غزة
حوالي 400 ألف نسمة يعيشون في شمال القطاع

أبلغ وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، نظيره الأميركي لويد أوستن، خلال مكالمة هاتفية، بأنه "لا يتم تنفيذ خطة اقترحها جنرالات سابقون لفرض حصار على شمالي غزة"، وفقا لما نقل موقع "أكسيوس" الأميركي عن مسؤولين إسرائيليين.

وأوضح المسؤولون أن غالانت أخبر أوستن خلال مكالمتهما، الأحد، أن إسرائيل "لا تنفذ خطة الجنرالات، ولا تفرض حصارًا على شمالي غزة".

وأشاروا إلى أن غالانت كرر هذه الرسالة في مكالمة مع السفير الأميركي لدى إسرائيل، جاك لو، الإثنين.

وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد نقلت عن مصادر إسرائيلية في وقت سابق، أن كبار مسؤولي الجيش يدرسون خطة لتحويل شمالي قطاع غزة إلى منطقة عسكرية، وإخلاء 200 ألف فلسطيني من سكان الشمال إلى جنوبي القطاع، لإبقاء المنطقة خاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية الكاملة. 

وتتضمن الخطوة الأولى من الخطة، دعوة السكان المدنيين للإخلاء نحو جنوب وادي غزة، الذي أصبح خطا فاصلا في غزة منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع المحاصر، في أكتوبر الماضي.

صورة تظهر حجم الحريق في خيم للنازحين بمستشفى فلسطيني في دير البلح- أسوشيتد برس
أدى لحرق خيام نازحين.. 4 قتلى بهجوم إسرائيلي وسط غزة
قال مسعفون فلسطينيون إن هجوما جويا إسرائيليا استهدف فناء مستشفى في قطاع غزة في وقت مبكر من صباح اليوم الاثنين، قتل أربعة أشخاص على الأقل و أطلق ألسنة لهب اجتاحت مخيما مزدحما للنازحين جراء الحرب، ما تسبب في إصابة أكثر من 20 شخصاً بحروق شديدة.

وبموجب الخطوة، سيعتبر من سيبقى من السكان "مقاتلا"، مما يعني أن اللوائح العسكرية ستسمح للقوات بقتلهم، وسيُحرمون من الطعام والماء والدواء والوقود، وفقا لنسخة من الخطة قدمها لوكالة أسوشيتد برس معدها الرئيسي، الجنرال ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، جيورا إيلاند.

وتقترح الخطة أن تواصل إسرائيل السيطرة على الشمال لفترة غير محددة، في محاولة لإنشاء إدارة جديدة بدون حماس، مقسّمة قطاع غزة إلى قسمين.

من جانبها، أشارت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إلى أنه بينما يبقى من غير الواضح ما إذا كان الجيش الإسرائيلي قد تبنى هذه الخطة جزئيا أو كليا، فيما تشير الأدلة الظرفية لما يجري  إلى أنها على الأقل "تؤثر بقوة" على التكتيكات المستخدمة ضد السكان.

واكتفت وحدة المتحدثين التابعة للجيش الإسرائيلي بالقول لموقع "الحرة": "لن نتطرق إلى الخطط العملياتية، جيش الدفاع الإسرائيلي يتصرف وفقا لقرارات المستوى السياسي".

وتعرض الجزء الشمالي من غزة، الذي يسكنه أكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، لقصف إسرائيلي شامل في المرحلة الأولى من العمليات العسكرية على القطاع، التي بدأت منذ عام عقب هجوم في السابع من أكتوبر.

وبعد عام من الهجمات الإسرائيلية المستمرة التي قتلت حتى الآن نحو 42 ألف فلسطيني، وفقا لسلطات الصحة في غزة، عاد مئات الآلاف من السكان إلى المناطق الشمالية المدمرة.

ومع بداية العمليات الأخيرة، أصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، تحذيرا على وسائل التواصل الاجتماعي، حض فيه سكان بلدات بيت لاهيا وجباليا وبيت حانون في شمال غزة وأحياء أخرى على إخلائها والانتقال إلى جنوب غزة.

وكشف الأمين العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، فيليب لازاريني، الخميس، أن "400 ألف شخص على الأقل محاصرون في المنطقة" (شمال غزة).

وأوضح في منشور  على منصة "إكس"، أنه "مع عدم توفر الإمدادات الأساسية تقريبا، ينتشر الجوع".

في المقابل، أوضح غالانت للسفير الأميركي أن الجيش الإسرائيلي فتح معبر زيكيم في شمال غرب غزة، وأن شاحنات المساعدات الأولية دخلت، الإثنين، حسبما قال مسؤولون إسرائيليون، لموقع "إكسيوس".

وقال الجيش الإسرائيلي إن 30 شاحنة تحمل الدقيق والأغذية من برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة تم نقلها  من ميناء أشدود عبر معبر "إيرز غرب" (زيكيم) إلى شمالي قطاع غزة، وفق أكسيوس.

وأوضح مسؤول إسرائيلي أن هذه كانت أول عملية تسليم مساعدات إلى شمالي غزة منذ الأسبوع الأول من أكتوبر.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن تسليم المساعدات من خلال القطاع الخاص في غزة توقف، بسبب "العلاقات بين التجار المحليين وحماس".

هل يلجأ ترامب للضغط على نتانياهو لوقف إطلاق النار في غزة؟
هل يلجأ ترامب للضغط على نتانياهو لوقف إطلاق النار في غزة؟

مع تعهده خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحروب، يثير فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة تساؤلات حول الأدوات التي سيعتمدها للضغط من أجل وقف الحرب في غزة، لا سيما بعد فشل الضغوط التي مارستها إدارة الرئيس جو بايدن على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.

ويرى المحلل السياسي نبيل ميخائيل، عضو الحزب الجمهوري، في تصريحات لموقع "الحرة" أنه لا يزال هناك 70 يوما قبل تنصيب ترامب وقد يحدث فيها وقفا لإطلاق النار في غزة. 

وتوقع مستشار الأمن القومي الأميركي جايك ساليفان الأحد إحراز تقدم في الجهود المبذولة لإنهاء القتال في غزة ولبنان، وتحرير الرهائن المحتجزين لدى حماس في "الأسابيع المقبلة".

وإذا استمرت الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر العام الماضي إلى ما بعد تنصيب ترامب في 20 يناير القادم، فإنه "لن يتردد في استخدام نفوذه لتعزيز وقف إطلاق النار"، بحسب ميخائيل. 

ويتمتع ترامب بعلاقة وثيقة مع نتانياهو الذي وصف فوز الجمهوريين في الانتخابات بأنه "انتصار كبير".

لكن ميخائيل يقول إن الرئيس المنتخب قد يلجأ إلى إجراءات قوية، مثل التلويح بقطع المعونة العسكرية لإسرائيل كوسيلة ضغط. كما يمكن أن يسعى ترامب لدفع فرنسا للعب دورٍ أكبر في كبح التمدد الإسرائيلي في لبنان، خصوصاً مع تزايد الانتقادات التي وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإسرائيل بشأن سيادة لبنان.

وأشارت صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن نتانياهو قد لا تكون لديه نفس القدرة على المناورة مع ترامب الذي من الصعب التنبؤ بأفعاله على عكس التعامل مع بايدن.

أدوات الضغط الاقتصادية والسياسية

ويرى رئيس المجلس الاستشاري في جامعة ميريلاند، الخبير في الشؤون الأميركية والشرق الأوسط، فرانك مسمار، في حديثه مع موقع "الحرة" أن ترامب، كرجل أعمال وسياسي براغماتي، يعتمد على أدوات اقتصادية لدفع التغيير، بما في ذلك خططه لدمج الاقتصاد كجزء من حلول أزمات الشرق الأوسط.

يوضح مسمار وهو عضو في الحزب الجمهوري، أن ترامب يفضل استخدام استراتيجيات اقتصادية، تبدأ بتقديم حلول لإعادة الإعمار والتنمية بعد وقف الحرب، ولفت إلى أن ترامب يرى أن تحقيق استقرار حقيقي في غزة يتطلب حلا اقتصاديا متينا يدعم الاستقرار السياسي.

وفي أول اتصال بينهما منذ عام 2017، أعرب ترامب، للرئيس الفلسطيني محمود عباس، عن عزمه العمل على إنهاء الحرب في غزة.

ويؤكد مسمار أن ترامب قبل الضلوع في تطبيق خطة لوقف إطلاق النار في غزة ستكون هناك رؤية متكاملة لديه للأيام التالية للحرب.

وأكد مسمار أن ترامب ينظر إلى لبنان كجزء من معادلة الاستقرار الإقليمي، إذ يرى ضرورة نزع سلاح الفصائل المسلحة هناك وجعل الدولة اللبنانية مسؤولة بالكامل عن حماية الحدود. "إذا أردنا وقفًا مستداما لإطلاق النار، يجب أن تملك الدولة وحدها السيادة العسكرية على أراضيها"، بحسب ما قال مسمار.

أما في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فيرى مسمار أن التحدي الأساسي يكمن في مسألة "من يمثل فلسطين اليوم".

ويعتقد مسمار أن ترامب قد يسعى لإجراء تغييرات جوهرية على مستوى القيادات في المنطقة. ويوضح: "خلال حملته، في ميشيغان، سُئل ترامب عن إنهاء الحروب، وكان جوابه يعكس رؤيته بأن هناك شخصيات في الشرق الأوسط يجب تغييرها لتحقيق السلام وفق المنظور الاقتصادي الذي يؤمن به"، في إشارة إلى أن بعض القيادات الحالية قد لا تتماشى مع السياسات الاقتصادية الجديدة التي ينوي طرحها ترامب كجزء من استراتيجيته للسلام.

ويرى مسمار أن هذه الرؤية بدأت في التبلور مع فوز ترامب بالانتخابات و"الترتيبات بدأت تطهر من خلال الحديث عن غلق مكتب حماس في قطر أي أن هناك ضغطا على حماس، بعد أن تم اغتيال قياداتها وكذلك حزب الله في لبنان".

وقال: "ما بعد حماس، هناك عملية ترتيب اتفاقيات معينة بالنسبة للغد وأنا أتصور أنه يتم عرض أسماء معينة يكون عليها توافق إسرائيلي أميركي عربي، وأنا أرجح محمد دحلان كونه من غزة وليس من لاجئي غزة".

"رسائل للعالم"

في المقابل، يرى ميخائيل أن ترامب، على عكس إدارة بايدن التي كانت تتعامل دبلوماسيا بحذر مع نتانياهو، سيعمد إلى توجيه انتقادات علنية، بهدف خلق موجة دولية من الضغط على الحكومة الإسرائيلية، ما يضع نتانياهو أمام تحديات صعبة.

ويشير إلى أن أسلوب ترامب الحازم قد يجبر نتانياهو على تقديم تنازلات، خاصة إذا شعر الأخير بتزايد الضغط العالمي وتغير الأجواء داخل واشنطن.

وترى صحيفة وول ستريت جورنال أنه "إذا كان ترامب يعتقد أن هناك حاجة إلى فرض وقف إطلاق النار في غزة، فسوف يفرضه حتى ولو بالقوة".

وتشير على أنه قد يفعل ذلك سعيا لتحقيق رؤيته بشأن "صفقة كبرى" بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.

ويقول السعوديون إن هذا يتطلب مسارا لإنشاء دولة فلسطينية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية.

ويرى مسمار أن ترامب سيواصل السعي لتوسيع "الاتفاقيات الإبراهيمية" بين إسرائيل ودول عربية أخرى، بما في ذلك السعودية.

ورغم أن مسمار يؤكد أن السعودية تظل صاحبة ثقل ديني وسياسي كبير، بحكم موقعها في العالم الإسلامي، فإن التطبيع بينها وبين إسرائيل ليس ذا أولوية كبيرة وقد يأتي مع الوقت، مستبعدا تنازلات كبيرة تقدمها إدارة ترامب.

ويشير مسمار إلى أن العلاقة الوثيقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل لا يمكن تجاهلها؛ فهي شراكة استراتيجية تقوم على أسس سياسية واقتصادية مشتركة، ما يجعل من الصعب على أي من الطرفين تجاهل مطالب الآخر.