رغم التنديد الدولي، يواصل الجيش الإسرائيلي، الخميس، هجومه على مدينة رفح حيث تتركز حربه مع حركة حماس في قطاع غزة، بعدما أعلن، الأربعاء، السيطرة على محور فيلادلفيا، الشريط الحدودي الاستراتيجي بين القطاع ومصر.
وفي بكين التي تستضيف منتدى صينيا عربيا، حض الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الخميس، المجتمع الدولي على "التصدي لكل محاولات التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم".
فيما دعا الرئيس الصيني، شي جينبينغ، إلى عقد "مؤتمر سلام دولي موسع" لوضع حد للنزاع، مؤكدا أنه "لا ينبغي للعدالة أن تغيب إلى الأبد".
وحذر مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، في مقابلة مع هيئة الإذاعة الإسرائيلية العامة (كان) بأن الحرب في غزة قد تستمر "سبعة أشهر إضافية لتعزيز نجاحنا وتحقيق أهدافنا، أي تدمير سلطة حماس وقدراتها العسكرية.
وتابع "القتال في رفح ليس حربا بلا جدوى"، مكررا أن الهدف يتمثل في إنهاء حكم حماس في غزة ومنعها وحلفاءها من مهاجمة إسرائيل.
وبموازاة الحرب في غزة، نشر الجيش الإسرائيلي قوات، الخميس، في عدد من مدن الضفة الغربية المحتلة بعد "هجوم دهسا بسيارة" أسفر عن مقتل جنديين إسرائيليين في العشرين من العمر قرب نابلس.
وأعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ليل الأربعاء الخميس، مقتل اثنين من مسعفيها في ضربة "مباشرة" نفذها الجيش الإسرائيلي على سيارة إسعاف تابعة لها في غرب رفح.
وفي غزة، أعلن الجيش العثور "على نحو 20 نفقا في منطقة محور فيلادلفيا"، الذي يقول إن الفصائل المسلحة في القطاع تستخدمه للتهريب.
"أنفاق" و"بنى تحتية إرهابية"
الأربعاء، قال الجيش الإسرائيلي إن قواته سيطرت على منطقة عازلة بطول الحدود بين قطاع غزة ومصر، مما يعني أن إسرائيل تسيطر فعليا على كامل الحدود البرية للقطاع الفلسطيني.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هغاري، إن حماس استخدمت محور فيلادلفيا "كشريان الأكسجين" ولـ "تهريب الوسائل القتالية إلى داخل قطاع غزة بشكل دائم".
وأضاف هغاري أن القوات الإسرائيلية "عثرت على نحو 20 نفقا في منطقة محور فيلادلفيا"، بما في ذلك "بنى تحتية إرهابية متطورة شرق رفح، بطول 1,5 كلم وعلى بعد نحو مئة متر من معبر رفح.
غير أن مصر نفت وجود أنفاق عند الحدود مع قطاع غزة، واتهم مسؤول مصري كبير إسرائيل بـ"توظيف هذه الادعاءات لتبرير مواصلة عملية رفح وإطالة أمد الحرب لأغراض سياسية"، وفق ما أوردت قناة "القاهرة الإخبارية" المقربة من المخابرات المصرية.
وكان المحور الممتد على طول 17 كلم بمثابة منطقة عازلة على حدود قطاع غزة مع مصر، وسيرت القوات الإسرائيلية دوريات فيه حتى عام 2005 عندما سحبت إسرائيل قواتها في إطار خطة فك الارتباط مع قطاع غزة.
في قلب رفح
ورغم التنديد الدولي الشديد بالقصف الإسرائيلي، الأحد، على مخيم للنازحين في رفح والذي أوقع وفق وزارة الصحة التابعة لحماس في غزة 45 قتيلا، يواصل الجيش الإسرائيلي الهجوم الذي بدأه في السابع من مايو على المدينة المكتظة في جنوب قطاع غزة، بهدف القضاء بحسبه على آخر كتائب لحماس.
وواصلت إسرائيل ضرباتها على رفح في جنوب القطاع رغم الأمر الصادر من محكمة العدل الدولية بوقف الهجمات على المدينة التي سبق أن لجأ إليها نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وتقدمت الدبابات الإسرائيلية إلى قلب مدينة رفح للمرة الأولى، الثلاثاء، على الرغم من أن محكمة العدل الدولية أمرت إسرائيل بوقف الهجوم على المدينة.
وقالت محكمة العدل الدولية في حكمها الذي أصدرته يوم الجمعة، إن إسرائيل لم توضح كيف ستحافظ على سلامة سكان رفح الذين تم إجلاؤهم وكيف ستوفر الغذاء والماء والدواء لهم.
ودعت المحكمة أيضا في حكمها حماس إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الرهائن الذين احتجزتهم في السابع من أكتوبر.
والأربعاء، شهدت رفح ضربات وقتال شوارع بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، وذلك غداة تمركز دبابات إسرائيلية في وسط المدينة.
وأغلق معبر رفح مع مصر منذ دخول القوات الإسرائيلية، وبات دخول المساعدات الإنسانية الأساسية لسكان قطاع غزة شبه متوقف.
ومنذ توجيه الجيش إنذارا بإخلاء الأحياء الشرقية من رفح في السادس من مايو قبل دخول دباباته، فر حوالي مليون شخص بحسب الأمم المتحدة من المدينة التي كان يتكدّس فيها أكثر من 1.4 مليون فلسطيني معظمهم نازحون من مناطق أخرى.
قصف على عدة مناطق بغزة
وفي خان يونس بجنوب قطاع غزة، أفاد الدفاع المدني الفلسطيني عن انتشال ثلاث جثث من أنقاض منزل أصيب بقصف إسرائيلي.
وقال مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني إن عدة أشخاص أصيبوا، صباح يوم الأربعاء، بنيران إسرائيلية في المنطقة الشرقية من رفح حيث قالوا إن بعض مخازن المساعدات اشتعلت فيها النيران.
وقال سكان إن القصف الإسرائيلي المتواصل في أثناء الليل دمر العديد من المنازل في المنطقة التي فر منها معظم الناس بعد أوامر إسرائيلية بالإخلاء.
ولجأ نحو مليون فلسطيني إلى رفح في الطرف الجنوبي من القطاع في أعقاب الهجمات الإسرائيلية على معظم أنحاء غزة خلال الحرب المستمرة منذ ما يربو على سبعة أشهر.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إنه أجلى فرقه الطبية من المستشفى الميداني التابع له في المواصي بسبب استمرار القصف، وهي منطقة مخصصة للمدنيين النازحين.
وذكر الهلال الأحمر أن أحد موظفيه، وهو عصام عقل، سقط قتيلا في ضربة جوية إسرائيلية على منزله في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة.
وقال مسعفون ووسائل إعلام تابعة لحماس يوم الأربعاء إن قصفا جويا إسرائيليا على مدينة خان يونس القريبة أودى بحياة ثلاثة خلال الليل من بينهم سلامة بركة وهو ضابط كبير سابق في شرطة القطاع.
وذكر مسعفون أن أربعة آخرين قُتلوا بينهم طفلان.
وينتشر سوء التغذية على نطاق واسع في غزة مع تباطؤ تسليم المساعدات إلى حد كبير.
وقالت الأمم المتحدة، الأربعاء، إن كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع انخفضت بمقدار الثلثين منذ أن بدأت إسرائيل هجومها على رفح هذا الشهر.
صعوبات تواجه المحادثات
قال مصدر مطلع إن إسرائيل سلمت أحدث مقترحاتها لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن إلى قطر، وإنه من المفترض أن قطر سلمته إلى حماس، الثلاثاء.
ولم يصدر تعليق بعد من حماس التي قالت إن المحادثات ستكون بلا جدوى ما لم توقف إسرائيل هجومها على رفح.
وقال الجناحان المسلحان لحركتي حماس والجهاد إن مقاتليهما واجهوا القوات الإسرائيلية بقذائف مضادة للدبابات وقنابل مورتر إضافة لتفجير عبوات ناسفة زرعت من قبل.
وقال الجيش الإسرائيلي إن ثلاثة جنود قتلوا وثلاثة آخرين أُصيبوا بجروح خطيرة في معارك في جنوب قطاع غزة، الأربعاء. دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وذكرت هيئة البث العامة الإسرائيلية "راديو كان" أن ذلك حدث نتيجة انفجار عبوة ناسفة في مبنى برفح.
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس، إثر هجوم الحركة "غير المسبوق" على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن سقوط 36171 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع،.