إسرائيل كانت دعت سكان شمال قطاع غزة إلى النزوح جنوبا

قدمت خمس دول، وثلاث منظمات فلسطينية غير حكومية، طلبات إلى المحكمة الجنائية الدولية من أجل التحقيق في الأوضاع الجارية في الأراضي الفلسطينية، وخصوصا في قطاع غزة الذي تشن فيه إسرائيل هجمات ضد الفلسطينيين ردا على هجمات السابع من أكتوبر.

وقال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، الجمعة، إن دول جنوب أفريقيا وبنغلاديش وبوليفيا وجزر القمر وجيبوتي، تقدمت بطلب مشترك للتحقيق في الأوضاع الجارية في الأراضي الفلسطينية.

يأتي ذلك في أعقاب خطوة مشابهة من ثلاث منظمات فلسطينية غير حكومية، وجهت رسالة، الأربعاء، إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، للتنديد بـ"جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية" ارتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، بحسب وكالة "فرانس برس".

واندلعت الحرب عقب هجوم غير مسبوق شنته حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر، أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص غالبيّتهم مدنيون، وفق السلطات الإسرائيلية.

وتوعدت إسرائيل بـ"القضاء على حماس"، وتشن حملة قصف جوي وبري وبحري كثيف على غزة منذ 7 أكتوبر، أسفرت عن مقتل أكثر من 12 ألف شخص في قطاع غزة غالبيتهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وفق أحدث حصيلة أصدرتها، سلطات القطاع الصحية.

ما المطلوب من الجنائية الدولية؟

تجري المحكمة الجنائية الدولية بالفعل تحقيقا منذ يونيو 2014، بشأن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية في ما يتعلق بارتكاب جرائم حرب سواء من جانب إسرائيل أو المجموعات الفلسطينية المسلحة.

وقال مكتب المدعي العام للمحكمة أنه جمع حتى الآن "قدرا كبيرا من المعلومات والأدلة" بشأن جرائم في الأراضي الفلسطينية، وجرائم ارتكبها فلسطينيون أيضا.

طالبت المنظمات الفلسطينية الثلاث وهي مؤسسة الحق ومركز الميزان والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، بإصدار مذكرات توقيف في حق "المسؤولين عن هذه الجرائم" ومن بينهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، والرئيس إسحق هرتسوغ.

وقال المدير العام لمؤسسة الحق، شعوان جبارين، في تصريحات لموقع "الحرة"، إن خطوة المنظمات الثلاث عبارة عن "عملية تزويد بالمعلومات لأن هناك تحقيقا جاريا بالفعل من جانب المحكمة الجنائية الدولية".

وأوضح جبارين أن التحقيق يشمل ما حدث قبل السابع من أكتوبر وما بعده على الأراضي الفلسطينية"، وتابع: "ننتظر إصدار مذكرات توقيف وسنواصل في هذا الاتجاه".

وأشار إلى أن الخطوة الأخيرة تتعلق باتهامات لإسرائيل "بنية الإبادة الجماعية والتحريض على إبادة جماعية وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب".

ولفت في ذلك إلى تصريحات مسؤولين إسرائيليين، وأبرزها تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي عن الفلسطينيين بأنهن "حيوانات بشرية"، وإعلانه عزم بلاده قطع المياه والكهرباء والغذاء والوقود إلى قطاع غزة.

وكان خان قد صرح الشهر الماضي بأن تفويض مكتبه بالتحقيق يشمل هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر وأي جرائم ارتكبت في إطار الرد الإسرائيلي بما في ذلك قصف قطاع غزة.

من جانبه قال المحامي رئيس مؤسسة "JUSTICIA" الحقوقية، العميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ، بول مرقص، إن المحكمة الجنائية الدولية تأسست للتحقيق بشأن الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم موضع الاهتمام الدولي، مثل جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

وأضاف في تصريحات لموقع "الحرة"، أن المحكمة تختص "بمحاكمة ومقاضاة الأفراد وليس الجماعات أو الدول كما أنه لا يمكن للأفراد التمتع بالحصانة أمامها".

وضع إسرائيل

إسرائيل ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية، ولا تعترف بسلطتها، وأكدت في أوقات سابقة أنها لن تتعاون معها وأن المحكمة ليس لديها أي سلطات داخل أراضيها.

وأعلن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في مارس 2021، أنه سيبدأ بمباشرة تحقيق بخصوص الحالة في الأراضي الفلسطيني، ويغطي التحقيق الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة والتي يُدَّعى بارتكابها منذ 13 يونيو 2014، والتاريخ المشار إليه في إحالة الحالة إلى المكتب.

وتابع مرقص في حديثه لموقع "الحرة" قوله: "بعد جمع الأدلة بنزاهة وموضوعية من قبل المدعي العام وإبلاغ الدول الأطراف أو المنظمات الحكومية، تصدر القرارات الأولية التي تقضي بأمر القبض على المتهم أو أمر بحضوره. وتعتمد المحكمة الجنائية الدولية على تعاونها مع الدول للقضاء على المشتبه بهم لأنها لا تمتلك شرطة خاصة".

 وحول موقف إسرئيل، قال إنها "غير منضمة للمحكمة بخلاف فلسطين، وهذا ما يصعّب الأمور في ما يخص إحالات للمحاكمة أو إصدار مذكرات اعتقال حيث لن تكون ملزمة  لها".

وطالما أكدت إسرائيل عدم التعاون مع الجنائية الدولية في مثل هذه التحقيقات، وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، خلال قرار المحكمة البدء في التحقيقات في مارس 2021، بأنه "مشين"، وأكد "سأحارب هذا القرار في كل مكان"، وفق رويترز.

من جانبه قال جبارين لموقع "الحرة"، إن عدم انضمام إسرائيل للجنائية الدولية "لا قيمة له لأنها قوة قائمة بالاحتلال، والمحكمة لها سلطة على الأراضي الفلسطينية إذا تم ارتكاب الجريمة في الأراضي المحتلة منذ عام 1967".

والأراضي الفلسطينية مدرجة ضمن أعضاء المحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2015.

إسراء جعابيص تحتضن والدتها بعد الإفراج عنها من السجون الإسرائيلية
إسراء جعابيص تحتضن والدتها بعد الإفراج عنها من السجون الإسرائيلية

شكا معتقلون فلسطينيون من بين أولئك الذين أفرجت عنهم إسرائيل بموجب الهدنة الإنسانية التي توصلت إليها مع حركة حماس الفلسطينية، من "سوء المعاملة" في السجون الإسرائيلية، مؤكدين أن "الوضع أصبح أكثر سوءا" بعد هجمات حماس في 7 أكتوبر، وفقا لشبكة "سكاي نيوز" البريطانية.

وكانت إسراء جعابيص مسجونة منذ عام 2015 بعد إدانتها بتفجير قنبلة أدت إلى إصابة ضابط شرطة إسرائيلي، وإصابتها هي بحروق شديدة في وجهها ويديها.

وحُكم عليها بالسجن لمدة 11 عاما بسبب تلك الواقعة، لكن تم إطلاق سراحها كجزء من الصفقة، التي تشمل أيضا الإفراج عن مختطفين لدى حماس في غزة.

ووصفت جعابيض الأوضاع داخل السجن الذي كانت محتجزة فيه بـ "السيئة".  

وقالت: "النساء السجينات في وضع سيء حقا، والنساء العربيات الإسرائيليات لا يعرفن شيئًا عن التحركات الخاصة بالسجينات.. ولا يعرفن كيف يتصرفن مع السجّانين".

وكانت حركة حماس المصنفة على لائحة الإرهاب في الولايات المتحدة ودول أخرى، قد توصلت لاتفاق مع إسرائيل بوقف إطلاق النار لمدة 4 أيام تم تمديده ليومين إضافيين، في مقابل الإفراج عن رهائن مختطفين في القطاع وإطلاق سراح سجناء فلسطينيين في إسرائيل.

وبموجب شروط الاتفاق، أعلنت حماس أنها ستفرج مبدئيا عن 50 من النساء والأطفال دون سن 19 عاما، اختطفوا خلال هجوم 7 أكتوبر في جنوب إسرائيل، وهو هجوم غير مسبوق منذ قيام إسرائيل، وأدى لاندلاع الحرب.

وتسبب الهجوم بمقتل 1200 إسرائيلي أغلبهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، بحسب السلطات الإسرائيلية.

وردت إسرائيل بقصف مكثف على قطاع غزة ترافق منذ 27 أكتوبر مع عمليات برية واسعة داخل القطاع، مما تسبب بمقتل زهاء 15 ألف شخص، أغلبهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وفق سلطات القطاع الصحية.

ويُعتقد أن هناك حوالي 7000 فلسطيني في السجون الإسرائيلية، بما في ذلك 2000 سجين منهم رهن الاعتقال الإداري، بحسب "سكاي نيوز".

والاعتقال الإداري، إجراء مثير للجدل موروث من الانتداب البريطاني، يتيح لإسرائيل سجن أشخاص دون توجيه تهمة إليهم، بين 3 إلى 6 أشهر، وفي كثير من الأحيان يتم تمديد الاعتقال على نحو مستمر، بحسب فرانس برس.

وخرجت شروق دويات، من السجن بعد أن قضت نصف عقوبتها البالغة 16 عاما، بتهمة طعن إسرائيلي ومحاولة طعن آخر في البلدة القديمة بالقدس عام 2015.

وتزعم عائلتها أنها كانت تتصرف "دفاعا عن النفس، بعد أن اقترب منها أحد الرجال وحاول نزع حجاب رأسها، قبل إطلاق النار عليها".

وقالت دويات لشبكة "سكاي نيوز"، إنها ستتدرب الآن لتصبح محامية "لمساعدة الفلسطينيين الآخرين من ضحايا الاحتلال الإسرائيلي".

وذكرت أن الظروف في السجن "ساءت بعد 7 أكتوبر"، قائلة إن "الحراس الذكور قاموا بضرب واضطهاد السجينات".

وأضافت أنها "تخشى أن يحاول الإسرائيليون حبسها مرة أخرى"، مردفة: "أكبر مخاوفي هو أن يتم اعتقالي مرة أخرى لأنهم هددوني بذلك بالفعل، ومن الممكن أن يتم اقتحام المنزل في أية لحظة".

وكان غنام أبو غنام اعتقل قبل عام بتهمة رشق حافلة إسرائيلية بالحجارة، قبل أن يتم الإفراج عنه ضمن الصفقة أيضا. وتقول عائلته إن غنام لم تتم إدانته قط. 

وقالت والدته لقناة "سكاي نيوز": "يبدو الأمر كما لو أنها معجزة.. إنها هبة من الله".

وتقول إسرائيل إن القصّر الذين تطلق سراحهم كجزء من الهدنة هم "إرهابيون"، لكن الفلسطينيين يقولون إن الكثير منهم "شبان محتجزون دون أحكام، بسبب ما يُعتبر في دول أخرى جرائم اضطرابات مدنية".

وقال غنام لشبكة "سكاي نيوز" إن الوضع في السجون الإسرائيلية أصبح "أسوأ بكثير" منذ هجمات حماس في 7 أكتوبر. وتابع: "كان السجن مهينا. لقد ضربونا منذ بدء الحرب.. كانوا يعاملوننا مثل الكلاب".

وأعلن نادي الأسير، وهو هيئة أهلية فلسطينية تعنى بشؤون المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بوقت سابق هذا الشهر، أن عدد القتلى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر وصل إلى 6 أشخاص، متهما الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ "عملية اغتيال ممنهجة" بحقهم.

وكانت ناطقة باسم مفوضة السجون الإسرائيلية، قد صرحت لوكالة "فرانس برس"، منتصف الشهر الجاري، أن "هناك العشرات من معتقلي النخبة الإرهابية في حماس ممن نفذوا هجوم السابع من الشهر الماضي، وسيتم إخضاعهم لإجراءات أمنية مشددة وحبسهم في أقسام منفردة وفي العزل". وتابعت: "سيتم تكبيلهم وفقا للاحتياجات العملياتية".

وأكدت الناطقة أنه منذ بداية الحرب تغيرت ظروف احتجاز المعتقلين الأمنيين الذين قدرت عددهم بأكثر من 6000، قائلة إنه "يتم إبقاؤهم مغلقا عليهم في غرفهم. وتم إلغاء الزيارات لهم، كما منعوا من استخدام المقصف وتم وقف الكهرباء في غرفهم، من أجل إحباط تواصلهم مع الخارج من خلال وسائل غير قانونية".

فيما نقلت وكالة "رويترز"، بوقت سابق من نوفمبر أيضًا، عن متحدث باسم مصلحة السجون الإسرائيلية، أن "جميع السجناء والمعتقلين لهم الحق في تقديم شكاوى، والتي تفحصها السلطات".

وأضاف أن وفاة الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية "قيد التحقيق".