أطفال ينتظرون دورهم للحصول على التطعيم في غزة
أطفال ينتظرون دورهم للحصول على التطعيم في غزة

وقف آباء قلقون في طوابير، الأربعاء، مع أطفالهم للحصول على اللقاح المضاد لشلل الأطفال في وسط قطاع غزة وهم يعدون الدقائق قبل أن تنتهي ساعات وقف القتال في المنطقة مما ينذر بمزيد من الموت والدمار في حرب تدور رحاها منذ 11 شهرا.

وبينما كان مسؤولو الصحة يوزعون الجرعات، تساءلت أم من غزة تدعى هدى الشيخ عن الجدوى التي قد تعود على أطفالها من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال بعد أن يرجعوا لمواجهة مزيد من الضربات الجوية والقصف الإسرائيلي.

وقالت هدى "حاليا بتطعموا أطفالنا من شلل الأطفال، يعني من فيروس بسيط، طيب ما هم كل يوم بيقتلوا فيهم، مفيش أساسا حماية إلهم وخلال ساعات بسيطة هتخلص الهدنة وهيرجع قصف الأطفال وقتل الأطفال، مفيش أي حماية غير هيك بخلاف هاي الست ساعات".

وأضافت "أتمنى وقف إطلاق نار دائم. يعني إحنا تنفسنا أكتر من ساعة عشان أطفالنا يعني، فما بالك عم بيصير وقف إطلاق نار دائم. الأطفال عمالة (باستمرار) بتموت كل يوم، جايين اليوم يعطونا تطعيم شلل الأطفال، خايفين عليهم يموتوا مثلا؟ طيب من أنتم بتموتوا فيهم كل يوم، فاحنا (نحن) بنتمنى يصير فيه وقف إطلاق نار دائم".

وانطلقت حملة التطعيم الطارئة ضد مرض شلل الأطفال في قطاع غزة بعد اكتشاف إصابة رضيع بشلل الأطفال الشهر الماضي، وهي الحالة الأولى في غزة منذ 25 عاما. ووافقت إسرائيل وحركة حماس على هدن لثماني ساعات يوميا في مناطق محددة سلفا للسماح بالمضي في حملة التطعيم. ولم ترد أنباء عن أي انتهاكات.

لكن لا نهاية للحرب تلوح في الأفق فيما يبدو. وتعثرت الجهود الدبلوماسية الرامية إلى وقف دائم لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة والإفراج عن سجناء فلسطينيين في إسرائيل.

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على القطاع ردا على هجوم حماس عليها، في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.

وقالت وزارة الصحة في القطاع إن أكثر من 40861 فلسطينيا قُتلوا وأُصيب 94398 في الحملة الإسرائيلية على غزة منذاك. وفي نهاية شهر يوليو، أفادت الوزارة بمقتل 10627 طفلا.

ونزح معظم سكان غزة وعددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم، وتكرر نزوح أُسر كثيرة في قطاع غزة بحثا عن مأوى آمن.

وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة "الأونروا"، الأربعاء، إن تقدما جيدا يتحقق في حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة، لكن وقف إطلاق النار الدائم في الحرب الدائرة منذ 11 شهرا ضروري لتخفيف المعاناة الإنسانية.

وأضافت الأونروا أنه بعد ثلاثة أيام من بدء الحملة في مناطق بوسط غزة، تلقى نحو 187 ألف طفل اللقاح. وستنتقل الحملة إلى مناطق أخرى من القطاع في المرحلة الثانية.

ويقول الفلسطينيون إن السبب الرئيسي وراء عودة شلل الأطفال هو انهيار النظام الصحي وتدمير معظم مستشفيات غزة. وتتهم إسرائيل حماس باستخدام المستشفيات لأغراض عسكرية، وهو ما تنفيه الحركة.

وقالت هديل الدربية، التي أحضرت ابنتها الرضيعة للتطعيم ضد شلل الأطفال، إنها غير متفائلة مثل الآباء الآخرين في غزة.

وأضافت "زي ما أنتم شفتم التطعيمات اليوم للأطفال اللي من الحرب، طيب ما ليش ما تتوقف الحرب، بدل ما تجيبوا (تحضروا) تطعيمات جيبوا (حققوا) حل وقف الحرب، جيبوا حل للناس المنكوبة اللي تشردت من بيوتها وتشردت في الخيم، الناس الأطفال، أنا بشوف أطفال أشلاء ونشوف حاجات ما بنعرفش كيف... إحنا حتى الآن مش عارفين إن إحنا كيف عايشين وشايفينها".

وتابعت" احنا بنطلب منكم توقفوا الحرب وبنفس الوقت جيبوا لنا الشغلات اللي احنا نقدر نعيش فيها، يعني فيه حرب ودمار ووساخة يعني لا في منظفات ولا في أمان ولا في سلام ولا في مصادر الواحد يقدر يعيش فيها، فاحنا بنطلب منكم أن تقفوا معانا وتساندونا وتشوفوا احتياجاتنا".

آثار غارة إسرائيلية على مدرسة تأوي نازحين في مدينة غزة - صورة أرشيفية.
آثار غارة إسرائيلية على مدرسة تأوي نازحين في مدينة غزة - صورة أرشيفية.

قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، الاثنين، إن أكثر من 600 ألف طالب يحرمون من التعليم في غزة لعام آخر، مع استمرار الحرب بين إسرائيل وحركة حماس منذ 7 أكتوبر الماضي.

وأضافت أن التعليم غير متاح في مدارسها بقطاع غزة، والبالغ عددها 200 مدرسة، حيث يتم استخدام العديد منها كملاجئ للفلسطينيين النازحين، فيما تم تدمير عدد آخر بقصف إسرائيلي.

وأكدت أن فرقها لا تزال تقدم أنشطة ترفيهية ودعما نفسيا واجتماعيا في بعض مدارسها.

وأوضحت أن الأطفال في غزة يعانون من أسوأ آثار الأزمة الإنسانية هناك، بما في ذلك خطر تفشي الأمراض، مشيرة إلى استمرار الجهود لتحصين الأطفال ضد مرض شلل الأطفال.

وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن المرحلة الثانية من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال اختتمت، الأحد، في جنوب غزة. وقال المكتب إنه تم الوصول إلى أكثر من 256 ألف طفل دون سن 10 سنوات في خان يونس ورفح على مدى أربعة أيام خلال المرحلة الثانية من حملة التطعيم.

وأضاف أن الجولة الأولى من الحملة اكتملت بنسبة 70 في المئة تقريبا، حيث تم تطعيم أكثر من 446 ألف طفل من أصل 640 ألف طفل مستهدفين خلال هذه الجولة الأولى، مفيدا بأنه من المتوقع أن تبدأ الجولة الثانية من التطعيم في غضون أربعة أسابيع تقريبا.

تأثير أوامر الإخلاء

ومن المقرر أن تبدأ المرحلة الأخيرة من هذه الجولة الأولى، الثلاثاء، في شمال غزة، وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية. لكنه أشار إلى أن أوامر الإخلاء الجديدة الصادرة لأجزاء من الشمال تشمل مناطق تم الاتفاق فيها على توقف القتال لإتاحة المجال للتطعيم ضد شلل الأطفال.

وأضاف المكتب الأممي أن من بين المتضررين من أمر الإخلاء هذا حوالي 5000 نازح لجأوا إلى سبعة مراكز جماعية، معظمها مبانٍ كانت تستخدم كمدارس، وذلك وفقا للتقييمات الأولية التي أجراها شركاء الأمم المتحدة في المجال الإنساني.

وحذر المكتب من أن أوامر الإخلاء المتكررة تعمق الأزمة الإنسانية لمئات الآلاف من الناس في غزة، وأنه حتى اليوم، لا يزال أكثر من 55 أمرا بالإخلاء ساريا، والأوامر تغطي ما يصل إلى 86 في المئة من مساحة قطاع غزة.

ونبه إلى أن هذه التوجيهات إلى جانب الأعمال العدائية النشطة والهجمات على قوافل المساعدات وتدمير الطرق الرئيسية ووجود ذخائر غير منفجرة وانعدام النظام العام والسلامة، تعوق عمليات الإغاثة في غزة.

وأشار مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية كذلك إلى استمرار عمليات التأخير والمنع في تقييد وصول المساعدات الإنسانية بشكل كبير.

وأوضح أن عدد البعثات والتنقلات الإنسانية داخل غزة التي رفضت السلطات الإسرائيلية السماح لها بالوصول تضاعف تقريبا في أغسطس مقارنة بشهر يوليو، حيث تم رفض 105 بعثات وتنقلات في الشهر الماضي، مقابل 53 في الشهر الذي سبقه.