إجلاء 200 شخص من المستشفى الإندونيسي بشمال غزة
إجلاء 200 شخص من المستشفى الإندونيسي بشمال غزة

وصل نحو 200 جريح ومريض إلى مجمع ناصر الطبي في خان يونس، الليلة الماضية، بعد إجلائهم من المستشفى الإندونيسي بشمال القطاع.

ونظمت عمليات الإجلاء من المستشفى الإندونيسي الواقع بالقرب من مخيم جباليا شمال غزة، بتنسيق من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حيث نقل الجرحى والمرضى في رحلات بحافلات النقل العمومي، بحسب ما نقله مراسل الحرة.

وأفاد المصدر ذاته بأن معظم المصابين من الأطفال والنساء، يتواجدون في حالة "خطيرة أو متوسطة الخطورة".

ويضيف المراسل أن الجرحى والمصابين وصلوا إلى مجمع ناصر الطبي من أجل استكمال علاجهم ورعايتهم الطبية، مضيفا أن بعضهم "يحمل مناشدات من أجل إنقاذ ذويهم وأقاربهم الذين ما يزالون محاصرين بداخل المستشفى المحاصر".

في هذا الجانب، يقول متحدث تم إجلاؤه من "الإندونيسي"، إن "المستشفى تعرض لضربات بقذائف"، مضيفا: "لا أصدق أني لا أزال حيا وبسلام وأمان..".

وكانت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس أعلنت، الإثنين، "مقتل 12 شخصا جراء غارة إسرائيلية على المستشفى الإندونيسي"، وهو الأمر الذي ينفيه الجيش الإسرائيلي.

وقال متحدث آخر  إن "أشخاصا بالمستشفى ما زالوا عالقين تحت الأنقاض، وبحاجة لإنقاذهم"، مضيفا: "أطفالنا بين الأنقاض ولا يوجد من ينتشلهم".

وتابع: "كنا محاصرين في المستشفى"، كاشفا أن "أطفالا في المستشفى ولا أحد قادر على إخراجهم".

ويقول متحدث آخر لقناة الحرة، إن "الرحلة كانت محفوفة بالمخاطر، الرعب والخوف كان يملأ قلوب كافة المرضى والمرافقين".

وأفاد مراسل الحرة بأن رحلة نقل الجرحى إلى المجمع الجنوبي، فقد خلالها أحد الجرحى حياته، موضحا أن (رحلة الإجلاء) "استمرت لساعات، قبل الوصول، بسبب الدمار الذي لحق الطرق الرئيسية والشوارع المؤدية للمجمع".

ويتواصل إجلاء الجرحى والمصابين، بحسب المصدر الذي أورد "أن العشرات لا يزالون داخل المستشفى، وفي حاجة ماسة إلى رعاية طبية كاملة".

في السياق ذاته، تحدث رئيس قسم التمريض بالمستشفى الإندونيسي لمراسلة الحرة، كاشفا أن "المستشفى تحول من مركز لتقديم الخدمات الطبية إلى مقبرة جماعية".

وأورد المسؤول الصحي أن "الجثث موجودة في كل الأقسام، وفقدنا الكثير من الأرواح بسبب نقص المستلزمات".

وعملية إجلاء المرضى من المستشفى الإندونيسي القريب من مخيم جباليا تمت بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهو شرط وضعه الأطباء بعدما قصفت إسرائيل سيارة إسعاف في شمال غزة قالت إن مقاتلين في حماس كانوا يستخدمونها.

ومثل جميع المرافق الصحية الأخرى في شمال قطاع غزة، توقف المستشفى الإندونيسي عن العمل إلى حد بعيد لكن لا يزال داخله بعض المرضى والعاملين والنازحين.

وقال المتحدث باسم الوزارة الطبيب أشرف القدرة لوكالة فرانس برس، إن"لا يزال هناك 400 مريض في المستشفى، ونعمل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر على إجلائهم"، مشيرا إلى وجود نحو ألفي نازح بداخل المستشفى وفي محيطه.

وكانت حماس أفادت في وقت سابق بأن عشرات الدبابات والمدرّعات الإسرائيلية منتشرة في محيط المستشفى وتطلق النار باتجاه المرفق.

وفي معرض رده على سؤال عن الوضع في المستشفى، قال الجيش الإسرائيلي إن القوات ردت بإطلاق النار على المقاتلين داخل المنشأة الطبية بينما اتخذت "عدة إجراءات لتقليل الضرر" على غير المقاتلين.

وأضاف الجيش في تصريحات لرويترز "فتح الإرهابيون خلال الليل النار من داخل المستشفى الإندونيسي في غزة باتجاه قوات الجيش التي كانت تنفذ عمليات خارج المستشفى".

وتابع "ردا على ذلك، استهدفت قوات الجيش مصدر إطلاق النار من جانب العدو بشكل مباشر. ولم تُطلق أي قذائف باتجاه المستشفى".

في سياق متصل، كشف الجيش الإسرائيلي في بيان، الثلاثاء، أن قواته استكملت الليلة الماضية "تطويق" مخيم جباليا بشمال قطاع غزة، والقضاء على من وصفهم بـ"مخربين وتدمير بنى تحتية"، فيما أعلن الجانب الفلسطيني عن سقوط عشرات القتلى، بينهم أطفال ونساء، في قصف طال أنحاء مختلفة بالقطاع.

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة، أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، واختطاف 239 شخصا، وفق السلطات الإسرائيلية.

ومنذ ذلك الحين، ترد إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية لا تزال متواصلة، وبلغت حصيلة القتلى في غزة أكثر من 13 ألفا و300 شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، فضلا عن إصابة ما يزيد على 30 ألف شخص، بحسب آخر حصيلة نشرتها وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، الاثنين.

استمرار القصف الإسرائيلي على غزة
جانب من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (أرشيف)

يثير استخدام الجيش الإسرائيلي لبرامج ذكاء اصطناعي متطورة في حربه ضد حركة حماس، الكثير من الجدل بشأن دقة بياناتها وقدرتها على تحديد الأهداف التي تتضمن قادة ومسلحي تلك الجماعة المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، وفقا لما ذكرت صحيفة "غارديان" البريطانية.

وأوضحت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي يستخدم برنامج ذكاء اصطناعي يدعى "غوسبيل" (The Gospel)، لافتة إلى أنه تتم تغذيته بالبيانات، ليقوم باختيار "الأهداف" التي يراد قصفها في قطاع غزة، "والتي تشمل الجماعات المسلحة وقادتها".

وذكرت الصحيفة أن وحدة استخبارات عسكرية سرية، يديرها الذكاء الاصطناعي، تلعب دورًا مهمًا في رد إسرائيل على هجمات حماس التي وقعت جنوبي البلاد في 7 أكتوبر، وأسفرت وقتها عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين وبينهم نسا وأطفال، بحسب السلطات الإسرائيلية.

وفي بيان مقتضب للجيش الإسرائيلي بشأن تلك الوحدة، قال مسؤول كبير إن عناصرها ينفذون "هجمات دقيقة على البنية التحتية المرتبطة بحماس، ويتم إلحاق أضرار كبيرة بالعدو، مع حدوث خسائر من جهة المدنيين".

وكان قد جرى التأكيد على دقة الضربات التي أوصى بها "بنك أهداف الذكاء الاصطناعي" في تقارير متعددة في وسائل الإعلام الإسرائيلية، إذ ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليومية، أن الوحدة "تتأكد قدر الإمكان من عدم وقوع أي ضرر للمدنيين الذين لا يشاركون في أعمال قتالية".

وقال مصدر عسكري إسرائيلي كبير سابق لصحيفة "غارديان"، إن المشرفين على برامج الذكاء الاصطناعي "يستخدمون قياسًا دقيقًا للغاية" بشأن معدل إخلاء المدنيين للمبنى قبل وقت قصير من الغارة.

وكان قائد سلاح الجو الإسرائيلي، أومر تيشلر، قد ذكر في حديث إلى صحيفة "جيروزاليم بوست" المحلية، في أكتوبر الماضي، أن قدرات الاستهداف بالذكاء الاصطناعي "مكّنت الجيش من تحديد بنوك أهداف جديدة بشكل أسرع".

وشدد تيشلر على أن الجيش الإسرائيلي "لا يستهدف المدنيين"، وذلك رغم حديث وزارة الصحة في غزة عن مقتل أكثر من 15 ألف شخص، معظهمم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال.

وكان مسؤول إسرائيلي قد أوضح لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية في منتصف يونيو الماضي، أنه يجرى استخدام نموذجين لبناء مجموعة بيانات تعتمد على خوارزميات بشأن الأهداف المحددة، وذلك لحساب الذخيرة المحتملة، وتحديد أولويات، وتعيين آلاف الأهداف للطائرات والطائرات من دون طيار، واقتراح جدول زمني للغارات.

وأوضح ذلك المسؤول أن النظامين يخضعان لمشغلين بشريين يقومون بفحص الأهداف وخطط الغارات الجوية والموافقة عليها.

ووفقا للأرقام التي نشرها الجيش الإسرائيلي في نوفمبر، خلال الأيام الـ 35 الأولى من الحرب، فقد هاجمت إسرائيل 15 ألف هدف في غزة، وهو رقم أعلى بكثير من العمليات العسكرية السابقة في المنطقة الساحلية ذات الكثافة السكانية العالية.

وبالمقارنة، مع حرب عام 2014 التي استمرت 51 يومًا، فقد أوضحت التقارير أن الجيش الإسرائيلي استهدف وقتها ما بين 5000 إلى 6000 هدف.

"ملف بالأضرار الجانبية"

وقالت مصادر متعددة لصحيفة "غارديان ومجلة "972+ Mag"، وموقع "Local Call" الإسرائيليين، إنه عندما يتم السماح بشن غارة على منازل خاصة لأفراد تم تحديدهم على أنهم نشطاء في حماس أو الجهاد الإسلامي، فإن المشرفين على برامج الذكاء الاصطناعي يكون لديهم علم مسبق بشأن عدد المدنيين المتوقع مقتلهم.

وأوضحت تلك المصادر أن كل هدف لديه ملف يحتوي على الأضرار الجانبية، التي تنص على عدد المدنيين الذين من المحتمل أن يقتلوا في تلك الغارة.

وقال أحد المصادر الذي عمل حتى عام 2021 في التخطيط للضربات لصالح الجيش الإسرائيلي، إن "قرار الضربة يتخذه قائد الوحدة أثناء الخدمة"، منبها إلى أنه كانت هناك مرات "حام فيها شك بشأن الهدف.. وقتلنا ما أعتقد أنه عدد غير متناسب من المدنيين"، وفق "غارديان".

في المقابل، قال متحدث عسكري إسرائيلي: "رداً على هجمات حماس الوحشية، يعمل جيش الدفاع الإسرائيلي على تفكيك قدرات حماس العسكرية والإدارية".

وتابع: "في تناقض صارخ مع هجمات حماس المتعمدة على الرجال والنساء والأطفال الإسرائيليين، يتبع جيش الدفاع الإسرائيلي القانون الدولي ويتخذ الاحتياطات الممكنة للتخفيف من الأضرار التي تلحق بالمدنيين".

وقالت مصادر مطلعة على كيفية دمج الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي في عمليات الجيش الإسرائيلي، إن مثل هذه الأدوات "ساهمت بشكل كبير في تسريع عملية تحديد الهدف".

وذكر مصدر عمل سابقًا في تلك الوحدة، لمواقع إسرائيلية: "نقوم بإعداد قائمة الأهداف بشكل تلقائي، ونعمل وفقها".

من هم قادة حماس في غزة الذين تسعى إسرائيل لقتلهم؟
علق وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ملصقا على جدار مكتبه في تل أبيب في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر الذي شنته حركة حماس المدرجة على قوائم الإرهاب الأميركية على جنوب إسرائيل، يحمل صورا لمئات من قادة الجماعة الفلسطينية المسلحة مرتبين في شكل هرمي.

وزاد: "الأمر يشبه العمل في مصنع، فنحن نعمل بسرعة وليس هناك وقت للتعمق في الهدف، ووجهة النظر هي أنه يتم الحكم علينا وفقًا لعدد الأهداف التي نتمكن من تحقيقها". 

وبالنسبة لبعض الخبراء الذين يبحثون في الذكاء الاصطناعي والقانون الإنساني الدولي، فإن التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي يثير عددًا من المخاوف.

وفي هذا الصدد، قالت الباحثة في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، مارتا بو، إنه حتى عندما "يوجد بشر يشرفون على البرنامج، فن هناك خطر من أن يتطور لديهم التحيز الآلي، بمعنى الإفراط في الاعتماد على الأنظمة التي يصبح لها تأثير كبير للغاية على الأمور، وعندها لا يتم الاعتماد على القرارات الإنسانية التي تكون أكثر تعقيدا".

من جانبه، قال الباحث ريتشارد مويس، الذي يرأس منظمة "المادة 36"، وهي مجموعة تقوم بحملات للحد من الأضرار الناجمة عن الأسلحة: "عند الاعتماد على أدوات ذكاء اصطناعي مثل (غوسبيل)، فإنه يتم تسليم البشر قائمة بالأهداف التي أنشأها الحاسوب، وهم لا يعرفون بالضرورة كيف تم إنشاء القائمة وليست لديهم القدرة على التأكد من توصيات الاستهداف والتشكيك فيها بشكل مناسب".

وأضاف: "هناك خطر من أنه عندما يعتمد البشر على هذه الأنظمة، فإنهم يصبحون بمثابة تروس في عملية ميكانيكية، ويفقدون القدرة على النظر في أخطار إلحاق الأذى بالمدنيين بطريقة مجدية".