يحيى السنوار واسماعيل هنية
هنية كان أقرب للتيار الإخواني أما السنوار فيُحسب على التيار الإيراني في الحركة

عندما أضرم التونسي محمد البوعزيزي النار بنفسه في يناير 2011، لم يكن في حسبانه أبداً أن ما أقدم عليه سيضع حركة حماس على مفترق طرق.

الاحتجاجات التي عرفت باسم "الربيع العربي" الذي أطلقته شرارة الحريق في تونس، وتدحرج إلى أنظمة عربية مختلفة، ترك شرخاً في بنيان "حماس"، الحركة الفلسطينية التي تصنّفها الولايات المتحدة الأميركية إرهابية منذ 1995. 

اندلعت انتفاضة في سوريا في مارس 2011 ضد نظام الرئيس بشار الأسد، فتوترت علاقة "حماس" بالنظام السوري، وأعلن قياديوها، وعلى رأسهم خالد مشعل وإسماعيل هنية، دعم المعارضة السورية والدعوة إلى تغيير النظام.

هنية قال في تلك الفترة: "نستبشر كل الخير بهذا الربيع وهذه الثورات وبهذه النهضة لهذه الشعوب الإسلامية العربية المباركة".  

كانت قيادة "حماس" تستقر لسنوات عديدة، منذ طرد الأردن لها من عمّان في عام 1999، في العاصمة السورية دمشق. لكن في يناير 2012، تخلى زعيم "حماس"، مشعل، عن قاعدة الحركة في دمشق، وانتقل إلى الدوحة في قطر. 

كان ذلك مؤشراً واضحاً على انكسار العلاقة بين "حماس" والنظام السوري، وعلّق رئيس النظام السوري بشار الأسد على الأمر لاحقاً في مقابلة تلفزيونية بالقول: "هذا الموقف هو موقف غدر، لأن هذه الجهة، ليس لأننا وقفنا معها، بل لأنها كانت تدّعي المقاومة في ذلك الوقت، وأنا أتحدث عن القيادات، لا أتحدث عن كل حماس، هي نفسها التي حملت علم الاحتلال الفرنسي لسوريا (يقصد العلم الذي اعتمدته المعارضة السورية)". 

ولم يكن ذلك يؤشّر فقط إلى تخلخل العلاقة بدمشق، بل أنه انسحب إلى كامل "محور الممانعة" الذي تتزعمه إيران.

وأكثر من ذلك، تحوّل مادة للانقسام داخل حركة "حماس" نفسها، بين تيارين، الأول يقف مع قطر وتركيا في دعمهما "الربيع العربي" ضد إيران و"حزب الله" اللذين يدعمان نظام الأسد. 

رداً على خطوة مشعل، علق نائب قائد "حماس" موسى أبو مرزوق،  آنذاك،  قائلاً: "الإيرانيون غير راضين عن موقفنا بشأن سوريا، وعندما لا يكونون سعداء، فإنهم لا يعاملوننا بنفس الأسلوب القديم".

أبعد من ذلك، برز الشرخ داخل الحركة بين هذين الجناحين، في تصريحات للقيادي في "حماس" داخل قطاع غزة محمود الزهار، انتقد فيها رئيس المكتب السياسي للحركة مشعل، مؤكداً أن خروج قيادات الحركة من سوريا كان بقرار فردي وليس سياسياً. 

كما ظهر هذا التباين أيضاً في رسالة تعزية وجّهها محمد الضيف، القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لـ"حماس"، إلى حزب الله، قال فيها: "يكفي للأمة استنزافاً لطاقاتها وتبديداً لإرادتها".  

وحسب دراسة للباحث عقل محمد أحمد صلاح بعنوان "حركة حماس وممارستها السياسية والديمقراطية 1992-2012"، فإن تلك المرحلة شهدت "إحراجاً كبيراً لقيادة الداخل والجناح العسكري من موقف الحركة الرسمي الذي خذل من احتضنهم في الوقت الذي تخلى عنه الجميع". 

وترى الدراسة أن تلك المرحلة "شهدت تبايناً واضحاً في تصريحات قيادات حماس ومواقفهم، على الرغم من أن القرار عند الحركة هو قرار المؤسسة وليس الفرد". 

وتلاحظ الدراسة أن "تصريحات بعض قيادات حماس كالزهّار وقيادة القسّام، تشي بوضوح إلى أن ثمة تبايناً واضحاً بين موقفي الداخل والخارج، أو الموقف الذي يمثله الزهار ومن يتناغمون معه والموقف الآخر الأكثر انسجاماً مع قطر وتركيا، والذي يمثله خالد مشعل ومن يواليه داخل الحركة". 

ويخلص الباحث إلى أن حماس بسبب موقفها من "الربيع العربي"، "ارتهنت لتحالف إخواني خسر الرهان على الثورات العربية وحوصر عربياً". 

وفي ديسمبر 2014 رفضت طهران استقبال مشعل، حسب الباحث، لأن "إيران كانت تنظر إلى مشعل بتوجس بسبب موقفه من الأحداث في سوريا". مع ذلك، لم يتوقف التمويل الإيراني لـ "حماس" بشكل كامل في تلك المرحلة، بحسب ورقة بحثية نشرها معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى. 

ففي حين أثر الخلاف بين الحركة وطهران على تمويل الأنشطة السياسية لـ "حماس"، واصلت إيران، وفق المعهد، تمويل الأنشطة العسكرية للحركة. ولم تبدأ العلاقات بين "حماس" وإيران بالتحسن إلا عام 2014، حسب معهد واشنطن. 

هذا الانقسام يعود إلى الواجهة اليوم مع اغتيال يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي للحركة، الذي حلّ مكان إسماعيل هنية بعد اغتيال الأخير في طهران. هنية كان أقرب للتيار الإخواني القطري التركي، أما السنوار فيُحسب على التيار الإيراني في الحركة. 

والشرخ الذي تركه الموقف من "الربيع العربي" لا يزال حاضراً داخل الحركة، التي تشهد تجاذباً من التيارين حول تولي قيادتها، وإدارة الدفة في المستقبل، في بحر متلاطم من التناقضات، بين تيار إيراني تمثله معظم قيادات الداخل كمحمود الزهّار والسنوار (قبل مقتله) بالإضافة إلى بعض قيادات الخارج كخليل الحية المحسوب على إيران وغيره، مع القيادة العسكرية للقسام المتمثلة بمحمد الضيف وشقيق السنوار الأصغر محمد ومروان عيسى وغيرهم من القيادات العسكرية (غير معروفة المصير على وجه اليقين في الحرب الدائرة).

أما التيار الإخواني فتمثله قيادات الخارج المستقرة في قطر وعلى رأسها خالد مشعل وموسى أبو مرزوق.

فإلى أين تميل الدّفة؟

العلم الإسرائيلي في أحد شوارع تل أبيب - رويترز
فيلدشتاين اتُهم بتسريب معلومات عسكرية للتأثير على الرأي العام وتخفيف الضغط على نتانياهو بشأن اتفاق الرهائن

أثار مشروع القانون المعروف باسم "فيلدشتاين" جدلا واسعا في إسرائيل، وذلك بعد المصادقة عليه بواسطة اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، وتعرضه لانتقادات من المتحدث باسم الجيش، دانيال هاغاري.

ووصف هاغاري المشروع بأنه "خطير على الجيش"، مما تسبب في خلاف مع وزير الدفاع يسرائيل كاتس، الذي طالب بإجراء تأديبي بحق المتحدث باسم الجيش.

واعتبر كاتس أن تصريحات هاغاري "تشكل تجاوزا خطيرا لصلاحياته"، قائلاً: "انتقاد الناطق باسم الجيش للسلطة السياسية والتشريعات في الكنيست يعد سابقة خطيرة ومخالفة للقواعد المتبعة في نظام ديمقراطي".

وأضاف أن "هذا النوع من السلوك غير مقبول، ولن يُسمح بتكراره مستقبلاً من أي مسؤول عسكري".

من جهته، وبناءً على توجيهات رئيس الأركان، هرتسي هاليفي، اعتذر هاغاري علنا، وأوضح أن تصريحاته كانت "تجاوزًا للصلاحيات"، مشددًا على أن الجيش الإسرائيلي "يلتزم بتقديم مواقفه للسلطات المختصة عبر القنوات الرسمية فقط".

وقال في اعتذاره: "دولة إسرائيل ديمقراطية، والجيش يخضع للسلطة السياسية".

ماذا نعرف عن مشروع القانون؟

صادقت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع على مشروع القانون الذي يمنح حصانة من الملاحقة القضائية لأفراد المؤسسة الأمنية الذين ينقلون معلومات سرية إلى رئيس الوزراء أو الوزراء المختصين، دون الحاجة إلى إذن مسبق من رؤسائهم.

تصريحات مثيرة للجدل وتوبيخ واعتذار.. تفاصيل الخلاف بين وزير الدفاع الإسرائيلي والناطق باسم الجيش
تصاعدت حدة الخلاف بين وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، والناطق باسم الجيش، دانيال هاغاري، على خلفية تصريحات الأخير التي وصف فيها "قانون فلادشتاين" بأنه "خطير على الجيش الإسرائيلي".

يأتي هذا التشريع في أعقاب قضية إيلي فيلدشتاين، المتحدث السابق باسم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، المتهم بتسريب وثيقة سرية خلال الحرب.

يقول الداعمون لمشروع القانون، إنه يهدف إلى "ضمان وصول المعلومات الأمنية الحيوية إلى المستوى السياسي، لاتخاذ قرارات مستنيرة"، خاصة في ظل مزاعم حول حجب معلومات عن القيادة السياسية خلال فترات النزاع.

فيما يخشى المعارضون من أنه "قد يؤدي إلى تسييس المؤسسة الأمنية، وتقويض الثقة العامة في أجهزة الأمن".

ومن المتوقع أن يُعرض مشروع القانون على الكنيست للتصويت عليه في القراءات المقبلة لاحقا.

لكن المشروع أثار انتقادات قوية، حيث عارضته المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، معتبرة أنه قد يؤدي إلى "تدخل سياسي غير لائق" في الإجراءات الجنائية المتعلقة بمكتب رئيس الوزراء.

يذكر أن مشروع القانون المقترح لا يسري بأثر رجعي، وبالتالي لن يؤثر على الإجراءات القانونية الجارية ضد فيلدشتاين، لكن جرت العادة أن يأخذ القضاة بعين الاعتبار إجراءات تشريعية في مثل هذه الحالات عند البت في قضايا ذات صلة، وفق مراسل الحرة.

واتُهم فيلدشتاين بالحصول على معلومات عسكرية حساسة بطرق غير قانونية وتسريبها للتأثير على الرأي العام، على أمل تخفيف الضغط الذي يتعرض له نتانياهو لتقديم "تنازلات" مقابل تحرير الرهائن المختطفين في غزة.

وبشكل منفصل، اتُهم جندي إسرائيلي بتسليم فيلدشتاين الوثائق، التي يقال إنها واردة من غزة وتشير إلى أن مسلحي حركة حماس "يريدون بث الفتنة في المجتمع الإسرائيلي، بحيث يستفيدون من ذلك من خلال إبرام صفقة جيدة بالنسبة لهم بشأن الرهائن".

وينفي الرجلان التهم الموجهة إليهما، والتي يُعاقَب عليها بالسجن لفترات طويلة. ولم يتم توجيه اتهامات إلى نتانياهو نفسه.