آليات عسكرية إسرائيلية تقوم بدورية في مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية
الجيش الإسرائيلي قال إن قواته ردت بالرصاص بعد إلقاء عبوات ناسفة باتجاه جنوده

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية الأربعاء مقتل طفلين برصاص الجيش الإسرائيلي في مدينة جنين في شمال الضفة الغربية المحتلة، وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته "ردت بالرصاص الحي" بعد إلقاء عبوات ناسفة باتجاه جنوده.

وأفادت وزارة الصحة في بيان عن "استشهاد الطفل آدم سامر الغول (8 أعوام) والطفل باسل سليمان أبو الوفا (15 عاما) برصاص الاحتلال في جنين".

وقال مسؤول الهلال الأحمر الفلسطيني في جنين محمود السعدي لوكالة فرانس برس إن "الطفلين كانا يلعبان بمحاذاة منزلهما في طريق فرعي بالقرب من شارع رئيسي وسط مدينة جنين". 

وأظهر مقطع مصور لكاميرا مثبتة في الحي على ما يبدو يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي لحظة إصابة أحد الطفلين الذي سقط أرضا فجأة في الشارع، بينما فر أطفال آخرون كانوا إلى جانبه بعد سماع صوت الرصاص.

وأظهرت الصور إقدام طفل آخر على جره أرضا تاركا وراءه آثار الدماء، بينما كان يصرخ طالبا النجدة. 

وردا على سؤال لفرانس برس قال الجيش الإسرائيلي إن "عددا من المشتبه بهم" ألقوا عبوات ناسفة باتجاه جنوده، و"رد الجنود بالرصاص الحي على المشتبه بهم وتم تحديد إصابات".

وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في وقت سابق إنه نفذ عملية توغل في مخيم جنين الملاصق للمدينة خلال ساعات الليل، مضيفا أنه قتل خلالها "إرهابيين اثنين" أحدهما مطلوب في ما يتعلق بهجومين أسفرا عن مقتل أو جرح إسرائيليين.

من ناحيته أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني إنه قدم المساعدة لستة فلسطينيين أصيبوا جراء إطلاق النار في تلك العملية.

وينفذ الجيش الإسرائيلي بشكل شبه يومي مداهمات وعمليات عسكرية في مخيم ومدينة جنين حيث معقل الفصائل الفلسطينية المسلحة.

وبمقتل الطفلين، يرتفع عدد الذين قتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر إلى أكثر من 237 فلسطينيا، إضافة إلى نحو 3000 جريح، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

من جهة ثانية، اعتقل الجيش الإسرائيلي صباح الأربعاء الطفل كريم غوانمة (12 عاما) بعد أن أرغم والده على اصطحابه إلى التحقيق في مركز للجيش الإسرائيلي قرب رام الله، وفق رواية الوالد.

وقال محمود غوانمة إن الجيش الاسرائيلي دخل مخيم الجلزون ليلا واعتقل ثمانية أشخاص.

وأضاف الأب الذي يسكن في قرية قريبة من المخيم لفرانس برس "دخلوا منزل العائلة الذي يسكنه شقيقي، وسألوا عن كريم لاعتقاله، اتصل بي شقيقي عثمان وكان ضابط المخابرات الاسرائيلية إلى جانبه". "قال لي إما أن يأتوا إلى المنزل ويعتقلوا كريم وإما أن أجلبه لهم صباحا".

وتابع "لم يكن أمامي إلا أن أخذت ابني وتوجهت إلى بيت إيل (حيث المركز الإسرائيلي). كنت أتوقع أن أبقى معه في التحقيق، لكن الضابط طلب مني العودة للمنزل واعتقلوا كريم".

واعتبر نادي الأسير الفلسطيني أن ما جرى مع الطفل كريم غوانمة "جريمة جديدة ومضاعفة"، مشيرا إلى أن إسرائيل "تستهدف الأطفال الفلسطينيين عبر عمليات الاعتقال كنهج أساسي وسياسة ثابتة".

وأشار إلى أن إسرائيل صعدت حملات الاعتقالات بين الفلسطينيين، واعتقلت منذ السابع من أكتوبر 3325 فلسطينيا.

الأمم المتحدة تقدر أن هناك أكثر من 42 مليون طن من الركام في قطاع غزة
الأمم المتحدة تقدر أن هناك أكثر من 42 مليون طن من الركام في قطاع غزة

فوق أنقاض منزله الذي كان يوما مكونا من طابقين، يجمع محمد البالغ من العمر 11 عاما، قطعا من السقف المتساقط في دلو مكسور، ويسحقها لتتحول إلى حصى سيستخدمها والده في صنع شواهد قبور لضحايا الحرب في قطاع غزة.

ويقول والده جهاد شمالي، عامل البناء السابق البالغ من العمر 42 عاما، بينما كان يقطع معادن انتشلها من منزلهم في مدينة خان يونس بجنوب القطاع، الذي تضرر خلال غارة إسرائيلية في أبريل، إنهم يأخذون الحجارة من الموقع ليس لبناء المنازل، وإنما لاستخدامها في شواهد القبور، واصفا الأمر بأنه "من مأساة لمأساة".

وفي مارس، قامت أسرة شمالي ببناء قبر لأحد أبنائها، وهو إسماعيل، الذي قُتل أثناء أداء بعض المهام المنزلية، لكن هذا يشكل أيضا جزءا صغيرا من جهود بدأت تتبلور للتعامل مع الأنقاض التي تخلفها الحملة العسكرية الإسرائيلية على حماس.

وتقدر الأمم المتحدة أن هناك أكثر من 42 مليون طن من الركام، بما في ذلك مباني مدمرة لا تزال قائمة وبنايات منهارة.

وقالت الأمم المتحدة إن هذا يعادل 14 مثل كمية الأنقاض المتراكمة في غزة بين 2008 وبداية الحرب قبل عام، وأكثر من 5 أمثال الكمية التي خلفتها معركة الموصل في العراق بين عامي 2016 و2017.

نتانياهو يبحث تكليف الجيش بمسؤولية المساعدات الإنسانية في غزة
كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، الأحد، أن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو يعتزم عقد اجتماع قريبا للنظر في مطالب الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، فيما يتعلق بنقل مسؤولية نقل المساعدات الإنسانية إلى غزة لسيطرة الجيش.

وإذا تراكمت هذه الكمية، فإنها "قد تملأ الهرم الأكبر في الجيزة"، أكبر أهرامات مصر، "11 مرة"، وهي تتزايد يوميا، حسب رويترز.

وقال 3 مسؤولين في الأمم المتحدة، إن المنظمة الدولية تحاول تقديم المساعدة في الوقت الذي تدرس فيه السلطات في قطاع غزة كيفية التعامل مع الأنقاض.

وتخطط مجموعة عمل لإدارة التعامل مع الحطام تقودها الأمم المتحدة، لبدء مشروع تجريبي مع السلطات الفلسطينية في خان يونس ومدينة دير البلح بوسط قطاع غزة، لبدء إزالة الحطام من جوانب الطرق هذا الشهر.

وقال أليساندرو مراكيتش، رئيس مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في غزة، المشارك في رئاسة مجموعة العمل: "التحديات جسيمة.. ستكون عملية ضخمة، لكن في الوقت نفسه، من المهم أن نبدأ الآن".

وردا على سؤال حول الحطام والأنقاض، قالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق، إنها "تهدف إلى تحسين التعامل مع النفايات، وستعمل مع الأمم المتحدة لتوسيع هذه الجهود".

وقال مراكيتش إن التنسيق مع إسرائيل "ممتاز"، لكن المناقشات التفصيلية بشأن الخطط المستقبلية "لم تتم بعد".

خيام وسط الأنقاض

بدأت إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة، بعد أن قادت حماس هجوما على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، الذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، واقتياد أكثر من 250 رهينة إلى قطاع غزة.

وتقول السلطات الصحية الفلسطينية إن نحو 42 ألف فلسطيني قتلوا خلال عام من الحرب.

وعلى الأرض، تتراكم الأنقاض عاليا فوق مستوى المشاة والعربات التي تجرها الحمير على المسارات الضيقة المليئة بالأتربة، التي كانت في السابق طرقا مزدحمة.

وتساءل يسري أبو شباب، وهو سائق سيارة أجرة، بعد أن أزال ما يكفي من الحطام من منزله في خان يونس لإقامة خيمة: "من سيأتي إلى هنا لإزالة الأنقاض؟.. لا أحد، لذا نقوم نحن بإزالتها".

وحسب بيانات الأقمار الاصطناعية للأمم المتحدة، فإن ثلثي مباني غزة التي بنيت قبل الحرب، أي ما يزيد على 163 ألف مبنى، تضررت أو سويت بالأرض. ونحو ثلثها كان من البنايات متعددة الطوابق.

وبعد حرب استمرت 7 أسابيع في غزة عام 2014، تمكن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشركاؤه من إزالة 3 ملايين طن من الحطام، أي 7 بالمئة من إجمالي الركام الآن.

وأشار مراكيتش إلى تقدير أولي غير منشور، ذكر أن إزالة 10 ملايين طن من الحطام ستكلف 280 مليون دولار، مما يعني نحو 1.2 مليار دولار إجمالا، إذا توقفت الحرب الآن.

وأشارت تقديرات الأمم المتحدة في أبريل، إلى أن إزالة الأنقاض ستستغرق 14 عاما.

جثث مطمورة

مراكيتش أشار إلى أن الحطام يحتوي على جثث غير منتشلة وقنابل غير منفجرة. وتقول وزارة الصحة في قطاع غزة، إن عدد تلك الجثث قد يصل إلى 10 آلاف.

كما قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن التهديد "واسع النطاق"، فيما أشار مسؤولون بالأمم المتحدة، إلى أن بعض الحطام يشكل "خطرا كبيرا بالتعرض للإصابة".

وفي هذا الصدد، يواجه الكثير من الغزيين المخاطر، كما هو الحال مع نزار زعرب من خان يونس، الذي يعيش مع ابنه في منزل لم يتبق منه سوى سقف مائل بزاوية خطيرة.

تغريبة غزة
مع مرور عام الهجمات غير المسبوقة التي شنتها حركة حماس جنوبي إسرائيل، تستمر معاناة المدنيين في قطاع غزة وسط ظروف إنسانية تفتقد إلى أدنى مقومات الحياة الطبيعية، كما يقول الأكاديمي والأستاذ الجامعي، محمد سعيد، في حديث له مع موقع "الحرة" عن "احتراف النزوح" أكثر من 10 مرات في "أخطر سجن مفتوح" في العالم.

وقال برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن ما يقدر بنحو 2.3 مليون طن من الحطام ربما تكون ملوثة، مستندا إلى تقييم لمخيمات اللاجئين الثمانية في قطاع غزة والتي تعرض بعضها للقصف.

ويمكن أن تسبب ألياف الأسبستوس، سرطان الحنجرة والمبيض والرئة عند استنشاقها.

وسجلت منظمة الصحة العالمية نحو مليون حالة من حالات التهابات الجهاز التنفسي الحادة في قطاع غزة خلال العام المنصرم، دون أن تحدد عدد الحالات المرتبطة بالغبار.

وقالت بسمة أكبر، وهي متحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، إن الغبار يشكل "مصدر قلق كبيرا" يمكن أن يلوث المياه والتربة ويؤدي إلى أمراض الرئة.

ويخشى الأطباء من ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية في المواليد بسبب تسرب المعادن في العقود المقبلة.

وقال متحدث باسم برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن لدغات الثعابين والعقارب والتهابات الجلد الناجمة عن ذباب الرمل تشكل مصدر قلق.

نقص الأراضي والمعدات

استُخدمت أنقاض في السابق للمساعدة في بناء الموانئ البحرية، ووتأمل الأمم المتحدة الآن في إعادة تدوير جزء منها لبناء شبكات الطرق وتعزيز الخط الساحلي.

ويقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن قطاع غزة، الذي كان عدد سكانه قبل الحرب نحو 2.3 مليون نسمة، يتكدسون في شريط يبلغ طوله 45 كيلومترا وعرضه عشرة كيلومترات، يفتقر إلى المساحة اللازمة للتخلص من النفايات والركام.

وتقع مكبات النفايات الآن في منطقة عسكرية إسرائيلية. وقالت هيئة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية إنها في منطقة محظورة لكن سيتم السماح بالوصول إليها.

وقال مراكيتش إن المزيد من إعادة التدوير يعني المزيد من الأموال لتمويل المعدات مثل الكسارات الصناعية. ولا بد أن تدخل هذه المعدات إلى قطاع غزة عبر نقاط عبور تسيطر عليها إسرائيل.

وتحدث مسؤولون حكوميون عن نقص في الوقود والآلات بسبب القيود الإسرائيلية التي تبطئ جهود إزالة الأنقاض. وقال المتحدث باسم برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن إجراءات الموافقة المطولة "عائق رئيسي".

ولم تعلق إسرائيل بشكل محدد على ما قيل عن فرضها قيودا على الآلات.

ويقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إنه يحتاج إلى إذن أصحاب الممتلكات لإزالة الأنقاض، لكن حجم الدمار أدى إلى طمس الحدود بينها، كما فُقدت بعض السجلات العقارية أثناء الحرب.

كما نوه مراكيتش بأن العديد من الجهات المانحة أبدت اهتمامها بالمساعدة منذ اجتماع استضافته الحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية في 12 أغسطس، دون أن يسمي هذه الجهات.

وقال مسؤول في الأمم المتحدة طلب عدم ذكر اسمه، لتجنب التأثير سلبا على الجهود الجارية: "الجميع قلقون بشأن ما إذا كان ينبغي الاستثمار في إعادة إعمار غزة، إذا لم يكن هناك حل سياسي".