#الحرة_تتحرى: #السعودية… مشاهد متناقضة

خاص "الحرة"

قضت سلوى الزهراني سنتين في التخطيط للهرب من السعودية لتنجح أخيرا في الوصول إلى مونتريال الكندية، في شتاء 2018.

كانت سلوى خلال السنتين التي قضتهما في التخطيط تجمع المعلومات بشأن الدول التي يمكن أن تتقدم إليها بطلب اللجوء "كما طلبتُ مساعدات من الناس، وقررتُ الهرب عندما شعرت بأن لدي المعلومات الكافية وأنني لن أهرب إلى المجهول، وما ارتحتُ إلا عندما أقلعت الطائرة".

كانت كندا إحدى الدول التي ساندت الفتيات السعوديات الهاربات.

ووفقا لتقارير إعلامية، تضاعفت أعداد طالبي اللجوء من السعوديين حول العالم بما يقارب 350 ضعفا خلال قرابة ربع قرن، منهم 50% تقريبا طلبوا اللجوء إلى الولايات المتحدة الأميركية.

وفي شتاء 2018، قررت دانة معيوف عدم العودة إلى السعودية بعد انتهاء بعثتها الدراسية في الولايات المتحدة الأميركية.

تقول دانة "قررتُ ذلك لأنني تركت الإسلام وإذا عدت إلى بلدي وكتبت عن ذلك كنت سأتعرض لمشاكل من بينها السجن، قررت العيش في بلد غريب لأن الحرية ثمنها غال"، مضيفة أن "الضغط يولد الانفجار".

هل هي ظاهرة؟

تقول سلوى إن فتيات سعوديات يطلبن منها "يوميا" مساعدتهن في الهروب من السعودية.

لكن، على ما يبدو، لا تعتبر وجهة النظر السعودية الأمر مقلقا.

ويرى أستاذ علم الاجتماع الدكتور منصور عسكر أنها "مشكلة وليست ظاهرة"، ويقول إن "التضخيم في غير محله".

غير أن عسكر أشار إلى أن مشكلة هروب الفتيات "نتيجة للتغيرات السريعة جدا التي حدثت في المجتمع السعودي".

ويتفق معه أستاذ القانون الجنائي السعودي أصيل الجعيد الذي يقول "لا أعتقد أنها وصلت إلى حد الظاهرة"، إلا أنه أكد أن المملكة مهتمة تماما بهذه المسألة وتبحث لها عن "الحلول الكافية".

لكن إحصائية أعدتها وزارة العمل السعودية ونشرتها جريدة عكاظ السعودية رصدت 1750 حالة هرب تشكل نسبة المعنفات فيها 35% خلال عام واحد فقط.

ظاهرة التعنيف

وبينما يشير الجعيد إلى وجود "مركز بلاغات العنف الأسري الذي يستقبل البلاغات في أي وقت"، حاولت سلوى الزهراني التواصل مع وحدة الحماية بعد تعرضها لعنف جسدي ونفسي، بحسب قولها، "سألتني إن كان أهلي قد أحرقوني بالنار أو كسروا عظمي، أو ربطوني بالسلاسل، وعندما أجبتها بالنفي، فقالت لي إن ذلك ضرب تأديب وليس تعنيف".

وتضيف أنها حاولت الاتصال بالشرطة لكنها "كانت أسوأ، حيث طالبتني أن أذهب إليهم مع محام، ولذا لم يكن هناك مجال لأن تساعدني أي جهة في السعودية، فكان الحل الوحيد أن أهرب من السعودية".

قيادة المرأة للسيارة

حظي الأمير الشاب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي تولى المنصب في حزيران/ يونيو 2017، بثناء دولي بسبب تفعيل أشهر قرار اتخذته المملكة مؤخرا، وهو السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارات، بعد توليه منصبه بعام واحد.

غير أنه لم يتسن لكل من لجين الهذلول وإيمان النفجان وعزيزة اليوسف، وغيرهن من الناشطات السعوديات، الاستمتاع بثمرة جهودهن في المطالبة بحق المرأة السعودية في قيادة السيارات، حيث تم اعتقالهن قبل تفعيل القرار بشهر.

وتعلق دانة قائلة "أنت أعطيت المرأة حق القيادة لكن اعتقلت المطالبات بذلك"، فيما ترى هالة الدوسري الناشطة والباحثة السعودية بجامعة نيويورك أن السعوديين يعيشون حاليا وضعا أسوأ مما كانوا يعيشونه قبل بن سلمان، "كانت هناك التوقيفات والحملات الإلكترونية والمنع من السفر ضد الناشطات، الآن الناس ساكتة وتعتقل وتعذّب".

​​​إسقاط نظام الولاية

هو المطلب الأول للحركة النسائية السعودية حاليا، وهو النظام الذي يحتم على المرأة السعودية أخذ موافقة ولي الأمر الرجل سواء كان الأب أو الزوج أو حتى الابن في المعاملات القانونية مثل البيع والشراء واستصدار جواز السفر والدراسة والعمل ومغادرة البلاد وأيضا في حريتهن في اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بحياتهن أبرزها الزواج.

يقول أستاذ القانون الجنائي المساعد أصيل الجعيد إن "مسألة الولاية غير موجودة، وإنما هي أعراف مجتمعية سلبية وتسعى المملكة حاليا للتصدي لها وتقنينها"، مشيرا إلى أنه "لا يوجد في الشريعة الإسلامية منع من إذن السفر".

ويوضح "المرأة السعودية تستطيع أن تسافر خارج المملكة ولكن هناك تطبيقات وأعراف مجتمعية داخل الأسرة السعودية تمنع المرأة من السفر وهي أشياء تحتاج وقت لتغييرها".

وتقول دانة معيوف "لما تكون حياتك متوقفة على قرار رجل، هذا في حد ذاته يجعلك تخافين من المستقبل، ويجعل الحل الوحيد هو الهروب".

وتضيف "نحن في 2019 ولا زلنا لا نستطيع المطالبة بالمساواة، نحن لا زلنا نطالب بأشياء بديهية".

التصريحات جاءت خلال اجتماع مدبولي مع مستثمرين سعوديين
التصريحات جاءت خلال اجتماع مدبولي مع مستثمرين سعوديين

ردود فعل واسعة على تصريحات رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، التي أدلى بها خلال زيارته للسعودية، وتقديمه "اعتذارا" للمملكة، حيث اعتبرها البعض مهينة، بينما قال آخرون إنها تعبر عن "الواقع". 

وجاءت تصريحات مدبولي، الاثنين، خلال لقاء مستثمرين سعوديين، في الرياض، بهدف تشجيعهم على ضخ أموالهم في السوق المصرية.

وكان مدبولي، الذي وصل العاصمة السعودية، أمس، قدم خلال اجتماعه مع المستثمرين "اعتذارا" على نقل "البيروقراطية" إلى المملكة. 

وقال في تصريحات مصورة: "هدفنا تحسين مناخ الاستثمار من خلال تسهيل الإجراءات.. وزير التجارة السعودي، ماجد القصبي، بحكم حبه لمصر كان يقول أنتم بلد البيروقراطية ونقلتوها للمملكة في فترة ما. إحنا كمان (نحن أيضا) مصدومين. أخدانها (أخذناها) من الاستعمار البريطاني الذي ظل في مصر أكثر من 70 عاما. نعتذر إذا نقلناها لكم في وقت من الأوقات". 

وجاءت هذ التصريحات في سياق حديث رئيس الوزراء عن عمل الحكومة علي تحسين مناخ الاستثمار، وتيسير الإجراءات، وتخطي الإجراءات البيروقراطية. 

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، شن إعلاميون وكتاب، ومستخدمون عاديون، هجوما شديا على مدبولي. 

وكتبت الإعلامية، لميس الحديدي، في حسابها على "إكس": "البيروقراطية باختصار هي نظام يقوم على تنظيم السلطات الإدارية بشكل هرمي، ومع تطور الزمن أصبح رديفا للفساد وتعطيل أحوال الناس. دول كثيرة تمكنت من تحديثه بينما بقى عندنا صنما لا يتحرك. فإذا كان رئيس الوزراء يعتذر للمستثمر عما أصابه منه، وهو كثير، فأحرى به أن يعتذر أيضا للمواطن".

 وعبر الكاتب، عمار علي حسين، عن استغرابه تقديم هذا الاعتذار بعد رحيل الاستعمار البريطاني قبل عقود طويلة. 

وكتب: "الاستعمار البريطاني رحل منذ 72 سنة، فهل حصلنا على الاستقلال حقا، وتغلبنا على ما ورثناه من بيروقراطية؟ ولماذا لم تؤد هذه البيروقراطية إلى توعك بريطانيا نفسها؟ يا د. مدبولي حدثني عن الفساد وسوء الإدارة وعن الاستبداد الذي دمر كل شيء". 

واستغرب معلق آخر إلقاء "اللوم على الاستعمار البريطاني"، مع تجاهل الأسباب الداخلية الكامنة التي تسببت في المشكلات التي تعاني منها مصر. 

وعلى هذا الخط، طرح آخر سؤالا: "ومن يعتذر للشعب المصري على زيادة أسعار الكهرباء؟". 

وجاء في تعليق آخر: "كرامة مصر أكبر وأعظم... أوقفوا هذه التنازلات مهما كان الثمن...لا يليق أبدا أن مسؤول يعترف أن مصر كانت مجرد مستعمرة بريطانية وأن السعودية لم تكن كذلك".

لكن في المقابل، تساءل آخر: "لماذا لا تستفيد مصر من تجربة السعودية في التحول إلى الحكومة الالكترونية؟".

واعتبر مستخدم أن ما يحدث من جدل سببه "اللجان الإلكترونية" التي تسعى إلى بث الفتة بين البلدين. 

وقال ناشط إن المصريين بالفعل "ملوك البيروقراطية وتضييع الوقت وعمر ما الحاجة بتخلص إلا لو الموظف مزاجه رايق".

وعلى هامش زيارة مدبولي للرياض، قالت الحكومة المصرية في بيان، الاثنين، إن ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، وجه صندوق الاستثمارات العامة، (صندوق الثروة السيادي للمملكة) بضخ استثمارات في مصر بإجمالي 5 مليارات دولار "كمرحلة أولى".

وجاء البيان بعد أن التقى رئيس الوزراء المصري محمد بن سلمان في الرياض، حيث ناقشا تعزيز العلاقات الثنائية، وفق ما نقلت وكالة رويترز.