يحيى السنوار كان سجينا في إسرائيل لعقدين من الزمن (أرشيف)
السنوار أصبح رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس (أرشيف)

في خضم التعقيدات التي تشهدها مفاوضات وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن لدى حماس بقطاع غزة، ازدادت الأمور خطورة على الأرض بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، بطهران، في خطوة تبعها إعلان الحركة أن زعيمها الجديد هو "المطلوب الأول" لدى إسرائيل.

ويتهم الجيش والسلطات الإسرائيلية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الجديد، يحيى السنوار، بأنه أحد المخطّطين الرئيسيين لهجوم حماس غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر. وتعهّدت إسرائيل بتصفيته.

وبعد أيام من أكثر الهجمات دموية في تاريخ البلاد منذ عقود، وصف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، ريتشارد هيخت، السنوار بأنه "ميت يمشي على الأرض" في إشارة إلى أن إسرائيل مصممة على قتله.

واعتبر محللون أن خطوة حماس بمثابة "رسالة واضحة" إلى إسرائيل بأن مقتل من يتولى زمام مفاوضات وقف إطلاق النار، يمثل "تحد" لحكومة رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، التي تتهمها حماس بإفشال المحادثات.

كما اختيار السنوار لقيادة حماس، يعقّد من المفاوضات المتعثرة بالفعل، لا سيما أنه يدير المفاوضات ويتسبب في مثل هذه التعقيدات بحسب تقارير إعلامية غربية.

في مايو الماضي، وصف تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" نقلا عن مسؤولين من حماس وإسرائيل والولايات المتحدة، السنوار بأنه "مفاوض ذكي نجح في منع حدوث انتصار إسرائيلي في ساحة المعركة بينما جعل المبعوثين الإسرائيليين يشاركون على طاولة المفاوضات".

رسائل حماس

بعد التعيين الذي أعلن عنه خلال وقت متأخر من مساء الثلاثاء، كتب وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، على منصة "إكس أن "تعيين الإرهابي يحيى السنوار على رأس حماس خلفا لإسماعيل هنية، سبب إضافي لتصفيته سريعا ومحو هذه المنظمة الحقيرة من الخارطة".

وفي السياق ذاته، أكد الجيش الإسرائيلي أنه سيواصل مطاردة السنوار، الذي يعتقد بأنه مختبئ تحت شبكة الأنفاق بغزة من أجل القضاء عليه.

واعتبر المحلل الفلسطيني، صلاح العواودة، في تصريحات لموقع "الحرة" أن حماس وجهت عدة رسائل بهذا الاختيار، بما في ذلك "الرسالة الأساسية وهي أنه في ظل الحرب استهدفتهم قيادتنا (هنية)، وحاليا اخترنا السنوار، فلو استطعتم قتله افعلوا".

وأضاف العواودة أن مع استمرار الحرب في غزة "بات الأمر وأن قيادة حماس محصورة في السنوار، بجانب أنه بعد مقتل هنية لم يعد هناك اعتبارات متعلقة بأفضلية وجود القيادة في الخارج حتى يتم التفاوض معها، وباتت الأفضلية للسنوار الذي لم تتمكن إسرائيل من قتله على مدار 10 أشهر، بينما من يريدون قتله في الخارج يفعلون فورا".

وفي السياق ذاته، نقلت وكالة "بلومبيرغ" عن أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، مخيمر أبو سعدة، قوله إن اختيار السنوار "كان رسالة لتحدي إسرائيل حيث تقول حماس: إذا قتلتم هنية المعتدل إلى حد ما، فها هو المزيد من المتشددين والمتطرفين على رأس الحركة".

وفي تصريحات لصحيفة "وول ستريت جورنال"، يذهب المحلل السياسي الفلسطيني، جهاد حرب، في الاتجاه ذاته قائلا إن "حماس بعثت هنا رسالة مفادها أنها مصطفة استراتيجيا خلف نهج المقاومة المسلحة وتضع السنوار كزعيم بلا منازع للحركة".

وأدت الحرب التي اندلعت بقطاع غزة إثر هجمات حماس إلى تصعيد أعمال العنف في المنطقة، في وقت يتزايد فيه التوتر بعد اغتيال هنية، بالإضافة للقيادي البارز بحزب الله اللبناني، فؤاد شكر، بالضاحية الجنوبية لبيروت.

ولم تعلّق إسرائيل على مقتل هنية في طهران، لكنها أكدت قتل شكر.

واتهمت كل من إيران وحماس وحزب الله إسرائيل باغتيال هنية في طهران يوم 31 يوليو، وتوعدت بالانتقام لمقتله الذي جاء بعد ساعات على مقتل شكر.

في الناحية المقابلة، قال المحلل السياسي الإسرائيلي، مردخاي كيدار، إن السنوار كان هو من "يدير ويتحكم في حماس منذ السابع من أكتوبر. واليوم، رسميا أُعلن رئيسا للحركة".

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يتابع كيدار: "ليست هذه الخطوة إلا تتويج للوضع القائم ووضعه في إطاره السياسي، بعدما كان واقعا منذ 10 أشهر".

ويرى المحلل الإسرائيلي، أمير أورن، من جهته، في حديثه لموقع "الحرة"، أن "الموقف باختيار السنوار لن يتغير على الإطلاق. إسرائيل بالأساس تعتبره القائد الفعلي لحماس، وكان لديه كل السلطات على المكتب السياسي للحركة بأي حال من الأحوال".

ومع ذلك، يرى محللون أن تعيين السنوار الذي كان مسجونا لدى إسرائيل لأكثر من 20 عاما قبل إطلاق سراحه عام 2011 ضمن صفقة شاليط الشهيرة، يمثل "مفاجأة".

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس المفتوحة، أيمن الرقب، إن الاختيار "كان مفاجأة وكانت هناك أسماء أخرى متداولة. المعتاد أن فلسفة المكتب السياسي لحماس هي أن يكون رئيسه خارج غزة؛ لأن وجوده بالقطاع يمثل خطورة على حياته".

وفي تصريحات لموقع "الحرة"، تحدث الرقب قائلا: "قررت حماس توجيه رسالة: قتلتم الرجل السياسي فإليكم الرجل العسكري الذي شارك ونفذ وخطط في أحداث السابع من أكتوبر".

توجه متشدد

وحينما كان معتقلا في السجون الإسرائيلية منذ عام 1987، تعلم السنوار اللغة العبرية بطلاقة وكان يتابع بنهم الصحف والقنوات الإسرائيلية المحلية.

وبحسب تقرير سابق لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن أكبر قادة حماس في غزة يستخدم الآن هذه المعرفة في الحرب مع إسرائيل.

السنوار في الوسط وعلى يمينه هنية الذي قتل في طهران
السنوار زعيم حماس الجديد.. من هو "الميت الذي يمشي على الأرض"؟
"كل شيء يبدأ وينتهي مع يحيى السنوار. هو الذي قرر مذبحة السابع من أكتوبر"، هكذا أكد الرئيس الإسرائيلي يتسحاك هرتسوغ، في مارس الماضي بشأن الرجل الذي اختارته الحركة الثلاثاء لقيادة مكتبها السياسي لخلافة إسماعيل هنية الذي تم اغتياله في طهران الأسبوع الماضي.

وفي هذا الإطار، قال الزميل البارز بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، آرون ديفيد ميلر، لوكالة "بلومبيرغ" إن "السنوار والتصعيد الإرهابي في السابع من أكتوبر أصبحا الآن وجه حماس".

وتابع ميلر، وهو مفاوض سابق بوزارة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط: "إن اختياره يؤكد ما عرفناه منذ أشهر الآن - السنوار يسيطر على حماس. كما أنه يضع حدا لأي أوهام قد تكون لدى أي شخص حول أجنحتها المعتدلة أو المتطرفة".

أما العواودة، فاعتبر في حديثه لـ "الحرة" أن السنوار بالفعل يمتلك "تأييد شعبي جارف بين الفلسطينيين من داخل وخارج حماس، بل وفي المنطقة العربية بشكل عام، وبالتالي سيكون من الصعب لأي شخص آخر أن يكون قائدا لحماس".

ماذا عن المفاوضات؟

كان وزيرا الدفاع والخارجية الأميركيين، الثلاثاء، دعيا الأطراف كافة بمنطقة الشرق الأوسط على التهدئة وعدم التصعيد، في وقت تصر فيه إيران على الانتقام من إسرائيل بعد مقتل هنية على أراضيها.

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن الولايات المتحدة أبلغت إيران وإسرائيل بشكل مباشر بوجود توافق للآراء بالشرق الأوسط على ضرورة عدم تصعيد الصراع.

وأضاف بلينكن بعد اجتماع مع وزير الدفاع، لويد أوستن، ونظيريهما الأستراليين، "يجب أن يفهم الجميع في المنطقة أن شن مزيد من الهجمات سيؤدي فقط لإدامة الصراع وعدم الاستقرار وانعدام الأمن للكل".

وبشأن توقف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس، قال بلينكن إن المحادثات الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتحرير الرهائن في حرب غزة وصلت إلى المرحلة النهائية.

وشدد على أنه "من المهم جدا أن تعمل الأطراف على وضع صيغة نهائية للاتفاق في أقرب وقت".

الحرب تركت قطاع غزة في حالة كارثية
"الردع والدبلوماسية".. استراتيجية بايدن لمنع كارثة بالشرق الأوسط
في أيام حكمه الأخيرة، يواصل الرئيس الأميركي، جو بايدن، جهوده وإداراته من أجل التوصل لوقف إطلاق نار بقطاع غزة وإعادة الرهائن لإسرائيل، لكن مساعيه تصطدم بما وصف أنه "عرقلة" من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بجانب قرار حماس الأخير تعيين المطلوب الأول لدى إسرائيل، يحيى السنوار، زعيما للحركة بدلا من، إسماعيل هنية، الذي اغتيل بالعاصمة الإيرانية.

لكن يبدو أن الأمر أصعب من ذلك، وفقا للمحلل الإسرائيلي كيدار، الذي يعتقد أنه "لا توجد مفاوضات. كل ما نراه ونسمعه هو ألاعيب من حماس، يريدون وقف الحرب ويرغبون في انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة واستمرار تهريب السلاح للقطاع، وإسرائيل لا يمكنها القبول بذلك".

وتابع: "أما بالنسبة للسنوار فهناك اعتقاد بأنه محاط بالرهائن للحفاظ على حياته، هذا تقدير إسرائيلي. لا يوجد إمكانية للوصول إلى اتفاق وفق المواقف الحالية لإسرائيل وحماس".

في المقابل، قال العواودة إن السنوار "بالفعل موجود ومشارك بقوة في المفاوضات من البداية".

وعلى المسار ذاته، نقلت وكالة رويترز عن دبلوماسي مطلع على المحادثات التي تتوسط فيها مصر وقطر بهدف وقف القتال في غزة واستعادة 115 رهينة إسرائيلية وأجنبية ما زالوا محتجزين في القطاع، إن الاختيار "يعني أنه يتعين على إسرائيل مواجهة السنوار في التوصل إلى حل لحرب غزة".

وأضاف الدبلوماسي: "إنها رسالة صلابة ولا هوادة فيها".

الغارة الإسرائيلية على مدرسة الجاعوني أدت إلى مقتل 18 شخصا بينهم ستة موظفين أمميين
الغارة الإسرائيلية على مدرسة الجاعوني أدت إلى مقتل 18 شخصا بينهم ستة موظفين أمميين

قال مسؤول أممي كبير، السبت، إن المعلمين وغيرهم من موظفي الأمم المتحدة في غزة يخشون أن يصبحوا "هدفا" بعد غارة جوية إسرائيلية هذا الأسبوع على مدرسة تؤوي نازحين في القطاع المحاصر.

وأدت الغارة الإسرائيلية، الأربعاء، على مدرسة الجاعوني التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والواقعة في وسط قطاع غزة وتؤوي نازحين، إلى مقتل 18 شخصا بينهم ستة موظفين أمميين.  

وهذه الحادثة هي الأكثر دموية التي تتعرض لها مؤسسة تابعة للأونروا منذ أكثر من 11 شهرا من الحرب، وقد أثارت إدانة دولية.

وصرّح مدير عمليات الأونروا في غزة بالإنابة سام روز لوكالة فرانس برس، السبت، بعد زيارته المدرسة في مخيم النصيرات، "قال أحد الزملاء إنهم لم يعودوا يرتدون سترة الأونروا لأنهم يشعرون أن ذلك يحولهم إلى هدف".

وأضاف "كان الزملاء يتجمعون لتناول وجبة بعد العمل في أحد الفصول الدراسية عندما أدت الضربة إلى تدمير جزء من المبنى، ولم يبق منه سوى كومة متفحمة من الحديد المسلح والخرسانة".

وتابع روز "لقد أحضر ابن أحد الموظفين وجبة طعام إلى المبنى"، موضحا أن المجموعة ناقشت بعد ذلك ما إذا كانت ستأكلها في مكتب المدير قبل أن يستقر الخيار على ما يبدو أنه فصل دراسي مزين بصور علماء.

وشدد "كانوا يأكلون عندما سقطت القنبلة".

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إنه نفّذ "ضربة دقيقة" استهدفت مسلحين من حماس داخل حرم المدرسة، وإنه اتخذ خطوات لتقليل الخطر على المدنيين.

كما نشر الجيش الإسرائيلي قائمة بأسماء تسعة أشخاص قال إنهم مسلحون قتلوا في غارة النصيرات، مضيفا أن ثلاثة منهم موظفون في وكالة الأونروا.

وقال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن المدرسة أصبحت "هدفا مشروعا" لأن حماس استخدمتها لشن هجمات.

لكن مدير عمليات الأونروا في غزة بالإنابة سام روز اعتبر أن مثل هذه التصريحات تزيد من تقويض الروح المعنوية لموظفي الأمم المتحدة الذين ما زالوا في المدرسة التي تؤوي الآلاف من المتضررين من الحرب.

وقد دفع النزاع كل سكان غزة تقريبا البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة إلى النزوح مرة واحدة على الأقل.

وقال روز "إنهم غاضبون خصوصا من الاتهامات التي وجهت بشأن تورط زملائهم في أنشطة متطرفة وإرهابية".

وأضاف أنهم "شعروا بأن ذلك تشويه لذكرى زملاء أعزاء وأصدقاء أعزاء"، موضحا أن الموظفين "مفجوعون" و"يائسون".

وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين مقتل 220 على الأقل من موظفيها في الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة والتي اندلعت بعد الهجوم الذي شنته الحركة على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر.

وأسفر الهجوم المفاجئ عن مقتل 1205 أشخاص في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

كما تم خطف 251 رهينة، لا يزال 97 منهم في غزة، بينهم 33 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم ماتوا.

وأسفرت الغارات الإسرائيلية عن مقتل 41182 شخصا على الأقل في غزة، وفق وزارة الصحة في القطاع التي تديرها حركة حماس.

وأعلنت الأونروا، الجمعة، مقتل أحد موظفيها خلال عملية عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، وهي سابقة في المنطقة منذ أكثر من عقد.

توظف الوكالة الأممية أكثر من 30 ألف شخص في الأراضي الفلسطينية وأماكن أخرى.

وتعيش الأونروا أزمة منذ أن اتهمت إسرائيل 19 من موظفيها بالضلوع في هجوم السابع من أكتوبر.

وبعد أن أكملت هيئة الرقابة التابعة للأمم المتحدة تحقيقات في هذا الشأن، أعلنت المنظمة في الخامس من أغسطس أن تسعة موظفين في الأونروا "ربما شاركوا" في هجوم حماس، موضحة أنها قامت بـ"إنهاء خدمات هؤلاء الأشخاص التسعة".

وقال حينها المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق إنه "في واحدة من الحالات، لم يحصل مكتب خدمات الرقابة الداخلية على أي دليل يدعم الادعاء ضد الموظف، وفي تسع حالات أخرى، كانت الأدلة التي حصل عليها مكتب خدمات الرقابة الداخلية غير كافية لدعم الادعاء ضد الموظفين".