غزية تبكي أمام جثث أشخاص في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط القطاع (فرانس برس)
غزية تبكي أمام جثث أشخاص في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط القطاع (فرانس برس)

يرى الدبلوماسي الأميركي السابق، جايك والاس، في حديث إلى قناة "الحرة"، أن إسرائيل "تواجه معضلة" في قطاع غزة الفلسطيني، موضحا أنها "تريد القضاء على حركة حماس" التي شنت هجمات غير مسبوقة عليها قبل أكثر من عام، و"في الوقت لا تريد حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، أن تدير أوضاع السكان المدنيين هناك".

وقال والاس إن إسرائيل تواجه "حيرة" في عملياتها وتواجدها في غزة، مضيفا: "دخلت شمالي غزة 3 مرات منذ هجمات السابع من أكتوبر 2023، وتقتل الكثير من المسلحين وتتسبب في خسائر للمدنيين، وما أن يتم الانسحاب حتى يعود مسلحو تلك الحركة مرة أخرى إلى ذات المناطق".

وعن سبب نجاح حماس، المصنفة جماعة إرهابية في الولايات المتحدة، في إعادة تنظيم صفوفها في كل مرة، أجاب الدبلوماسي الأميركي: "إنها حركة تحظى بدعم إيران وتأييد سكان في غزة، كما تستطيع تجنيد العديد من الشبان في صفوفها، خاصة في ظل عدم توفر فرص العمل أو وجود جامعات على مستوى جيد".

واستطرد: "بالتالي، فإن الكثير من الشباب ينضمون إلى صفوف حركة حماس، كما أن الحروب السابقة أثبتت أن تلك الجماعة قادرة على تنظيم نفسها ولملمة شتاتها بعد انقشاع غبار المعارك".

وفيما إذا كانت إسرائيل قد اقتربت من مرحلة الحسم العسكري، قال والاس: "أعتقد أن الجيش الإسرائيلي يحرز تقدما، لكنه لن يكون قادرا على تحقيق نصر حاسم وكامل، لأنني كما ذكرت سابقا تلك الجماعة متغلغلة بشكل كبير في صفوف السكان".

ونوه والاس في الوقت نفسه، بأن "حماس لم تعد قادرة على تنفيذ هجمات مماثلة لتلك التي حدثت في السابع من أكتوبر".

ولدى سؤاله عما إذا كانت المرحلة الحالية من الصراع قد تشهد حلولا دبلوماسية، أجاب: "أعتقد أن الإدارة الأميركية الحالية تعمل جاهدة للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار بين إسرائيل وجماعة حزب الله باعتبارها أولوية، وإذا تم ذلك فإن فريق الرئيس جو بايدن، سيوجّه أنظاره لتحقيق نفس الأمر (في غزة)".

كما لفت إلى أن "الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، ورغم انشغاله بأمور تشكيل إدارته، قد يسعى إلى إيقاف الحرب في غزة قبل أن يتسلم منصبه بشكل رسمي في 20 يناير المقبل".

واعتبر أن التوصل إلى صفقة بين إسرائيل ولبنان تنهي التصعيد هناك "سيعيد بؤرة التركيز إلى غزة، للتوصل إلى اتفاق يؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن المحتجزين، وهذا أمر يؤيده الإسرائيليون، وسيضع المزيد من الضغوط على نتانياهو".

وبشأن تأثير تعليق الدوحة لوساطتها في التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس، قال والاس: "مصر لا تزال طرفا وسيطا، ولديها الكثير من النفوذ على حركة حماس، أما بالنسبة لقطر فعلينا أن ننتظر لنرى فيما إذا كانت ستستمر بأداء دورها في هذا المجال".

إسرائيل تقول إن حماس تستخدم المستشفيات كغطاء في حرب غزة وحماس تنفي ذلك.
إسرائيل تقول إن حماس تستخدم المستشفيات كغطاء في حرب غزة وحماس تنفي ذلك. Reuetrs

أعلن مدير مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة، الجمعة، تعرض المؤسسة "لغارات إسرائيلية عدّة منذ الصباح" أدت إلى سقوط "عدد كبير من الشهداء والجرحى"، مؤكدا اقتحام القوات الإسرائيلية المستشفى الليلة الماضية وأمرت بإجلاء بعض العاملين والنازحين ثم انسحبت، وإن الجثث تناثرت في الشوارع المحيطة جراء غارات جوية.

ونفى الجيش الإسرائيلي الجمعة تقارير عن قصف واقتحام مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة، قائلا إنه ينفذ عمليات "في جوار" المنشأة الطبية.

وأورد الجيش الإسرائيلي في بيان "خلافا للتقارير التي صدرت خلال اليوم الماضي، لم يقصف (الجيش) مستشفى كمال عدوان أو ينفذ عمليات داخله". وأضاف أنه "سيواصل عملياته ضد البنى التحتية للإرهاب والإرهابيين" في شمال غزة، بما في ذلك "في جوار" المستشفى.

وفي وقت سابق قال مدير المستشفى، حسام أبو صفية، لصحافيين "كانت هناك سلسلة من الغارات الجوية على الجانبين الشمالي والغربي من المستشفى، مصحوبة بنيران كثيفة ومباشرة. هناك عدد كبير من الشهداء والجرحى، بينهم 4 شهداء من الكوادر الطبية في المستشفى".

وأكد "لم يتبق أي جراحين" في المستشفى الواقع في مدينة بيت لاهيا شمال غزة وهو من المؤسسات الاستشفائية المعدودة التي لا تزال تعمل في القطاع.

بدوره، أكد الناطق باسم الدفاع المدني، محمود بصل، أن الجيش الاسرائيلي اقتحم مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع و"يقوم بإفراغه من المرضى ومرافقيهم ويقتاد عددا من الفلسطينيين إلى جهة مجهولة بعد اعتقالهم، والدبابات والمدرعات داخل وفي محيط المستشفى".

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي في بيان له إن يعمل على "إخلاء السكان المدنيين غير المشاركين في القتال من مناطق القتال إلى مناطق أكثر أمنا في قطاع غزة بهدف حمايتهم".

وأضاف أنه "يلتزم بالقانون الدولي ويعمل وفقا لهذا الالتزام"، مؤكدا في الآن ذاته أنه سيعمل الجيش في هذه المناطق "إذا حدد نشاطا لمنظمة إرهابية تهدد أمن إسرائيل".

وذكّر الدفاع المدني الفلسطيني أن مدينة بيت لاهيا تشهد عملية عسكرية مكثفة منذ شهرين تكثفت في الأيام الأخيرة، ما أجبر آلاف السكان على الإخلاء وسط القصف.

واقتحم الجيش الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان عدة مرات منذ بدء الحرب، وأعلن المستشفى مقتل مدير وحدة العناية المركزة أحمد الكحلوت في غارة جوية أواخر نوفمبر.

ويأتي الاقتحام الجديد للمستشفى بعد أيام فقط من إعلان منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة أن فريقا طبيا طارئا وصل إلى المؤسسة لأول مرة منذ 60 يوما.

خطر الموت

وقال مراسل الحرة إن خطر الموت يهدد قرابة 100 مريض وجريح يتواجدون داخل المستشفى بعد إخراج ما تبقى من طواقم طبية، مشيرا إلى سقوط 30 قتيلا وعدد من الجرحى في سلسلة غارات جوية طالت منازل سكنية في محيط مستشفى كمال عدوان.

وأفاد مراسل الحرة بسقوط 3 قتلى وعدد من الاصابات باستهداف مسيرة إسرائيلية لمجموعة من المواطنين في محيط مقبرة الشجاعية شرق مدينة غزة.

وأشار أيضا إلى أن الطائرات المسيرة تستهدف خزانات المياه في المستشفى الإندونيسي شمالي قطاع غزة.

كما سقط 3 قتلى وأصيب العشرات جراء قصف مسيرة إسرائيلية مجموعة من المواطنين بحي الجنينة شرقي مدينة رفح. ووصلت جثة طفل إلى المستشفى الأوروبي تم انتشاله من شرقي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.

وأوضح الدفاع المدني أن مدينة بيت لاهيا باتت فارغة من السكان بعد تهجير الحيش الإسرائيلي أكثر من 20 ألف مواطن منها. وذكر أن الأسلحة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي في العمليات شمالي القطاع تتمتع بقدرات تدميرية واسعة.

وأكد الدفاع المدني توقف 13 مركبة إطفاء وإنقاذ عن العمل جنوبي قطاع غزة بسبب نقص الوقود، وحذر من توقف خدماته في المنطقة الإنسانية.

ومن جانبها، أعلنت الأونروا أن الأسر في قطاع غزة تواجه ظروفًا مزرية جراء النزوح المتكرر بسبب الهجمات الإسرائيلية.

وتعرضت المستشفيات في غزة لهجمات عدة من الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم الحركة غير المسبوق في السابع من أكتوبر 2023.

ومنذ أسابيع، يواصل الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية في شمال القطاع، مؤكدا أنه يستهدف مقاتلي حماس الذين يعيدون تشكيل قواتهم.

ويرفض الجيش الإسرائيلي التعليق حتى الآن. ويتهم مسلحي حركة حماس باستخدام المباني المدنية بما في ذلك المستشفيات والمدارس والمباني السكنية غطاء لعملياتهم منذ بدء الحرب في غزة قبل 14 شهرا. وتنفي حماس ذلك وتتهم إسرائيل بالقصف العشوائي والاعتداءات.

وأدّى هجوم حماس على إسرائيل إلى مقتل 1208 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، غالبيتهم من المدنيين، بحسب إحصاء أعدّته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية. وتشمل هذه الحصيلة رهائن قتلوا أو ماتوا في الأسر.

ومنذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس، قُتل ما لا يقل عن 44812 شخصا في غزة، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفق بيانات وزارة الصحة التابعة لحماس في غزة والتي تقول الأمم المتحدة إنّ بياناتها جديرة بالثقة.

وأعلنت إسرائيل في أكتوبر 2023 "حصارا كاملا" على القطاع الذي يناهز عدد سكانه 2,4 مليون نسمة، وتفرض حتى الآن قيودا صارمة على إدخال المساعدات.