قبل يومين من اعتراف دولتين عضوين في الاتحاد الأوروبي بدولة فلسطينية، يحاول هذا التكتل القاري رغم الانقسامات في صفوفه أن يحجز لنفسه موقعا في مباحثات "اليوم التالي" بين إسرائيل والفلسطينيين، باستقباله عددا من المسؤولين العرب في بروكسل.
وبعدما عجز عن الخروج بمواقف قوية بشأن الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس راهنا، يأمل الاتحاد الأوروبي بأن يلعب دورا في وضع حل دائم بين إسرائيل والفلسطينيين.
في هذا الإطار، عقدت لقاءات عدة مع الدول العربية في المنطقة. والاثنين، يلتقي وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي مجددا نظراءهم من السعودية وقطر ومصر والإمارات والأردن، فضلا عن الأمين العام لجامعة الدول العربية.
وقال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، مساء الأحد، في بروكسل إنه بالإضافة إلى المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة "ركزنا في هذا الاجتماع على مسألة إبقاء حل الدولتين حيا"، إذ إنه "السبيل الوحيد لضمان حقوق الفلسطينيين ولكن أيضا أمن إسرائيل".
وأضاف أن عدم إدراك إسرائيل لذلك "هو مسألة تثير قلقا بالغا"، في وقت تعارض حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، فكرة إقامة دولة فلسطينية.
ويؤيد الاتحاد الأوروبي على غرار جزء كبير من الأسرة الدولية، حل الدولتين لضمان سلام دائم في منطقة ينهشها نزاع مستمر منذ أكثر من 70 عاما.
وللتوصل لذلك رأى مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الأحد، لدى استقباله رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد مصطفى، أن وحدها سلطة فلسطينية "قوية" قادرة على ضمان السلام. ويزور رئيس الوزراء الفلسطيني بروكسل بمناسبة مؤتمر الأطراف المانحة للفلسطينيين.
ودعا بوريل الفلسطينيين إلى القيام بالإصلاحات الضرورية بما يشمل تعزيز دولة القانون، وطالب إسرائيل بوضع حد لتوسيع مستوطناتها "المخالفة للقانون الدولي".
"مصلحة إسرائيل"
وأكد بوريل أن وجود "سلطة فلسطينية فعالة هو أمر يصب في مصلحة إسرائيل أيضا، لأنه من أجل تحقيق السلام، نحتاج إلى سلطة فلسطينية قوية لا ضعيفة".
ويكاد يكون مستحيلا تجاوز هذه الخلافات بين دول مثل ألمانيا الحريصة على عدم المساس بعلاقتها مع إسرائيل وأخرى مثل إسبانيا التي أعلنت مع إيرلندا الاعتراف بدولة فلسطين.
فمع النرويج، أعلن هذان البلدان العضوان في الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، أنهما سيعترفان بدولة فلسطينية اعتبارا من 28 مايو.
وأكد وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل الباريس، الأحد، أن هذا الاعتراف هو "إحقاق للعدالة للشعب الفلسطيني وأفضل ضمانة لأمن إسرائيل".
وترفض دول أوروبية أخرى ذلك، أو تعتبر أن اعترافا كهذا سابق لأوانه.
وغالبا ما حالت هذه الانقسامات دون اعتماد بيانات مشتركة لدول الاتحاد السبع والعشرين أو أفضت إلى نصوص أو تسويات محدودة المفعول. فخلال القمتين الأوروبيتين في ديسمبر وفبراير، لم يقر أي نص بهذا الخصوص. وصدرت بعد ذلك بيانات لكن بمشاركة 26 دولة وليس 27، مع امتناع المجر.
لكن استشرافا لسلام قد يتم إرساؤه مستقبلا، سعى الاتحاد الأوروبي إلى وضع استراتيجية تستند إلى بعض المبادئ الأساسية ومنها رفض عودة حماس التي يصنفها على أنها "منظمة إرهابية" إلى قطاع غزة.
وتسيطر الحركة على قطاع غزة منذ العام 2007 بعدما طردت السلطة الفلسطينية منها. ويعتبر الاتحاد الأوروبي أنه من الضروري تعزيز السلطة الوطنية الفلسطينية التي لا تحظى بشعبية كبيرة في صفوف الفلسطينيين.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني، الأحد، خلال اللقاء مع بوريل إن على رأس أولويات السلطة دعم الفلسطينيين في غزة، خصوصا عبر وقف لإطلاق النار، ومن ثم "إعادة بناء مؤسسات السلطة الفلسطينية".
كذلك دعا الشركاء الدوليين للضغط على إسرائيل للإفراج عن التمويل المخصص للسلطة الفلسطينية "لنكون على استعداد لإصلاح مؤسساتنا.. وتعزيز جهودنا معا باتّجاه إقامة دولة وجلب السلام للمنطقة".