صورة تظهر مستشفى الشفاء من الجو
صورة تظهر مستشفى الشفاء من الجو

أصبح العديد من المنشآت الطبية محور الحرب التي تشنها إسرائيل منذ أكثر من شهر على غزة بهدف "القضاء على حماس وتحرير الرهائن" الذين يحتجزهم مسلحو الحركة الفلسطينية.

مستشفى القدس، ثاني أكبر مستشفى في قطاع غزة، الذي يتضمن مركز عمليات الهلال الأحمر الفلسطيني  القطاع، لم يكن بعيدا عن ذلك، وفقا للمتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، نيبال فرسخ، التي أشار في تصريح لموقع "الحرة" إلى أن "كل الطرق المؤدية الى المستشفى مغلقة بالكامل". 

وأوضحت أن "لا أحد يستطيع مغادرة المستشفى أو الدخول إليه، واليوم يمر أسبوع على حصاره، وهو اليوم الخامس في انقطاع الاتصالات عن طواقمنا العاملة في مستشفى القدس الذي بداخله أيضا قسم الطوارئ ومركز إسعاف غزة، حيث يعمل زملاؤنا". 

مستشفيات في غزة وسط الحرب

وأضافت أن "انقطاع الاتصال معهم كان بسبب القصف الإسرائيلي الذي أدى إلى تدمير خطوط الاتصالات والإنترنت، ولذلك لا نستطيع التواصل معهم إلا من خلال أجهزة اللاسلكي، المعرضة للتشويش المستمر". 

وتابعت: "زملاؤنا هناك بالكاد يستطيعون أن يرسلوا إلينا بعض الرسائل لإبلاغنا بالوضع والتطورات داخل المستشفى من خلال جهاز اللا سلكي". 

والأربعاء، أشارت فرسخ إلى أنهم تلقوا رسالة أخيرا الساعة 6:45 مساء، من زملائهم "أبلغونا فيها أن آلافا من النازحين تمكنوا من مغادرة المستشفى الآن بسبب خطورة الأوضاع وسوء الأوضاع الإنسانية". 

وقالت: "النازحون الذين كانوا قد لجأوا إلى المستشفى تجنبا للقصف الإسرائيلي، غادروا مشيا على الأقدام لمسافات طويلة". 

وأضافت: "من تبقى داخل المستشفى هم مرضى ومرافقوهم والطواقم الطبية وعددهم 300"، مشيرة إلى أن "أوضاعهم صعبة للغاية، حيث أنهم محاصرون بدون ماء ولا طعام ولا كهرباء". 

إخلاء مستشفيات

وقال مراسل قناة "الحرة" في القطاع، سيف السويطي، إنه بالإضافة إلى حصار مستشفى القدس، فإن مستشفيات الرنتيسي، والنصر للأطفال، والعيون، والأمراض النفسية، التي تقع في حي النصر، شمال قطاع غزة، محاصرة، بالإضافة إلى مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في القطاع. 

وأظهر مقطع فيديو، نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، نازحين في مستشفى "النصر" وهم يحاولون الخروج من المستشفى رافعين رايات بيضاء بعد مطالبة القوات الإسرائيلية للسكان بالتوجه جنوبا، لكنهم فوجؤوا بصوت الرصاص، مما جعلهم يفرون مسرعين للعودة إلى المستشفى مرة أخرى. 

لكن السويطي قال إن "هذا الفيديو كان منذ ثلاثة أيام، لكن حاليا تم إخلاء المستشفى بشكل كامل من كل الطواقم الطبية وانازحين، ولا يتبقى حاليا هناك إلا المرضى ومعظمهم أطفال فضلا عن مرافقيهم، ولا أحد يعلم عنهم حاليا أي معلومات". 

وقال ممرض بمنظمة "أطباء بلا حدود"، فادي أبو ريالة، في مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، "تركنا المرضى الأطفال مصابين على الأسرة في مستشفى النصر، ولم نتمكن من أخذ أي مريض معنا وخرجنا تحت الدبابات والجيش الإسرائيلي وإطلاق الرصاص حولنا"، مضيفا أن "القصف المدفعي كان يطال المستشفى من الداخل". 

وأضاف: "الحمد لله أننا نجونا بأرواحنا، لكن من يصاب حاليا في غزة يموت، والجثث على بوابات مستشفيات النصر والرنتيسي والعيون".  

وقال السويطي لموقع "الحرة" إن "مستشفى مهدي للولادة بشارع النصر تم استهدافه أيضا الليلة الماضية في غارة، ما أسفر عن مقتل طبيبين وعائلاتهم ونازحين كانوا قد لجأوا للمستشفى"، مشيرا إلى أن الدبابات الإسرائيلية كانت على أبواب المستشفى.  

وتنفي المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي، إيلا، استهداف القوات الإسرائيلية للمستشفيات أو حصارها، لكن هناك "اشتباكات عنيفة مع عناصر لحماس حول مستشفى الشفاء".

وتقول إيلا لموقع "الحرة" إن الجيش الإسرائيلي يسمح لـ"المتواجدين داخل المستشفى بالخروج من الجهة الشرقية، نحو طريق صلاح الدين ومن هناك إلى جنوب وادي غزة"، حسبما توضح لموقع "الحرة". 

ويتعرض المستشفى لإطلاق نار كثيف مع اقتراب القوات الإسرائيلية منه. وتتهم إسرائيل حماس باستخدام المستشفى غطاء لأحد مراكزها للقيادة دون تقديم دليل على ذلك في حين تنفي حماس هذه الاتهامات.

وأعلنت جمعية "أطباء من أجل حقوق الإنسان" الإسرائيلية غير الحكومية، السبت، عن وفاة رضيعين خدج في أكبر مستشفى في غزة المحاصر، في اليوم السادس والثلاثين من الحرب على غزة.

وقال مروان أبو سعدة مدير قسم الجراحة في مستشفى الشفاء، السبت: "قصفوا غرفة العناية المركزة. يطلقون النار ويقصفون كل مكان حول المستشفى، لا يمكنكم الدخول أو الخروج من المستشفى. الوضع في المستشفى خطير جدا جدا".

صورة لمستشفى الرنتيسي شمال قطاع غزة من الجو

وأضاف أبو سعدة أن "الأشخاص الذين حاولوا ترك المستشفى أطلق عليهم النار في الشارع، البعض منهم قُتل، البعض منهم جُرح. لا أحد يستطيع دخول المستشفى، ونحن لا نستطيع الخروج منه ... إطلاق النار في كل مكان".

وكان المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة قال السبت، إن العمليات في مجمع مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في القطاع، توقفت اليوم السبت بعد نفاد الوقود تماما.

وأضاف القدرة لرويترز "نتيجة لذلك توفي طفل رضيع في قسم الحضانة حيث يوجد هناك 45 من المواليد الجدد".

ودعا منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الأحد، إلى وقف فوري للقتال في قطاع غزة وإجلاء مرضى المستشفيات الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة، قائلا إن الاتحاد يشعر بقلق بالغ إزاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة هناك.

وقال في بيان "هذه الأعمال العدائية تؤثر بشدة على المستشفيات وتلحق خسائر مروعة بالمدنيين والأطقم الطبية".

وأضاف "يجب (...) تزويد المستشفيات فورا بالإمدادات الطبية الأكثر إلحاحا، وينبغي إجلاء المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة بأمان".

وندد في الوقت نفسه بما اعتبره "استخدام حركة حماس المستشفيات والمدنيين دروعا بشرية" في قطاع غزة، مع دعوته إسرائيل الى "أكبر قدر من ضبط النفس" بهدف حماية المدنيين في الحرب المستمرة.

من جهته قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الأحد، إن إسرائيل عرضت تقديم الوقود لمستشفى الشفاء في غزة والذي توقف عن العمل في خضم قتال عنيف مع حماس، لكن الحركة رفضت استلامه.

ونفت (حماس) الأحد ما تردد عن رفضها 300 لتر من الوقود من إسرائيل كانت مخصصة للاستخدام الطبي في مستشفى الشفاء في غزة، وفقا لرويترز.

 

صورة تظهر مستشفى الإندونيسي من الجو في شمال قطاع غزة

من جهته، أكد مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان، الأحد إن الولايات المتحدة لا تريد نشوب اشتباكات مسلحة داخل مستشفيات قطاع غزة، مما يعرض حياة المدنيين للخطر، مشيرا إلى أن واشنطن نقلت وجهة نظرها إلى القوات الإسرائيلية.

وأضاف سوليفان في مقابلة مع شبكة سي.بي.إس نيوز "الولايات المتحدة لا تريد أن ترى معارك بالأسلحة النارية في المستشفيات حيث يقع الأبرياء والمرضى الذين يتلقون الرعاية الطبية في مرمى النيران، وقد أجرينا مشاورات جادة مع الجيش الإسرائيلي في هذا الشأن".

مستشفيات عديدة توقفت عن العمل في غزة بسبب القصف الإسرائيلي أو نفاد الوقود

تعليق المفاوضات

قال مسؤول فلسطيني مطلع على محادثات الرهائن في غزة لرويترز إن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) علقت الأحد، المفاوضات بشأن الرهائن بسبب ما تقوم به إسرائيل تجاه مستشفى الشفاء.

ويتعرض المستشفى لإطلاق نار كثيف مع اقتراب القوات الإسرائيلية منه. وتتهم إسرائيل حماس باستخدام المستشفى غطاء لأحد مراكزها للقيادة دون تقديم دليل على ذلك في حين تنفي حماس هذه الاتهامات.

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وتم اختطاف 239 شخصا، وفق السلطات الإسرائيلية.

ومنذ ذلك الحين، ترد إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية لا تزال متواصلة، وبلغت حصيلة القتلى في غزة 11180  قتيلا، من بينهم 4609 أطفال و3100 امرأة، فضلا عن إصابة 28 ألفا و200 شخص، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، الأحد. 

صورة من مقطع فيديو نشره الجيش الإسرائيلي لقائد حماس في غزة يحيى السنوار يسير في نفق

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن قائد حماس، يحيى السنوار، الذي تلاحقه إسرائيل في أنفاق قطاع غزة يستخدم نظاما بدائيا للاتصالات، مما صعب إمكانية العثور عليه واعتقاله أو قتله.

وقالت الصحيفة، نقلا عن وسطاء عرب شاركوا في محادثات وقف إطلاق النار، إن السنوار، العقل المدبر لهجمات السابع من أكتوبر، يستخدم "نظاما بدائيا للرسائل المشفرة ساعده في البقاء على قيد الحياة".

وتشير إلى أنه "لولا نظام الاتصالات منخفض القدرات التقنية الذي يحميه من تعقب الاستخبارات الإسرائيلية، لكان في عداد الموتى اليوم".

وتشرح وول ستريت جورنال أن السنوار تجنب إلى حد كبير إجراء المكالمات الهاتفية واستخدام الرسائل النصية وغيرها من الاتصالات الإلكترونية التي يمكن لإسرائيل تعقبها، التي أدت إلى مقتل نشطاء آخرين.

وبدلا من ذلك، فإنه "يستخدم نظاما معقدا من الرسل والرموز والملاحظات المكتوبة بخط اليد التي تسمح له بتوجيه عمليات حماس، حتى أثناء الاختباء في الأنفاق".

ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق على هذه المعلومات للصحيفة. كما رفضت حماس الإجابة على أسئلة عن كيفية تواصل زعيمها.

وعلمت الصحيفة من وسطاء عرب كانوا في محادثات وقف إطلاق النار في قطاع غزة الطريقة التي يتواصل بها السنوار، من خلال الرسائل التي تصل ممثلي حماس في الاجتماعات.

وتقول إنه يكتب ملاحظات بخط اليد ثم يتم تمريرها أولا إلى عنصر موثوق به في الحركة، ثم تتنقل الرسائل بين "سلسلة من الرسل". وغالبا ما تكون الرسائل مشفرة برموز مختلفة ويتم تسليمها لأشخاص مختلفين في ظروف وأوقات مختلفة.

وقال الوسطاء إن الملاحظات قد تصل بعد ذلك إلى وسيط عربي دخل غزة أو عنصر آخر لحماس يستخدم هاتفا، أو طريقة أخرى لإرسالها إلى أعضاء الجماعة في الخارج.

وتشير الصحيفة إلى أن وسائل الاتصال التي يستخدمها السنوار باتت "أكثر حذرا وتعقيدا" مع تمكن إسرائيل من قتل قياديين آخرين، وتقول إنه بعد مقتل القيادي البارز في حركة حماس، صالح العاروري، تحول السنوار بالكامل تقريبا إلى الملاحظات المكتوبة بخط اليد والاتصالات الشفوية، وفي بعض الأحيان كان ينقل التسجيلات الصوتية عبر دائرة صغيرة من المساعدين، وفقا للوسطاء العرب.

وأدى نهج السنوار الحذر في بعض الأحيان إلى إبطاء المفاوضات لإنهاء الحرب.

وفي أوقات حاسمة في المفاوضات، كان يتأخر في نقل الرسائل، لكن في أوقات أخرى، كان ينقل الرسائل في الوقت الحقيقي تقريبا. "ومن غير الواضح ما إذا كان تأخير الاتصال تكتيكا تفاوضيا أم انعكاسا لقواعد السنوار الصارمة".

وقال وسطاء إن السنوار كان يجري مكالمات هاتفية مع وسطاء على شبكة الهاتف الأرضي لحماس في الأنفاق، مستخدما رموزا.

ويقول توماس ويثينغتون، الخبير في الحرب الإلكترونية، زميل الأبحاث في معهد الملكي للخدمات المتحدة، في لندن، إن قائد حماس، رغم حرصه الشديد، "لا يحتاج إلا إلى ارتكاب خطأ واحد لإعطاء إسرائيل فرصة سانحة".

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، قال إن يحيى السنوار، وشقيقه القيادي في الجناح العسكري للحركة، محمد السنوار، "ليسا محصنين"، معتبرا أنهما "سيرتكبان خطأ ما" يساعد في الوصول إليهما.

صورة أرشيفية لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وسط مجموعة من الجنود
متوعدا بالوصول إليهما.. غالانت "في انتظار خطأ" الشقيقين السنوار
أوضح وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، أن زعيم حركة حماس الفلسطيني، يحيى السنوار، وشقيقه، القيادي في الجناح العسكري للجماعة، محمد السنوار، سوف يلقيان مصير من سبقهم خلال الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ نحو 11 شهرا.

وكشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في تقرير سابق تفاصيل عن تكتيكات حركة حماس في بناء الأنفاق، وقالت إنها يمكن أن تفسر الصعوبات التي يواجهها الجيش الإسرائيلي في تفكيك قدراتها العسكرية حتى الآن.

والتفاصيل ضمن دليل إرشادات للحركة، ويعود تاريخه لعام 2019، عثرت عليه القوات الإسرائيلية أثناء حرب غزة الحالية، واستعرضته الصحيفة الأميركية.

ويصف الدليل بدقة التحضير لعملية عسكرية تحت الأرض، يمكنها الصمود أثناء الحروب الطويلة، وإبطاء القوات البرية الإسرائيلية داخل الأنفاق المظلمة.

ويعتقد مسؤولو إسرائيليون وأميركيون أن السنوار انتقل جنوبا إلى خان يونس، وربما توجه من هناك أحيانا إلى مدينة رفح عبر نفق.

وفي 31 يناير، نفذت قوات كوماندوز إسرائيلية غارة على مجمع أنفاق في خان يونس، بناء على معلومات استخباراتية تفيد بأنه مختبئ هناك، وفقا لمسؤولين أميركيين وإسرائيليين.

واتضح أنه كان مختبئا بالفعل، لكنه غادر المخبأ، قبل أيام قليلة فقط من الغارة.

واستمرت في ما بعد عملية المطاردة، لكن دون الحصول على معلومات مؤكدة عن مكان وجوده.