وتمكن تميم خلال السنوات الأخيرة من فرض نفسه بشخصيته القوية مستندا إلى ثقة والده ووالدته الشيخة موزا بنت ناصر المسند التي تمتلك نفوذا كبيرا في هذا البلد الصغير، بحسب ما ما أفادت مصادر دبلوماسية وسياسية.
لكن مع التغيرات التي تشهدها المنطقة وصغر سن الأمير الشاب تثور التساؤلات حول المسار الذي سيتخذه تميم، وهل سيظل محتفظا بالمسار الذي رسمه الشيخ حمد أم سيخرج الأمير الشاب من جلباب أبيه.
وكان الشيخ حمد وصل إلى السلطة في عام 1995 اثر انقلاب غير دموي على والده، وعين في بادئ الأمر نجله الأكبر من الشيخة موزا الشيخ جاسم وليا للعهد، إلا أنه تراجع عن قراره بعد ذلك وعين مكانه الشيخ تميم وليا للعهد.
والشيخ تميم خريج مدرسة ساندهيرست العسكرية البريطانية الشهيرة، وله زوجتان وست أبناء، سن الكبرى بينهم سبع سنوات، أما نجله الذكر الأكبر فيبلغ من العمر خمس سنوات.
وكولي للعهد، كان الشيخ تميم يتولى قيادة القوات المسلحة بالنيابة عن والده، ورئاسة اللجنة الأولمبية كما أنه نائب رئيس المجلس الأعلى للشؤون الاقتصادية والاستثمار، إضافة إلى أنه شغوف بالرياضة ويشرف على ملف مونديال 2022 الذي تستضيفه قطر.
ويعشق الشيخ تميم التراث والإرث الثقافي الخليجي وقد بنى لنفسه قصرا تراثيا ساحرا في الصحراء.
ومن المتوقع أن يتزامن تسلم الشيخ تميم زمام الأمور في هذا البلد الذي فرض نفسه على الخريطة العالمية وبات أغنى بلد من حيث دخل الفرد، مع انتهاء دور شخص محوري آخر في السياسة القطرية هو رئيس الوزراء النافذ الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، كما قالت مصادر متطابقة.
ومن المفترض بحسب مصادر سياسية ودبلوماسية ومسؤولين قطريين أن يشكل الشيخ تميم حكومة لا يرأسها الشيخ حمد بن جاسم الذي يرأس مجلس الوزراء منذ 2007 ويشغل ايضا منصب وزير الخارجية.
ويقول المحلل السياسي المتخصص في شؤون الخليج نيل بارتريك إن "الشيخ تميم يمسك منذ مدة بملفات سياسية خارجية حساسة، وقام والده بجس النبض الداخلي والدولي إزاء إمكانية وصول ابنه إلى منصب الأمير أو على الأقل ليتولى منصب رئيس الوزراء".
وقال مصدر دبلوماسي غربي طلب عدم كشف اسمه إن "تميم قوي الشخصية تمكن من فرض نفسه ضمن الأسرة، خصوصا أنه لم يكن ولي العهد الأول ولا الخيار الأول لولاية العهد، إذ أنه له اخوة أكبر منه سنا بما في ذلك من زوجة أخرى" لوالده الشيخ حمد.
وبحسب المصدر الدبلوماسي، "يتمتع تميم بعلاقات ممتازة مع الغرب، خصوصا مع واشنطن وباريس"، وهو من محبي فرنسا والثقافة الفرنسية شأنه شأن والده، كما أنه يتكلم الفرنسية بطلاقة.
وفي السياق الإقليمي، يتمتع الشيخ تميم بحسب هذا المصدر بعلاقات جيدة مع السعودية "وهو أمر أساسي لاستمرار لعب قطر دورا سياسيا قياديا في المنطقة"، كما قال المصدر.
وكانت علاقات قطر والسعودية متوترة جدا في بداية عهد الشيخ حمد، إلا أن الأخير تمكن في النهاية من تحقيق مصالحة تاريخية مع المملكة بين عامي 2007 و2008، وهو أمر صب على عكس توقعات الكثيرين في رصيد النفوذ القطري الذي لم تعد تراه السعودية معاديا لدورها.
وأكد المصدر الدبلوماسي أنه "ليس من المتوقع أن يشكل صعود تميم إلى السلطة أي تغيير في سياسة قطر أو وضعها الإقليمي".
من جهته، قال مصدر خليجي مقرب من دوائر الحكم في قطر إن "تسليم تميم السلطة خطوة جريئة جدا"، ما قد يتسبب ببعض المخاوف لدى دول الخليج المتمسكة بقوة بتقاليد انتقال السلطة المحافظة، إلا أنها تظل، بحسب المصدر، مخاوف في الشكل وليس في المضمون.
وبحسب هذا المصدر، فإن رئيس الوزراء حمد بن جاسم "يقول منذ مدة للمقربين منه إنه سيغادر منصبه إلا أنه من الصعب جدا تخيل انتهاء دور هذا الرجل البالغ التأثير والنفوذ والذي كان الشخص الأساسي في الاستثمارات القطرية في الخارج وبالتالي فقد يبقي له دور في الكواليس".
يذكر أن قطر دولة صغيرة يبلغ عدد سكانها 1,87 مليون نسمة بينهم حوالى 200 ألف مواطن فقط، ويبلغ قوام القوات المسلحة فيها 11 ألفا و800 عنصر.
وكانت قطر محمية بريطانية نالت استقلالها في عام 1971، وتحكمها أسرة آل ثاني منذ أواسط القرن التاسع عشر، وشهدت في عام 1972 إطاحة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني بابن عمه الأمير أحمد ليصبح أميرا للبلاد إلى أن أطاح به ابنه الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عام 1995.
ونظام الحكم في قطر وراثي ضمن الذكور من ذرية حمد بن خليفة بن حمد بن عبد الله بن قاسم آل ثاني، لكن من غير الواضح من سيكون ولي العهد القادم بعد تولي تميم السلطة إذ أن ابنه الذكر الأكبر يبلغ من العمر خمس سنوات فقط.
وفي 9 يونيو/حزيران 2005 أصبح نظام الحكم في قطر وراثيا دستوريا مع دخول أول دستور منذ الاستقلال حيز التنفيذ، وهو الدستور الذي اعتمد في استفتاء أجري عام 2003 ولا يسمح بتشكيل أحزاب سياسية وينص على عدم جواز ادخال أي تعديل عليه لمدة عشر سنوات.