فر نحو 800 ألف شخص من رفح في الأسبوعين الماضيين
فر نحو 800 ألف شخص من رفح في الأسبوعين الماضيين

بعد أن أصبحت مدينة رفح بجنوب قطاع غزة "هدفا عسكريا" ينتقل آلاف من النازحين إلى مناطق أخرى في القطاع، في ظل عدم وجود مساعدات إنسانية كافية، وسط مخاوف من تحول المرحلة التالية من الحرب إلى "مأساة عميقة"، حسبما يحذر مقال رأي نشرته صحيفة "واشنطن بوست".

"الجزء السهل" من الحرب

وفي المقال يقول الكاتب، ديفيد أغناطيوس، أنه شاهد في نوفمبر الماضي، آلاف المدنيين الفلسطينيين يسيرون ببطء جنوبا من منازلهم المدمرة نحو ما وعدت إسرائيل بتقديم الغذاء والمأوى إليه في رفح.

والآن، بعد أن أصبحت رفح هدفا عسكريا، فإن العديد من هؤلاء الفلسطينيين يتنقلون مرة أخرى هربا من الصراع، ويتعين على إسرائيل، بدفع من الولايات المتحدة، أن تفي بوعودها المتكررة بتوفير المساعدات الإنسانية الكافية، حتى لا تتحول المرحلة التالية من الحرب في غزة إلى مأساة أعمق، وفق أغناطيوس.

ويشير إلى أن "مساعدة المدنيين ينبغي أن تكون الجزء السهل من هذا الصراع الرهيب"، ولكن بعد مرور أكثر من سبعة أشهر على القتال، لا تزال إمدادات الغذاء والدواء وغيرها من الضروريات غير كافية على الإطلاق. 

وبعد أكثر من سبعة أشهر من الحرب بين إسرائيل وحركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، يبقى الوضع الإنساني في غزة "مقلقا إلى حد بعيد".

وتشعر إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بالقلق بشأن "اليوم التالي"، لكن المهمة الإنسانية المباشرة اليوم هي "تخفيف معاناة المدنيين الفلسطينيين وتحرير الرهائن الإسرائيليين".

أزمة من صنع الإنسان

ويقول بوب كيتشن، نائب رئيس لجنة الإنقاذ الدولية لحالات الطوارئ، والذي يساعد في تنسيق مساعدات المجموعة في غزة: "هذه أزمة من صنع الإنسان، ويمكن أن يكون هناك حل من صنع الإنسان".

وتحدث كيتشن عن "كيفية اضطراره إلى سحب فريقه الطبي المكون من 13 شخصًا من رفح في 7 مايو، عندما نفدت الأموال النقدية واقتربت الضربات الجوية الإسرائيلية كثيرا"، حسبما يوضح أغناطيوس في مقاله.

المشكلة الأساسية، وفقا لكيتشن وغيره من عمال الإغاثة الذين تحدث معهم كاتب المقال، هي أن "الإمدادات المتاحة لا تزال لا تصل إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها".

وهناك الكثير من التأخير الذي يستهلك الكثير من الوقت عند المعابر ونقاط التفتيش ونقاط "فض الاشتباك"، ولا تسمح إسرائيل بدخول سوى قدر ضئيل للغاية من الأموال إلى غزة، مما يجعل أجهزة الصراف الآلي القليلة العاملة في رفح مكتظة، ويصبح التعافي الاقتصادي مستحيلا.

وأصدرت لجنة الإنقاذ الدولية تقريرا يفيد بأن بعض الفلسطينيين يعيشون على 3 بالمئة فقط من الحد الأدنى المعترف به دوليا لاستهلاك المياه اليومي. 

وقالت لجنة الإنقاذ الدولية إن الإسهال وغيره من الأمراض المعدية المنقولة بالمياه تنتشر بين الأسر التي ليس لديها مياه نظيفة. 

وذكر التقرير أن تسليم الإمدادات الصحية يستغرق ما يصل إلى ثلاثة أشهر، ويتشارك ما يصل إلى 600 شخص في بعض الأحيان في مرحاض واحد.

ولا يزال الوضع الأمني والإنساني مثيرا للقلق في قطاع غزة حيث يلوح في الأفق "خطر حصول مجاعة" في ظل خروج مستشفيات عن الخدمة، بينما فر نحو 800 ألف شخص من رفح في الأسبوعين الماضيين وفق الأمم المتحدة.

معضلة "معبر رفح"

كان لمعبر رفح دور رئيسي في إدخال الإغاثة الإنسانية وبعض الإمدادات التجارية قبل أن تكثف إسرائيل هجومها العسكري على الجانب الفلسطيني من المعبر في السادس من مايو وتسيطر عليه، وفق وكالة "رويترز".

وبدأ تسليم المساعدات لغزة عبر معبر رفح في أواخر أكتوبر، بعد أسبوعين من بدء الحرب.

ويقول مسؤولو الإغاثة إن تدفق المساعدات يتباطأ في أحيان كثيرة بسبب عمليات التفتيش الإسرائيلية والنشاط العسكري داخل غزة، وإن الكميات التي تصل إلى سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة أقل بكثير من احتياجاتهم.

وحذر برنامج الأغذية العالمي من مجاعة وشيكة في مناطق من غزة.

وحسب مقال "واشنطن بوست"، فإن المشكلة تتعلق بـ"معبر رفح"، الذي كان يمر عبره مئات الشاحنات يوميا قبل شهر، وهو مغلق الآن من قبل مصر لأنه يعارض التحركات العسكرية الإسرائيلية للسيطرة على جانب غزة. 

ويقول مسؤولون ومصادر مصرية إن النشاط العسكري يعرض العمليات الإنسانية للخطر، وإن على إسرائيل إعادة المعبر إلى الفلسطينيين قبل بدء تشغيله مجددا.

وقالت الرئاسة المصرية إن مصر والولايات المتحدة اتفقتا، الجمعة، على إرسال المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم لحين إجراء ترتيبات قانونية لإعادة فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني.

آليات عسكرية إسرائيلية قرب الجانب الفلسطيني من معبر رفح
شركة خاصة أم سيطرة فلسطينية أو إسرائيلية؟.. ما مستقبل معبر رفح؟
بين حديث عن "شركة خاصة"، ووضع "سابق" بإدارة فلسطينية بالتنسيق مع السلطات المصرية، وسيطرة عسكرية إسرائيلية "قائمة"، تساؤلات حول الجهة المسؤولة "مستقبلا" عن تشغيل معبر رفح، فلمن السيطرة "المستقبلية" على البوابة الحدودية الاستراتيجية؟

وقد يخفف هذا تكدس المساعدات على الطريق في المسافة بين الجانب المصري من المعبر ومدينة العريش الواقعة على بعد نحو 45 كيلومترا غربي رفح والتي تعتبر نقطة وصول للمساعدات الدولية.

هروب نحو "المجهول"

الأمر الأكثر إثارة للخوف والقلق هو هروب ربما مليون فلسطيني هربا من رفح ولكن دون أي مكان آمن أو محمي جيدا يذهبون إليه، وفق "واشنطن بوست".

وعلى الرغم من أن إسرائيل يبدو أنها وافقت على ضغوط إدارة بايدن ضد هجوم واسع النطاق على رفح، إلا أن المدنيين الفلسطينيين المذعورين غادروا المدينة على أي حال.

ويقول أغناطيوس: "المدنيين يسيرون على نفس طريق اليأس واليأس الذي رأيته قبل ستة أشهر.. ويتوجه البعض إلى المخيمات المكتظة بالفعل في مواصي، على طول الشاطئ، ويفر آخرون شمالا نحو خان يونس، حيث يقدر المسؤولون الأميركيون أن أكثر من نصف المباني قد دمرت".

وينقل عن أحد كبار المسؤولين في إدارة بايدن قوله: "إنه وضع صعب للغاية"، واصفا مخيم اللاجئين في مواصي بأنه "في حالة من الفوضى الكاملة".

تقع المواصي على الشريط الساحلي لقطاع غزة بطول عدة كيلومترات
موجة النزوح مستمرة.. هل "مواصي غزة" قادرة على استيعاب المزيد؟
يستمر الجيش الإسرائيلي بمطالبة السكان والنازحين بإخلاء مناطق محددة من مدينة رفح بجنوب قطاع غزة والاتجاه نحو "المنطقة الإنسانية في المواصي"، وسط اتهامات فلسطينية بدفع السكان نحو "الموت" وتحذيرات من "كارثة إنسانية جديدة".

والمواصي منطقة زراعية صغيرة، تمثل مساحتها 3 في المئة فقط من مساحة قطاع غزة، وتقع على الشريط الساحلي بطول عدة كيلومترات، وتمتد من دير البلح شمالا مرورا بمحافظة خان يونس، حتى محافظة رفح جنوبا بعمق كيلومتر تقريبا.

وتبعد المواصي عن مدينة غزة نحو 28 كيلو مترا، ولا تتعدى الوحدات السكنية بها نحو 100 وحدة، ويبلغ عدد سكانها نحو 9 آلاف نسمة.

واندلعت الحرب إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن سقوط 35800 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.

السيسي خلال استقباله الحسين بن عبد الله الثاني
السيسي خلال استقباله الحسين بن عبد الله الثاني - صفحة الديوان الملكي الأدرني بفيسبوك

كشفت الرئاسة المصرية الأحد تفاصيل لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي العهد الأردني الحسين بن عبد الله الثاني.

وأفاد بيان بأن الطرفان شددا على "ضرورة البدء الفوري لعملية إعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير الفلسطينيين من أرضهم".

وأعلن ولي عهد الأردن في الاجتماع "دعم بلاده للجهود المصرية لوضع خطة لإعادة إعمار قطاع غزة مع بقاء الفلسطينيين على أرضهم"، مؤكدا أيضا على "دعم الأردن للقمة العربية الطارئة التي تستضيفها مصر حول القضية الفلسطينية وضرورة خروجها بإجماع عربي في هذا الشأن".

كما دعا السيسي والحسين بن عبد الله إلى "مضاعفة المساعدات الإغاثية" لسكان غزة، وفق بيان للديوان الملكي الأردني.

يأتي ذلك أياما بعد لقاء العاهل الأردني عبد الله الثاني والرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء في البيت الأبيض.

وفي ذلك اللقاء، قال العاهل الأردني إنه شدد على "موقف بلاده الثابت ضد تهجير الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية"، بينما قال ترامب إنه "ستكون هناك قطع من الأرض في الأردن ومصر يمكن أن يعيش فيها الفلسطينيون".