بمجرد بدء سريان وقف إطلاق النار في غزة، جابت شوارع القطاع المدمر شاحنات بيضاء نظيفة تحمل أعلام حركة حماس وعلى متنها مسلحون ملثمون يحملون بنادق آلية.
كانت الرسالة التي حاولت حماس إظهارها واضحة ولا لبس فيها: رغم الضعف إلا أن الحركة نجت من حملة القصف الإسرائيلي التي استمرت 15 شهرا على غزة، ولا تزال تشكل الطرف الفلسطيني الأقوى في القطاع، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".
وتضيف الصحيفة أن ، حماس تعمل بشكل مكثف منذ بدء وقف إطلاق النار يوم الأحد على إظهار أنها ما زالت تسيطر على غزة، حتى بعد أن قتلت إسرائيل الآلاف من عناصرها ودمرت أنفاقها ومصانع أسلحتها.
حتى بالنسبة للعديد من سكان غزة، كان الظهور السريع لمسلحي حماس، وبعضهم ارتدى الزي الرسمي للحركة، مفاجئا.
يقول محمد (24 عاما) الذي طلب عدم ذكر اسمه الأخير لتجنب احتمال انتقام حماس: "لقد خرجوا من مخابئهم في لمح البصر، لم يكن لدينا أي فكرة عن مكان وجود هؤلاء الأشخاص خلال الحرب."
وصف مسؤولون إسرائيليون الظهور العسكري الذي نظمه مسلحو حماس للاحتفال بوقف إطلاق النار يوم الأحد أمام حشود المحتفلين بأنه محاولة منظمة بعناية لتضخيم قوة الجماعة المسلحة الفلسطينية.
ونقلت رويترز عن 10 من السكان والمسؤولين والدبلوماسيين الإقليميين وخبراء الأمن القول إن سلطة حماس لا تزال مترسخة بشدة في غزة برغم تعهد إسرائيل بتدميرها وإن سيطرتها تشكل تحديا لتنفيذ وقف إطلاق نار دائم.
وقالوا إن الحركة لا تسيطر على قوات الأمن في غزة فحسب، بل إن القائمين عليها يديرون الوزارات والهيئات الحكومية ويدفعون رواتب الموظفين وينسقون مع المنظمات الدولية غير الحكومية.
في الأسابيع الماضية، استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية مسؤولين إداريين من رتب أدنى في غزة، في محاولة واضحة لكسر قبضة حماس على الحكومة.
وكانت إسرائيل قد قضت بالفعل على قيادات حماس، بمن فيهم رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية ومهندسا هجوم السابع من أكتوبر، يحيى السنوار ومحمد الضيف.
وبموجب بنود وقف إطلاق النار، يتعين على إسرائيل سحب قواتها من وسط غزة والسماح بعودة الفلسطينيين إلى الشمال خلال مرحلة أولى مدتها ستة أسابيع، يتم خلالها إطلاق سراح بعض الرهائن.
وبدءا من اليوم السادس عشر لوقف إطلاق النار، يتعين على الجانبين التفاوض على مرحلة ثانية، من المتوقع أن تتضمن وقف إطلاق نار دائم وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل.
وبينما كان العالم يتابع، الأحد، عملية تسليم ثلاث رهائن إسرائيليات لمنظمة الصليب الأحمر، ظهر العشرات من عناصر كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، ملثمين بلباسهم العسكري وهم يقومون بتأمين تسليم الرهائن في ساحة السرايا رئيسية في مدينة غزة، حيث تجمع مئات المواطنين.
في غزة، قال مؤيدو حماس إنهم شعروا بالاطمئنان بسبب استعراضها للقوة هذا الأسبوع، لكن كثيرين ممن ليس لديهم ولاءات للجماعة أعربوا عن قلقهم من أنه إذا بقيت في السلطة، فسيكونون تحت حكمها الصارم، وأن حربا أخرى ستندلع عاجلا أم آجلا.
يقول علاء (28 عاما)، والذي كان يختبئ في دير البلح وسط غزة، "قد يستغرق الأمر وقتا حتى تصل حماس إلى نقطة قد تستفز فيها إسرائيل لدخول حرب كبيرة أخرى".
ويضيف لـ"نيويورك تايمز" أنه "طالما بقيت حماس قي السلطة فالأمر مجرد وقت فقط. من الصعب الوصول إلى أي استنتاج غير أنه لا يوجد مستقبل هنا."