حالة من الغضب والحزن تسيطر على الكثير من الأطفال الفلسطينيين الذين فقدوا والديهم أو أحدهما جراء القصف المكثف والعميات البرية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ أكثر من 4 أشهر، وفق تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية، سلّط الضوء على معاناة هؤلاء.
وبحسب الصحيفة، فإن تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن 17 ألف طفل فلسطيني تيتموا، ومن بينهم الشقيقات ميساء (3 أعوام)، وديما (11 عامًا)، وتالا (15 عاماً)، وبوحا (18 عاماً)، الذين يعيشون داخل خيمة رثة في مدينة رفح قرب الحدود مع مصر.
وفر 8 أفراد من الأسرة إلى الجنوب، امتثالاً لتعليمات الجيش الإسرائيلي بمغادرة منزلهم، حيث انتهى بهم الأمر في المغازي، وهي بلدة تقع في وسط قطاع غزة.
وهناك أقاموا في مدرسة تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، لكن في الرابع من يناير الماضي تعرضت تلك المنشأة إلى القصف، مما أدى إلى مقتل وجرح العديد من النازحين فيها.
وعن تلك اللحظات قال ديما: "عندما كنا نهم بالخروج من الفصل (الغرفة) الذي كنا متواجدين فيه، أمسكت والدتي بيدي لتهدئ من روعي لأنني كنت أصرخ بخوف وهلع، لكنها كانت آخر مرة أشعر فيها بلمستها الحانية".
وتابعت: "بعد لحظات فقدت الوعي جراء انفجار ضخم هز المبنى، وعندما عدت إلى رشدي شاهدت جثثنا وأطرافا متراكمة وسط الغبار المتطاير".
وفي لحظات، فقدت ديما أخويها وأمها ووالدها وأختها، لتنجو فقط مع شقيقتيها ميساء وتالا، حيث جرى نقلهن لاحقا من أحد المستشفيات إلى رفح، ليلتحقن هناك بأختهن المتزوجة بوحا.
وأضافت ديما بأسمى: "لن أنسى ولن أغفر لإسرائيل ما فعلته بنا.. سأبقى أسأل نفسي لماذا فعلوا بنا ذلك؟.. لماذا أخذوا مني أمي؟".
أما بوحا، التي لديها طفلان، فقد وجدت نفسها الآن مسؤولة عن شقيقاتها الثلاث الأصغر منها، مردفة بتحسر: "عاش والدي وأمي في فقر مدقع وماتا في خوف.. رحلا وهما نازحين ومشردين".
واستطردت: "سأحاول أن أكون أماً وأختاً وصديقة للفتيات، إنهن يسألنني دائمًا عن والدتنا، وأين ذهبت.. فأقول لهن إنها الآن في الجنة وتنظر إلينا بحنان".
وفي الوقت الحالي تتقاسم تلك العائلة المكلومة مع المئات من النازحين، مرحاضا واحد في المدينة الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، التي كان عدد سكانها ذات يوم 280 ألف نسمة، لكنها أصبحت الآن مخيماً يضم مئات آلاف النازحين.
وتعاني هؤلاء الفتيات كغيرهن من النساء في قطاع غزة، من شح كبير في الطعام والدواء ومياه النظافة، مما يزيد من صعوبة التعامل مع الضروريات التي يحتجنها للتعامل مع الدورة الشهرية. وتقول جمعيات خيرية، إن النساء بدأن في قطع قصاصات من خيامهن لاستخدامها كفوط صحية، وفق الصحيفة.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، قد أعلن أن عملية عسكرية برية ستجري في رفح، قائلا إنه "سيتم إجلاء المدنيين" من المدينة الحدودية قبل أي عملية عسكرية برية، لكن ليس من الواضح أين سيذهب أكثر من 1.4 مليون شخص يعيشون فيها حاليا.
وفي مقابلة مع شبكة "إيه بي سي نيوز" الأميركية، قال نتانياهو: "سنفعل أقصى ما بوسعنا لاستعادة جميع الأحياء، وبصراحة، جثث الموتى أيضا"، في إشارة إلى الرهائن الذين لا يزالون في قطاع غزة.
وتؤكد إسرائيل استمرار الحرب حتى تحقيق الهدف المعلن، المتمثل بـ"القضاء على حماس"، معتبرة أن العملية العسكرية في رفح ضرورية لتحقيق ذلك.
من جانبه، حذر المجتمع العربي والدولي إسرائيل من الآثار الكارثية التي قد تنجم عن مثل هذه العملية العسكرية، في ظل تكدس نحو مليون مدني في رفح. وطالبت الولايات المتحدة من إسرائيل جعل حماية المدنيين أولوية.
كما ذكرت تقارير لصحف "نيويورك تايمز" و"وول ستريت جورنال" ووكالة أسوشيتد برس، أن مصر "هددت بتعليق التزاماتها" بموجب معاهدة السلام مع إسرائيل "كامب ديفيد"، في حال شن عملية عسكرية في رفح.
والإثنين، كشف تقرير للقناة 12 العبرية، نقلت تفاصيله صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أن "مسؤولين إسرائيليين بارزين من جهاز الاستخبارات (الموساد) وجهاز الأمن العام (الشاباك) ووزارة الدفاع، تواصلوا مساء الأحد، مع نظرائهم المصريين لتهدئة مخاوفهم".
وأضاف التقرير أن المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين "أبلغوا نظراءهم في مصر، أن إسرائيل لن تقوم بإجراءات أحادية، وأنها ستعمل بالتنسيق مع القاهرة".
وتقدر السلطات الصحية في غزة أن أكثر من 28 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، قتلوا في القطاع منذ بدء الحرب.
واندلعت الحرب في 7 أكتوبر، بعد هجمات شنتها حماس على إسرائيل، أسفرت عن مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، وخطف نحو 250 رهينة واحتجازهم في قطاع غزة، بحسب السلطات الإسرائيلية