ببنادق ونقاط عبور، أصبح يمكن التفريق بشكل كامل بين "السكان الجدد والقدامى" لمناطق ممتدة في الضفة الغربية، بعدما بدأ مستوطنون إسرائيليون مسلحون، بالاستيلاء على أراض كان يستخدمها الفلسطينيون لسنوات طويلة، وفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
وتسلط الصحيفة الضوء على رئيس بلدية تقوع الفلسطينية في محافظة بيت لحم، موسى الشاعر، الذي وقف يتابع المناطق الممتدة حتى البحر الميت، التي كان الفلسطينيون يزرعون ويرعون الماشية فيها منذ فترة طويلة، مشيرًا إلى عدد من الاختلافات التي أصبحت جليّة في المنطقة.
وظهرت مراكز حراسة جديدة لجنود إسرائيليين وطرق يحرسها مستوطنون وبوابات معدنية تسد الطريق الوحيد الذي يستخدمه أهل بلدته إلى تلك المناطق، والتي قام الجيش الإسرائيلي بتركيبها لإبعاد الفلسطينيين، حسب الصحيفة.
وقال الشاعر لنيويورك تايمز: "أي شخص يصل إلى البوابات، يتم اعتقاله أو قتله".

أما على الجانب الآخر، فوقفت واحدة من السكان "الجدد" في المنطقة، وهي مستوطنة إسرائيلية اسمها عبير إسرائيلي، وقالت للصحيفة: "سنبقى هنا بعون الله لوقت طويل".
ولفتت الصحيفة إلى أن حالة الشخصين على جانبي البوابات تعد مثالا واضحا على ما يحدث في جميع أنحاء الضفة الغربية، حيث تقول جماعات حقوقية إنه "مع تركيز معظم دول العالم على الحرب في غزة، زاد المستوطنون من وتيرة استيلائهم على الأراضي التي كان يستخدمها الفلسطينيون في وقت سابق".
وقال الباحث في المنظمة الإسرائيلية "كيرم نافوت" التي تعمل على مراقبة السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية، درور إتكيس، إنه منذ هجوم السابع من أكتوبر،"استولى المستوطنون على أكثر من 37 ألف فدان من الأراضي من الفلسطينيين في الضفة الغربية".
وأضاف: "أكثر من 550 فدانا من تلك الأراضي تقع بالقرب من بلدة تقوع، مما يجعلنا أمام أكبر عملية توسع من نوعها لمستوطنة إسرائيلية واحدة".
ومنذ تركيب البوابات الحديدية في أكتوبر، باتت بمثابة فاصل بين السكان الفلسطينيين في تقوع والإسرائيليين في مستوطنة تحمل نفس الاسم وتنطق بالعبرية " تكواع"، والتي توسعت حديثًا.
وقال إتكيس إن الدافع الأكبر وراء عمليات الاستيلاء تلك هو هجوم السابع من أكتوبر، "الذي تسبب في زيادة الإجراءات الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية، مما سهل على المستوطنين السيطرة على الأراضي".
وفي التاسع والعشرين من يناير الماضي، قال الجيش الإسرائيلي في بيان، إن فلسطينيا (راني الشاعر عمره 19 سنة) من بلدة تقوع "حاول طعن جندي إسرائيلي، فرد عليه الجنود وقتلوه بالرصاص". فيما قال شقيقه نزار إن "الجيش احتفظ بجثة شقيقه ولم تستعدها العائلة".
ولم يستجب الجيش الإسرائيلي لطلبات التعليق من نيويورك تايمز حول التغييرات التي يشهدها محيط بلدة تقوع.
وقالت الأمم المتحدة إن عام 2023، كان الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ عام 2005. وتصاعدت أعمال العنف بشكل كبير منذ السابع من أكتوبر وحتى 22 مايو الماضي، حيث قتل 489 فلسطينيا و10 إسرائيليين من بينهم 4 مدنيين.
وذكرت الصحيفة أنه خلال الآونة الأخيرة، تابع مراسلو الصحيفة "طرقا جديدة في سفوح الجبال و4 مواقع أمنية جديدة، و3 قطع أراضي حرثها المستوطنون أو زرعوها، كما تحولت خيام مستوطنين سابقة إلى 10 منازل مجهزة ومزودة بالكهرباء وطرق ممهدة وأعمدة إنارة للشوارع".
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية في حرب 1967، وتخضع المنطقة للاحتلال العسكري منذ ذلك الحين، وتتوسع المستوطنات الإسرائيلية باستمرار. وشجعت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، اليمينية،على بناء المستوطنات، مما تسبب في توترات مع واشنطن، وفق رويترز.
وفي فبراير الماضي، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إن واشنطن تعتبر مستوطنات الضفة الغربية "غير متسقة مع القانون الدولي"، في عودة إلى الموقف الأميركي الذي تراجعت عنه إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
وتعتبر معظم القوى الدولية المستوطنات غير قانونية. وترفض إسرائيل هذا مستندة إلى مزاعم بحق تاريخي في الضفة الغربية. ويتطلع الفلسطينيون إلى أن تكون الضفة الغربية جزءا من دولة مستقلة في المستقبل، تشمل أيضا غزة والقدس الشرقية.