سيدة سعودية تتصفح موقع يوتيوب-أرشيف
سيدة سعودية تتصفح موقع يوتيوب-أرشيف



لم يصل حراك الربيع العربي إلى ساحات المدن السعودية، ولم ينزل السعوديون والسعوديات إلى الشوارع في مظاهرات حاشدة كما حصل في دول عربية وأدى ذلك إلى تغيير الأنظمة، لكن ما من شك أن السعوديين والسعوديات يعيشون ثورة من نوع آخر.
 
إنها ثورة التعبير عن الرأي في المواقع الافتراضية من "فيسبوك" و"تويتر"، وثورة الاتصالات الإلكترونية حيث ألغت مواقع سكايب وواتساب وفايبر المسافات وأفلت من يستخدمها من مراقبة الدولة.
 
ولجأ السعوديون والسعوديات إلى هواتفهم الذكية، التي سمحت لهم بأن يكونوا موجودين في العالم الافتراضي وصوتهم مسموع وصورتهم يشاهدها الملايين.
ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في إنشاء ثقافة جديدة وأحدثت ثورة في مجال التواصل بالمجتمع السعودي بشكل خاص
​​
وقالت دراسة لغوغل إنسايتس (Google insights) إن استخدام الهاتف الذكي في السعودية يشهد انتشارا واسعا، مشيرة إلى أن 87 في المئة من حملة هذه الهواتف يستعملونها في التواصل عبر مواقع الإعلام الجديد.
 
وعندما نشرت منال الشريف شريط فيديو لنفسها تقود سيارة "إس يو في" سوداء في تحد لقانون السير في السعودية الذي يمنع المرأة من قيادة السيارة، وسجنت بعدها، تفاعل معها أكثر من 300 ألف مستخدم على تويتر خلال أيام قليلة فقط.
 
قلق سعودي من حرية التعبير
 
أصبحت السعودية الدولة الأسرع نموا على تويتر في العالم، بحسب تقرير وسائل الإعلام الاجتماعية في العالم العربي.
 
وقد عبر مسؤولون سعوديون عن قلقهم من هذا النمو المضطرد. وهددت هيئة الاتصالات السعودية الأسبوع الماضي باتخاذ إجراءات ضد مواقع اتصالات عبر الانترنت بسبب ما اعتبرته عدم احترام هذه المواقع لأنظمة المملكة السارية وذلك بعد معلومات عن رغبة السلطات في مراقبة المحتويات التي يتم تبادلها، مشيرة إلى واتساب وسكايب وفايبر وغيرها التي تتيح التحاور بالصوت وبالصورة عبر الإنترنت.
 
هذا الجدل حول إمكانية مراقبة مستخدمي وسائل الإعلام الجديد ووضع ضوابط لهم، أعاد طرح مواضيع حرية التعبير وحقوق الإنسان والإصلاح السياسي في المملكة التي بحكمها نظام ملكي مطلق، ولا توجد فيها أحزاب سياسية وتعد الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للقانون.
تويتر وفيسبوك تحولا إلى متنفس وحيد للشعب السعودي
وليد أبو الخير
​​
ففي منتصف شهر مارس/آذار الماضي، شكلت العقوبات "القاسية" التي صدرت بحق الناشطيْن السعودييْن عبد الله الحامد (62 عاما) ومحمد فهد القحطاني (47 عاما) "انتكاسة كبيرة" لحقوق الإنسان في السعودية، بحسب منظمتي هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، اللتين دعتا حكومة الرياض إلى إسقاط التهم والإفراج الفوري عن المتهمين.
 
وقررت محكمة جزائية سعودية في التاسع من مارس/آذار حل جمعية الحقوق المدنية والسياسية "حسم" وتأكيد عقوبة الحامد السابقة بالسجن ست سنوات وتعزيره خمس سنوات إضافية وسجن القحطاني 10 سنوات، وذلك بناء على المادة السادسة في نظام الجرائم المعلوماتية السعودي.
 
الإعلام الجديد
 
وعلى غرار العديد من السعوديين والسعوديات، يستخدم الحامد والقحطاني كثيرا موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" للتعبير عن رأيهما في الأوضاع السياسية وغيرها من المسائل الخاصة بالمجتمع السعودي.

​​ ​​

ويسعى السعوديون من خلال وسائل التواصل الاجتماعي إلى التعبير السياسي والنقد الاجتماعي، مما عكس انتشارا واضحا للوعي السياسي والمجتمعي في المملكة، حسب ناشطين حقوقيين.
 
غير أن "النظام" سعى إلى تشويه كل نشاط حقوقي، ووصم صاحبه، إذا كان شيعيا بأنه متحالف مع إيران وإذا كان سنيا بأنه متحالف مع القاعدة، حسبما قال الناشط الحقوقي وليد أبو الخير لموقع "راديو سوا".
 
ولفت أبو الخير إلى أن القيمين على المملكة يريدون أن يقولوا للعالم إن النظام السعودي متطور ومتمدن ويريد الإصلاح والمضي قدما في قضايا حقوق الإنسان، لكن المشكلة تبقى في الشعب الذي برأيهم يحتاج إلى وقت.
وسائل التواصل الاجتماعي أحدثت تغييرا في السعودية على مستوى الحكومة والشعب
إيمان النفجان
​​
لكن هذه الصورة ليست صحيحة، وفقا لأبو الخير، وكثير من الحقوقيين يحاولون إيصال أصواتهم إلى الخارج، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية تتدخل لمنع أي تحرك شعبي حتى لو كان بسيطا.
 
من هنا برز دور وسائل التواصل الاجتماعي من فيسبوك وتويتر الذي أحدث حسب إيمان النفجان صاحبة المدونة "Saudiwoman" "تغييرا في السعودية على مستوى الحكومة وعلى مستوى الشعب"، مشيرة إلى أن "الكثير من التغيير الذي حصل في قضايا حقوقية واجتماعية جاء نتيجة حملة معينة بدأت على مواقع فيسبوك وتويتر وغيرها".
 
وقال أبو الخير إن تويتر وفيسبوك تحولا إلى متنفس وحيد للشعب السعودي، رغم أن السلطات قامت بمحاولة حجب صفحات محددة منها. وأضحى الموقعان الوسيلة الوحيدة للقياس الحقيقي والصحيح للرأي العام السعودي تجاه ما يجري في الداخل السعودي.
 
وسجلت نسبة نمو مستخدمي موقع تويتر في السعودية 3000 في المئة، حسبما أفاد المدير التنفيذي لموقع "تويتر" ديك كوستولو في تصريح في شهر يوليو/تموز الماضي. فيما بلغ عدد مستخدمي الموقع من السعوديين مطلع العام الجاري نحو أربعة ملايين شخص ينشرون نحو 50 مليون تغريدة في الشهر، حسب دراسة لكلية دبي للإدارة.
 
ولا شك أن الوسائل الجديدة للإعلام ووسائل الاتصال الاجتماعي أدخلت ثقافة جديدة على المجتمع السعودي حيث تحولت هذه الوسائل المتاحة للجميع إلى منبر لطرح المواضيع من دون تردد خصوصا وأن الرقابة على هذه المواقع ضعيفة جدا.
 
وقال رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية الدكتور مفلح القحطاني "لكن هناك بعض المحاذير من الناحية الأمنية والأخلاقية"، و أكد أنه رغم المحاذير، فإن المجتمع السعودي يستفيد من هذه الوسائل.
 
ودعا القحطاني إلى إيجاد ميثاق شرف "يتعلق بالأخلاقيات التي قد يتعرض لها أو قد تتجاوزها هذه الوسائل الجديدة".
 
الحراك السعودي والصمت الأميركي
 
ورغم أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في إنشاء ثقافة جديدة وأحدثت ثورة في مجال التواصل على مستوى العالم عموما وعلى مستوى المجتمع السعودي بشكل خاص، فنقلت صورة صادقة لتفاعل السعوديين والسعوديات مع ما يجري من حولهم، إلا أن تغريدات تويتر وتعليقات فيسبوك ومقالات المدونات لم تجد صدى دوليا لها إلا لدى المنظمات الحقوقية وبعض وسائل الإعلام الدولية.
 
فقد نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا بعنوان "السعودية تسجن ناشطين وأميركا صامتة"، لفتت فيه إلى أن المجتمع الدولي اختار غض الطرف عما يحدث في السعودية.
 
وفي صحيفة واشنطن بوست، كتبت المحاضرة الزائرة في جامعة ستانفورد جانين زكريا مطلع هذا العام أن الوقت مناسب للحكومات الغربية عموما وواشنطن على وجه الخصوص لتضع جانبا مخاوفها، وتفعل شيئا "لعكس اتجاه الدولة السعودية في حبس الكتاب والناشطين الحقوقيين".
 
وفي صحيفة كريستشان ساينس مونيتور، انتقد أندرو فتزجيرالد عدم تسجيل الولايات المتحدة أي رد فعل شاجب لـ"اضطهاد الناشطين في المملكة"، قائلا "في حين أن الولايات المتحدة كانت سريعة لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان في الصين.. بدا الرئيس أوباما مترددا في فعل الشيء نفسه مع السعودية".
الحرية الصحافية والإعلامية بدأت تأخذ دورها لما لها من أهمية في دعم حقوق الإنسان بشكل عام في السعودية
مفلح القحطاني
​​
وفي صحيفة واشنطن بوست، كتبت مؤلفة كتاب (On Saudi Arabia) كارين إليوت هاوس قائلة إن أحكام السجن بحق الناشطين الحقوقيين حزين، مشيرة إلى أن الموقف الأميركي في الإدارات المتعاقبة كان داعما للنظام الحاكم السعودي رغم تجاوزاته في مجال حقوق الإنسان.
 
تشريعات جديدة
 
في المقابل، رأى ناشطون حقوقيون سعوديون أن المملكة حققت تقدما في مجال حقوق الإنسان خلال السنتين الماضيتين، خصوصا في مجال حقوق المرأة.
 
وقال مفلح القحطاني، في هذا الإطار، "التشريعات التي تُمكن المرأة من المشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة ناخبة ومنتخبة قد صدرت، وأيضا صدرت الموافقة على إشراك المرأة في عضوية مجلس الشورى بنسبة تقارب 20 في المئة".
 
ولفت القحطاني إلى حصول تقدم في بعض التشريعات المتعلقة بحماية الحقوق والحرية الإعلامية، مشيرا إلى أن "الحرية الصحافية والإعلامية بدأت تأخذ دورها لما لها من أهمية في دعم حقوق الإنسان بشكل عام".
 
غير أن وليد أبو الخير لفت إلى أن هذه الحقوق تدخل في سياق سعي المملكة لتصوير نفسها في الخارج على أن نظامها متمدن ومتطور وإصلاحي، ولكنه يراعي حركة المجتمع السعودي، داعيا إلى أن "يُسمح للمرأة بأن تدرس وتتعالج وتسافر بدون أن تكون برفقة محرم".
وتساءل أبو الخير عن أهمية تعيين سيدات في مجلس الشورى "وهن يحتجن إلى إذن من محرمهن ليحضرن الاجتماع"، مضيفا "يعني تمثيلهن غير صحيح وغير مقبول برلمانيا لأنهن يعاملن كقاصرات".
​​
وقال "نحن لا نريد هذا المجلس أصلا، بل نريد مجلسا منتخبا بالكامل وليس مجلسا يعين الملك فيه أعضاءه ثم لا يتناقشوا في كل المواضيع المطروحة شعبيا. بل والأدهى من ذلك أنه عندما يتناقشون في موضوع ما ويخرجون بتوصية، هذه التوصية قد تطبق أو لا تطبق".

وفي هذا السياق، قال الأمير الوليد بن طلال إنه يؤيد انتخاب أعضاء مجلس الشورى في المملكة ولو جزئيا مع منحهم صلاحيات حقيقة، داعيا إلى منح "مؤسسات المجتمع المدني دورا أكبر".

ورغم ذلك وصف دخول المرأة إلى مجلس الشورى بأنه "هام جدا"، مشيرا إلى أن "موضوع الصلاحيات آت لا محالة".

وفيما يلي شريط فيديو وبعض التغريدات التي نشرت على موقع تويتر لسعوديين ينتقدون وضع حرية التعبير في بلادهم:

​​
​​

نجيب ميقاتي في الرياض - فرانس برس
نجيب ميقاتي في الرياض - فرانس برس

بدأ قادة الدول العربية والإسلامية يصلون إلى السعودية استعدادا لقمّة تعقد الاثنين لمناقشة الحرب في غزة ولبنان والمستجدات في المنطقة، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السعودية.

وفي أواخر أكتوبر، أعلنت وزارة الخارجية السعودية عن القمّة خلال الاجتماع الأوّل لتحالف دولي أنشئ بغرض الدفع قدما بحلّ الدولتين لإنهاء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

وتعقد القمة بهدف "بحث استمرار العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية ولبنان وتطورات الأوضاع في المنطقة"، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السعودية الأحد.

وتأتي "امتدادا للقمة العربية - الإسلامية المشتركة التي عقدت في الرياض في 11 نوفمبر 2023" بمبادرة من الجامعة العربية (القاهرة) ومنظمة التعاون الإسلامي (جدّة).

وبثّت قناة "الإخبارية" السعودية مشاهد لوصول الرئيس النيجيري بولا تينوبو ورئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي.
 

ومن المرتقب أن يشارك في القّمة أيضا رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، بحسب ما أعلنت الخارجية الباكستانية الأسبوع الماضي مشيرة إلى أنه ينوي الدعوة إلى "إنهاء فوري للإبادة الجماعية في غزة" و"الوقف الفوري للتهوّر الإسرائيلي في المنطقة".

وبين أعضاء منظمة التعاون الإسلامي السبعة والخمسين والجامعة العربية الإثنين والعشرين، دول تعترف بإسرائيل وأخرى تعارض اندماجها الإقليمي.

وشهدت القّمة التي عقدت العام الماضي في الرياض تباينا في المواقف بشأن قطع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع إسرائيل وزعزعة إمداداتها النفطية.

واندلعت الحرب في قطاع غزة بعد هجوم لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر 2023 تسبّب بمقتل 1206 أشخاص معظمهم مدنيون، حسب حصيلة لوكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية، بما يشمل مَن لقوا حتفهم أو قتِلوا في الأسر.

وخلال الهجوم، خطف المسلحون 251 شخصا، لا يزال 97 منهم في غزة، بينهم 34 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم ماتوا.

وتردّ إسرائيل مذّاك بقصف مدمّر وعمليات برّية في قطاع غزة مما أسفر عن مقتل 43603 أشخاص، غالبيتهم مدنيون، وفقا لآخر أرقام وزارة الصحة التابعة لحماس.

وامتدت الحرب إلى لبنان بعدما فتح حزب الله جبهة ضد إسرائيل في 8 أكتوبر 2023 دعما لحماس.

ومنذ أواخر سبتمبر، كثّفت إسرائيل ضرباتها الجوية وبدأت عمليات برية في لبنان، بعد نحو عام من تبادل القصف عبر الحدود مع حزب الله المدعوم من إيران على خلفية حرب غزة.