مع انتهاء الجولة الرابعة من عمليات تبادل الرهائن والسجناء بين إسرائيل وحركة حماس، ضمن الجولة الأولى من الهدنة في قطاع غزة، تستعد إسرائيل لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع حماس بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق، ابتداء من الإثنين في واشنطن.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، السبت، إن الأخير اتفق مع مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، على أن المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من صفقة الرهائن "ستبدأ عندما يلتقيان في واشنطن الإثنين المقبل".
ويأتي هذا الإعلان عقب نجاح الجولة الرابعة من عمليات تبادل السجناء والرهائن، التي شهدت، السبت، إطلاق سراح 3 رهائن مقابل أكثر من 180 معتقلا فلسطينياً من السجون الإسرائيلية.
وينص اتفاق الهدنة المؤلف من 3 مراحل، على وقف الأعمال القتالية وانسحاب إسرائيل من المناطق المأهولة. وتمتد المرحلة الأولى لـ6 أسابيع، وتشمل الإفراج عن 33 رهينة من غزة، مقابل نحو 1900 معتقل فلسطيني.
كما تتضمن انسحاب إسرائيل من المناطق المأهولة بالسكان في القطاع، والتزاماً بزيادة المساعدات الإنسانية.
ملامح المرحلة الثانية
نص الاتفاق بشأن المرحلة الأولى على أن تبدأ الأطراف محادثات بشأن المرحلة الثانية عقب مرور 16 يوماً على بدء المرحلة الحالية، التي تستمر 42 يوما.
وفي الوقت الذي لا تزال فيه تفاصيل المرحلتين الثانية والثالثة غير واضحة، سبق أن أشار الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، إلى أن الانتقال إلى المرحلة الثانية سيكون مبنيا على نجاح المرحلة الأولى من الاتفاق.
كما شدد الرئيس السابق على أن "إسرائيل ستتفاوض خلال الأسابيع الستة المقبلة، على الترتيبات اللازمة للمضي قدما إلى المرحلة الثانية، والتي ستمثل النهاية الحاسمة للحرب".
من جهته، أكد رئيس الوزراء القطري، في تصريحات سابقة، أن المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق سيتم العمل على إتمام بنودهما، "خلال تنفيذ المرحلة الأولى".
وقال بايدن: "عندما تبدأ المرحلة الثانية، سيكون هناك تبادل لإطلاق سراح الرهائن المتبقين على قيد الحياة، بما في ذلك الجنود الذكور، وستنسحب كل القوات الإسرائيلية المتبقية من غزة. وعندها سيصبح وقف إطلاق النار المؤقت دائما".
وأكد بايدن أن وقف إطلاق النار يجب أن يستمر طالما استمرت المناقشات بشأن الانتقال من المرحلة الأولى إلى الثانية، حتى لو استمرت أكثر من 6 أسابيع.
وتكتسب المرحلة الثانية أهمية استثنائية، كونها تمثل نقطة تحوّل في مسار الأزمة المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، ويرتقب أن تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء المتبقين، بمن فيهم الرجال دون سن الخمسين والجنود.
وفي الوقت نفسه، سيتم الإفراج بشكل جماعي عن سجناء فلسطينيين، بالتزامن مع استمرار انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.وتحويل وقف إطلاق النار المؤقت إلى دائم.
بينما من المفترض أن تتيح المرحلة الثالثة، إعادة إعمار قطاع غزة، وتحديد نموذج للحكم للقطاع الفلسطيني.
هذه الأسئلة وغيرها تناولها أحدث حلقات الحرة الليلة
بين المساعي والمخاوف
وتطمح دول الوساطة إلى إنجاح مراحل الاتفاق المعلن، حيث قادت قطر ومصر، بدعم أميركي مباشر، مباحثات مكثفة مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني لدفع المفاوضات التي تعثرت أكثر من مرة.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، في بيان السبت، إنه اتفق مع ويتكوف، على أن المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من صفقة الرهائن "ستبدأ عندما يلتقيان في واشنطن الإثنين المقبل".
وأضاف البيان أن المبعوث الأميركي سيجري بعد ذلك محادثات، خلال الأسبوع، مع رئيس الوزراء القطري، ومسؤولين مصريين رفيعي المستوى.
ورغم الآمال المعقودة على نجاح مختلف مراحل اتفاق وقف إطلاق النار، تظل التحديات الرئيسية قائمة أمام تنفيذ المرحلة الثانية.
فمع أن الخطوط العريضة لهذه المرحلة تبدو واضحة في ظاهرها - إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين مقابل انسحاب إسرائيلي كامل من غزة وتحقيق "هدوء مستدام" - إلا أن تعقيدات كبيرة ترتبط بمسألة التوصل لاتفاق دائم، وفقا لأسوشيتد برس.
وتكمن إحدى أبرز العقبات في تباين مواقف الطرفين حول شروط التنفيذ، إذ تصر إسرائيل على عدم الانسحاب الكامل قبل القضاء على القدرات العسكرية والسياسية لحماس، بينما تتمسك الحركة بموقفها الرافض لتسليم آخر الرهائن قبل انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من القطاع.
ويضاف إلى هذه التعقيدات مسألة الحكم المستقبلي لغزة، حيث تبدي حماس استعداداً للتنحي مع احتفاظها بإمكانية المشاركة في أي حكومة مستقبلية، وهو ما ترفضه إسرائيل بشدة. كما ترفض فكرة تولي السلطة الفلسطينية حكم القطاع.

ومن غير المرجح أيضا أن توافق الحركة الفلسطينية (المصنفة إرهابية في أميركا ودول أخرى) على التخلي عن سلاحها.
أما المرحلة الثالثة من الاتفاق، فتبدو أقل إثارة للجدل مقارنة بسابقتها، وفقا لأسوشيتد برس، إذ تتمحور حول إعادة جثث الرهائن المتبقين مقابل تنفيذ خطة لإعادة إعمار غزة، تمتد من 3 إلى 5 سنوات.
وتزداد المخاوف من احتمالية تعثر الاتفاق أيضا في ظل عدم اكتمال تفاصيل المرحلتين الثانية والثالثة، خاصة أن أي خرق حقيقي أو متصور من أي من الطرفين، قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على مسار التنفيذ.
ويذكي هذه المخاوف، سابقة انهيار وقف إطلاق النار في نوفمبر 2023، وهو سيناريو قد يتكرر في المرحلة الراهنة.
وتسبّب هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 بمقتل 1210 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، معظمهم من المدنيين، حسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وأدى الهجوم الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة إلى مقتل 47487 شخصا على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقا للأرقام الأخيرة الصادرة عن وزارة الصحة في قطاع غزة.
وترتفع الحصيلة رغم توقف العمليات العسكرية، نتيجة العثور على جثث تحت الركام.