غروب في صحراء خريس شرق الرياض
غروب في صحراء خريس شرق الرياض

يرتبط اسم السعودية في أذهان الكثيرين في الدول الغربية بحقول النفط والصحراء القاحلة، لكن معرضا فنيا في العاصمة واشنطن هو الأول من نوعه في أميركا الشمالية يحاول تغيير تلك الصورة ليكشف لجمهوره التاريخ الثري للمملكة.

ويستضيف جناح أرثر ساكلر بمتحف سميثسونيان الوطني في العاصمة الأميركية منذ 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ويستمر إلى غاية 24 فبراير/شباط، معرض "دروب الجزيرة العربية" وهو أول معرض فني في الولايات المتحدة يكشف لزائريه وجها آخر عن غنى الثقافة السعودية وأصالتها.

ويقدم المعرض حوالي 300 قطعة فنية من مجوهرات ومصنوعات طينية وتماثيل تؤرخ لمراحل تاريخية عدة.

وفي لقاء مع إذاعة صوت أميركا قالت أمينة المتحف معصومة فرهد إن بعض تلك القطع الفنية تعود إلى عصور ما قبل الميلاد، وأضافت أن بعض المعروضات القديمة تعود إلى العصر الحجري الحديث ما بين القرنين السادس والسابع قبل الميلاد، أما أحدثها فيرجع إلى بدايات القرن الـ20.

وتكشف عدد من القطع المعروضة عن الدور الذي كانت تلعبه السعودية في العصور القديمة كملتقى للتجارة بين الحضارات، وخصوصا الرومانية والإغريقية.

فمثلا يصادف زائر المعرض تماثيل من صخور رملية تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد. وتقول فرهد إن لتلك التماثيل موقعا خاصا في المعرض: "هناك شيء ما يثير المشاعر عندما أمعن النظر في وجه هذا التمثال. فمن جهة يوحي بأن لا شيء يميزه إلا بعض الخطوط الهشة، لكن من جهة أخرى هناك الكثير من العواطف والأحاسيس التي تشع منه". وهذه بعض القطع المعروضة:



ويبرز المعرض أيضا مكانة السعودية كوجهة للحج ومنطلق لتوسع الإسلام وانتشاره. وفي هذا الإطار يقول المتحدث باسم الهيئة العامة للسياحة والآثار علي الغبَّان إن ثقافة بلاده لا تختلف عن باقي الحضارات الإنسانية.

وتابع قائلا "نريد أن نبيّن للعالم أن دورنا في الزمن القديم كان مهما، فحضارتنا تشبه باقي الحضارات في المنطقة كمصر وسورية وبلاد ما بين النهرين".

ويحاول المعرض تصحيح بعض الصور النمطية عن الإسلام، لاسيما ما تناقلته وسائل الإعلام مؤخرا بشأن مساعي مشددين تدمير الآثار القديمة في بلدانهم.

ويقول الغبان إن تلك التصريحات مثيرة للشفقة "أعتقد أنها حماقة. المسلمون الأوائل لم يقدموا على ذلك، يجب علينا أن نفهم مبادئ ديننا بصورة أفضل. أؤكد أنه لا تعارض بين حماية التراث الإنساني والدين الإسلامي".

وسبق للمعرض أن فتح أبوابه أمام جمهور الزوار في عدد من المدن الأوروبية قبل أن يستقر به المقام في واشنطن، ومن المقرر أن ينتقل بعدها إلى ولايات أميركية أخرى.

   يقول ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إن المملكة ستطور أسلحة نووية إذا فعلت إيران ذلك
محمد بن سلمان بلقطة أرشيفية

أصدرت محكمة أميركية قرارا بالقضية التي رفعها مسؤول الاستخبارات السعودي السابق، سعد الجابري، على الحكومة السعودية، ويشير القرار إلى أن المحاكم الأميركية باتت أكثر استعدادا للنظر في محاسبة المسؤولين الأجانب في القضايا المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان.

وقالت وكالة أسوشيتد برس، الثلاثاء، إن المحكمة منحت اثنين من كبار مساعدي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، حتى أوائل نوفمبر لتسليم ما لديهما من أدلة، للرد على الجابري الذي رفع دعوى يتهم فيها مسؤولين بمحاولة اغتياله في عام 2018.

وكان الجابري مستشارا موثوقا لولي العهد السابق ووزير الداخلية السابق، محمد بن نايف، الذي كان مطلعا على الكثير من الأسرار الاستخباراتية، بحسب تقرير سابق لنيويورك تايمز.

وعمل الجابري على مدى نحو 20 عاما، مع ولي العهد السابق، إذ ساعد في إصلاح جهاز الاستخبارات وكان أحد أهم ضباطه، وساهم كثيرا في جهود المملكة لمكافحة تنظيم القاعدة، وفي تنسيقها الأمني مع الولايات المتحدة.

وقال خبراء قانونيون وحقوقيون إن القرار القضائي الأخير يشير إلى أن المحاكم الأميركية أصبحت أكثر انفتاحا على الدعاوى القضائية المتعلقة بمحاسبة الدول على الانتهاكات الحقوقية، وذلك بعد نحو 20 عاما من قرارات المحكمة العليا الأميركية التي قيدت هذا الأمر.

وتتهم الدعوى، التي رفعها الجابري أمام محكمة فيدرالية في العاصمة واشنطن، مسؤولين من بينهم مستشار الديوان الملكي السابق، سعود القحطاني، الذي ورد اسمه أيضا في اغتيال الصحفي، جمال خاشقجي، بإرسال فرقة اغتيال كان يفترض أن تصل كندا، حيث يعيش منذ 2017، لتنفيذ الجريمة، بعد أقل من أسبوعين على اغتيال خاشقجي.

وأقرت السفارة السعودية في واشنطن بتلقي طلبات للتعليق من وكالة أسوشيتد برس في قضية الجابري لكنها لم ترد على الفور.

ورفض العساكر التعليق، ولم يرد محامو القحطاني.

وتصف المملكة هذا الادعاء بأنه لا أساس له من الصحة.

وفي 2020، أفاد تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال بأن السلطات السعودية كانت تسعى إلى محاكمة الجابري بعد أن "أهدر" هو ومساعدوه نحو 11 مليار دولار من أموال الدولة، منها مليار دولار أنفقوها على أنفسهم.

ويقول مسؤولون سعوديون إنهم يسعون إلى تقديم الجابري للعدالة، في إطار حملة محمد بن سلمان لمكافحة الفساد. لكن آخرين رأوا أن ولي العهد يسعى إلى الحصول على معلومات من المسؤول الاستخباراتي السابق.

وفي الوقت نفسه، قالت الحكومة السعودية إن مقتل خاشقجي على يد عملاء سعوديين داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في أكتوبر 2018 كان "عملية مارقة" نفذت دون علم ولي العهد.

وقالت صحيفة واشنطن بوست في 2020 عندما رفع الجابري القضية إنه قال إنه "لا يوجد أحد تقريبا يرغب المدعى عليه بن سلمان أن يراه ميتا" أكثر منه، وذلك بسبب علاقته مع الحكومة الأميركية "بصفته شريكا موثوقا به منذ فترة طويلة من قبل مسؤولي الاستخبارات الأميركيين الرفيعين".

وتشكل خطوة الجابري أول مرة يقدم فيها مسؤول سعودي رفيع سابق على توجيه اتهام رسمي إلى ولي العهد بشن حملة واسعة لإسكات الأصوات التي تنتقده.

لكن في أكتوبر 2022، رفضت المحكمة دعوى الجابري لأن اتهاماته لم تكن مرتبطة بشكل كاف بالولايات المتحدة، ونتيجة لذلك، قالت إنها ليست لديها سلطة الاستماع إلى ادعاءاته.

لكن محكمة الاستئناف الأميركة في واشنطن ألغت حكم هذه المحكمة، وسمحت له بجمع الأدلة لإقناعها بإمكانية إجراء المحاكمة على الأراضي الأميركية، ودعت القحطاني ومحامي الحكومة السعودية، بدر العساكر إلى تسليم جميع المراسلات ذات الصلة على التطبيقات وغيرها من الاتصالات في القضية بحلول الرابع من نوفمبر.

وحتى الآن، فشلت الجهود الرامية إلى مقاضاة المسؤولين السعوديين والمملكة بشأن قضيتي خاشقجي والجابري. وقالت المحاكم الأميركية إن الأمير محمد بن سلمان نفسه يتمتع بحصانة سيادية بموجب القانون الدولي.

لكن القرار الأخير لمحكمة الاستنئاف أعطى الأمل لجماعات حقوق الإنسان والمعارضين بأن المحاكم الأميركية قد تكون أكثر انفتاحا مرة أخرى على الدعاوى القضائية من هذا النوع، حتى عندما تحدث المخالفات في الخارج.

وقالت يانا جوروخوفسكايا، مديرة الأبحاث في فريدوم هاوس، وهي منظمة حقوقية مقرها الولايات المتحدة: "يبدو أكثر فأكثر أن المحاكم الأميركية تمنح الفرصة لمحاسبة الحكومات بشكل مباشر".

وأشارت جوروخوفسكايا إلى أن "المعركة شاقة"، خاصة في الحالات التي لا تشمل الكثير من المخالفات على الأراضي الأميركية.

وقال خالد الجابري، نجل سعد الجابري، وهو طبيب يعيش في الغرب خوفا من انتقام الحكومة السعودية، إن الحكم الأخير الذي يسمح بمضي دعوى والده قدما سيفعل أكثر من مجرد مساعدة الضحايا الجدد.

وأضاف: "نأمل أن يجعل هذا الأنظمة القمعية تفكر مرتين في القمع العابر للحدود الوطنية على الأراضي الأميركية".

وكانت المحاكم في الولايات المتحدة ودول أخرى وجهات مفضلة لرفع قضايا حقوق الإنسان على الحكومات القمعية.

لكن الأحكام التي أصدرتها المحكمة العليا الأميركية منذ عام 2004 أسقطت الدعاوى في القضايا التي تنطوي على أطراف أجنبية، التي لا تكون في الغالب مرتبطة بالولايات المتحدة، وفق  إنغريد برونك، أستاذة القانون الدولي في جامعة فاندربيلت وخبيرة التقاضي الدولي.

ومع ذلك، قالت برونك، إن الدعاوى القضائية القوية ضد المسؤولين والحكومات الأجنبية اكتسبت موطئ قدم في المحاكم الأميركية مرة أخرى في الآونة الأخيرة، ووصفت القرار الأخير بأنه "تطور مثير".