المدون السعودي محمد سعود مع متحدث وزارة الخارجية الإسرائيلية للإعلام العربي حسن كعبية
المدون السعودي محمد سعود مع متحدث وزارة الخارجية الإسرائيلية للإعلام العربي حسن كعبية

بعد الكشف عن اسم وصورة أحد أفراد الوفد الإعلامي الذي أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية زيارته لإسرائيل، انتشر فيديو لتهجم عليه من فلسطينيين في باحات الأقصى في القدس، ليتساءل كثيرون عن الشخصية السعودية التي تزور إسرائيل لأول مرة.

وتعرض المدون السعودي محمد سعود الذي يقدم نفسه على حسابه على "تويتر" بأنه "طالب في القانون"، أثناء تواجده في البلدة القديمة بالقدس الشرقية إلى اعتداء لفظي من شبان فلسطينيين هاجموه لتلبيته دعوة الدولة العبرية، بحسب ما ظهر في مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

​​​​وأعلن المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية ميكي روزنفيلد، توقيف ثلاثة فلسطينيين "تورطوا في الحادثة على جبل الهيكل أمس بعدما هاجموا سائحا"، مشيرا إلى الشروع بالتحقيق معهم.

​​وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قد كشفت عن زيارة وفد من ست صحفيين عرب بينهم، ولأول مرة، صحفيان من السعودية والعراق، بدون أن تذكر أيا من أسمائهم، إلا سعود، فيما أشارت صحف عربية وإسرائيلية إلى أن الوفد يشارك فيه صحفيون من الأردن ومصر أيضا.

والتقى الوفد الثلاثاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين ناتنياهو، ومن المقرر أن يزور نصب ذكرى المحرقة النازية "ياد فاشيم" في القدس، ومبنى البرلمان والمواقع المقدسة وغيرها من المواقع، بحسب بيان لوزارة الخارجية الإسرائيلية.

وكتب سعود على حسابه على "تويتر": "أنا أمثل رأيي الشخصي فقط ولا علاقة لي بالسياسة نهائيا، كما وضع علمي السعودية وإسرائيل متجاورين، مشددا في عدد من تعليقاته على ضرورة إقامة سلام مع إسرائيل.

ويمتلئ حساب محمد سعود على تويتر الذي يحمل اسمه باللغتين العربية والعبرية، بعشرات التغريدات يوميا، بإعادة تغريدات لإسرائيليين من بينهم يائير نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين ناتنياهو.

وفي تغريداته يدعم سعود الإسرائيليين ويهنئهم بمناسباتهم الدينية، وظهر في فيديو مؤخرا وهو يتمنى زيارة الإسرائيليين إلى بلده السعودية وكذلك أن يزور إسرائيل.

​​وتحدث سعود بالعبرية في مقابلة له مع إذاعة غالاتس الإسرائيلية قائلا إن "الشعب الإسرائيلي يشبهنا، وهم مثل عائلتي. أحب هذه الدولة، وكان حلمي دائما أن أزور القدس".

ورجح الصحفي اليمني المقيم في ألمانيا عبده جميل المخلافي أن يكون قد تم "التحريض" ضد المدون السعودي قبل دخوله إلى ساحات الأقصى لأنه كان في زيارة إلى إسرائيل العام الماضي، بدعوة من وزارة الخارجية، ولم يحدث له مثلما حدث مع سعود، وقال إن "ما حصل للصحفي السعودي يثير الكثير من علامات الاستفهام".

​​​​وشكك سعوديون في جنسية سعود كما رأى بعض السعوديين أن الحديث عن زيارة سعودي لإسرائيل ما هي فقط إلا مؤامرة من قطر، وآخرون رأوا أنها مؤامرة من إسرائيل. 

​​

​​​​​وتعتبر القدس ومواقعها الدينية أكثر القضايا حساسية وإثارة للجدل في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ويعتبر المسجد الأقصى الذي يقع في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، ثالث أقدس موقع في الإسلام، ويشير إليه اليهود على أنه جبل الهيكل حيث موقع المعبدين من عهد التوراة ويعتبر أقدس الأماكن الدينية عندهم.

وتأتي زيارة الوفد العربي في وقت تسعى إسرائيل إلى تحسين العلاقات مع دول الخليج العربية التي لا تربطها بها علاقات دبلوماسية.

التطبيع بين السعودية وإسرائيل ظل قيد المفاوضات السرية والعلنية عدة سنوات
الولايات المتحدة قادت جهودا لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل

في خضم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة و"نهاية" الحرب بين إسرائيل وحماس المستمرة منذ 15 شهرًا، يتوقع أن يتجدد الحديث عن مسار التطبيع بين إسرائيل والسعودية الذي ظل قيد التكهنات والمفاوضات منذ عدة سنوات.

اندلعت الحرب التي أوقعت 46,645 قتيلًا في غزة، في السابع من أكتوبر 2023، إثر هجوم مسلحين من حركة حماس على إسرائيل، حيث قتلوا نحو 1,210 أشخاص واختطفوا 251 آخرين، لا يزال 94 منهم محتجزين في غزة، بينما قُتل أو تُوفي 34 منهم.

بدأت الحرب في وقت كانت واشنطن تسعى جاهدة لتقريب وجهات النظر بين السعودية وإسرائيل بهدف تطبيع العلاقات بينهما.

لذلك، قد يعني التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار فتح الباب أمام "تسوية نهائية" للحرب، مما يُجدد مساعي التقارب بين السعودية وإسرائيل، وفقًا لمراقبين.

وظل هذا التقارب المحتمل في صلب مساعي إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، استكمالًا لجهود الإدارة السابقة بقيادة دونالد ترامب، والتي تكللت في 2020 بتطبيع العلاقات بين إسرائيل وأربع دول عربية وهي الإمارات، والمغرب، والبحرين، والسودان، في إطار ما يعرف بـ "اتفاقيات إبراهيم".

وفي السياق، قال مرشح الرئيس المنتخب دونالد ترامب لوزارة الخارجية ماركو روبيو، اليوم الأربعاء إن هناك فرصة حقيقية لتوسيع نطاق اتفاقات أبراهام لتشمل السعودية.

وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الثلاثاء، إن اتفاقية تطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، التي تفاوض بشأنها لكنها لم تُنجز، لا تزال أفضل وسيلة لتعزيز السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وأضاف بلينكن خلال حديثه أمام المجلس الأطلسي أن احتمالية التطبيع بين إسرائيل والسعودية تمثل أفضل فرصة لتحقيق الهدف المنشود منذ فترة طويلة، والمتمثل في دمج إسرائيل بشكل أكبر في المنطقة.

وقال أيضًا إنها إن "أفضل حافز للطرفين لاتخاذ القرارات الصعبة اللازمة لتحقيق تطلعات كل من الإسرائيليين والفلسطينيين بالكامل". وشدد على أن هجمات السابع من أكتوبر "أثرت على مسارات التطبيع".

السلام والتهدئة

تعليقًا على ذلك، قال المحلل السعودي عبد الله الرفاعي إن الرياض "تؤيد أي مسار يحقق السلام والتهدئة"، في إشارة إلى استحسان قيادة بلاده للوصول إلى اتفاق في غزة يحقن الدماء ويحرر الرهائن.

وأكد الرفاعي أن الاتفاق المرتقب "يجب أن يكون ذا مغزى، وليس ناتجًا عن ضغوطات أو مصالح استراتيجية آنية".

وفي إجابته عن سؤال لموقع "الحرة" حول إمكانية أن يفضي الاتفاق المرتقب في غزة إلى عودة مسار التقارب بين إسرائيل والسعودية، قال الرفاعي إن علاقات بلاده "لا تقوم على العداء المطلق لأي دولة كانت، سواء إيران أو إسرائيل".

فرصة كبيرة

من جانبه، قال المحلل الإسرائيلي عكيفا الدار إن "هناك فرصة كبيرة" لعودة مسار التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل، "وأبرزها السعودية".

وخلال اتصال مع موقع "الحرة"، لفت الدار إلى أن ترامب من "أشد الطامحين" لتحقيق تقارب تاريخي بين السعودية وإسرائيل.

وأشار إلى أن الولاية الثانية لترامب قد تكون فرصة تاريخية للجانبين لتجاوز العقبات وتحقيق التطبيع المنشود منذ عدة أعوام.

وأضاف أن الرئيس ترامب يطمح إلى نيل جائزة نوبل للسلام، وقال: "سيبذل جهوده لتحقيق هذا التطبيع".

ووفقًا للدار، فإن رغبة ترامب في عودة مسار التطبيع بين إسرائيل والسعودية "تقف وراء استعجاله لإيجاد حل ووعيده بخصوص الرهائن لدى حماس".

شروط سعودية

لكن المحلل السعودي عبد الله الرفاعي أعاد التذكير بضرورة الاستجابة لجملة من الشروط التي كانت الرياض قد وضعتها لتحقيق التقارب مع إسرائيل، وأبرزها السماح بإقامة دولة فلسطينية.

وفي سبتمبر الماضي، شدد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على أن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم تقم دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

بيد أن المحلل الإسرائيلي عكيفا الدار يعتقد أن الرياض ستنتهج النهج ذاته الذي ورد في اتفاقيات إبراهيم، والتي تنص على أن إسرائيل لن تستولي على مزيد من الأراضي الفلسطينية كشرط للتطبيع.

وأوضح أن الرياض "مستعدة أكثر من أي وقت مضى للتطبيع مع إسرائيل" إذا حصلت على ضمانات.

وفي تفصيل رؤيته، قال إن "الضمانات تتمثل في إقامة دولة فلسطينية، لكن في المستقبل، وليس بالضرورة الآن".

يُشار إلى أن أبرز بنود المناقشات بشأن التطبيع بين السعودية وإسرائيل تشمل اتفاقية دفاع أميركية سعودية، ومساعدة للبرنامج النووي المدني السعودي، مقابل اتخاذ إسرائيل خطوات لتحسين ظروف الفلسطينيين.

مباشرة بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، أصدرت الرياض بيانًا لم تدن فيه الحركة الفلسطينية بشكل مباشر، لكنها دعت إلى "الوقف الفوري للتصعيد بين الجانبين، وحماية المدنيين، وضبط النفس".