من هما أحمد عسيري وسعود القحطاني الذين أعفاهما بن سلمان على خلفية مقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول؟ (صورة عسيري من الوكالة الفرنسية وسعود القحطاني من حسابه على تويتر)
كان ولي العهد قد أعفى أحمد العسيري وسعود القحطاني من منصبهما على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي

لاقت الأحكام التي أصدرها القضاء السعودي، الاثنين، في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، ردود فعل غلب عليها الاستياء من تبرئة بعض الأسماء البارزة في القضية.

فقد أصدر القضاء السعودي الحكم بإعدام خمسة أشخاص لم يتم الكشف عن أسمائهم، حيث ثبتت إدانتهم بجريمة قتل خاشقجي، فيما تمت تبرئة اثنين من كبار مساعدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وقررت المحكمة الإفراج عن نائب رئيس الاستخبارات السابق أحمد العسيري، وعدم توجيه اتهام لسعود القحطاني المستشار المقرب من ولي العقهد.

واللافت أن بيان النيابة العامة لم يكشف هويات الأشخاص الخمسة الذين صدرت بحقهم أحكام الإعدام، وبررت ذلك بالقول إن "المادة 68 من نظام الإجراءات الجزائية تحظر إعلان الأسماء كون الأحكام لا زالت ابتدائية وحينما تكون قطعية فسيتم ذلك".

البيت الأبيض وصف أحكام الإعدام بـ "الخطوة الهامة" في سبيل "محاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة المروعة". 

ودعا البيت الأبيض السلطات السعودية إلى "مواصلة عملية قضائية عادلة وشفافة لمحاسبة المسؤولين عن مقتل خاشقجي".

من جهته وصف صلاح، نجل الصحفي القتيل، الأحكام بـ "المنصفة". 

وقال في تغريدة على تويتر: "إنصاف القضاء يقوم على مبدأين، العدالة وسرعة التقاضي، فلا ظلم ولا مماطلة. اليوم القضاء أنصفنا نحن أبناء المرحوم، بإذن الله جمال خاشقجي. ونؤكد ثقتنا في القضاء السعودي بكافة مستوياته وقيامه بإنصافنا وتحقيق العدالة". 

"من أمر بقتل خاشقجي؟"

وكتبت أنييس كالامار، المحامية التي قادت التحقيق المستقل الذي أطلقته الأمم المتحدة في القضية، على تويتر إنه "بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، كان مقتل خاشقجي بمثابة إعدام خارج نطاق القضاء تتحمل دولة السعودية المسؤولية عنه. لكن المحكمة لم تشر في أي وقت من الأوقات إلى مسؤولية الدولة".

وأضافت أن "اغتيال خاشقجي يتطلب إجراء تحقيق على مستوى القيادات للتعرف على العقول المدبرة والمحرضين على القتل والذين سمحوا به أو غضوا الطرف عن اغتياله، مثل ولي العهد"، مشيرة إلى أن هذا لم يشمله التحقيق.

وسخرت كالامار من استخلاص نتائج تحقيقات القاضي إلى أن اغتيال خاشقجي وتقطيعه كان بمثابة "حادث لم تسبقه نية للقتل" مضيفة "الاقتراح بأن القتلة قرروا فجأة في لحظة خاطفة تقطيع جسده أمر سخيف للغاية، فتقطيع الأوصال يتطلب حد أدنى من التخطيط".

وأعاد كثير من المغردين ما كشفته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، نقلا عن تقرير للمخابرات المركزية الأميركية، أن ولي العهد السعودي أرسل 11 رسالة هاتفية لمستشاره سعود القحطاني في الساعات التي سبقت ولحقت اغتيال خاشقجي.

وقالت الخارجية التركية في بيان إن الأحكام القضائية "لا تلبي رغبة بلادنا والمجتمع الدولي في الإضاءة على كل جوانب هذه الجريمة وإحقاق العدالة".

"العدالة لم تحترم"

واعتبر الأمين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" كريستوف دولوار، الاثنين، أن "العدالة لم تحترم" في قضية خاشقجي، بينما قالت منظمة العفو الدولية إن الحكم عبارة عن "تبرئة لا تحقق العدالة ولا تظهر الحقيقة".

وطالب وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، السعودية بضمان "محاسبة كل المسؤولين عن مقتل خاشقجي، وألا يتكرر أبدا مثل هذا العمل الشنيع". 

مؤسسة "القسط" لحقوق الإنسان السعودية أعلنت بدورها رفضها لنتائج المحاكمات واتهمت السلطات القضائية في السعودية بعدم الاستقلالية، وطالبت بمحاكمة دولية.

ردود فعل المغردين

الصحفية اللبنانية ديانا مقلد رأت أنه تم تعويم قضية مقتل خاشقجي عبر صفقات حتى تمت تبرئة كل من القنصل السعودي في إسطنبول والعسيري والقحطاني، واصفة الأمر بـ "المهزلة"، في حين وصفها آخر بـ "أغبى مسرحية في التاريخ الحديث". 

 

 

أما علياء، شقيقة الناشطة المسجونة في السعودية لجين الهذلول، تمنت أن يتم التحقيق مع سعود القحطاني بتهمة تعذيب أختها والتحرش بها.

وتساءل وليد الهذلول عن إمكانية رفع دعوى قضائية دولية ضد سعود القحطاني بتهمة تعذيب شقيقته. 

في المقابل، رحب سعوديون بالأحكام الصادرة، وهنأ بعضهم القحطاني والعسيري على تبرئتهما. 

 

وكان خاشقجي كاتبا لمقالات رأي نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية انتقد فيها سياسات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وقتل خاشقجي في القنصلية في الثاني من أكتوبر 2018، بعد نحو سنة من مغادرته المملكة في خضم حملة اعتقالات طالت كتابا ورجل دين.

وقال دبلوماسيون حضروا جلسات المحاكمة في قتل الصحفي، إن المتهمين قالوا خلال الجلسات إن العسيري، الذي أعفي من منصبه بعد أيام من وقوع الجريمة، هو الذي أصدر الأوامر.

وورد اسم العسيري واسم القحطاني في لائحتي العقوبات اللتين أصدرتهما واشنطن بحق مشتبه بتورطهم في قضية الصحفي.

ووفقا لبيان سابق من مكتب المدعي العام السعودي، فإن القحطاني المعروف بأسلوبه الهجومي على وسائل التواصل الاجتماعي، التقى المجموعة قبل سفرها إلى تركيا بهدف مشاركتها بمعلومات متصلة بالمهمة.

وأطلق سراح العسيري بحسب السلطات السعودية، لكن على ما يبدو أن القحطاني كان حرا طليقا خلال مدة المحاكمات والتحقيقات، وفق تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال. 

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين حينها أن القحطاني كان لا يزال يواصل ممارسة مهامه مستشارا في الديوان الملكي ولكن بصيغة غير رسمية، وإن ولي العهد محمد بن سلمان كان يستعين بمشورته.

 

انتعاش في العلاقات الاقتصادية رغم الخلافات العالقة بين دول الخليج وإيران
انتعاش في العلاقات الاقتصادية رغم الخلافات العالقة بين دول الخليج وإيران

هل تحكم العلاقات الخليجية الإيرانية  المصالح والمنافع الاقتصادية، أم أنها علاقات غير مستقرة بسبب ملفات السياسة المعقدة، خاصة ما تفعله أذرع إيران المسلحة في المنطقة؟

يقول الكاتب والباحث السياسي الكويتي، عايد المناع، في حديث لقناة "الحرة" إن حجم التبادل التجاري بين إيران ودول الخليج "لا يعتبر مؤشرا على وجود علاقات مستقرة"، مضيفا أن هذه العلاقات ومنذ عهد الشاه كانت "متأرجحة وغير مطمئنة".

ووصف شاه إيران بأنه كان "شرطي الخليج" واتهمه باحتلال الجزر الثلاث طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى، موضحا أن النظام الإسلامي الإيراني بعد 1979 تمسك بهذه الجزر وكانت هذه "الشرارة في تأزم العلاقة بين دول الخليج وطهران".

وأضاف المناع أن الاقتصاد يلعب دورا كبيرا في "قيادة الأوضاع" رغم الخلافات العالقة مثل التدخل في شأن البحرين الداخلي والخلافات النفطية بين الرياض وطهران ومصير الجزر التي تطالب الإمارات بها.

ويرى المناع أن دول الخليج "تنموية ولا ترغب في الصراع، إلا أن المشكلة تكمن في طموحات إيران التوسعية في منطقة الخليج أو الدول المجاورة لها مثل العراق ولبنان وسوريا.

خبير الطاقة والجغرافيا السياسية، توماس أودونيل، تحدث لقناة "الحرة" من العاصمة الألمانية برلين، وقال إن طبيعة العلاقة بين دول الخليج وإيران "أكثر تعقيدا" من مجرد الحديث عن العمق الجغرافي ودوره في تطوير العلاقة الاقتصادية بين الطرفين.

وأضاف أن دول الخليج ترفض طموحات إيران الجيوسياسية في المنطقة، "فالمعطيات الحالية تشير إلى أن النظام الإيراني يحاول الآن الهيمنة على المنطقة".

لكن غياب الهيمنة الإيرانية في الوقت الراهن، بحسب أودونيل، يتيح لدول الخليج أن تقيم علاقات اقتصادية مع طهران، مشيرا إلى أن تطورات الحرب في غزة ولبنان وما يحدث في اليمن وسوريا والعلاقات مع تركيا، عقدت مشهد العلاقات الثنائية.

وشهد حجم التجارة بين إيران ودول الخليج انتعاشا في السنوات الأخيرة رغم العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران.

وحسب إحصائيات البنك الدولي بين عامي 2018-2022 بلغ إجمالي حجم التداول بين إيران ودولة الإمارات العربية 78 مليار دولار.

فيما بلغ إجمالي حجم التداول بين طهران وبغداد 37 مليار دولار، وبلغ حجم إجمالي التداول بين إيران وسلطنة عمان خلال تلك الفترة 5 مليار دولار، في وقت وصل إجمالي حجم التداول بين إيران والكويت إلى مليار دولار.

وبعد سنوات من الخلافات الجيوسياسية، انتعشت العلاقات بين طهران وأبو ظبي، وبلغت واردات إيران من الإمارات خلال عام واحد عشرين مليارات في حين صدرت إليها بضائع بأكثر من ستة مليارات.

وسبق أن أشارت وكالة الأنباء العمانية أيضا إلى حدوث قفزة في العلاقات التجارية مع إيران. وأبرمت إيران أيضا اتفاقية تعاون ثنائي مع قطر.

ورغم ذلك، تركت التوترات الأخيرة مع حربي غزة ولبنان تباينا في توجهات إيران وبعض دول الخليج، ففي حين تقود إيران محورا يعادي إسرائيل، طبّعت دول عربية منها الإمارات والبحرين علاقاتها مع إسرائيل.

ويسود الترقب أيضا للرياح الجديدة القادمة من واشنطن مع عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى السلطة واحتمال فرضه سياسة الضغوط القصوى حيال طهران.