مستشفى الشفاء الواقع شمالي قطاع غزة
الأوضاع الصحية في قطاع غزة وصفت بـ" الكارثية " من قبل جهات دولية (صورة أرشيفية)

"قطرة في محيط الاحتياجات".. تعبير لجأ إليه المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الإثنين، لوصف شح المساعدات الطبية التي تدخل إلى قطاع غزة، منذ الحصار المشدد المفروض من قبل إسرائيل عقب هجمات السابع من أكتوبر، التي قلّت كما ونوعا، خاصة أن بعض المواد الحيوية أصبحت على "قائمة الممنوعات".

وقال أدهانوم غيبريسوس على هامش "القمة العالمية للحكومات 2024" في دبي، إن المساعدة المقدمة - حتى الآن - لغزة من حيث الإمدادات الطبية هي "قطرة في محيط الحاجة الذي يستمر في النمو كل يوم".

والشهر الماضي، أوضح المسؤول أن المنظمة التابعة للأمم المتحدة، تواجه "تحديات شديدة" مستمرة في إطار دعم النظام الصحي في غزة.

وأضاف: "أكثر من 100 ألف من سكان غزة إما قتلوا، أو أصيبوا، أو فُقدوا ويفترض أنهم ماتوا"، وتابع: "خطر المجاعة مرتفع ويتزايد كل يوم، مع استمرار الأعمال العدائية وتقييد وصول المساعدات الإنسانية".

ويحتشد حوالي 1.4 مليون فلسطيني، أي أكثر من نصف سكان القطاع المدمر، في مدينة رفح جنوبي القطاع، غالبيتهم العظمى فروا من العنف في شمال القطاع ووسطه عقب اندلاع الحرب قبل أكثر من 4 أشهر.

الأونروا تقدم مساعدات لسكان غزة
الاتحاد الأوروبي: لا يمكن لأحد القيام بعمل الأونروا
قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الاثنين، إن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بحاجة لأن تكون قادرة على مواصلة عملها، وذلك تزامنا مع إجراء التحقيق في مزاعم بأن بعضا من موظفيها البالغ عددهم 13 ألفا في غزة شاركوا في هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر.

مواد "ممنوعة"

المنسق الإنساني للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، ليوناردو ماكغولدريك، أوضح في تصريحات صحفية أدلى بها أواخر الشهر المنصرم، أن هناك مواد ممنوعة من دخول قطاع غزة، مثل المضخات والمولدات وقطع الغيار وأنابيب الصرف الصحي وألواح الطاقة الشمسية وبعض المعدات الطبية.

ودعا إلى إيجاد حلول لإزالة بعض هذه المواد من "قائمة الممنوعات" بسبب أهميتها في معالجة الأزمة الإنسانية الحالية، لافتا إلى أن القائمة تضمنت مواد طبية لعلاج الأمراض المزمنة، مثل حقن إنسولين الأطفال، مؤكدا أن سبب منعها "غير معروف". 

ونوه كذلك بأن الأمم المتحدة "تجري مناقشات مع السلطات الإسرائيلية لبحث المواد المحظورة وإيجاد طرق لإزالة بعضها، لأهميته في معالجة الأزمة التي تتكشف حاليا بطريقة دراماتيكية للغاية"، على حد تعبيره.

كما أبدى ماكغولدريك قلقه إزاء الوضع المتردي في المستشفيات، حيث يعمل بعضها دون تخدير أو كهرباء، مشيرا إلى أن عمليات الإجلاء الطبي "لم تكن فعالة بشكل كاف"، مع وجود آلاف الأشخاص على قائمة الإجلاء، لكن قليلون فقط يتمكنون من تلقي الرعاية التي يحتاجون إليها.

ولم تبق مستشفيات تعمل بشكل كامل في القطاع، بحسب ما أعلنت الأمم المتحدة، الأربعاء، بينما يعمل نحو ثلثها بطاقة محدودة.

وبشأن المواد والأجهزة الطبية التي تقول إسرائيل إنه يجري تقييد أو منع دخولها لإمكانية استخدامها من قبل الفصائل الفلسطينية في صنع ذخائر أو أسلحة، أوضح الصحفي الفلسطيني، رائد لافي أن "هناك منع لدخول حوالي 1000 صنف من المنتجات، من بينها مواد ومعدات طبية، وذلك بحجة أن تلك المواد تخضع للاستخدام المزدوج".

وأضاف في حديثه إلى موقع "الحرة"، أن "المقصود بمصطلح المواد مزدوجة الاستخدام، هي التي تكون مخصصة للاستخدامات المدنية، لكن يمكن أيضا استغلالها في أمور عسكرية كصنع ذخائر وأسلحة".

وأشار إلى أن "إسرائيل فرضت عام 2014 ما يمكن تسميته (فيتو) على دخول تلك السلع، بحجة الاستخدام المزدوج،  حيث تضمنت قائمة المنع مواد وأجهزة طبية".

كما لفت لافي إلى أنه خلال أطوار الحرب الحالية، لم تعمم وزارة الصحة في غزة أو الجهات الصحية الأخرى أي منشورات بخصوص المواد الطبية التي تمنع إسرائيل دخولها إلى القطاع، مستدركا: "لكن وبشكل عام فالمساعدات الطبية التي يسمح بولوجها مؤخرا ليست ذات أولوية".

وشرح قائلا: "على سبيل المثال، ذكرت لجنة الطوارئ الصحية في رفح أن بعض المساعدات، والتي دخلت من معبر رفح، مخصصة لجائحة كورونا، علما أنها لم تعد بتلك الخطورة على الصعيد العالمي، بينما هناك نقص أو حتى نفاد لأدوية الأمراض المزمنة وأمراض القلب، أو تلك الضرورية لإجراء عمليات جراحية، وغير ذلك".

وفي نفس المنحى، قال نائب المنسق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود قطاع غزة، الدكتور محمد أبو مغيصب، لموقع "الحرة": "ليست لدي معلومات محددة بشأن الأدوية والمواد والأجهزة الصحية التي تمنع إسرائيل دخولها في الوقت الحالي".

لكنه استطرد قائلا: "بشكل عام فإن هناك بعض الأجهزة الطبية التي تحتاجها حاليا المستشفيات، مثل المعدات التشخيصية، وهي غير متوفرة، علما أنه حتى قبل السابع من أكتوبر فإن تلك المعدات كانت تدخل بصعوبة بالغة إلى القطاع".

من جانبها، قالت "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق"، وهي الهيئة المكلفة بتطبيق سياسة الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، إن "إدخال الأدوية والمعدات الطبية (إلى قطاع غزة) يتطلب إجراء الفحص الأمني وفقا لأنظمة الفحص المتبعة في المعابر وتوجيهات الجهات الأمنية".

وأضافت أنه "في حال كانت هنالك معيقات في طريقة إجراء فحص المعدات، فيجب تنسيق طريقة الفحص بصورة مفصلة ومحددة".

وتابعت الوحدة: "يجب أن يتم إجراء تنسيق إدخال المعدات الطبية والأدوية القادمة من طرف المنظمات الدولية، ومن قبل مندوبي المنظمات، وليس عن طريق (إدارة) معابر البضائع، و(أن يتم ذلك) بصورة مفصلة ومحددة".

"معاناة منذ ما قبل الحرب"

لافي، الذي اضطر للنزوح مع عائلته إلى مدينة رفح، اعتبر أن "مصطلح (قطرة في محيط) سبق أن استخدمه العديد من المسؤولين الدوليين للتعبير عن المآسي التي يعيشها سكان قطاع غزة منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، وإثر إغلاق كافة المعابر الحدودية".

وأوضح: "المساعدات بدأت تدخل في أواخر أكتوبر الماضي وزادت خلال فترة الهدنة الإنسانية في نوفمبر، لكن كل تلك المساعدات الإنسانية والطبية والغذائية هي فعلا مجرد قطرة.. ولتوضيح الصورة، يكفي أن نذكر أن ما بين 500 إلى 600 شاحنة كانت تدخل بشكل يومي عبر معبر كرم أبو سالم مع إسرائيل، لتلبية احتياجات سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة".

وبالنسبة لأوضاع القطاع الصحي في الآونة الأخيرة، قال لافي: "أقل ما يمكن ما وصفه بأنه كارثي، خاصة في رفح التي تعتبر أصغر مدن قطاع غزة، وتأوي حاليا أكثر من 1.4 مليون نسمة، بعد أن كان عدد سكانها قبل الحرب لا يتجاوز 250 ألف شخص".

وتابع: "في هذه المدينة لا يوجد بالأساس مستشفى كبير بالمعنى التقليدي، لكن يتوفر فيها بعض المراكز الصحية وأكبرها هو مركز (الشهيد أبو يوسف النجار)، والذي يطلق عليه اسم مستشفى، كما يوجد بعض المراكز الصغيرة المتخصصة بتقديم علاجات معينة".

أرقام.. قبل وبعد الحرب

ولفهم الطبيعة الكارثية لشح المساعدات، خاصة الطبية منها، التي تدخل القطاع الفلسطيني، يمكن مقارنة أرقام الشاحنات التي كانت تدخل قبل الحرب وبعدها.

وفي هذا الصدد، أكد أبو مغيصب أن "المساعدات بشكل عام غير كافية، حيث كانت أكثر من 500 شاحنة تدخل قبل الحرب بشكل يومي، وحاليا لا يتجاوز عددها 100 إلى 200 شاحنة في أحسن الأحوال".

وشدد على أن الإمدادات الطبية كانت قبل بدء الحرب قليلة، موضحا أن "المنظومة الصحية كانت بالأصل تعاني نقصا حادا في الأدوية حتى قبل فرض الحصار المشدد على غزة عقب أحداث السابع من أكتوبر، وما يسمح بدخوله الآن يمكن القول عنه بالفعل إنه نقطة من بحر الاحتياجات في المجال الصحي".

وأضاف: "حاليا المستشفيات شمالي القطاع خارج الخدمة، كما أن نزوح مئات آلاف الغزيين نحو رفح تسبب بضغط كبير على المنظومة الصحية المتهالكة، حيث لا توجد منشآت طبية كافية في المدينة وضواحيها".

ويتفق لافي مع ما قيل آنفا، مضيفا: "منذ أن فرضت إسرائيل حصارا على قطاع غزة عام 2007 (بعد سيطرة حماس على الحكم) فإن حوالي 40 بالمئة من الأدوية والعقاقير لم تعد متوفرة في مخازن وزارة الصحة".

جندي إسرائيلي عند مدخل نفق في قطاع غزة (أرشيف) | رويترز
جندي إسرائيلي عند مدخل نفق في قطاع غزة (أرشيف) | رويترز

أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، نتائج التحقيق بشأن مقتل 6 مختطفين إسرائيليين داخل نفق تحت الأرض في منطقة خان يونس، بقطاع غزة.

وأفاد المتحدث بأن رئيس هيئة الأركان، هرتسي هاليفي، أشرف على التحقيق الذي أجرته قيادة المنطقة الجنوبية ووحدة المختطفين والمفقودين وشعبة الاستخبارات وسلاح الجو، حيث تم عرض نتائجه على عائلات المختطفين.

التحقيق تناول أحداث الرابع عشر من فبراير 2024، عندما نفذ سلاح الجو الإسرائيلي ضربة جوية دقيقة استهدفت بنية تحتية تحت الأرض تابعة لحركة حماس في خان يونس. العملية كانت تهدف إلى تصفية قادة كتائب بارزين في الحركة. وبعد عدة أشهر، في العشرين من أغسطس 2024، تم العثور على جثامين ستة مختطفين إسرائيليين إلى جانب جثث ستة من عناصر حماس داخل نفق قريب من موقع الهجوم.

الفحوص الطبية أظهرت وجود علامات إطلاق نار على جثامين المختطفين، بينما لم تُرصد علامات مماثلة على جثث عناصر حماس. لكن نظرًا للمدة الزمنية الطويلة التي مرت بين الحادثة واكتشاف الجثث، لم يتمكن الأطباء من تحديد السبب المباشر للوفاة أو توقيت إطلاق النار بدقة.

ورجح التحقيق رجّح أن وفاة المختطفين كانت نتيجة الضربة الجوية، مع احتمال أن عناصر حماس أطلقوا النار عليهم فور وقوع الهجوم. ومع ذلك، لم يُستبعد احتمال أن المختطفين قُتلوا قبل الضربة الجوية.

الجيش أكد في تحقيقه أنه لم يكن لديه أي معلومات أو شكوك بشأن وجود المختطفين في الموقع المستهدف أو محيطه أثناء تنفيذ العملية. كما أوضح أن جميع خطوات التخطيط والموافقة تمت وفق الإجراءات المعمول بها في ذلك الوقت.

وأشار التحقيق إلى أن العملية لم تخضع لمراجعة وحدة المختطفين والمفقودين، لأنه لم تكن هناك معلومات تدل على وجودهم في الموقع.

وبعد الحادثة، تم تعديل البروتوكولات لضمان مراجعة جميع العمليات المشابهة مستقبلاً من قبل الوحدة المختصة.

رئيس هيئة الأركان، هرتسي هاليفي، أكد خلال استعراض نتائج التحقيق على أهمية الالتزام بالقيم الأخلاقية تجاه عائلات المختطفين وأهمية التعلم من الحادثة المؤسفة.

وأوضح هاليفي أن الجيش لم يكن ليُقدم على الضربة لو توفرت معلومات عن وجود المختطفين في الموقع.