تستمر الحرب في قطاع غزة لليوم الرابع والأربعين، الأحد، تاركة أكثر من مليوني شخص عرضة لظروف إنسانية عصيبة، في ظل القصف ومنع المياه والغذاء والكهرباء والوقود، ومع قلة حجم المساعدات التي تدخل القطاع.
ولطالما اعتبرت المنظمات الدولية أن المساعدات التي تصل إلى غزة مجرد "نقطة في محيط" بالنسبة لما يحتاجه القطاع، في ظل الدمار الهائل بالمرافق الحيوية والمستشفيات وعملية النزوح الكبيرة التي تجعل أغلب سكان القطاع يعيشون في الجنوب، بعد دعوات متكررة من الجيش الإسرائيلي طالبهم خلالها بالنزوح، بعدما بات شمالي ووسط غزة منطقة عمليات عسكرية.
ومنذ اندلاع الأحداث بدأت مصر بتجهيز شاحنات إغاثة وإرسالها نحو معبر رفح البري الحدودي مع قطاع غزة، وبدأت دول ومنظمات دولية في إرسال تلك المساعدات عبر مطار وميناء العريش بمحافظة شمال سيناء، من أجل إدخالها إلى قطاع غزة.
آلية دخول المساعدات
تتحكم مصر في معبر رفح من جانبها، ولكن مع بدء الحرب في غزة تعرض الجانب الفلسطيني من القطاع لعدة ضربات جوية إسرائيلية، وبات التنسيق هو الأساس في إرسال أي مساعدات خلال المعبر، ولطالما خرجت دعوات للقاهرة من الداخل والخارج لفتح معبر رفع بشكل دائم، وهو ما تؤكده القاهرة وتشير إلى أن المعبر مغلق من الناحية الأخرى بقرار إسرائيلي.
وقال مدير الهلال الأحمر بشمال سيناء، خالد زايد، في تصريحات لموقع الحرة، إن الهلال الأحمر المصري هو الذي يتولى عملية تسليم المساعدات إلى الجانب الفلسطيني، وتابع: "تصل الشاحنات إلى معبر العوجة الحدودي بين مصر وإسرائيل، ويقوم الجانب الإسرائيلي بتفتيشها ثم تتجه ليتسلمها الهلال الأحمر الفلسطيني".

وتصل المساعدات إلى وكالة الأمم الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بقطاع غزة، من أجل توزيعها داخل القطاع، وقال المتحدث باسم الوكالة، عدنان أبو حسنة، لموقع "الحرة"، إن الأونروا تستلم على الجانب الفلسطيني من معبر رفح المساعدات الخاصة بها، مضيفًا "لدينا قدرات على تخزينها بوجود 5 آلاف موظف يعملون في الخدمات المخصصة للنازحين، ولدينا مخازن في رفح والمنطقة الوسطى وخان يونس".
يذكر أن الحرب الجارية اندلعت عقب هجوم غير مسبوق شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر، أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص غالبيتهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، قضوا معظمهم في اليوم الأول للهجوم، وفق السلطات الإسرائيليّة.
وتوعدت إسرائيل بـ "القضاء على حماس" وتشن حملة قصف جوي ومدفعي كثيف، وبدأت عمليات برية اعتبارا من 27 أكتوبر، مما تسبب بمقتل أكثر من 12 ألف شخص في قطاع غزة، غالبيتهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وفق أحدث حصيلة أصدرتها سلطات القطاع الصحية.
وبدأت دخول شاحنات المساعدات إلى القطاع يوم 21 أكتوبر الماضي، فيما لم تدخل أي شاحنات وقود إلا قبل ثلاثة أيام.
ما تأثير المساعدات؟
يعيش النازحون جنوبي قطاع غزة أوضاعا مأساوية في ظل شح المواد الغذائية وانقطاع مياه الشرب والكهرباء وغاز الطهي أيضًا.
وتحدثت الفلسطينية، حنان القرا، لقناة الحرة عن الأوضاع هناك، وقالت إنها أُجبرت على ترك منزلها في مدينة غزة والنزوح جنوبا، بحثا عن ملاذا آمن لها ولأطفالها بعيدا عن القصف الإسرائيلي.
وأضافت القرا: "في ظل عدم وجود غاز للطهي فإنني ألجأ إلى استخدام الحطب لإعداد الطعام لصغاري، رغم أنني أعاني أمراضا في الجهاز التنفسي". وتتابع: "لم نحصل على أي مساعدات.. الأوضاع ما تنفك تزداد صعوبة".
وتتكدس أطنان المساعدات أمام المعبر من الجانب المصري، فيما تواصل دول إرسال الدعم أيضًا، رغم دخول نحو 40 شاحنة فقط يوميًا إلى القطاع.
ويواصل زايد تصريحاته للحرة بالقول: "نستعد لاستقبال شاحنة مساعدات سعودية ضخمة خلال الأيام المقبلة، والمساعدات تصل برا وبحرا وجوا وهي مستمرة في الوصول إلى العريش".
وتابع: "أدخل الهلال الأحمر أكثر من ألف شاحنة وهناك حوالي 500 أخرى جاهزة للدخول إلى القطاع، بجانب استمرار تدفق المساعدات".
وبحسب الهلال الأحمر المصري، فقد بلغ عدد الدول العربية التي أرسلت مساعدات ومواد إغاثية لقطاع غزة 12 دولة بمجموع 11227 طن حتى يوم الثلاثاء الماضي.
من جانبه واصل المتحدث باسم الأونروا، حديثه للحرة بالقول إن هناك مليوني جنوبي قطاع غزة "بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وما يصل هو نقطة في بحر الاحتياجات".
"متسولون نستجدي الطعام"
كما أوضح أن ما يصل إلى غزة يبلغ معدله "40 شاحنة يوميا، بينما قبل التصعيد كانت 500 شاحنة تدخل القطاع يوميا منها 60 شاحنة مخصصة للأونروا فقط"، مضيفًا أن ما يصل من مساعدات لا يكون للأونروا فقط، بل "هناك مساعدات للهلال الأحمر الفلسطيني ومنظمات أخرى مثل منظمة الصحة العالمية وبرنامج الغذاء العالمي".
وأضاف أبو حسنة أن "المساعدات كانت توزع في مناطق شمالي القطاع في البداية، ولكن منذ أن فصل الجيش الإسرائيلي القطاع وقسمه لنصفين توقف تدفق المساعدات إلى الشمال باستثناء قافلتين طبيتين تحتوي على أدوية لمستشفى الشفاء".
وجنوبي القطاع في خان يونس، قال أحد النازحين وهو يقف في طابور طويل من أجل الحصول على بعض أرغفة الخبز: "حاليا يمكن القول إننا نعيش بما يعادل 15 بالمئة مما كنا نستطيع أن نوفره قبل الحرب".

وتشير سيدة نازحة أخرى إلى أن لديها أكثر من 50 فردا من عائلتها يعيشون داخل خيام، مؤكدة أنهم بحاجة إلى الطعام ومياه الشرب ومستلزمات الدفء، مع اقتراب الشتاء القارس.
وبدوره، يقول نازح آخر: "الحصول على الطعام أضحى أمرا شبه مستحيل، والعائلات التي اعتادت تناول 3 أو 4 وجبات باليوم، تكاد لا تجد وجبة واحدة في الوقت الحالي".
ويضيف بأسى: "لقد أصبحنا متسولين نستجدي الطعام ومياه الشرب، في ظل هذه الأوضاع الصعبة".