرهائن إلى ديارهم. الساعة تدق، ولا وقت أمام الرهائن".

في هذا السياق، يقول  المحلل الإسرائيلي غانور،  إن الاقتراح الأخير "في محله، وطرح عالميا"، وتبقى الآن "الكرة بملعب السنوار وقادة حماس من أجل اتخاذ القرار المناسب للدخول في المفاوضات وإيجاد حل"، معتبرا أن "رفض هذا الحل إلى جانب باقي الحلول الأخرى التي طرحت يعني ألا رغبة لديهم في التوصل إلى اتفاق".

في المقابل، قالت حركة حماس، الأسبوع الماضي، إنه لا توجد حاجة إلى مقترحات جديدة لوقف إطلاق النار، وإن المطلوب الآن هو الضغط على إسرائيل لقبول مقترح أميركي وافقت عليه الحركة بالفعل.

وذكرت حماس في بيان لها، أن قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بعدم الانسحاب من محور فيلادلفيا "يهدف لإفشال التوصل لاتفاق"، مضيفة  "نحذر من الوقوع في فخ نتانياهو وحيله حيث يستخدم المفاوضات لإطالة أمد العدوان على شعبنا".

"إبعاد الخطر"

وذكرت بلومبيرغ، أن من غير الواضح ما إذا كانت حماس ستقبل اقتراح مغادرة السنوار لغزة، خاصة بالنظر إلى تاريخ إسرائيل في العمليات التي تستهدف الأعداء في الخارج.

وسبق أن طرح قادة إسرائيليون خيار إبعاد قادة حماس خارج الأراضي الفلسطينية. ففي مايو الماضي، صرح نتانياهو، بأن "مقترح الترحيل مطروح، وقد ناقشناه دوما. لكنني أعتقد أن الأهم هو استسلامهم. فإذا ألقوا أسلحتهم، ستنتهي الحرب".

المحلل الإسرائيلي، يوآب شتيرن، يرى أن "فكرة إبعاد قادة حماس وجزء من السجناء الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم سبق طرحها في إطار مفاوضات الأشهر الماضية".

ويضيف شتيرن في تصريح لموقع "الحرة"، أن فكرة "نفي السنوار وغيره من القادة" تكتسي أهميتها لدى الإسرائيليين من منطلق "إبعاد الخطر".

ويلفت إلى أن جزءا من الخلاف الكبير الدائر بشأن إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين يتمثل فيما "يمكن أن ينتج عن مثل هذه الصفقات، خاصة بعدما جرى في صفقة تحرير الجندي، جلعاد شاليط، الذي كان محتجزا لدى فصائل فلسطينية في قطاع غزة".

ويوضح شتيرن أنه عقب الإفراج عن شاليط في صفقة مع حماس جرى تحرير  السنوار نفسه، إضافة إلى سجناء آخرين كانوا من ضمن المساهمين الرئيسيين في تقوية حماس والضالعين في هجوم السابع من أكتوبر.

ويتربع السنوار على رأس قائمة المطلوبين لإسرائيل منذ هجوم السابع من أكتوبر. ويعتقد أنه العقل المدبر للعملية التي لم يظهر علنا منذ تنفيذها.

وأعلنت حركة حماس، مطلع الشهر الماضي، تعيينه رئيسا جديدا لمكتبها السياسي، خلفا لإسماعيل هنية، الذي قتل في العاصمة الإيرانية طهران.

ويوضح المحلل الإسرائيلي شتيرن، أن فكرة إبعاد قادة حماس الحاليين أو السجناء الذين سيفرج عنهم وراءها رغبة إسرائيلية في "إبعاد التهديد"، موضحا  أن إسرائيل "تريد إبعادهم عن العمل العسكري الميداني حتى تصعّب على التنظيمات الإرهابية، إعادة تنظيم نفسها وأن تشكل تهديدا للبلاد في المستقبل".

وأضاف أن "إسرائيل ترى في السنوار تهديد لأمنها القومي ولحياة الإسرائيليين، بالتالي ترغب في إبعاده عن المناطق الإسرائيلية نحو المنفى".

وعلى الجهة المقابلة، يوضح شتيرن، أن "السنوار بدوره يدرك أنها مسألة وقت فقط، قبل أن تتمكن القوات الإسرائيلية من الوصول إليه في غزة"، بالتالي "تقدم إسرائيل  هذا المقترح اعتقادا منها بأنه قد يكون خيارا يخدم مصالح الجانبين".

ويضيف أن المقترح الإسرائيلي الجديد يأتي أيضا "في ظل القيود التي تواجه استهداف القوات لعدد من القيادات التي تحتمي بالرهائن مما يعقد عملياتها ومساعيها العسكرية"، مشيرا إلى أن "القوات الإسرائيلية تفادت استهداف عدد من قياديي حماس خلال الأشهر الماضية حمايةً للرهائن".