صبيحة الفاخر (68 عاما) تفحص سيارتها قرب منزلها بدينة الطائف
صبيحة الفاخر (68 عاما) تفحص سيارتها قرب منزلها بدينة الطائف

حلم أصبح حقيقة، بعد أعوام من الحرمان، فقد أصبح للمرأة السعودية الحق في قيادة السيارات، ضمن حزمة إصلاحات اجتماعية تتبناها الحكومة السعودية.

صبيحة الفاخر (68 عاما) تجلس خلف مقود السيارة بينما يستقر ابنها في المقعد المجاور، في انقلاب للأدوار لم تتخيل الأم السعودية أنه سيصبح ممكنا في حياتها.

صبيحة الفاخر (68 عاما) تقف أمام سيارتها

​​​وقالت الفاخر، وهي أم لخمسة أبناء، لوكالة الصحافة الفرنسي بينما كانت تقود سيارتها الفضية في شوارع مدينة القطيف شرق المملكة "إلى الآن، لا يمكنني أن أصدّق ذلك".

وبعد رفع الحظر المفروض على قيادة السيارات قبل عام، جلست آلاف السيدات خلف المقود، في مشهد يعكس التغييرات الاجتماعية المهمة في المملكة التي كانت البلد الوحيد في العالم الذي يحظر على النساء قيادة السيارات.

ويصادف الاثنين مرور عام على سماح السلطات السعودية للنساء بقيادة السيارات، في خطوة إصلاحية كبرى في المملكة الساعية لتغيير صورتها في العالم كدولة تفرض قيودا متشدّدة على مواطنيها.

وحتى 24 من حزيران/يونيو 2018، لم يكن مسموحا للنساء بقيادة السيارات في المملكة المحافظة، بعدما اعتبر رجال دين متشددون على مدى عقود أن السماح بقيادة المرأة للسيارة سيؤدي إلى الاختلاط بين الجنسين.

3 ملايين رخصة نسائية

​​

 

وتشير شركة "برايس واتر هاوس كوبرز" للاستشارات إلى أنّ عدد السعوديات اللواتي يمتلكن رخصة قيادة قد يصل إلى ثلاثة ملايين امرأة بحلول عام 2020.

ولم يفتح سوى عدد قليل من معاهد تعليم قيادة السيارات الأبواب أمام النساء في المدن السعودية، حيث سارعت المتقدّمات إلى تعلم قيادة السيارات والدراجات النارية أيضا، في مشهد بقي محظورا لعقود.

منيرة السناني، 72 عاما، تعبر عن فرحتها بقرار السماح بقيادة المرأة

​​لكن في مجتمع يتمتّع فيه المحافظون بالنفوذ، تقول كثيرات إنّهن تعرّضن للتمييز، وحتى بعض التصرفات العدوانية.

وتزخر وسائل التواصل الاجتماعي بالصور والتعليقات الساخرة التي تلوم السائقات على الازدحام المروري، إلى جانب "النصائح" التي تدعوهن إلى "تجنّب وضع مواد التجميل" أثناء القيادة.

حقوق ناقصة

​​

 

لكن رغم السماح بقيادة المرأة، لا تزال المملكة تتبّع قوانين تحد من حرية النساء وتعطي الذكور سلطة أعلى تسمح لهم بالتحكم ببعض جوانب حياة المرأة.

هذه خمسة جوانب رئيسية يملك الرجل فيها السلطة على المرأة في المملكة:

التعليم

​​

 

يضع نظام "ولاية الرجل" في أيدي الذكور، الأب أو الأخ أو الزوج وحتى الأبناء، سلطة التحكم بجوانب كثيرة في حياة المرأة.

وتحتاج النساء إلى موافقة أحد الأقرباء الذكور للانخراط في دروس منزلية أو لمغادرة البلاد من أجل الدراسة.

التوظيف

​​

 

نساء سعوديات (أرشيف)

​​​​خففت السعودية بعض أوجه نظام "ولاية الرجل" في قطاع التوظيف، مع توجّهها نحو تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط.

وقدّم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي تسلّم منصبه هذا في حزيران/يونيو 2017، خطّة اقتصادية تحت مسمى "رؤية 2030"، تتضمّن سعيا لتعزيز حضور النساء في سوق العمل ورفع نسبته من 22 إلى 30 بالمئة في 2030.

وسمح العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للنساء بالتقدم للحصول على رخصة لبدء عمل خاص عبر الإنترنت، فيما بدأت الشرطة توظيف النساء.

السفر وقيادة السيارات

​​

 

لا تزال النساء بحاجة لموافقة الرجال لتجديد جوازات سفرهن أو مغادرة البلاد، لكنهن بدأن في 24 حزيران/يونيو 2018 بقيادة السيارات للمرة الأولى بعد عقود من الحظر.

وحظيت الخطوة بترحيب دولي واسع، إلا أنّها لم تترافق مع انفتاح سياسي للسماح بحريات إضافية في هذا المجال.

كما اعتقلت ناشطات مدافعات عن حقوق المرأة قبل أسابيع من دخول قرار رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة حيّز التنفيذ، وتجري حاليا محاكمتهن، ولا تزال بعضهن في السجن.

الأحوال الشخصية

​​

 

بحسب نظام "ولاية الرجل"، تحتاج النساء من كل الأعمار لموافقة أقاربهن من الذكور للزواج. كما أنه يحق للرجل التقدم بطلب طلاق من دون الحاجة لإبلاغ زوجته.

وفي كانون الثاني/يناير الماضي، قالت وزارة العدل أنّه يتوجّب على المحاكم إبلاغ النساء عبر رسائل نصيّة بأن زواجهن انتهى، في خطوة بدت وكأنّها تهدف لوقف محاولة الرجال الحصول على طلاق من دون إبلاغ زوجاتهم.

الأماكن العامة

​​

 

نساء سعوديات خلال إحياء اليوم الوطني في أيلول/سبتمبر الماضي

​​في كانون الثاني/يناير 2018، سُمح للنساء بدخول بعض الملاعب الرياضية والجلوس في أماكن مخصّصة لهن وللعائلات للمرة الاولى، بعدما مُنعن من ذلك طيلة عقود.

كما حدّت السعودية من سلطة الشرطة الدينية التي كانت تلاحق النساء اللواتي لم يكنّ يغطين رؤوسهن.

وبدأت النساء في السعودية مؤخرا الظهور في الأماكن العامة من دون حجاب.

صورة أرشيفية لعناصر في الشرطة السعودية (رويترز)
صورة أرشيفية لعناصر في الشرطة السعودية (رويترز)

أعلنت إدارة التحريات والبحث الجنائي بشرطة منطقة جازان، جنوب غربي السعودية، القبض على شخصين بتهمة "التلفظ بعبارات خادشة للحياء، ومخالفة نظام مكافحة جرائم المعلوماتية".

وأشار بيان للأمن العام السعودي على منصة "إكس"، أن المتابعين "قاما بتوثيق ونشر محتوى مرئي يتضمن ألفاظاً مخالفة للآداب العامة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي".

وكان مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي، قد تداولوا مقطع فيديو لشخصين يظهران وهما يتلفظان بعبارات وُصفت بأنها "خادشة للحياء" في مكان عام.

وأضاف بيان الأمن العام، أنه تم "اتخاذ الإجراءات النظامية بحق المتهمين وإحالتهما إلى النيابة العامة، لاستكمال التحقيقات واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة".