في السعودية، يعمل المطورون على قدم وساق لبناء مجتمعات عمرانية جديدة، والنتائج مذهلة، ومع ذلك بات العديد من الشباب غير قادر على امتلاك وحدات سكنية وسط هذه الطفرة التي تأتي في إطار رؤية 2030.
هذا الواقع تعكسه الأرقم الرسمية وغير الرسمية.
نسبة الأسر السعودية التي تمتلك وحدة سكنية بلغت 63.74 في المئة مع نهاية عام 2023، وفق "برنامج الإسكان"، أحد برامج رؤية المملكة 2030.
وهذه النسبة تمثل زيادة 16.7 نقطة مئوية مقارنة بعام 2016، بل وتجاوزت المستهدف لعام 2023 البالغ 63 في المئة، بحسب تعبير وكالة الأنباء الرسمية "واس".
لكن في العاصمة، الرياض، التي باتت مقصدا للشاب الراغبين في الحصول على فرص عمل في الهيئات الحكومية الجديدة ومشاريع صندوق الثروة السيادية، باتت أسعار المنازل والشقق "باهظة الثمن بالنسبة للمواطن العادي"، والدليل أن 53.2 في المئة فقط من السعوديين المقيمين في الرياض يمتلكون منازلهم الخاصة، وفق بينات أوردتها صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية.
تصف الصحيفة الوضع بأن "طفرة العقارات في الرياض جعلت ملكية المنازل بعيدة عن متناول العديد من السعوديين".
ومنذ وباء كوفيد، أصبحت تكلفة المنزل الآن أعلى بنحو 81 في المئة، ما كانت عليه في عام 2020، وفقا لشركة أبحاث العقارات "نايت فرانك".
الهيئة العامة للإحصاء الرسمية السعودية نشرت، قبل أيام، أيضا نشرة الرقم القياسي لأسعار العقارات للربع الرابع 2024، التي كشفت ارتفاعا للأسعار بنسبة 3.6 في المئة، مقارنة بالربع المماثل من عام 2023.
وعزت الهيئة ذلك إلى ارتفاع أسعار عقارات القطاع السكني في هذا الربع بنسبة 3.1 في المئة، وأسعار عقارات القطاع التجاري بنسبة 5.0 في المئة، وأسعار عقارات القطاع الزراعي بنسبة 2.8 في المئة.
وكشفت الهيئة ارتفاع المؤشر العام السنوي بنسبة 2.3 في المئة، خلال عام 2024، مقارنة بعام 2023، حيث سجَّل القطاع السكني ارتفاعا بنسبة 1.0 في المئة، والقطاع التجاري 6.1 في المئة، والقطاع الزراعي بنسبة 1.4 في المئة.
تصريحات وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان، ماجد الحقيل، تؤكد كل ذلك.
قال الحقيل في تصريحات صحفية نقلتها وسائل إعلام محلية إن أسعار العقار مبالغ فيها، وإن السوق السعودي يحتاج إلى زيادة المعروض، وطرح وحدات أكبر في الرياض والدمام وجدة.
وكان الوزير قال في مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز، في نوفمبر الماضي، إن الحكومة طرحت مبادرات للتعامل مع مشكلة الأسعار، وتوقع الوصول إلى هدف ملكية المساكن الوطنية في الموعد المحدد، على الرغم من ارتفاع الأسعار في العاصمة.
وتشمل هذه المبادرات بناء أكثر من 30 ألف وحدة بإشراف من شركة الإسكان الوطنية بأسعار تبدأ من 375 ألف ريال سعودي (100 ألف دولار) في الضواحي الجديدة.
ومن خلال هذه المبادرة، يمكن للمواطنين التسجيل للحصول على قروض مصرفية مدعومة من الدولة لشراء هذه المنازل.
ومع ذلك، تقول فاينانشال تايمز إن ارتفاع الأسعار "يعقد محاولات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحقيق هدف ملكية العقارات بنسبة 70 في المئة بحلول عام 2030".
وفي الوقت الحالي، يمتلك 63 في المئة من السعوديين منازلهم الخاصة، ارتفاعا من 47 في المئة في عام 2016، عندما كشف ولي العهد لأول مرة عن طموحاته للاقتصاد السعودي.
لكن النسبة أقل في الرياض (53 في المئة)، حيث يعيش 4.4 مليون من أصل 18.8 مليون سعودي.
وبينما يحصل الموظفون السعوديون في المتوسط على راتب 121.908 ريال سعودي سنويا، فإن متوسط سعر فيلا مكونة من ثلاث غرف في الرياض يبلغ الآن حوالي 2.28 مليون ريال سعودي، وفقًا لبيانات "عقار"، وهي منصة محلية لإدراج العقارات.
فيصل دوراني، رئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "نايت فرانك" يقول إن حوالي ثلثي المواطنين السعوديين على استعداد لإنفاق ما لا يزيد عن 1.5 مليون ريال سعودي على شراء منزل.
ويضيف: "يبحث معظمهم عن فيلا مكونة من ثلاث أو أربع غرف نوم. هناك تناقض بين الميزانيات والأسعار في السوق وما يريدون شراءه".