كمية المساعدات التي تصل إلى غزة انخفضت منذ العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح
كمية المساعدات التي تصل إلى غزة انخفضت منذ العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح

سلط تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية الضوء على انخفاض كمية المساعدات في غزة، منذ العملية العسكرية الإسرائيلية بمدينة رفح جنوبي القطاع، مما جعل توافر الطعام "أكثر صعوبة" بالنسبة لسكان القطاع الفلسطيني المدمر.

وبحسب تقرير الصحيفة، فإن سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، يكافحون من أجل العثور على ما يكفي من الطعام، حيث يواجه معظمهم مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي.

وتنفذ إسرائيل منذ مايو الماضي عملية عسكرية في رفح بالقرب من الحدود المصرية، أدت إلى إغلاق معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر، الذي كانت المساعدات الإنسانية والإغاثية تتدفق من خلاله، حيث ترفض القاهرة إعادة تشغليه في ظل تواجد قوات إسرائيلية، فيما تجري مناقشات مع إسرائيل للوصول إلى تفاهمات.

وتقضي السيدة الغزيّة، تهاني منير، التي تحدثت لـ"وول ستريت جورنال"، ساعات في التفكير في كيفية توزيع الإمدادات الغذائية المتناقصة بين أطفالها الصغار الذين يعانون من سوء التغذية، من بينهم اثنان مرضى ويفقدان الوزن بسرعة.

وقالت منير، التي تعيش في الغالب على الأغذية المعلبة منذ عدة أشهر، مع ندرة الوصول إلى الخضروات الطازجة والبروتين والأدوية، إنه من الصعب علاج اليرقان الذي تعاني منه ابنتها البالغة من العمر 14 عاما والديدان المعوية التي يعاني منها ابنها البالغ من العمر 9 أعوام.

وأضافت للصحيفة: "كانت مسكنات الألم هي الشيء الوحيد الذي تمكنت من تقديمه للأطفال، لكنني لا أستطيع حتى الآن تقديم طعام أفضل".

انخفاض المساعدات

وانخفضت كمية المساعدات التي تصل لسكان غزة منذ العملية الإسرائيلية في رفح، التي لجأ إليها أكثر من مليون فلسطيني نزح من مدن القطاع الأخرى، حيث كانت تضم جزءا كبيرا من البنية التحتية لتوزيع المساعدات، وفقا للأمم المتحدة ومنظمات إنسانية.

والأسبوع الماضي، قال متحدثة باسم الأمم المتحدة إن "حجم المساعدات التي يمكن نقلها عبر المعابر الحدودية العاملة إلى غزة انخفض بأكثر من النصف منذ أوائل مايو عندما أُغلق معبر رفح".

وأضافت الأمم المتحدة أن متوسط ​​عدد الشاحنات التي تدخل القطاع يوميا انخفض من 169 شاحنة في أبريل إلى أقل من 80 شاحنة في يونيو ويوليو الماضيين.

قبل عملية رفح، كانت المنظمات الإغاثية تقيم خياما ومحطات لطهي الطعام تخدم نحو مليون شخص لجأوا إلى هناك، حيث كانوا يعتمدون على معبر رفح الحدودي لشحن المساعدات، غير أنها باتت غير قادرة من تكرار تنفيذ هذا النظام.

ونقلت الصحيفة عن المتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا)، جولييت توما، قولها إن "الوكالة نقلت معظم عملياتها الإغاثية من رفح إلى وسط القطاع لمواكبة تدفق الناس. لكن مع النزوح المستمر، تتغير المنطقة الرئيسية التي يلجأ إليها الناس بشكل متكرر، مما يجعل من الصعب توحيد مراكز المساعدات كما كانت الحال في رفح".

في المقابل، قالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن تسهيل دخول الشحنات إلى غزة، إن هناك 4 معابر تتدفق من خلالها المساعدات إلى غزة، بما في ذلك 3 معابر تم فتحها مؤخرا.

لكن منظمات الإغاثة تقول إن بعض المعابر تعطي الأولوية للسلع التجارية بدلا من المساعدات، وأن هذه المعابر لا تعوض عن إغلاق معبر رفح، وفقا للصحيفة، التي أشارت إلى أن انهيار القانون والنظام بالقطاع جعل شاحنات المساعدات هدفا للمجرمين، كما أنها تتعرض لـ"النهب" قبل أن يصل الطعام إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليه.

"نعيش على الخضروات"

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن امرأة تدعى، سماهر عرفات، التي انتقلت لرفح في وقت مبكر من الحرب قبل النزوح مرة أخرى إلى الجزء الأوسط من القطاع، قولها إن "أختي تعيش في الخيمة المجاورة فقدت أكثر من 20 كيلوغراما منذ بدء الحرب".

وأضافت عرفات (50 عاما) وهي أم لخمسة أطفال، ولم تتلقَ أي مساعدات منذ أسابيع: "خلال اليومين الماضيين، كنا نعيش على الخضروات التي وجدها ابني على الأرض بعد نهب الشاحنات المتجهة إلى الشمال".

ومن جانبها، ذكرت منير، التي عملت كمعلمة لغة فرنسية بمدرسة خاصة قبل اندلاع الحرب: "آخر مرة تناولنا فيها البروتين كانت قبل شهر، عندما اشترينا كيلوغرامين من السمك. كان سعر الوجبة الواحدة أكثر من 100 دولار، لكننا كنا بحاجة حقا إلى تناول شيء صحي".

إلى ذلك، أكدت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق، وفق "وول ستريت جورنال"، أن إسرائيل تسعى باستمرار إلى إيجاد طرق لتسهيل تدفق المساعدات إلى قطاع غزة.

وقالت الوحدة إن "إسرائيل تواصل اتخاذ خطوات هامة لمساعدة المجتمع الدولي في توسيع نطاق تسليم المساعدات، وتحسين القدرات اللوجستية، وتسهيل حركة المساعدات داخل قطاع غزة".

اندلعت الحرب في قطاع غزة، إثر هجوم حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أُتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل نحو 40 ألف فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وفق ما أعلنته السلطات الصحية بالقطاع.

منطقة تل السلطان في رفح أصبحت عبارة عن مشهد من الدمار
منطقة تل السلطان في رفح أصبحت عبارة عن مشهد من الدمار

نظّم الجيش الإسرائيلي، الجمعة، جولة للصحفيين في الشريط الحدودي جنوبي غزة، والذي أصبح يمثل العائق الأكبر في محادثات وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى منطقة مدمرة مجاورة حيث تقاتل القوات الإسرائيلية مسلحي حماس منذ أشهر. 

والجولة التي تمت بمرافقة عسكرية قدمت لمحة نادرة عن مدينة رفح الواقعة جنوب غزة، وممر فيلادلفيا، الشريط الضيق الذي يحد مصر، والذي سيطرت عليه القوات الإسرائيلية، في مايو، وفق تقرير مصوّر نشرته أسوشيتد برس.

رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أكد أن إسرائيل يجب أن تحتفظ بالسيطرة عليه في أي اتفاق لوقف إطلاق النار، وهو مطلب ترفضه حماس ومصر.

الممر بدا كئيبا وفق وصف وكالة أسوشيتد برس، بالرغم من تعبيد طريق جديد على طول السياج الحدودي، ليحل محل الطريق المتضرر السابق.

الطريق يتوسط مساحات واسعة من التراب المترامي على مدى النظر الناجم عن عمليات الحفر بواسطة الجرافات الإسرائيلية، وعدد قليل من المباني المدمرة.

في الأفق، امتدت معالم رفح المدمرة، بينما يمكن رؤية صحراء شبه جزيرة سيناء المصرية على الجانب الآخر من الحدود.

نتانياهو ذكر أن عددا من الأنفاق التي تم اكتشافها في الممر تحت الحدود استُخدمت من قبل حماس لتهريب الأسلحة، لكن مصر من جانبها فندت ذلك وأكدت أنها أغلقت جميع الأنفاق على جانبها قبل سنوات.

منطقة تل السلطان المجاورة في رفح، أصبحت عبارة عن مشهد من الدمار هي الأخرى، وذلك بعد شهور من الغارات العسكرية الإسرائيلية.

أكوام ضخمة من الأنقاض، التي كانت في السابق منازل للفلسطينيين، امتدت على طول الطرق. فيما ظلت بعض هياكل المباني الخرسانية المحطمة قائمة.

المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، قال إن القوات لا تزال تقاتل مسلحي حماس الذين يعملون من "متاهة من الأنفاق" تحت المنطقة.

كما أشار إلى مدخل نفق حيث قُتل ستة رهائن إسرائيليين قبل أسبوعين عندما اقتربت القوات الإسرائيلية من المكان.

الجيش ذكر أنه تم اكتشاف مدخل النفق في منزل عن طريق الصدفة عندما كانت جرافة تعمل وكادت تسقط في المدخل.

وفي اليوم التالي، عثروا على جثث الستة، الذين يبدو أنهم قُتلوا بالرصاص.

وقال هاغاري: "نجمع جميع الأدلة والحمض النووي لتحديد وملاحقة الذين ارتكبوا هذه الجريمة المروعة".

وكانت القوات الإسرائيلية قد دخلت رفح في مايو، ما أجبر نحو 1.4 مليون فلسطيني على الفرار، بما في ذلك سكان رفح ومئات الآلاف من الأشخاص الذين لجأوا إلى المنطقة من أجزاء أخرى من غزة. وهم الآن موزعون في جنوب ووسط غزة.

الصحفيون المشاركون في جولة الجمعة لم يتمكنوا من زيارة أجزاء أخرى من المدينة، حيث منعت إسرائيل الصحفيين الدوليين من دخول غزة بشكل مستقل منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر الذي أشعل الحرب، رغم أنها قامت في السابق بتنسيق زيارات محدودة لبعضهم إلى مناطق أخرى من غزة.