قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إنها حصلت على معلومات تؤكد أن إيران وحلفاءها أداروا شبكة واسعة عبر أربع دول لتهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية باستخدام طائرات مسيرة ورحلات طيران سرية.
وأضافت الصحيفة أن الجهود الإيرانية هذه تهدف لتعزيز القدرات العسكرية للفصائل الفلسطينية المتحالفة معها وعدم اقتصار ذلك على حماس فقط.
زودت إيران خلال السنوات الماضية حركة حماس بالمال والسلاح ووفرت لمسلحيها التدريب.
ولكن مع تشديد مصر لعمليات المراقبة على طرق التهريب عبر شبه جزيرة سيناء، المتاخمة لقطاع غزة، باتت حماس أكثر اعتمادا على الأسلحة المصنعة محليا، وخاصة الصواريخ، وفقا للصحيفة.
تبين الصحيفة أن إيران تمكنت عبر شبكة الميليشيات الموالية لها، من إنشاء ممر بري عبر العراق وسوريا إلى لبنان، ومن خلال الأردن إلى الضفة الغربية، مما سمح لها بنقل المسلحين والمعدات والأسلحة إلى حلفائها في المنطقة.
فيما يتعلق بالضفة الغربية، يشير تقرير الصحيفة إلى أن الأسلحة التي وفرتها إيران كانت تدخل إلى الأردن بشكل غير شرعي ومن ثم تصل إلى الضفة الغربية.
يقول مسؤول أمني أردني كبير إن الجزء الأكبر من الأسلحة الإيرانية المهربة يذهب إلى الضفة الغربية، وخاصة إلى حركة الجهاد الإسلامي، المتحالفة مع حماس.
ويضيف المسؤول أن شبكات من المهربين آخذة في النمو بمساعدة من الحكومة السورية والميليشيات المدعومة من إيران مثل حزب الله اللبناني.
تبين الصحيفة أن الأردن "منزعج منذ فترة طويلة من تهريب الأسلحة والمخدرات عبر أراضيه من الجانب السوري".
وتنقل عن مسؤولين أوروبيين وشرق أوسطيين القول إن المسؤولين الأردنيين قدموا شكاوى لسوريا، وكذلك عبروا عن مخاوفهم للحلفاء الأوروبيين، بشأن الخشية من أن يؤدي تدفق الأسلحة إلى الضفة الغربية إلى توتر العلاقات مع إسرائيل.
طائرات مسيرة
ويؤكد المسؤول الأردني أن الأسلحة المهربة تشمل نسخا إيرانية مقلدة من ألغام كلايمور الأميركية المضادة للأفراد، وكذلك بنادق هجومية من طراز "إم 4" ومتفجرات من نوع "تي إن تي" ومسدسات وأسلحة أخرى.
إحدى الطرق التي يتبعها المهربون عند عبور الحدود السورية إلى الأردن هو إخفاء الأسلحة في شاحنات تمر عبر المعابر الحدودية الرسمية أو يتم نقلها عبر طرق صحراوية نائية، غالبا ما تنعدم فيها الرؤيا في الشتاء نتيجة الضباب أو الغبار، بحسب الصحيفة.
بالنسبة للأردن، تبين الصحيفة أن وقف تدفق الأسلحة يعد مهمة شاقة، خاصة عبر حدودها الشمالية الطويلة وغير المحمية بشكل جيد على الجانب السوري، بسبب عدم تعاون حكومة بشار الأسد.
وتضيف الصحيفة "كما أن حدود الأردن مع إسرائيل ليست محمية بسياج كبير، مما يجعلها طريقا صالحا للتهريب على نطاق واسع".
الطريقة الأخرى لتهريب الأسلحة تتم باستخدام طائرات مسيرة صغيرة، إذ تقول الصحيفة إن رجال أمن أردنيين اكتشفوا في فبراير الماضي وللمرة الأولى طائرة مسيرة تجارية قادمة من سوريا تحمل قنابل يدوية.
وتنقل عن مسؤول أمني أردني آخر في مراقبة الحدود السورية القول إن مثل هذه الطائرات المسيرة، التي يتم شراؤها بسعر رخيص عبر الإنترنت، "يمكنها أيضا حمل بندقيتين هجوميتين، ومن الصعب جدا اكتشافها.. نحن نراها بالصدفة فقط".
طرق صحراوية نائية
وتستخدم إيران وسائل أخرى لنقل الأسلحة، بحسب الصحيفة، حيث استغلت منذ فبراير الماضي تداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا للمضي قدما في عمليات التهريب.
تقول الصحيفة إن قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني أجرى في حينها زيارة لمدينة حلب السورية بحجة الإشراف على عمليات توفير المساعدات لضحايا الزلزال.
سافر قاآني إلى سوريا على متن طائرة مملوكة لشركة "ماهان"، وهي شركة طيران إيرانية فرضت الولايات المتحدة عليها عقوبات في وقت سابق بسبب نقلها مقاتلين وأسلحة من إيران إلى سوريا.
بعد فترة قصيرة من زيارة قاآني، بدأت شركة "ماهان"، وتحت غطاء إيصال المساعدات الإنسانية، في نقل كميات كبيرة من الأسلحة إلى سوريا، وفقا لعنصر في وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) يعمل في المنطقة، ومستشار في الحكومة السورية ومسؤول أمني أوروبي.
يقول مسؤولون أمنيون إقليميون إن من غير الواضح كمية الأسلحة التي يتم تهريبها إلى الأراضي الفلسطينية، وما إذا كان بعضها يصل إلى غزة عبر الأراضي الإسرائيلية.
ويضيف هؤلاء أن الغالبية العظمى من الأسلحة المهربة التي تمر عبر الأردن تبدو متجهة إلى الضفة الغربية.
تتولى السلطة الفلسطينية مراقبة أجزاء من الضفة الغربية، التي تهيمن عليها حركة فتح، وهي فصيل معارض لحماس وحركة الجهاد الإسلامي.
وقال المتحدث باسم الشرطة في الضفة الغربية لؤي زريقات إن قواته ضبطت خلال العامين الماضيين نحو 600 إلى 1000 قطعة سلاح سنويا في الضفة الغربية، أي أكثر من ضعف العدد في عام 2021.
وأضاف زريقات أن نحو 60 من تلك الأسلحة استخدمت إما للحماية الذاتية من قبل المواطنين أو في أنشطة إجرامية.
ويقول خبراء إن تدفق الأسلحة عبر الأردن للضفة الغربية إزداد بالفعل، وتحديدا خلال العام الماضي.
ويشير رئيس قسم الاستخبارات في شركة إدارة الأخطار "لو بيك إنترناشيونال" الإسرائيلية مايكل هورويتز إن إيران ركزت بشكل أكبر على الضفة الغربية في الآونة الأخيرة، وتحاول تسليح بعض الجماعات هناك، وخاصة حركة الجهاد الإسلامي.
ويضيف أن هذا "ربما يفسر جزءا من الفشل الاستخباراتي أثناء هجوم حماس، لأن إسرائيل كانت تركز على الضفة الغربية أكثر من غزة".
وشنت حماس هجوما مباغتا على بلدات إسرائيلية في غلاف غزة في السابع من أكتوبر شهد تدفق ما لا يقل عن 1500 مسلح عبر الحدود إلى إسرائيل في عملية أسفرت عن مقتل نحو 1400 شخص في إسرائيل أغلبهم مدنيون.