شهدت الحرب مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وأشاعت الدمار في قطاع غزة
شهدت الحرب مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وأشاعت الدمار في قطاع غزة

في ظل "عدم تقدم المفاوضات" بين إسرائيل وحركة حماس، فقد يكون قرار مجلس الأمن الذي يدعم المقترح الأميركي الهادف لـ"عقد هدنة" في قطاع غزة، "الحل الأمثل" لوقف إطلاق النار في القطاع لكن وفق "آليات محددة"، حسبما يوضح خبراء تحدث معهم موقع "الحرة".

جهود دبلوماسية "متعثرة"

الخميس، قصف الجيش الإسرائيلي مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، بعد جولة في الشرق الأوسط لوزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الساعي إلى تأمين وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس.

ووسط تعثر الجهود الدبلوماسية، قال سكان في قطاع غزة، الخميس، إن دبابات إسرائيلية توغلت أكثر في المنطقة الغربية لمدينة رفح خلال واحدة من أسوأ ليالي القصف الجوي والبري والبحري، ما أجبر العديد من الأسر على الفرار من منازلهم وخيامهم في الظلام، وفق وكالة "رويترز".

وبعد أكثر من ثمانية أشهر على بدء الحرب، تسعى الولايات المتحدة جاهدة لتأمين "اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة"، بناء على خطة أعلنها الرئيس الأميركي، جو بايدن.

والإثنين، أقر مجلس الأمن الدولي، مشروع قرار صاغته الولايات المتحدة يدعم "خطة المراحل الثلاث" التي أعلنها بايدن في 31مايو.

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يشير خبير القانون الدولي، أيمن سلامة، إلى أن مجلس الأمن "تحاشى في قراره ذكر أي دور لقوات حفظ سلام أممية أو مراقبين دوليين تابعين للأمم المتحدة".

والسبب أن مجلس الأمن "يدرك رفض إسرائيل لتواجد قوات أممية في إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية"، وفق سلامة.

خطوات وآليات لـ"التطبيق"

منذ أشهر، تنخرط الولايات المتحدة وقطر ومصر في وساطة تتخللها مفاوضات تجري في الكواليس بشأن تفاصيل هدنة في غزة.

وفي نهاية مايو، أعلن بايدن مقترحا من 3 مراحل لإنهاء الحرب في غزة، يبدأ بمرحلة مدتها 6 أسابيع ستشهد انسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة بالسكان في قطاع غزة وتبادل أولي للرهائن والمعتقلين.

وتنص الخطة في مرحلتها الأولى على وقف لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع يرافقه انسحاب إسرائيلي من المناطق المأهولة في غزة، وإطلاق سراح رهائن محتجزين في غزة، والإفراج عن سجناء فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

وبعدها يتفاوض الجانبان على وقف الهجمات لفترة غير محددة في المرحلة الثانية التي يتم فيها إطلاق سراح الرهائن المتبقين على قيد الحياة.

ويرى المختص بالقانون الجنائي الدولي، المعتصم الكيلاني، أن تطبيق قرار مجلس الأمن الذي يدعم اقتراح وقف إطلاق النار في غزة "يمكن أن يكون معقدا ويتطلب جهدا دبلوماسيا وسياسيا وعسكريا مشتركا".

وهنالك بعض الخطوات والآليات التي يمكن اتباعها لتطبيق القرار بداية من "الجهد الدبلوماسي المكثف" من قبل الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وخاصة القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين، للتوصل إلى توافق بين الأطراف المعنية، وفق حديثه لموقع "الحرة".

وفي سياق متصل، تشير المحامية أمام المحكمة الجنائية الدولية، ديالا شحاتة، إلى أن مجلس الأمن لديه صلاحيات من أجل تطبيق قراراته بمختلف "الطرق الودية الدبلوماسية أو غير الودية".

والطرق غير الودية تبدأ بـ"فرض عقوبات اقتصادية وسياسية وصولا إلى اتخاذ إجراءات عسكرية"، وفق حديثها لموقع "الحرة".

"قوات أممية والفصل السابع"؟

كافة قرارات التي تصدر عن مجلس الأمن "إلزامية" وتلتزم بها الدول أعضاء الأمم المتحدة بنص المادة 25 من ميثاق المنظمة، وفق سلامة.

لكن أحيانا ما يشير مجلس الأمن إلى أنه يتصرف وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة حتى "يمنع أي تأويل للنص من قبل الدول الأعضاء، خاصة الدولة المخاطبة بهذه القرارات"، حسبما يوضح خبير القانون الدولي.

وينص "الفصل السابع" من ميثاق الأمم المتحدة على إمكانية أن يتخذ المجتمع الدولي خطوات عسكرية ضد الدولة التي تهدد الأمن والسلم العالميين.

ومن جانبه يتحدث الكيلاني عن عدة أدوات لتطبيق قرار مجلس الأمن.

ويمكن أن يشمل ذلك الضغط على إسرائيل وحماس للقبول بوقف إطلاق النار، ويمكن لمجلس الأمن أن ينشئ آلية مراقبة دولية، مثل قوة حفظ سلام، لمراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار، وفق المختص بالقانون الجنائي الدولي.

وقد تتطلب هذه القوة "دعما لوجستيا وعسكريا من الدول الأعضاء"، كما أن مجلس الأمن الدولي يملك آلية فرض "عقوبات على أي طرف ينتهك وقف إطلاق النار"، حسب الكيلاني.

ويوضح أن العقوبات قد تشمل تجميد أصول، حظر سفر، أو حتى عقوبات اقتصادية، تحت البند السادس والعزل السياسي.

أما بالنسبة إلى القوة اللازمة لتنفيذ القرار فمجلس الأمن لا يمتلك جيشا خاصا به، لكن وفقا للبند السابع في ميثاقه يمكنه أن يطلب من الدول الأعضاء توفير قوات تحت راية الأمم المتحدة، حسبما يشير الكيلاني.

ولتحقيق ذلك، يجب أن يكون هناك اتفاق بين الدول الأعضاء على توفير القوات والتمويل اللازمين، والتنسيق بين القوات الدولية والمحلية لضمان سلامة وتنفيذ وقف إطلاق النار، وتوفير المعدات والتكنولوجيا والمساعدات الإنسانية لدعم الجهود على الأرض، وفق المختص بالقانون الجنائي الدولي.

تحديات محتملة؟

قد يعهد مجلس الأمن لقوات حفظ السلام الدولية أو قوات متعددة الجنسيات لـ"الإشراف" على تنفيذ القرار، حسبما يوضح سلامة.

ويشير خبير القانون الدولي إلى أنه "إذا كان هناك توافق إقليمي ودولي كبير على تأييد القرار يمكن الحديث عن إلزامية وإمكانية تنفيذ قرار مجلس الأمن".

لكن الكيلاني يتحدث عن "تحديات محتملة قد تواجه تنفيذ قرار مجلس الأمن"، مثل أن ترفض إسرائيل أو حماس التدخل الدولي، مما يزيد من تعقيد التنفيذ.

ويقول المختص بالقانون الجنائي الدولي "تكون هناك انقسامات بين الدول الكبرى في مجلس الأمن حول كيفية التعامل مع الوضع".

ويشير إلى أن "تدهور الوضع الإنساني في غزة قد يجعل من الصعب تنفيذ ومراقبة وقف إطلاق النار".

ولذلك، فتنفيذ قرار مجلس الأمن يتطلب جهدا دوليا منسقا ودعما لوجستيا وعسكريا، وضغطا دبلوماسيا مكثفا لضمان التزام الأطراف بوقف إطلاق النار والسعي نحو حل شامل للصراع، وفق الكيلاني.

ومن جانبها، تشدد شحاتة على أن "الحد الأدنى المطلوب من مجلس الأمن هو بدء الإجراءات التنفيذية والبدء بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية ومنع التسليح".

لكن هذا الأمر "صعب التنفيذ"، وقد يصطدم بحق النقض "الفيتو"، وفق المحامية أمام المحكمة الجنائية الدولية.

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس، إثر هجوم الحركة "غير المسبوق" على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن سقوط أكثر من 37232 قتيلا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.

بدأ سكان غزة العودة لمنازلهم بعد إعلان وقف إطلاق النار - فرانس برس
بدأ سكان غزة العودة لمنازلهم بعد إعلان وقف إطلاق النار - فرانس برس

كشف الجيش الإسرائيلي، الإثنين، عن موعد محتمل لعودة سكان قطاع غزة من الجنوب إلى الشمال، عبر محور نتساريم الذي يفصل القطاع.

وقال بيان للجيش، إنه حال "التزام حماس" بكافة تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار، فإنه "ابتداء من الأسبوع المقبل سيتمكن سكان قطاع غزة من العودة إلى الشمال".

وحذر البيان السكان من الاقتراب من قوات الجيش الإسرائيلي "حتى إشعار آخر"، موضحا أن التحرك من جنوبي القطاع إلى الشمال أو نحو طريق نتساريم "خطير في ضوء أنشطة" الجيش في المنطقة.

وكرر البيان التحذيرات السابقة من الاقتراب من منطقة معبر رفح ومحور فيلادلفيا، ومناطق تمركز قوات الجيش الإسرائيلي بشكل عام في الجنوب.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ، الأحد. وبموجبه أُطلق سراح 3 مختطفات إسرائيليات لدى حماس، وأُفرج عن 90 من المعتقلين الفلسطينيين لدى إسرائيل.

وفي يوم تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة، قال دونالد ترامب، إن لديه "شكوك" بشأن استمرار وقف إطلاق النار.

وأضاف: " إنها حربهم وليست حربنا"، دون الإشارة إلى إن كان يقصد طرفين بعينه أم طرفي النزاع.

وأكد في الوقت نفسه، أن "حركة حماس أصبحت أضعف جدا من أي وقت مضى".