أنفاض منازل ومباني في قطاع غزة
أنفاض منازل ومباني في قطاع غزة

دعا الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، سكان غزة إلى الانتقال إلى منطقة "المواصي" الواقعة جنوبي القطاع، وقال الناطق باسمه، أفيخاي أدرعي، إنه "سيتم توجيه المساعدات الإنسانية إليها في حالة الضرورة".

ورغم هذا التحذير، الذي كرره الجيش أكثر من مرة منذ بدء التصعيد على القطاع بعد هجوم حركة حماس، مطالبا أهل القطاع بالنزوح جنوبا، فإن مصادر إنسانية وصحفية من غزة، أوضحت لموقع "الحرة"، أن "المواصي" عبارة عن "منطقة زراعية غير مؤهلة لاستقبال النازحين، كون المنازل فيها تعد بالعشرات". 

وأضاف أدرعي في بيان عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا)، الأربعاء، أن "جيش الدفاع يواصل مناشدة سكان شمالي القطاع ومدينة غزة، الانتقال إلى منطقة المواصي الواقعة جنوبي وادي غزة، ويعلن عن توصيته بالتنقل إلى المناطق المفتوحة غربي خان يونس، في منطقة المواصي".

يأتي ذلك بعد ساعات فقط من ضربة مستشفى المعمداني، التي قتل فيها "ما لا يقل عن 500 شخص بضربة جوية إسرائيلية"، حسب بيان لوزارة الصحة في قطاع غزة.

ونفى الجيش الإسرائيلي مسؤوليته عن الضربة، محملا ما حصل لـ"صواريخ تابعة لحركة الجهاد الإسلامي"، إلا أن الأخيرة نفت ذلك، بالإضافة إلى نفي حماس أيضا في بيان لاحق.

من جانبه، قال الرئيس الأميركي، جو بايدن، خلال زيارته إلى تل أبيب لإظهار الدعم لإسرائيل: "يبدو أن الجهة الأخرى تسببت به (الهجوم)".

"المواصي".. ما هي؟

بحسب مراسلة "الحرة" في قطاع غزة، تعتبر المواصي التي طلب الجيش الإسرائيلي من سكان غزة الانتقال إليها "زراعية ولا توجد بها الكثير من المباني، وغير مؤهلة لاستقبال أعداد النازحين".

وتقع تلك المنطقة جنوب شرقي وادي غزة، على الشريط الساحلي بطول 12 كيلومترا، وتمتد من دير البلح شمالا مرورا بمحافظة خان يونس، حتى محافظة رفح جنوبا بعمق كيلومتر تقريبا.

وتشير تقديرات إلى أن "سكانها يبلغ عددهم قرابة 9 آلاف شخص، من بينهم نحو 2000 من مواصي رفح".

وقال الصحفي المقيم جنوبي القطاع، سيف السويطي، لموقع "الحرة": "إنها زراعية ولا يوجد الكثير من السكان فيها، وتعيش فيها بعض العائلات، وهي منذ زمن بعيد عبارة عن بقعة ريفية قريبة من الحدود الشرقية".

ويرى السويطي أن تحذير الجيش الإسرائيلي، صباح الأربعاء، "يستهدف السكان بمناطق قبل وادي غزة، أي الذين يقيمون في المناطق الشمالية للقطاع، والتي تشمل حي الشجاعية وحي الزيتون ومخيم الشاطئ والنصر، وأحياء أخرى"

وأضاف: "لكن المواصي زراعية ريفية لا يوجد بها منازل"، وهو ما يؤكده أيضا المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، عدنان أبو حسنة

وتابع أبو حسنة في تصريحات لموقع "الحرة": "المواصي في الأساس أراضٍ زراعية وموزعة على رفح وخان يونس. السكان فيها قليلون جدا والمنازل كذلك".

من جانبه، أشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة في قطاع غزة، الدكتور حسام الدجني، إلى أن "المنازل في المواصي لا تكفي أهلها، ولا يمكن وضع النازحين فيها ولا يمكن أن تصلح للعيش".

وأردف الدجني في حديث إلى موقع "الحرة": "لا يوجد فيها أي بنية تحتية، وما يحصل خطير جدا. التحذير الجديد للجيش الإسرائيلي عبارة عن تهجير قسري بطريقة أسوأ من ذي قبل".

"مليون نازح ووضع خطير"

ووفق آخر البيانات، سجلت "الأونروا" نزوح مليون شخص من مختلف مناطق القطاع، منذ بداية التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة، بعد يوم السابع من أكتوبر، وهو تاريخ هجوم حماس، التي تصنفها الولايات المتحدة "منظمة إرهابية"، على إسرائيل. 

وقال المستشار الإعلامي للوكالة، عدنان أبو حسنة، إن "نصف أعداد النازحين يتواجدون في مراكز الوكالة"، مضيفا: "نحن نقدم القليل وأقل من القليل على مستوى الرعاية الصحية والمياه". 

وزاد: "ما يحدث يفوق قدرات الأونروا. كنا مستعدين لاستقبال 150 ألفا من النازحين وليس لاستقبال مليون".

ولفت أبو حسنة إلى أن "المعابر مازالت مغلقة، سواء رفح أو كرم أبو سالم بين إسرائيل وغزة. الأوضاع تزداد خطورة، وأستغرب كيف يطالبون السكان بالتوجه إلى المواصي. بيوتها قليلة وتعد بالعشرات أو بالمئات على أكثر تقدير".

وجاءت دعوة الجيش الإسرائيلي لأهل غزة بالنزوح، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى ما ستؤول إليه الأيام المقبلة، لا سيما أن الجيش الإسرائيلي يهدد باجتياح بري لـ"تفكيك حماس".

لكن حتى الآن لم يتضح التوقيت الذي سيطلق فيه الجيش الإسرائيلي العملية، ومن غير الواضح أيضا حدودها والسيناريو الذي سيطبق بعد إطلاقها

 

تحذيرات أممية

ومع انتقال الآلاف إلى جنوبي غزة، خلال الأيام الماضية، حذرت الأمم المتحدة من وجود "قدرة محدودة للغاية" في انتظارهم. ويتجمع مئات آلاف المدنيين قرب الحدود مع مصر، بعد أن قطعت إسرائيل إمدادات المياه والكهرباء والغذاء عن القطاع

وبحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، فإنه حتى الآن "يوجد حوالي 400 ألف نازح في مواقع مختلفة"، بما في ذلك مباني وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وحذّرت المفوضية إسرائيل، الثلاثاء، من "الترحيل القسري للمدنيين" في غزة، قائلة إن "الإخلاء المؤقت يجب أن يخضع لشروط، من بينها توفير السكن".

وبعدما نزحت عائلات من شمالي القطاع إلى جنوبه، عاد قسم من منهم خلال اليومين الماضيين إلى منازلهم الأصلية، وفق ما يقول الصحفي سيف السويطي، "من مبدأ أن القصف في غزة يشمل كل مناطق القطاع، ولا توجد مناطق آمنة". 

وتابع: "هناك حديث بأنه في حالة التوصل إلى هدنة، فإنها ستشمل مناطق الجنوب فقط وكذلك الأمر بالنسبة للمساعدات، بعيدا عن مناطق الشمال التي توجد فيها المشافي الرئيسية وعصب الحياة المتمثل بالمدينة". 

وفي سياق متصل، شدد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بالقطاع، حسام الدجني، على أن "الناس بدأت تترك الجنوب وتعود للشمال، لأن الواقع الإنساني بالغ الصعوبة ولا يوجد أمان". 

"في الجنوب، هناك بيوت قصفت وكان فيها نازحون من الأحياء الشمالية"، حسب الدجني، مشيرا إلى أن هناك "فكرة تراود الكثير من النازحين الآن، مفادها أن تموت في منزلك أفضل من الموت في منزل غيرك".

Bodies of Palestinians killed by an explosion at the Ahli Arab hospital are gathered in the front yard of the al-Shifa hospital…
"أمهات يبحثن عن أطفالهن وسط النيران".. مشاهد كارثية في مستشفى المعمداني
"أكثر من ثلاثة آلاف شخص نزحوا من بيوتهم إلى المستشفى الأهلي العربي (المعمداني)، في غزة، هرباً من الموت، افترشوا باحتها الخارجية والتحفوا سماءها معتقدين أنهم في مأمن من القصف، لكن ما كانوا يستبعدونه حصل، إذ في لحظة تغيّر المشهد، "بعدما سقطت قذيفة نوعية وليس صاروخاً" كما يعتقد مدير الإسعاف والطوارئ في الهلال الأحمر الفلسطيني- غزة، محمد أبو مصبح، فقتلت وجرحت المئات، "في مجزرة لا يتخايلها عقل"، بحسب قوله.

وعلى خلفية التصعيد وحركة النزوح، "أصبح كل بيت من المناطق الجنوبية يستضيف من 10 إلى 15 أسرة، وهؤلاء يفتقدون للمياه والكهرباء وأي شيء من مقومات الحياة اليومية"، حسب الدجاني.  

وقال: "لذلك الناس بدأت تفكر بالعودة رغم القصف"، معتبرا من جانب آخر إلى أن التحذير المتعلق بالمواصي "قد تقف وراءه أهداف غير معلنة"

وختم بالقول: "الجيش الإسرائيلي يحاول دفع الناس إلى مناطق خالية من أجل تدمير المباني، وتطبيق سياسة الأرض المحروقة.. وبذلك يجعل عودة سكان القطاع إلى أرضهم معدومة، وفي حال لم تسمح مصر بدخولهم إلى أراضيها، سيبقون بلا مأوى ".

هرتسوغ يؤكد أن بلاده ملتزمة "بالوضع القائم
هرتسوغ يؤكد أن بلاده ملتزمة "بالوضع القائم

أفادت مصادر في ديوان الرئيس الإسرائيلي، إسحق هرتسوغ، أن اللقاء الذي جمعه في القدس بالسفير الأميركي في إسرائيل، جاك لو، تم التطرق خلاله إلى الوضع في الحرم القدسي، وإلى مقتل المواطنة الأميركية التركية، عائشة نور إزغي.

وبحسب ما نقل مراسل الحرة في تل أبيب، فقد أكد هرتسوغ للسفير، الأحد، أن بلاده ملتزمة "بالوضع القائم" بالحرم القدسي، وذلك استنادا إلى قرارات الحكومات الإسرائيلية السابقة كافة، بالإضافة إلى فتاوى كبار حاخامات دولة إسرائيل الذين يحرمون صلاة اليهود في "جبل الهيكل".

وذكرت "تايمز أوف إسرائيل" أن هرتسوغ أكد "التزام إسرائيل الواضح بالحفاظ على الوضع الراهن وفقا للاتفاقيات السياسية، التي تم وضعها منذ عام 1967، وبروح الأحكام التي أصدرها كبار رجال الدين والشخصيات الدينية على مدى الـ100 عام الماضية".

ويأتي الاجتماع بعدما أعرب وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، عن دعمه إنشاء كنيس يهودي في الحرم القدسي. وفي فترة تسبق الأعياد اليهودية الكبرى، التي تشهد عادة تصعيدا للعنف، وقبل شهر من الذكرى السنوية الأولى لهجوم السابع من أكتوبر.

من جهة أخرى تطرق السفير الأميركي، جاك لو، إلى مقتل الفتاة الأميركية عائشة نور إزغي، فيما أعرب هرتسوغ عن أسفه لمقتلها، مشيرا إلى أن الجيش يفحص ملابسات الحادثة.

وأصدر الجيش الإسرائيلي بيانا، الجمعة، بشأن الحادثة، قال فيه إنه "خلال نشاط لقوات الأمن بالقرب من قرية بيتا اليوم، ردّت القوة بإطلاق نار نحو محرض رئيسي قام بإلقاء الحجارة نحو القوات، وشكل تهديدا عليها".

وأضاف البيان: "يتم فحص التقارير عن مقتل مواطنة أجنبية في المنطقة، حيث يتم فحص ظروف وتفاصيل إصابتها".

كما قال هرتسوغ إنه "حزين للغاية بسبب القتل المروع" لثلاثة إسرائيليين، صباح الأحد، عند معبر اللنبي على حدود الأردن. 

وأضاف أن "اتفاقيات السلام بين إسرائيل وجيرانها تشكل حجر الزاوية للاستقرار في المنطقة، ونحن نثق أن جميع الأطراف ستجري تحقيقات شاملة في الحادث وتعمل على منع الهجمات المستقبلية".

وتابع أن "هذا العمل المروع يعزز عزمنا على الوقوف بحزم في مواجهة الإرهاب، وسنواصل القتال بعزم ضد الإرهاب والعناصر المتطرفة التي تسعى إلى تقويض أمننا واستقرار المنطقة بأسرها".

وأعرب الرئيس الإسرائيلي عن تقديره للجهود الأميركية الرامية إلى إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس.

وأعرب كذلك عن قلقه على الاستقرار في المنطقة، "مع استمرار الإرهاب المدعوم من إيران في تهديد إسرائيل على العديد من الجبهات، خاصة خلال الفترة المقبلة من المهرجانات الدينية اليهودية، والذكرى السنوية لمذبحة حماس في 7 أكتوبر".