العديد من منشآت المياه تعرضت للتدمير أو الأضرار نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة
العديد من منشآت المياه تعرضت للتدمير أو الأضرار نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة

تسببت ملاحقة إسرائيل المتواصلة لمسلحي حماس في الضغط على المدنيين الفلسطينيين الذين باتوا محاصرين في مناطق صغيرة في قطاع غزة، مما يزيد المخاوف بشأن تفشي الأمراض وتدهور الظروف المعيشية بالتزامن مع تضرر أو تدمير العديد من البنية التحتية الرئيسية المعنية بتوفير المياه في القطاع.

وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال" فقد كان قطاع غزة يعتبر من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في العالم قبا اندلاع الحرب، لكن المساحات المخصصة لنحو مليوني نسمة من سكان القطاع تقلصت اليوم بشكل كبير نتيجة النزاع.

في الأسابيع الأخيرة، وسعت إسرائيل هجومها ضد حماس في غزة ليشمل أحياء كانت تعتبر سابقا مناطق آمنة، يقول الجيش الإسرائيلي إن مسلحي حماس يختبئون فيها، مما يضيق الخناق على المدنيين ويجبرهم على التكدس في أجزاء أصغر من القطاع.

حتى الآن هذا الشهر، أصدرت القوات العسكرية الإسرائيلية ما لا يقل عن تسع أوامر إخلاء تشمل مناطق حددتها سابقا كمناطق إنسانية.

وتقدر الأمم المتحدة أن هذه التوجيهات أثرت على أكثر من 200 ألف شخص، مما يعني أن سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة محصورون الآن في منطقة تقدر بنحو 24 كيلومترا مربعا.

من شأن تقلص المساحة التي يمكن للفلسطينيين اللجوء إليها أن يزيد من المخاوف من تفشي الأمراض وتفاقم الأوضاع المعيشية والمزيد من الضغط على المرافق الموجودة، وفقا لمسؤولة السياسات في منظمة أوكسفام الخيرية التي تعمل في قطاع غزة بشرى الخالدي.

وكانت إسرائيل حذرت مرار من أن مسلحي حماس يستخدمون منطقة إنسانية تُعرف باسم "المواصي" لشن هجمات صاروخية وإعادة التمركز.

وتسببت الضربات الجوية الإسرائيلية في سقوط ضحايا مدنيين في المنطقة، مما دفع بعض الفلسطينيين إلى الاستنتاج بأنه لا يوجد جزء من القطاع آمن.

وقالت القوات الإسرائيلية إن "إحدى التدابير لتقليل الأضرار المدنية هي إخلاء السكان المدنيين من مناطق القتال"، لكنها لم ترد على طلب للتعليق حول التأثير الإنساني لتقليص المساحة المخصصة للمدنيين.

ولتجنب المزيد من الخسائر في صفوف المدنيين، طلبت إسرائيل من المدنيين التكدس في جزء أصغر من منطقة المواصي، وهي منطقة تقول منظمات الإغاثة إنها مليئة بالفعل بالفلسطينيين الذين يعيشون في الخيام، في ظل نقص حاد في البنية التحتية الطبية والطعام ومياه الشرب النظيفة.

تقول دعاء أبو دقة، البالغة من العمر 35 عاما والتي تعاني من إعاقة، إنها انتقلت مؤخرا إلى منطقة المواصي بعد تلقيها أمر إخلاء، لكنها عادت بعد أسبوع فقط إلى مخيم بالقرب من مدينة خان يونس جنوب غزة.

وأشارت أبو دقة إلى أن إعاقتها جعلت من التنقل المتكرر حول القطاع أمرا صعبا للغاية، مضيفة بالقول: "لقد سُرق كرسيي المتحرك، ويجب عليّ العثور على سيارة في كل مرة يُطلب منا الإخلاء، وهو أمر غير متاح".

وتابعت أبو دقة أنه "في بعض الأحيان يجب أن يجري حملي، لكي أتمكن من الهروب من الموت".

لا مياه للشرب

بالمقابل تؤكد الأمم المتحدة وهيئات دولية أخرى، تعرض العديد من منشآت المياه للتدمير أو الأضرار نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، مما زاد من معاناة السكان المدنيين، وأدى إلى مخاطر انتشار الأمراض.

وتنقل شبكة "سي إن إن" عن منظمة أوكسفام القول إن كمية المياه المتاحة في غزة تبلغ 4.74 لتر من الماء لكل شخص يوميا، مضيفةً أن هذا الرقم "أقل بقليل من ثلث الحد الأدنى الموصى به في حالات الطوارئ".

واتهمت المنظمة الدولية غير الربحية إسرائيل باستخدام المياه كـ"سلاح حرب"، قائلة إن الفلسطينيين في غزة "ليس لديهم مياه للشرب تقريبا، ناهيك عن الاستحمام والطهي والتنظيف."

وتسببت الحرب على غزة في تقليص إمدادات الوقود والكلور وقطع الغيار، مما أعاق إنتاج المياه وتنقيتها وضخ مياه الصرف الصحي، وفقا للأمم المتحدة.

وقالت مجموعة "WASH"، التي تقودها الأمم المتحدة وتنسق الجهود الإنسانية في مجال المياه والصرف الصحي والنظافة، إن حوالي 70 في المئة من جميع منشآت المياه والصرف الصحي في غزة دمرت أو تضررت.

وسجلت وزارة الصحة في غزة أكثر من 1.7 مليون حالة من الأمراض المعدية، حيث وُجدت آثار لفيروس شلل الأطفال شديد العدوى، الذي ينتقل من خلال البراز والمياه أو الطعام الملوث، في طفل يبلغ من العمر 10 أشهر في مدينة دير البلح وسط غزة في وقت سابق من هذا الشهر.

وقالت الأمم المتحدة، الجمعة، إن الطفل أصيب بالشلل لاحقا نتيجة لذلك.

وتقول الشبكة إن منظمة الصحة العالمية اكتشف وجود آثار للفيروس في عينات من مياه الصرف الصحي في غزة في يوليو، مما يعرض آلاف الفلسطينيين لخطر الإصابة بمرض يمكن أن يتسبب في الشلل.

يقول علاء رياض، الرجل البالغ من العمر 42 عاما، إنه يضطر للسير عدة كيلومترات يوميا تحت أشعة الشمس الحارقة من أجل جلب الماء لعائلته في بيت لاهيا شمالي غزة.

ويضيف رياض، الذي قُتلت زوجته و18 من أقاربه جراء القصف الإسرائيلي قبل عدة أشهر، "لقد وجدنا ديدان في الماء أكثر من مرة، لكن ماذا يمكننا أن نفعل".

في الأسبوع الأول من الحرب، اضطر سعيد المدهون، منسق الاستجابة للطوارئ لدى وكالة "كير" للإغاثة الدولية، إلى الفرار مع عائلته من هجوم إسرائيلي بالقرب من منزلهم في مدينة غزة، والذي دُمر لاحقًا جراء القصف.

يعيش المدهون حاليا في ظروف بائسة في دير البلح مع زوجته وخمسة من أطفاله، الذين تتراوح أعمارهم بين 1 و13 عاما، لا يتوفر لهم سوى 20 لتر من الماء يوميا، أي أقل من الحد الأدنى البالغ 3 لترات للشخص الواحد المطلوب للعيش، وفقا لليونيسف.

يقول المدهون إن "معظم المياه التي نحصل عليها غير صالحة للشرب... وغالبا ما تكون ذات طعم مالح أو معدني." وأضاف: "رأيت أطفالا يشربون من برك المياه الآسنة".

التبرعات الوهمية مولت أنشطة حماس
التبرعات الوهمية مولت أنشطة حماس

أعلنت الولايات المتحدة، الاثنين، فرض عقوبات جديدة على كيانات وأفراد داعمين لحركة حماس في قطاع غزة، قالت إن العديد منهم عملوا تحت غطاء جمعيات خيرية وهمية، مكنت الحركة من جمع 10 ملايين دولار شهريا منذ بداية العام الحالي.

وتزامن الإعلان عن العقوبات مع الذكرى الأولى لهجوم حماس الدموي على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي، حيث قتل مسلحو التنظيم 1200 شخص، غالبيتهم من المدنيين، واختطفوا نحو 250 شخصا.

ووضع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية ثلاثة أفراد ومؤسسة خيرية وهمية تعتبر من أبرز الداعمين الماليين الدوليين لحماس، بالإضافة إلى مؤسسة مالية تسيطر عليها حماس في غزة على لائحة العقوبات.

واستهدفت واشنطن أيضا مؤيدا قديما لحماس، وهو مواطن يمني يعيش في تركيا، وتسعا من شركاته التي تعمل في مناطق مختلفة حول العالم.

وهذه المرة الثامنة التي يتم فيها استهداف شبكات الدعم المالي لحماس منذ هجوم السابع من أكتوبر، وفق بيان لوزارة الخزانة.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان آخر إن العقوبات "تشمل شخصيات تسعى للتلاعب بمعاناة المدنيين الفلسطينيين".

وجاء في البيان، الذي نشره المتحدث باسم الخارجية، ماثيو ميلر: "اليوم يصادف مرور عام على الهجوم الوحشي الذي شنته حماس على إسرائيل. تواصل الولايات المتحدة اتخاذ إجراءات لتقليص قدرة حماس على جمع الأموال داخليا وخارجيا".

وقال ميلر إن "هؤلاء الأفراد والكيانات من بين أبرز الداعمين لحماس ويسعون إلى التلاعب بمعاناة المدنيين الفلسطينيين الأبرياء لتحقيق أهدافهم الخبيثة. وهم يلعبون أدوارا أساسية في توفير الأموال لأنشطة حماس الإرهابية، تحت ستار العمل الخيري".

وأضاف بيان الوزارة أن هذا التحرك "يفضح هذه الجمعيات الخيرية الوهمية، التي تدعي تقديم المساعدات الإنسانية ولكنها بدلا من ذلك تحول الأموال إلى حماس".

وجاء في بيان وزارة الخزانة أن الإجراء الأخير يسلط الضوء على "إساءة استخدام قطاع المنظمات غير الربحية من قبل ممولي الإرهاب لتوليد الإيرادات".

وقالت وزيرة الخزانة، جانيت يلين: "مع مرور عام منذ الهجوم الإرهابي الوحشي الذي شنته حماس، ستواصل وزارة الخزانة بلا هوادة العمل على الحد من قدرة حماس وغيرها من حلفاء إيران المزعزعين للاستقرار على تمويل عملياتهم وتنفيذ أعمال عنف أخرى".

وقالت الوزارة إنه اعتبارا من أوائل عام 2024، ربما تلقت حماس ما يصل إلى 10 ملايين دولار شهريا من خلال التبرعات.

وتعتبر أوروبا مصدرا رئيسيا لجمع التبرعات للحركة، وهو ما يفسر حفاظ الحركة على وجود تمثيل لها في جميع أنحاء القارة، منذ فترة طويلة، من أجل جمع الأموال، من خلال الجمعيات الخيرية الوهمية.

"الأحمر"

وجاء في قائمة العقوبات حامد عبد الله حسين الأحمر، وهو مواطن يمني يعيش في تركيا، وأحد أبرز الممولين الدوليين لحماس.

والأحمر داعم رئيسي لمحفظة الاستثمار السرية لحماس، التي أدارت أصولا تزيد قيمتها عن 500 مليون دولار، "ما مكن قادة حماس من العيش في رفاهية خارج الأراضي الفلسطينية على الرغم من الاحتياجات الإنسانية الحقيقية لشعب غزة".

ووضعت الوزارة 9 كيانات يحظر التعامل معها كونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة الأحمر بشكل مباشر أو غير مباشر، وهذه الشركات تقع في التشيك ولبنان وتركيا.

جامعو التبرعات لحماس في أوروبا

وشملت العقوبات محمد حنون، وهو عضو في حماس مقيم في إيطاليا، أسس "جمعية التضامن مع الشعب الفلسطيني" Associazione Benefica di Solidarità con il Popolo Palestinese (ABSPP)، وهي جمعية خيرية وهمية في إيطاليا تجمع الأموال ظاهريا لأغراض إنسانية، لكنها في الواقع تساعد في تمويل الجناح العسكري لحماس. 

وتشير الوزارة إلى أنه أرسل ما لا يقل عن 4 ملايين دولار إلى حماس على مدى 10 سنوات.

وشملت العقوبات ماجد الزير، وهو أقدم ممثل لحماس في ألمانيا، وأحد كبار أعضاء حماس في أوروبا، وقد ظهر علنا مع كبار قادة حماس. وتقول وزارة الخزانة إنه لعب دورا محوريا في جمع التبرعات للجماعة في أوروبا.

وورد اسم عادل دوغمان، المسؤول عن نشاط حماس في النمسا، أحد أبرز ممثلي حماس في أوروبا، ولديه علاقات وثيقة بكبار قادة حماس، وشغل مناصب عليا في مؤسسات تابعة للحركة تنقل الأموال إلى المنظمة.

ويشارك دوغمان في المؤتمرات والوفود نيابة عن حماس، ويعمل مع مؤسسات أخرى تابعة للحركة.

مصرف تحت سيطرة حماس

وتقول وزارة الخزانة إن حماس تستخدم البنوك غير المرخصة، مثل بنك الإنتاج، لتوفير التمويل والالتفاف على العقوبات الدولية، من خلال العمل خارج النظام المالي الدولي.

وبنك الإنتاج، الذي تأسس عام 2013، بنك غير مرخص تديره حماس في غزة، ويقدم خدمات مالية للحركة، على الرغم من عدم ارتباطه بالبنوك الدولية.