سحب الجيش الإسرائيلي قواته من مدينة جنين في الضفة الغربية، الجمعة، بعد عملية عسكرية استمرت عشرة أيام، تعتبر واحدة من الأطول والأكثر دموية في الأراضي الفلسطينية منذ سنوات، بحسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست.
وبعد انسحاب القوات الإسرائيلية تكشَّفت آثار الدمار الذي خلفته العملية العسكرية، فيما قالت إسرائيل إنها "قتلت 14 مسلحا" واعتقلت 30 شخصا.
وجنين الواقعة في الجزء الشمالي من الضفة الغربية معقل لفصائل فلسطينية مسلحة منذ فترة طويلة بحسب رويترز. وقال الجيش الإسرائيلي إن العملية، التي استهدفت أيضا مدينة طولكرم، كانت تهدف إلى التصدي لجماعات مسلحة مدعومة من إيران تخطط لشن هجمات على المدنيين الإسرائيليين.
ونقلت الصحيفة عن وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن 21 شخصا قتلوا بينهم أطفال ومسنين وفتاة تبلغ من العمر 16 عاما أصيبت برصاص قناص على ما يبدو وهي تنظر من النافذة.
وتزعم إسرائيل عثورها على "مخازن أسلحة ومتفجرات في المنطقة"، ولم تعلن انسحاب قواتها من جنين.
وقالت إن "مسؤول نشاط حماس في جنين وسام خازم (28 عاما) تم قتله"، وهو ما أكدته حماس أيضا.
وذكر رئيس بلدية جنين، نضال أبو صالح في تصريحات، الخميس، أن "الأضرار الناجمة عن التوغل الإسرائيلي الأخير، أثرت على البنية التحتية للمدينة، بما في ذلك شبكة الطرق وشبكات المياه والصرف الصحي، وشبكة الكهرباء".
وأضاف أنه لم يتم إحصاء جميع الأضرار، لكن ما تم رصده حتى الخميس تقدر تكلفته بـ 13 مليون دولار، مشيرا إلى أنه لا يمكن تقييم الوضع بدقة إلا بعد "مغادرة" القوات الإسرائيلية.
وتابع أن أضرار العمليات الإسرائيلية والتوغلات في المدينة خلال الأشهر الـ 11 الماضية، تقدر لوحدها بـ 26 مليون دولار، منوها إلى أن الجيش الإسرائيلي هذه المرة "دمر المبنى التجاري بالكامل في منطقة دوار السينما، الذي يعد قلب التجارة في المدينة".
وزارة الخارجية الفلسطينية اتهمت في منشور لها الجمعة على شبكات التواصل، إسرائيل بالسعي "إلى إعادة إنتاج جرائهما الوحشية في غزة وإلحاقها بالضفة الغربية".
وأضاف أن هذا الدمار شهدناه في "جنين وطولكرم ومخيمات اللاجئين فيها، في استهداف واضح لحياة المدنيين الفلسطينيين".
وبدأت الجرافات في إزالة أكوام الحطام والأنقاض، ناهيك عن إجبار الآلاف من السكان على ترك منازلهم خلال العملية العسكرية.
ولا تزال خدمات المياه والكهرباء مقطوعة ودمرت الجرافات الإسرائيلية حوالي 20 كلم من الطريق، وهو أسلوب قال الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى تحييد القنابل على جانبي الطريق لكنه جرف الكثير من وسط المدينة، بحسب رويترز.
وذكر بيان للجيش أنه جرى تفكيك 30 عبوة ناسفة مزروعة في الطرق.
وشارك الآلاف، الجمعة، ومنهم أعداد كبيرة من المسلحين الذين أطلقوا النار في الهواء في جنازات أشخاص قتلوا أثناء القتال. وجرى لف العديد من الجثث إما بالأعلام الفلسطينية أو بالأعلام الخضراء والسوداء والصفراء التي ترمز لحركات حماس والجهاد الإسلامي وفتح.
وندد رئيسا بلدية طولكرم وقلقيلية الواقعتان في شمال الضفة الغربية، الجمعة، في باريس بالعملية العسكرية الإسرائيلية، مؤكدين أنها تهدف إلى التسبب "بدمار واسع النطاق" للبنى التحتية لدفع الفلسطينيين للمغادرة.
وقال رئيس بلدية طولكرم، رياض عوض، خلال غداء مع الصحافة في باريس: "نمثل (هنا في باريس) ثلاث مدن فلسطينية تقع في شمال الضفة الغربية، وهي جنين وطولكرم وقلقيلية، استهدفها عدوان على البشر، والمباني، والأشجار والحيوانات.. إنه تدمير منهجي للبنية التحتية لدفع السكان للمغادرة".
من جهته، تحدث رئيس بلدية قلقيلية، مصطفى صلاح، عن الدمار الذي لحق بالشوارع والساحات والمواقع التراثية التاريخية والمحلات التجارية.
وتساءل "ما علاقة هذا بالمقاتلين المسلحين؟ إذا كان هناك رجل مسلح في حي، لماذا يتم تدمير الحي بأكمله؟".
وفي حين كان التركيز الرئيسي للجيش الإسرائيلي خلال معظم العام الماضي في قطاع غزة، فقد شهدت الضفة الغربية زيادة في العنف مع تكرر الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي ومسلحين فلسطينيين فضلا عن الهجمات التي شنها المستوطنون اليهود على قرى فلسطينية وهجمات لفلسطينيين على إسرائيليين.
ووفقا لبيانات وزارة الصحة الفلسطينية، قتل أكثر من 680 فلسطينيا في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وكان العديد منهم من المسلحين، لكن آخرين كانوا من الشبان الذين ألقوا حجارة في احتجاجات أو مدنيين لم يشاركوا في العنف.
وفي الفترة ذاتها، قتل العشرات من المدنيين الإسرائيليين في هجمات شنها فلسطينيون أو في هجمات صاروخية من جماعة حزب الله اللبنانية المتحالفة مع إيران.