مخاوف بين الفلسطينيين من الملاحقات حال إظهار تعاطفهم مع المدنيين في غزة
مخاوف بين الفلسطينيين من الملاحقات حال إظهار تعاطفهم مع المدنيين في غزة

يخشى فلسطينيون في الضفة الغربية والقدس، من إلقاء السلطات الإسرائيلية القبض عليهم، في حال "أظهروا تعاطفهم" مع المدنيين في غزة، وفق ما ذكر تقرير لشبكة "سي إن إن " الأميركية، وذلك تزامنا مع عمليات توقيف بالأراضي الفلسطينية، كان آخرها بحق الناشطة عهد التميمي.

وسلط تقرير "سي إن إن" الضوء على "الخوف" الذي يعيش فيه الفلسطينيون بالضفة، وذلك "بعد القبض على العشرات بسبب التعبير عن تضامنهم مع غزة"، في ظل العملية العسكرية التي تشنها إسرائيل في القطاع.

ونقل التقرير أن الشابة الفلسطينية دعاء أبو سنينة (22 عاما)، واحدة من بين هؤلاء الأشخاص، والتي روت ما حدث لها، قائلة إنها "شعرت بالصدمة بعدما وصلت قوة إسرائيلية مكونة من حوالي 15 عنصرًا إلى منزلها في القدس الشرقية، يوم 23 أكتوبر الماضي".

وأضافت أنهم أبلغوها أنها قيد الاعتقال وطلبوا الحصول على هاتفها، مستطردة: "حينما سألت عن السبب، بدأ ضابط الشرطة في دفعي وخطف الهاتف من يدي".

فتش الضابط حسابات أبو سنينة على تيك توك وفيسبوك، لكنها لم تكن تمتلك أيا من التطبيقين، قبل أن يبحث عن تطبيق "سناب شات"، وهو الوحيد الذي تستخدمه الشابة الفلسطينية.

وأضافت في حديثها لسي إن إن: "لاحظ أنني لم أنشر أي شيء، فبدأ في فحص تطبيق واتساب.. كنت قد نشرت آيات من القرآن، ويبدو أن هذا ما كان يبحث عنه. وقالوا إنني أحرض على الإرهاب.. لا يمكنني تصديق ذلك".

وطلبت الشبكة الأميركية الحصول على تعليق من الشرطة الإسرائيلية حول المسألة، لكن لم يصلها أي رد.

وفي 7 أكتوبر، شنت حركة حماس، المصنفة إرهابية، هجوما على إسرائيل، بإطلاق آلاف الصواريخ وتسلل مسلحين تابعين لها إلى بلدات ومناطق بغلاف غزة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص، معظمهم من المدنيين، من بينهم نساء وأطفال.

وردت إسرائيل على الهجوم بقصف مكثف على غزة، وتوغل بري، مما تسبب بمقتل أكثر من 9770 فلسطيني، غالبيتهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب وزارة الصحة في غزة.

وخلق حجم الضحايا المدنيين في غزة تعاطفا واسعا، لكن التعبير عن هذا التعاطف من جانب الفلسطينيين في الضفة الغربية، يجعلهم "تحت طائلة تبعات خطيرة من جانب إسرائيل".

"لا نتحدث عن القانون"

وقالت المحامية عبير بكر، والتي تمثل مجموعة من الفلسطينيين المحتجزين: "تقول الشرطة إن أي شعارات تدعم غزة أو ضد الحرب هي داعمة للإرهاب... حتى لو قلت إنك بالطبع ضد القتل"، وفق "سي إن إن".

وقالت الشرطة الإسرائيلية يوم 25 أكتوبر، إنها ألقت القبض على 110 أشخاص منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر، بتهمة "التحريض على العنف والإرهاب"، وأغلب هذا "التحريض" كان على وسائل التواصل الاجتماعي.

ومن بين عشرات المقبوض عليهم، تم توجيه اتهامات ضد 17 شخصا فقط، بينما تم إخلاء سبيل البقية بعد أيام من الاحتجاز.

وأضافت بكر: "إلقاء القبض على الناس يتم، لقول بعضهم إن قلوبهم مع الأطفال في غزة"، وذلك في إشارة إلى اعتقال الناشط الكوميدي على منصات التواصل الاجتماعي محمد طه، بوقت سابق الشهر الماضي، بسبب كتابته تلك العبارة.

وتواصل بكر حديثها: "نحن لا نتحدث عن القانون، بل عن المناخ العام"، مضيفة أن مناقشة ما جرى في السابع من أكتوبر "ممنوع".

وتابعت: "لا يمكنك السؤال حول ما جعل هؤلاء الأشخاص يرتكبون مثل هذه الجرائم البشعة. هل يمكن السؤال من المسؤول عن الفشل؟ لماذا نجحت حماس؟.. لا يمكن".

وفي تصريح سابق لشبكة "سي إن إن"، حول زيادة أعداد الاعتقالات بسبب منشورات وسائل التواصل الاجتماعي، قالت الشرطة الإسرائيلية إنها "تدعم حق حرية التعبير، لكن من الضروري التصدي لمن يستغلون مثل هذا الحق في التحريض على العنف بشكل خطير".

"عواقب أكبر"

ومن بين موكلي المحامية بكر، المغنية والطبيبة الفلسطينية دلال أبو آمنة، التي وجدت نفسها قيد الاعتقال بعدما ذهبت إلى قسم الشرطة لطلب المساعدة يوم 16 أكتوبر، إثر "تلقيها تهديدات خطيرة" على فيسبوك وإنستغرام.

واعتبرت الشرطة احتواء حساباتها على مواقع التواصل على منشور به رموز تعبيرية للعلم الفلسطيني، بالإضافة إلى آية قرآنية، "تحريض على العنف والإرهاب".

وقالت محاميتها إن المنشور الذي جاء يوم السابع من أكتوبر كان بواسطة فريق مسؤول عن مواقع التواصل الاجتماعي، وأنه كان بعد الهجوم الذي شنته حماس وبعد الضربات الإسرائيلية، وكان" رد فعل على الحرب من الطرفين".

واحتُجزت أبو آمنة ليومين قبل الإفراج عنها بكفالة يوم 18 أكتوبر، بشرط البقاء في منزلها. ولم يتم توجيه أي اتهامات لها، لكن تم منعها من الحديث عن الحرب في غزة لمدة 45 يوما، بحسب المحامية.

وأشارت "سي إن إن" إلى أن "العواقب المترتبة على التعبير عن التضامن مع غزة، ربما تكون أسوأ"، فوفق القانون الإسرائيلي، يمكن لوزير الداخلية نزع المواطنة أو الإقامة من أي شخص "أدين بالمشاركة في أنشطة إرهابية"، كما يحددها قانون مكافحة الإرهاب في البلاد.

وقال مسؤولون إسرائيليون الأسبوع الماضي، إن هناك "مناقشات حول احتمالية توسيع نطاق القانون، ليشمل نزع المواطنة عن الأشخاص الذين يدعمون بشكل علني أو يحرضون على الإرهاب".

وفي ذات السياق، كان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي اليميني، إيتمار بن غفير، قد صرح بأن "أولويته" تكمن في "مواجهة دعوات التحريض على الإرهاب عبر الإنترنت". وأدين بن غفير في السابق بـ"التحريض ضد العرب ودعم الإرهاب"، بحسب "سي إن إن".

كاتس وجه رسالة إلى الشرع
وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس (أرشيف)

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، خلال جولة ميدانية في ممر "موراغ" بقطاع غزة أن العملية العسكرية ستتواصل، محذراً من أن جيشه سيهاجم كافة مناطق القطاع إذا استمرت حركة  حماس في رفض الصفقات. 

جاء ذلك خلال زيارة أجراها الأربعاء برفقة قائد المنطقة الجنوبية وعدد من كبار القادة العسكريين، وفقا لهيئة البث الإسرائيلية.

وأضاف كاتس أن "الفرصة لإنجاز صفقة تبادل أصبحت اليوم أكبر مما كانت عليه قبل استئناف القتال"، مشيراً إلى أن الهدف المركزي لعملية "العزيمة والسيف" هو التوصل لصفقة جديدة لإطلاق سراح المختطفين الإسرائيليين.

من جهة أخرى، كشف بيان صادر عن مكتب الوزير عن نية الجيش للانتقال إلى مرحلة قتال عنيفة في كافة أنحاء القطاع في حال استمرار الرفض، مع تأكيده أن مساحات واسعة من غزة أصبحت ضمن مناطق الأمن الإسرائيلية، ما زاد من عزلتها.

وأقر الجيش الإسرائيلي بتدمير 25بالمئة فقط من أنفاق حماس منذ بدء الحرب قبل عام ونصف، كما عثر على أنفاق عابرة للحدود المصرية قرب محور صلاح الدين. 

وأشار إلى اعتماد حركة حماس الرئيسي على الأسلحة المفخخة مع صعوبات في استلام الأسلحة من الخارج.

يذكر أن القوات الإسرائيلية تواصل عملياتها في محور "نتسريم" الساحلي، مع السماح بتحرك المدنيين نحو الجنوب، فيما تركز على قطع الاتصال بين رفح وخان يونس بعد اكتشاف نفقين رئيسيين يربطان بين المدينتين.