مئات آلاف النازحين يتدفقون نحو الشمال ـ (ِِAP)
مئات آلاف النازحين يتدفقون نحو الشمال ـ (ِِAP)

على ذات الطريق الذي حمل خطواتهم نحو النزوح قبل 15 شهرا، يعود، الإثنين، مئات الآلاف من سكان شمالي غزة إلى مناطقهم، حيث تحوّل شارع الرشيد الساحلي، الذي شهد على مدار الأشهر الماضية مآسي النازحين، إلى مسار للعودة، بموجب تفاهمات جديدة بين حماس وإسرائيل.

وأعلنت وزارة الداخلية في غزة، فتح شارع الرشيد للمشاة في الاتجاهين منذ السابعة صباحا، مع منع مرور المركبات بكافة أنواعها. 

فيما سيُفتح شارع صلاح الدين للمركبات في اتجاه واحد من الجنوب إلى الشمال، عند التاسعة صباحاً، مع إخضاع جميع المركبات للفحص.

تفاصيل الترتيبات

وأعلنت إسرائيل، الأحد، أن النازحين يمكن أن يعودوا إلى شمالي القطاع، الإثنين، بعد اتفاق مع حماس يسمح بالإفراج الوشيك عن رهائن، وفق ما أعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.

وقال مكتب نتانياهو في بيان، إنه "بعد مفاوضات مكثفة وحاسمة ستُفرج حماس، الخميس (...) عن أربيل يهود والجندية أغام بيرغر وعن رهينة آخر".

كذلك، من المرتقب إطلاق سراح 3 رهائن آخرين، السبت، كما هو مقرر في المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس.

وفي الوقت نفسه، تلقت إسرائيل من حماس لائحة توضح وضع جميع الرهائن" الذين يمكن إطلاق سراحهم خلال المرحلة الأولى، الأحياء والأموات، حسب ما جاء في البيان.

وبُعيد ذلك، أكدت حماس أنها قدمت هذه اللائحة إلى الوسطاء المصريين والقطريين.

وفي إطار هذه "الترتيبات"، فإن إسرائيل "ستسمح لسكان غزة بالعبور إلى شمالي القطاع اعتبارا من صباح الإثنين"، وفق مكتب نتانياهو.

ونزح معظم سكان غزة، البالغ عددهم 2.4 مليون شخص، مرات عدة أحيانا، جراء الحرب التي اندلعت إثر هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.

وبعد 15 شهرا من الحرب في غزة، دخل اتفاق لوقف النار حيّز التنفيذ في 19 يناير، لكن إسرائيل وحماس تبادلتا اتهامات الأحد، بانتهاك بنوده، بعدما أتاح السبت الإفراج عن 4 رهائن إسرائيليات مقابل 200 معتقل فلسطيني.

رفض فكرة  "نقل السكان"

وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي تزداد الصورة وضوحا بشأن مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي اقترح نقل سكان غزة إلى مصر والأردن بشكل "موقت أو طويل الأجل". 

وتابع "نتحدث على الأرجح عن مليون ونصف مليون شخص. نحن بكل بساطة ننظف المنطقة بالكامل. كما تعلمون، على مر القرون، شهدت هذه المنطقة نزاعات عدة. لا أعرف لكن يجب أن يحصل أمر ما".

وصرح ترامب "أفضّل التواصل مع عدد من الدول العربية وبناء مساكن في مكان مختلف حيث قد يكون بإمكانهم العيش بسلام"، مشيرا إلى أن نقل سكان غزة قد يكون "مؤقتا أو طويل الأجل".

ونددت "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، الأحد، باقتراح ترامب، فيما لم يعلّق نتانياهو بعد.

مئات آلاف النازحين يتدفقون نحو الشمال ـ (ِِAP)

لكن وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، اعتبر، الأحد، أن ما قاله ترامب "فكرة رائعة"، وأن الفلسطينيين "سيكون بإمكانهم بناء حياة جديدة وجيدة في أماكن أخرى".

من جهته، عبّر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عن "إدانته" و"رفضه الشديد" لأي مشروع يهدف إلى "تهجير أبناء شعبنا من قطاع غزة".

كذلك، أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، رفض بلاده مقترح ترامب، مشددا على تمسك بلاده بحل الدولتين "سبيلا وحيدا لتحقيق الأمن والأستقرار والسلام في المنطقة".

ورفضت مصر بدورها، الأحد، أي تهجير قسري لفلسطينيين، وشدّدت في بيان صادر عن وزارة خارجيتها على "استمرار دعم مصر لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسّكه بحقوقه المشروعة".

كذلك، حذّرت جامعة الدول العربية الأحد من "محاولات نزع الشعب الفلسطيني من أرضه"، قائلة في بيان "لا يمكن أن يُسمّى ترحيل البشر وتهجيرهم عن أرضهم قسرا سوى بأنه تطهير عرقي".

سريان المرحلة الأولى

ومارس ترامب ضغوطا كبيرة على طرفي النزاع في غزة للتوصّل إلى اتفاق لوقف النار قبل تنصيبه في 20  يناير.

وبموجب الاتفاق، تمّ السبت الإفراج عن الدفعة الثانية من الرهائن، هن المجندات دانييل جلبوع وكارينا أرئيف وليري ألباغ ونعمة ليفي.

في المقابل، أفرجت السلطات الإسرائيلية عن 200 معتقل فلسطيني، بعد أسبوع على بدء تطبيق الاتفاق الذي تمّ برعاية أميركية وقطرية ومصرية.

وينص الاتفاق المؤلف من 3 مراحل، على وقف الأعمال القتالية وانسحاب إسرائيل من المناطق المأهولة. وتمتد المرحلة الأولى 6 أسابيع، وتشمل الإفراج عن 33 رهينة من غزة مقابل نحو 1900 معتقل فلسطيني.

كما ينص على أن يتم خلال المرحلة الأولى التفاوض حول المرحلة الثانية.

دول عربية نافذة كثفت جهودها الدبلوماسية خلال الأيام الماضية للتأكيد على رفض طرح تهجير الفلسطينيين
دول عربية نافذة كثفت جهودها الدبلوماسية خلال الأيام الماضية للتأكيد على رفض طرح تهجير الفلسطينيين (AFP)

أكدت المجموعة العربية في الأمم المتحدة، الجمعة، رفضها القاطع لـ "تهجير الفلسطينيين" من غزة، مشددة أن هذا الأمر يشكل "انتهاكا واضحا" لاتفاقية جنيف.

وحث بيان مشترك صادر عن المجموعة " المجتمع الدولي على الرفض الموحد والصريح لهذه المقترحات والتأكيد على عدم شرعيتها بموجب القانون الدولي".

وأضاف البيان أن "التهجير هو أمر غير مقبول، سواء كان ضد شعب فلسطين أو شعب أي دولة أخرى."

و جاء في البيان، الذي تلاه مندوب الكويت لدى الأمم المتحدة السفير طارق البناي، بصفته الرئيس الحالي للمجموعة العربية في الأمم المتحدة أن "الدول الموقعة على هذا البيان ترغب أيضا برؤية ريفييرا ولكن ريفييرا فلسطينية غزاوية وفي دولة فلسطين المستقلة والمعترف بها دوليا".

ودعا البيان "مجلس الأمن لدعم وتطبيق القرار 2735 الذي يطالب بوقف فوري وكامل لإطلاق النار وعودة المدنيين الفلسطينيين إلى منازلهم وأحيائهم في جميع مناطق غزة".

كذلك ناشد البيان "التوزيع الآمن والفعال للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع، ورفض أي محاولة للتغيير الديمغرافي أو الإقليمي في قطاع غزة، بما في ذلك أي عمل من شأنه تقليص أراضي القطاع، والالتزام الثابت بحل الدولتين بما يتفق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".

من جهته، أكد المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور للصحفيين أن" ما نحتاج إليه اليوم هو أفق سياسي يفتح الأبواب أمام السلام".

وفي تحرك موحد نادر، تتكتل الدول العربية لتنسيق خطواتها ومواقفها في مواجهة مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل الفلسطينيين من قطاع غزة الى الأردن ومصر.

وكثفت دول عربية نافذة ومن بينها من هو حليف تاريخي للولايات المتحدة الأميركية، وبينها مصر والأردن والسعودية والإمارات وقطر، جهودها الدبلوماسية خلال الأيام الماضية للتأكيد على رفض طرح ترامب ورفض "اقتلاع الفلسطينيين" من الأراضي الفلسطينية.

ويقضي مقترح ترامب بأن تكون ملكية قطاع غزة للولايات المتحدة، على أن ينتقل سكانه إلى الأردن ومصر من دون أن يكون لهم الحقّ بالعودة بعد إعادة إعماره.

ويريد ترامب "تنظيف" تحويل القطاع المدمر إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".

وأعلنت مصر استضافة قمة عربية طارئة في نهاية فبراير "لتناول التطورات الخطيرة للقضية الفلسطينية". وقالت أيضا في وقت لاحق إنها "ستقدّم رؤية شاملة" لإعادة إعمار غزة تضمن بقاء الفلسطينيين في أرضهم.

وحصلت القاهرة "من حيث المبدأ" على موافقة لعقد اجتماع وزاري طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي بعد القمة المرتقبة.