جهود سابقة بذلتها دول عربية عدة لم تفض للمصالحة بين حماس وفتح على مدار 17 عاما
جهود سابقة بذلتها دول عربية عدة لم تفض للمصالحة بين حماس وفتح على مدار 17 عاما

جاء الإعلان الصادر عن وزارة الخارجية الصينية، الثلاثاء، حول اتفاق فصائل فلسطينية على تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة، ليضيف مزيدا من التكهنات حول إمكانية تحقق المصالحة بعد حوالي عقدين من الخلافات والاتفاقات التي لم تفض إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني.

وتقول وزارة الخارجية الصينية في بيان إن الفصائل الفلسطينية اتفقت على إنهاء الانقسام بينها وتشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة، إذ جرى التوقيع على إعلان الصين في الحفل الختامي لحوار مصالحة بين 14 فصيلا فلسطينيا استضافته بكين من 21 إلى 23 يوليو الجاري.

وينص الإعلان الذي نشرته وكالتا رويترز وفرانس برس على أن الفصائل الفلسطينية الأربعة عشر المشاركة في الاجتماع اتفقت على "تشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة بتوافق الفصائل الفلسطينية وبقرار من الرئيس (محمود عباس) بناء على القانون الأساسي الفلسطيني المعمول به، ولتمارس الحكومة المشكلة سلطاتها وصلاحياتها على الأراضي الفلسطينية كافة بما يؤكد وحدة الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة".

ووفق الإعلان، تؤكد الفصائل الفلسطينية "في ظل ما يتعرض له شعبنا من حرب إبادة وعدوان صهيوني إجرامي" على "الروح الإيجابية البناءة التي سادت الاجتماع" واتفقت على "الوصول إلى وحدة وطنية فلسطينية شاملة تضم القوى والفصائل الفلسطينية كافة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".

"لا يحمل أي جديد"

يُشكك خبراء ومحللون فلسطينيون في إمكانية أن يفتح هذا الإعلان الباب أمام مصالحة حقيقية رغم الحاجة الشديدة إليها، إذ يقول المحلل السياسي أشرف عكة، إن "الإعلان الصيني لا يحمل أي جديد كغيره من البيانات والاتفاقات السابقة، إذ يأتي في إطار الآمال وليس ضمن خطة عملية حقيقية تضمن تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية".

ولم تفض جهود سابقة بذلتها دول عربية عدة للمصالحة بين حماس وفتح، إلى إنهاء الصراع على تقاسم السلطة المستمر منذ سيطرة الأولى على قطاع غزة قبل نحو 17 عاما.

ويضيف عكة لموقع "الحرة": "طيلة السنوات الماضية، تم التوافق على المصالحة بين الفصائل الفلسطينية في أكثر من مناسبة دون أي نتيجة تُذكر. بداية من اتفاق القاهرة عام 2017، ومرورا باتفاق الجزائر عام 2022، ووصولا إلى المحادثات التي جرت خلال الأشهر الماضية ومن بينها إعلان الصين".

وفي عام 2017، وقعت حماس وفتح اتفاق مصالحة في القاهرة، جاء فيه أن "الطرفين اتفقا على تسلم السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة"، وهو ما لم يحدث.

وبعد ذلك بحوالي 5 سنوات، تم الإعلان عن اتفاق مصالحة في أكتوبر 2022 في الجزائر العاصمة، تلتزم بموجبه الفصائل الفلسطينية، بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون عام، وهو ما لم يحدث أيضا، حيث جاءت الحرب في غزة قبل مرور هذا العام في السابع من أكتوبر.

بدوره، يعتبر المحلل السياسي، عصمت منصور، أن "ما جاء في إعلان الصين، بمثابة دعوة مكررة، لم تحمل أي جديد بشكل فعلي ومُبشر بالنسبة للفلسطينيين".

ويقول منصور لموقع "الحرة" إن "الأزمة العميقة الحالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، والحرب الدائرة في قطاع غزة، تتطلب تضافر الجهود من أجل التقارب. لكن للأسف كل المبادرات والإعلانات التي جاءت في هذا الإطار منذ سنوات لم تقدم حلولا جديدة".

وسيطرت حماس على قطاع غزة في عام 2007 بعد عام من انتخابات فازت بها، وفي أعقاب اشتباكات مع قوات الأمن الموالية للسلطة الفلسطينية، المعترف بها من المجتمع الدولي، مما أدى لتقليص حكم السلطة، ليقتصر على الضفة الغربية المحتلة.

ويؤكد منصور أن "غياب إرادة حقيقية لدى قيادات الفصائل الفلسطينية خلال السنوات الماضية، جعل من الصعب تحقيق المصالحة، وزاد من التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية خلال السنوات المتلاحقة حتى اندلاع الحرب في غزة".

ويضيف منصور: "عشرات اللقاءات والحوارات والاتفاقيات، والمحصلة كانت مزيدا من الخلافات. وهذا بسبب عدم وجود أي نوايا صادقة للمصالحة".

"إرضاء المُضيف"

وحول الدوافع وراء توقيع الفصائل الفلسطينية على إعلان بكين، يعتقد عكة أن ذلك "جاء فقط من أجل إرضاء المُضيف، وجعل الصين تبدو كأن لها دور في القضية التي تؤرق الشرق الأوسط".

وفي أبريل الماضي اجتمعت حركتا حماس وفتح لأول مرة في بكين لمناقشة جهود المصالحة، غير أن  جولة ثانية من تلك المحادثات، كان من المقرر إجراؤها الشهر الماضي، تأجلت بسبب تبادل الحركتين تحميل مسؤولية الخلافات للطرف الآخر، وفق رويترز.

ويضيف عكة أن "الإعلان لم يتضمن جداول زمنية حقيقية من أجل تنفيذ ما جاء فيه، بما في ذلك على سبيل المثال تفعيل أمناء سر منظمة التحرير الفلسطينية، ووضوح ما سيتم من إجراءات مستقبلية من قبل الفصائل في إطار ما جاء في الاتفاق".

ولم يحدد الاتفاق إطارا زمنيا لتشكيل الحكومة الجديدة، والذي جاء فيه أن "تبدأ الحكومة بتوحيد المؤسسات الفلسطينية كافة في أراضي الدولة الفلسطينية والمباشرة في إعادة إعمار قطاع غزة والتمهيد لإجراء انتخابات عامة بإشراف لجنة الانتخابات الفلسطينية المركزية بأسرع وقت وفقا لقانون الانتخابات المعتمد".

لهذا، لا يُعتبر ما جاء فيها بداية نحو مصالحة حقيقية، وفق عكة الذي يشير إلى "اتفاقات سابقة لم يتم تفعيل ما جاء فيها رغم شموليتها مقارنة بالإعلان الصيني، حيث كان التسويف والتعطيل حليفها"، على تعبيره.

ويقول عكة إن "النظام السياسي الفلسطيني يحتاج إلى إصلاح حقيقي، يهدف في الأخير إلى إشراك الجميع في العملية الديمقراطية".

ومع ذلك، فإن ما نص عليه الإعلان بشأن التمهيد لإجراء انتخابات عامة، "لا يمكن تحقيقه في الوقت الراهن، وذلك باعتباره إحدى القضايا الخارجية التي تتأثر بعوامل مرتبطة بما تنظر إليه إسرائيل إلى السلطة في الضفة وحماس في غزة"، حسب عكة.

ومنذ اندلاع الحرب في غزة، تقول إسرائيل إنها ستواصل عمليتها العسكرية في القطاع لحين القضاء على قدرات حماس العسكرية والسلطوية في القطاع.

هذا إلى جانب، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أن يكون لحماس أي دور في غزة بعد انتهاء الحرب. كما يرفض تسليم إدارة القطاع أيضا إلى السلطة الفلسطينية بحجة أنها "ضعيفة للغاية وتدعم الإرهاب"، حسب ما جاء في تقرير سابق لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

"عقبة حماس وفتح" 

وتزامن عقد الحوار والإعلان على الاتفاق مع محاولات من وسطاء دوليين للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.

لكن إحدى النقاط الشائكة في هذا الصدد هي خطة ما بعد الحرب، أو كيف ستتم إدارة القطاع الذي تديره الآن حماس بمجرد انتهاء الحرب، وفق رويترز، والتي نقلت عن عضو المكتب السياسي لحركة حماس، حسام بدران قوله إن إعلان الصين "يضع سدا منيعا أمام كل التدخلات الإقليمية والدولية التي تسعى لفرض وقائع ضد مصالح شعبنا في إدارة الشأن الفلسطيني بعد الحرب".

في المقابل، نقلت رويترز عن وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قوله إنه "بدلا من رفض الإرهاب، يحتضن (زعيم فتح) محمود عباس قتلة ومغتصبي حماس، ويكشف عن وجهه الحقيقي. في الواقع، لن يحدث هذا لأن حكم حماس سوف يُسحق، وعباس سوف يراقب غزة من بعيد. إن أمن إسرائيل سيظل في أيدي إسرائيل وحدها".

ومنذ أشهر تعمل الولايات المتحدة إلى جانب دول عربية على صياغة خطط لما بعد الحرب في غزة وإعادة الإعمار، والتي من بين إحداها نشر قوة متعددة الجنسيات لحين التوافق بشأن حل الدولتين.

لهذا يقول عكة إن "انضمام حماس إلى السلطة الفلسطينية في إطار ما جاء في هذا الإعلان قد يُمثل عقبة جديدة نحو أي اتفاقات مستقبلية في ظل الجهود الجارية، خصوصا أن حماس هي الطرف الذي وضع كل العراقيل أمام أي مصالحة حتى السابع من أكتوبر".

ويضيف: "الآن هناك فصيل فلسطيني، يراهن وينتظر نتائج هذه الحرب، باعتبار أنها ستأتي في مصلحته، وستعزز من نفوذه على الساحة السياسية الفلسطينية".

لذلك فإن إعلان بكين لا يشكل اختراقا نوعيا في قضية الانقسام الداخلي حتى هذه اللحظة، وفق عكة، الذي يختتم حديثه بالقول إن "خطة المصالحة يجب أن تتم في إطار رؤية تتوافق أيضا مع ما يجري من نقاش سياسي عالمي وإقليمي حول اليوم التالي ومستقبل القضية الفلسطينية".

ويقول منصور إن "التحديات والأوضاع الخطيرة في الضفة الغربية وقطاع غزة تحتم التوصل إلى مصالحة. لكن ما يمنع ذلك فعلا قيادات حماس وفتح، حيث يتمسك القادة برؤيتهم ويعتبرون أنفسهم الحل الأوحد دون الآخر. وهو ما سيستمر رغم هذا الإعلان".

قوات الأمن الفلسطينية وضعت حواجز على الطرق في جنين بعد اشتباكات مع مسلحين
قوات الأمن الفلسطينية وضعت حواجز على الطرق في جنين بعد اشتباكات مع مسلحين

أقرت السلطة الفلسطينية، الخميس، بمسؤوليتها عن مقتل الشاب، ربحي الشلبي (19 عاما)، خلال أعمال العنف الأخيرة في مدينة جنين بالضفة الغربية.

وقُتل الشلبي، الاثنين، خلال مواجهات بين قوات الأمن الفلسطينية ومسلحين محليين. وقالت قوات الأمن في البداية إنه ضُرب حتى الموت بأيدي مثيري شغب.

لكن السلطة الفلسطينية قالت، الخميس، "بعد المتابعة الحثيثة والاطلاع على جميع حيثيات وظروف وملابسات الحادثة (...) نعلن تحمل المسؤولية الكاملة" عن مقتله، حسبما جاء في بيان أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا).

كما أصيب فرد آخر من عائلة الشلبي يبلغ 16 عاما في الاضطرابات.

وأظهر فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي لم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق منه، من بدا أنهما الشلبي وأحد أفراد عائلته يتوقفان قرب عربة مدرعة تابعة لقوات الأمن الفلسطينية، قبل أن يصابا بطلق ناري.

وتطورت الأحداث بعد اعتقال عناصر من الجهاز الأمني التابع للسلطة عنصرا من كتيبة جنين كان يحمل مبلغا ماليا لعائلات بعض القتلى، ومن هنا انطلقت الشرارة، وفقا لمراسلة "الحرة".

والأسبوع الماضي، استولت مجموعة مسلحة على آليتين تعودان إلى السلطة الفلسطينية، وفق شهود، ثم استعرضت بهما في شوارع المخيم رافعة رايات حركة الجهاد الإسلامي.

وتسيطر مجموعات مسلحة فلسطينية من مختلف الفصائل على مخيم جنين وخصوصا من حركتي الجهاد  وحماس.