جنود إسرائيليون يركبون عرباتهم المدرعة باتجاه الحدود مع قطاع غزة

كشف مسؤولون عسكريون إسرائيليون لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، أن الجيش الإسرائيلي "يمهد طريقا يقسم قطاع غزة إلى جزء شمالي وآخر جنوبي"، ضمن خططه للحفاظ على سيطرته الأمنية على القطاع.

وقالت الصحيفة إن "الطريق الذي يمتد من جنوب مدينة غزة لحوالي 5 أميال، بداية من الحدود الإسرائيلية وحتى ساحل البحر المتوسط، يعتبر جزءا من جهود إسرائيل لإعادة تشكيل تضاريس القطاع وتسهيل حرية حركة للجيش وإحكام قبضته على المنطقة".

ويسمح الطريق بتحرك القوات الإسرائيلية بشكل سريع في قلب القطاع عبر طريق آمن، في وقت يسيطر فيه الجيش الإسرائيلي على الطرق الرئيسية بين شمالي وجنوبي قطاع غزة.

لكن الصحيفة نقلت عن محللين أيضًا، أن الطريق يمكن استخدامه كحزام عسكري يمر بقلب القطاع، "يساعد على منع عودة حوالي مليون نازح فروا إلى الجنوب"، وسط القصف ودعوات الإخلاء الإسرائيلية خلال الأشهر الأولى من الحرب.

وأوضحت صور بثتها القناة 14 الإسرائيلية، السبت، أن الجيش الإسرائيلي "يخطط لتدمير المنازل والمباني على طول جانبي الطريق، ويعمل على توسعته ليكون أكثر فائدة للقوات". ورفض الجيش التعليق على تلك الصور.

وأفاد أحد المسؤولين العسكريين بأن القوات الإسرائيلية ستتولى حراسة الطريق منعا لتعرضه لهجمات مسلحة.

ويمثل الطريق جانبا من استعدادات الجيش الإسرائيلية لمرحلة ثانية من الحرب، يخطط فيها للانسحاب من المناطق المأهولة والتركيز على الغارات التي تستهدف حركة حماس (المدرجة على قائمة الإرهاب الأميركية)، وفق الصحيفة.

كما تأتي الخطوة في وقت تعمل فيه إسرائيل على بناء منطقة عازلة بطول حوالي كيلومتر داخل حدود غزة، يُمنع الفلسطينيون من دخولها، بحسب الصحيفة.

وطالما واجهت إسرائيل انتقادات بسبب فكرة المنطقة العازلة، حيث حذرت الولايات المتحدة في أكثر من مناسبة من فكرة تغيير حدود غزة أو تقسيم أراضيها.

الطريق الرابط بين الشرق والغرب في القطاع، من المقرر أن يتم استخدامه حتى اكتمال العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، والتي بحسب مسؤولين إسرائيليين قد تستمر لأشهر أو حتى سنوات.

يذكر أن إسرائيل قالت في أكثر من مناسبة، إنها "لا تسعى لاحتلال غزة بشكل دائم"، لكن الهدف هو ضمان ألا يشكل القطاع أي تهديد مستقبلي على إسرائيل.

وأشعل فتيل الحرب هجوم غير مسبوق على إسرائيل شنته حركة حماس في 7 أكتوبر، قُتل خلاله أكثر من 1160 شخصا، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وخُطف نحو 250 شخصا ونقلوا إلى غزة، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

وردا على هجوم حماس، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء على حماس" التي تحكم قطاع غزة منذ عام 2007.

وخلفت العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة أكثر من 29 ألف قتيل، معظمهم نساء وأطفال، حسب سلطات الصحة في القطاع، بالإضافة إلى دمار هائل وأزمة إنسانية كارثية، وفق الأمم المتحدة.

ونقلت "وول ستريت جورنال" أيضًا عن المسؤولين الإسرائيليين، أنه "لا نية لإعادة النازحين الفلسطينيين (إلى مناطقهم) على الأقل حتى نهاية العمليات العسكرية في الشمال، وإبرام صفقة تعيد جميع المختطفين لدى حماس"، البالغ عددهم نحو 134 شخصا، وفق الجيش.

وحول المدة التي ستواصل فيها القوات الإسرائيلية استخدام الطريق، قالت الكولونيل المتقاعدة في الجيش الإسرائيلي، ميري آيسين، إنه يمكن وصف الأمر بأنه "مؤقت طويل الأمد، ربما يستمر طوال عام 2024".

وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، جاكوب ناغل، للصحيفة الأميركية، إن هذا الممر "سيفصل الجزء الشمالي في غزة بشكل واضح عن بقية القطاع".

وأضاف أنه "من غير المحتمل أن يتم بناء جدار محاذي للطريق"، لكنه أوضح أنه ربما يتم إنشاء "نقاط عبور مختلفة" بين شمالي وجنوبي القطاع مع حراسة أمنية.

آلاف النازحين يعودون إلى مناطقهم في شمال غزة (رويترز)
آلاف النازحين يعودون إلى مناطقهم في شمال غزة (رويترز)

أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، الإثنين، السماح للفلسطينيين بالعودة إلى شمالي قطاع غزة مشيا على الأقدام، عبر شارع صلاح الدين، وذلك بموجب اتفاق وقف إطلاق النار. 

وأوضح أدرعي في بيان، أن العودة ستكون متاحة أيضاً عبر محور نتساريم مرورا بشارع الرشيد (المحور الساحلي)، مشيراً إلى أن حركة السيارات المتجهة شمالاً ستخضع للتفتيش عبر محور صلاح الدين.

وشدد البيان على حظر انتقال المسلحين أو نقل أي وسائل قتالية عبر هذه المحاور، معتبراً ذلك خرقاً للاتفاق. 

كما حذر السكان من التعاون مع أي جهة قد تحاول استغلالهم لنقل وسائل قتالية أو مواد محظورة.

وفي الجنوب، حظر الجيش الإسرائيلي الاقتراب من محيط معبر رفح ومحور فيلادلفيا وتجمعات القوات في المنطقة. 

كما حذر من دخول البحر، مؤكداً استمرار الخطر على الصيادين والسباحين والغواصين.

واختتم البيان بالتأكيد على حظر الاقتراب من قوات الجيش المنتشرة في القطاع، أو التحرك باتجاه الأراضي الإسرائيلية والمنطقة العازلة.

وانسحب الجيش الإسرائيلي، الأحد، من محور "نتساريم" الذي يفصل جنوبي قطاع غزة عن وسطه وشماله، بعد نحو عام و3 أشهر من توغل الفرقة 36 الإسرائيلية في تلك المنطقة، باتجاه البحر.

ويأتي هذا الانسحاب ضمن تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي يتبقى 20 يوما على انتهائها.

ويُتوقع خلال الفترة المتبقية إطلاق سراح دفعات إضافية من الرهائن الإسرائيليين، ليصل عددهم إلى 33 رهينة، مقابل إفراج إسرائيل عن سجناء فلسطينيين.