قطر- غاز- حقل
تسعى قطر للرفع من قدرتها التصديرية إلى 126 مليون طن سنويًا بحلول عام 2027

اعتبر تقرير لصحيفة "فاينانشيال تايمز" أن قطر بصدد كسب رهان التحول إلى قوة عالمية في عالم الطاقة، من جراء بحث الدول على مصدر غاز غير روسيا، وتركيز الدوحة على تطوير حقل غاز جديد، قد يعزز تأثيرها على تدفقات الطاقة الدولية بشكل أكبر.

وبحسب الصحيفة فإن قطر سطرت هذا الهدف قبل سنين، منذ بدأت لأول مرة في تصدير الغاز الطبيعي المسال قبل أكثر من عقدين.

وخلال الأسابيع الأخيرة، وبالتزامن مع سعي الدول الأوروبية لجلب الغاز من مناطق بديلة عن موسكو، أعلنت شركة قطر للطاقة، منتج الغاز المملوك للدولة، عن اتفاقيات مشروعات مشتركة مع 5 من أكبر شركات النفط العالمية في العالم، لتطوير مشروع ضخم بقيمة 29 مليار دولار، يعرف باسم حقل الشمال الشرقي.

يهدف المشروع إلى زيادة الطاقة التصديرية السنوية لقطر من 77 مليون طن إلى 110 مليون طن بحلول عام 2026، مما يساعدها على تجاوز أستراليا كثاني أكبر منتج للوقود بعد الولايات المتحدة.

وعقدت الشركة القطرية صفقات مع شركات أوروبية مثل "شل" البريطانية و"إكسون موبيل" و"كونوكو فيليبس" الأميركية و"توتال إنرجي" الفرنسية و"إيني" الإيطالية.

حرص شركات الطاقة الغربية الكبرى على الانضمام إلى المشروع "هي شهادة على الأهمية المتزايدة لقطر كقوة غاز عظمى" وفق قول كلاوديو ديسكالزي،  الرئيس التنفيذي لشركة "إيني" في حديثه لصحيفة فاينانشيال تايمز.

واكتشفت قطر حقل الشمال، أكبر احتياطيات الغاز في العالم التي تشترك فيها مع إيران، شمال شرق شبه الجزيرة عام 1971. 

وسلمت أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال إلى اليابان في عام 1996.

وبحلول عام 2010، كانت قطر أكبر مزود للغاز الطبيعي المسال في العالم، حيث أنتجت 55 مليون طن في ذلك العام ، وفقًا لشركة الاستشارات "وود ماكنزي".

الحرب على أوكرانيا.. وقطر 

قالت كارول نخله، الرئيسة التنفيذية لشركة "كريستول إينرجي" الاستشارية، إنه بعد التنافس على المركز الأول مع أستراليا والولايات المتحدة لمدة عقد من الزمان، فإن الاضطرابات الناجمة عن الحرب الروسية ستساعد قطر على إعادة تأكيد أهميتها.

وتابعت: "القفزة في الطلب على الغاز خارج روسيا ستخلق مشهدًا جديدًا، قد تستفيد منه الدوحة بشكل كبير. 

يُذكر أن قطر "فقدت مكانتها العالمية"، بعد ثورة النفط الصخري الأميركية، "لكن لديها الآن فرصة للعودة إلى الساحة الدولية، كلاعب مهم في أسواق الغاز" من خلال القدرة على تسجيل نقاط سياسية إيجابية، بتحسين العلاقات مع الغرب، وفق ذات المتحدثة.

قدرات تصديرية ضخمة

ويمكن للمرحلة الثانية، التي تسعى من خلالها الدوحة إلى استغلال حقل الشمال الجنوبي أن تزيد من قدرتها التصديرية إلى 126 مليون طن سنويًا بحلول عام 2027.

ولطالما سعت قطر، وهي دولة لا يتجاوز عدد سكانها 3 ملايين نسمة، إلى الحفاظ على علاقات ثنائية متنوعة كوسيلة لحماية نفسها من القوى الرئيسية في المنطقة، خصوصا المملكة العربية السعودية، التي تشترك معها في حدودها البرية الوحيدة، وإيران.

ومنذ الاقتراض بشكل كبير لتطوير أول مشروع بحقل الشمال في التسعينيات، قامت قطر بتحويل ثرواتها من الغاز إلى صندوق ثروتها السيادية،  أو ما يعرف بجهاز قطر للاستثمار، مما عزز مكانة البلاد الدولية من خلال استثمارات بارزة مثل صفقة عام 2011 لشراء نادي باريس سان جرمان لكرة القدم، على سبيل المثال.

وستساعد عائدات الغاز في تمويل تكلفة استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022 في نوفمبر المقبل، وهي المرة الأولى التي تُقام فيها البطولة في الشرق الأوسط.

أثر العقود طويلة الأجل

تاريخيًا، باعت قطر، معظم الغاز الطبيعي المسال الخاص بها إلى الدول الآسيوية بموجب عقود طويلة الأجل، وقد طورت "سمعة رائعة" كمورد موثوق هناك، وفقًا لفرانك هاريس، خبير الغاز الطبيعي المسال في شركة الاستشارات "وود ماكنزي".

التقرير قال إن قدرة قطر على دعم الدول بالغاز "قد يساعد في تهدئة المخاوف في بعض العواصم الأوروبية بينما تستعد لتحويل اعتمادها على  روسيا".

ورغم أن حوالي ثلثي صادرات قطر بموجب عقود طويلة الأجل هي لمشترين آسيويين، وفقًا لشركة "إينرجي أسبكتس" للاستشارات، فإن الدولة الخليجية حريصة على أن يكون تقسيم العرض لمشروع حقل الشمال الشرقي أكثر توازناً، حيث يتدفق النصف تقريبًا إلى أوروبا.

وقال هاريس "هناك معركة طويلة الأمد الآن بين قطر والولايات المتحدة على السيادة"

بينما قال ليو كابوش، وهو محلل آخر من "إنرجي أسبكتس" إن موقع قطر الجغرافي جعلها أكثر ملاءمة من الولايات المتحدة لتزويد أوروبا وآسيا.

ووسط البحث عن بدائل للغاز الروسي، قالت ألمانيا في مايو إنها وقعت اتفاقا مبدئيا للطاقة مع قطر سيكون بمثابة "باب مفتوح" لأكبر اقتصاد في أوروبا، على الرغم من استمرار المناقشات بين قطر للطاقة والشركات الألمانية. 

يتمثل أحد التحديات التي يواجهها المشترون الأوروبيون في أن قطر تفضل تقليديًا العقود طويلة الأجل التي تنص على وجهة تسليم ثابتة، بدلاً من العقود المرنة التي يقدمها المنتجون الأميركيون، التي تسمح للمشتري بشحن الوقود في أي مكان ويتم تفضيلها عمومًا في أوروبا.

ويُعتقد أيضًا أن المشترين الأوروبيين أكثر ترددًا في التوقيع على عقود مدتها 25 عامًا نظرًا لعدم اليقين بشأن الدور المستقبلي للغاز.

موكب الرئيس الأميركي دونالد ترامب متوقف بجوار طائرة بوينغ 747-8 مملوكة لقطر عمرها 12 عامًا كان ترامب يتجول بها في ويست بالم بيتش، فلوريدا، الولايات المتحدة، 15 فبراير 2025. رويترز/صورة أرشيفية
موكب الرئيس الأميركي دونالد ترامب متوقف بجوار طائرة بوينغ 747-8 مملوكة لقطر عمرها 12 عامًا كان ترامب يتجول بها في ويست بالم بيتش، فلوريدا، الولايات المتحدة، 15 فبراير 2025. رويترز/صورة أرشيفية

قال خبراء في مجال الطيران ومصادر من القطاع إن الطائرة بوينغ 747، التي أهدتها قطر إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد يضطر البيت الأبيض إلى نشر طائرات مقاتلة لترافقها، ويقتصر تحليقها على أجواء الولايات المتحدة ما لم يجر عليها تحسينات أمنية كبيرة ومكلفة.

وذكر الخبراء والمصادر أن مرافقة طائرات عسكرية لها واقتصار التحليق داخليا ربما يستمران حتى لو تم إدخال العديد من التحسينات على نظم الاتصالات والدفاع في الطائرة خلال الأشهر المقبلة بمجرد إتمام أي اتفاق.

وأشار مسؤول سابق في القوات الجوية الأميركية إلى أن ترامب باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة يستطيع التغاضي عن أي من هذه المتطلبات.

وقال خبراء إن الطائرة الفاخرة، التي أهدتها له العائلة المالكة القطرية، تتطلب تحديثات أمنية وتحسينات في الاتصالات لمنع تنصت الجواسيس ولتكون قادرة على صد أي صواريخ.

والتكاليف غير معروفة، لكنها قد تكون باهظة بالنظر إلى أن تكلفة بناء طائرتين رئاسيتين جديدتين من طراز بوينغ ستتجاوز خمسة مليارات دولار.

وأحالت القوات الجوية طلب التعليق على التقرير إلى البيت الأبيض الذي لم يصدر تعقيبا بعد.

وثمة تساؤلات جدية عما إذا كانت طائرات الحراسة المقاتلة والتحديثات خلال فترة زمنية قصيرة كافية لتوفير الحماية اللازمة للرئيس.

وعن إجراء التعديلات خلال فترة زمنية قصيرة، قال مارك كانسيان المستشار الكبير في إدارة الدفاع والأمن في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "لا أعتقد أن هذا ممكن".

وأضاف "تصمم الطائرة الرئاسية لتصمد في كل الظروف، بما في ذلك الحرب النووية"، مشيرا إلى أن أسلاكها وأنظمتها تكون مصممة من البداية على تحمل النبضات الكهرومغناطيسية الناتجة عن انفجار نووي و"هذا شيء لا يمكن إضافته".

ورفض ترامب الانتقادات التي وجهت إليه بعدما قال إنه سيقبل الطائرة، التي يبلغ عمرها 13 عاما وثمنها 400 مليون دولار، لأنه سيكون "من الغباء" رفض العرض.

وأضاف المسؤول السابق في القوات الجوية الأميركية "إذا أراد (الرئيس) ذلك، وقال 'سأقبل أي مخاطرة مرتبطة بعدم وجود كل ما تحتويه الطائرة الرئاسية الفعلية' فيمكنه ذلك".

وأوضح المسؤول السابق أنه في حين أن الطائرة الرئاسية لا ترافقها عادة طائرات مقاتلة، فإن الطائرة الجديدة قد تحتاج إليها لصد التهديدات الصاروخية.

وقال ريتشارد أبو العافية العضو المنتدب لشركة "أيرو دايناميك أدفايزوري" الاستشارية إن الطائرات المرافقة قد تكون ضرورية لأن الطائرة القطرية "ليست مجهزة بأنظمة الحرب الإلكترونية والإنذار من الصواريخ وخصائص أخرى مرتبطة بالقدرة على النجاة داخل الطائرة الرئاسية".

وأضاف أن السفر الدولي بها ربما يكون محظورا لأنه "لا يمكن ضمان مستوى الأمن في المجال الجوي الدولي أو المطارات الدولية".

وقال خبراء إن الجيش الأميركي سيضطر في ظل أي احتمالات إلى تزويد الطائرة القطرية بخصائص أمنية جديدة وربما أسلاك جديدة قبل استخدامها.