الهذلول حصلت على "جائزة الحرية" مؤخرا في فرنسا.
الهذلول حصلت على "جائزة الحرية" مؤخرا في فرنسا.

توقعت لينا الهذلول، أن يتم الإفراج عن شقيقتها الناشطة السعودية، لجين الهذلول،  في غضون شهرين تقريبا، مستندة إلى تفاصيل الحكم القضائي الأخير الذي صدر بحقها الاثنين.

ولجين معتقلة في سجون المملكة، منذ مايو 2018، حيث  حوكمت بموجب "نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله".

وقضت المحكمة الجزائية في الرياض بسجن، لجين الهذلول، خمسة أعوام وثمانية أشهر، مع وقف التنفيذ عامين و10 أشهر.

وذكرت شقيتها أن لجين ممنوعة من السفر خارج السعودية لمدة خمس سنوات، بموجب الحكم الذي يمكن استئنافه من قبلها أو من قبل الادعاء العام.

ونشرت صفحة معتقلي الرأي السعودية، سلسلة تغريدات انتقدت حكم المحكمة، معتبرة أن السلطات "أصرت على وصم #لجين_الهذلول بالعمالة والخيانة رغم أن القضاء "تحايل" على حُكم السجن كي تخرج لجين خلال فترة قصيرة جدا.

وأكدت الصفحة أن "اعتقال لجين جاء على خلفية نشاطها الحقوقي، وأن لا علاقة لها بأية تهمة زائفة تم توجيهها ضدها".

ونشرت الصصفحة توقعات بشان موعد الإفراج عن لجين، حيث توقعت أن يكون موعد الإفراج بعد نحو ثلاثة أشهر.

وذكرت لينا الهذلول أن "الغريب في الموضوع أن الإعلام السعودي نشر الحكم على لجين بالسجن قبل أن نعرف نحن اخوتها بالحكم".

نضال من أجل المرأة

وناضلت الهذلول (31 عاما) لسنوات من أجل السماح للنساء في بلادها بقيادة السيارات، وطالبت بإلغاء نظام "ولاية الرجل" الذي يجبر المرأة السعودية على الحصول على إذن "ولي أمرها" من أجل القيام بأمور كثيرة بعضها من أبسط الحقوق.

لكن الناشطة المتخرجة من جامعة بريتيش كولومبيا الكندية أوقفت قبل أسابيع من رفع الحظر التاريخي على النساء السعوديات في قيادة السيارات في منتصف 2018، بالإضافة إلى غيرها من ناشطات بارزات بتهمة "النشاط المنسّق لتقويض الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي للمملكة".

ووصفهن الإعلام الرسمي سابقا بأنهن "خائنات" و"عميلات سفارات".

"تحرش وتعذيب"

وتقول عائلة الهذلول إن لجين تعرضت للتحرش الجنسي والتعذيب باستخدام الصعقات الكهربائية والإيهام بالغرق أثناء احتجازها. وتتهم الهذلول، بحسب عائلتها، المستشار الإعلامي بالديوان الملكي سعود القحطاني بأنه هددها بالاغتصاب والقتل.

وليست هذه المرة الأولى التي تسجن فيها الهذلول التي كانت ناشطة بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي.

ففي نهاية 2014، كانت الهذلول لا تزال في الـ25 من العمر حين اعتقلتها السلطات وأودعتها السجن لمدة 73 يوما بعدما حاولت قيادة السيارة عبر الحدود بين الإمارات والمملكة.

تعرضت لجين للتحرش والتعذيب في السجن وفق ما أفادت به عائلتها

"شجاعة وجريئة"

ووصفت، سيما غودفري، وهي أستاذة في اللغة الفرنسية في جامعة بريتيش كولومبيا التي ارتادتها لجين  في الفترة بين 2009 و2004، وتخرجت منها بشهادة في اللغة الفرنسية، الناشطة السعودية بأنها كانت  شجاعة وجريئة.

وقالت لتلفزيون "سي بي سي" في عام 2018 إن الهذلول "كانت تعرف بماذا تخاطر هناك ولم تكن خائفة"، مشيرة إلى إنها "كانت تتطلع نوعا ما إلى التحدي".

وبحسب غودفري، فإن الهذلول تأتي من عائلة تقدمية شجعتها على الانخراط في السياسة، وهو أمر لطالما تتجنبه معظم العائلات السعودية في المملكة المحافظة.

وتابعت أن الهذلول "كانت تتحدث كثيرا عن والدتها التي كانت ترغب في أن تكون أصوات بناتها مسموعة".

وكانت لجين متزوجة لسنوات من الكوميدي السعودي المعروف فهد البتيري.

الفنان الكوميدي السعودي فهد البتيري و الناشطة السعودية لجين الهذلول

واعتقل البتيري في الأردن عام 2018 وتم ترحيله إلى السعودية، بحسب ما أفاد نشطاء ومقربون من الزوجين فرانس برس.

وقالت المصادر إن السلطات السعودية ضغطت عليه لتطليق الهذلول بعد اعتقالها. ولم يكن بالإمكان الحصول على تعليق من البتيري الذي أفرج عنه ويقيم في المملكة.

وسعى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة للضغط على السعودية للإفراج عن الناشطات الحقوقيات.

وأفرجت السلطات السعودية مؤقتا عن عدد من الناشطات العام الماضي.

"صفقة"

وتقول عائلة لجين الهذلول إن السلطات عرضت على لجين "صفقة"، حيث عرضت العام الماضي إطلاق سراحها مقابل شهادة مصورة منها تنفي فيها تعرضها للتعذيب والتحرش الجنسي في السجن.

وذكرت عائلتها أنها رفضت قبول "الصفقة".

لجين الهذلول اتهمت بالتخابر مه جهات أجنبية معادية للسعودية

وكانت الهذلول قامت في وقت سابق هذا العام بإضراب عن الطعام لنحو أسبوع بعد حرمانها من الاتصال أو لقاء عائلتها لأشهر، بحسب مصادر مقربة من العائلة. وأوقفت الإضراب بعد السماح لوالديها بزيارتها في السجن.

وفي الثالث من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حصلت الهذلول في فرنسا على "جائزة الحرّيّة" التي تمنحها لجنة دولية مكونة من 5500 شاب، وسلمت إلى عضوين من عائلتها. 

العاصمة السعودية تنظم مجموعة هائلة من الفعاليات الترفيهية سنويا ضمن "موسم الرياض"
العاصمة السعودية تنظم مجموعة هائلة من الفعاليات الترفيهية سنويا ضمن موسم الرياض (AFP)

بعد عقود من الانغلاق، تعمل السعودية صاحبة أكبر اقتصاد في العالم العربي وأكبر مصدّر للنفط الخام في العالم، على تحقيق أهداف "رؤية 2030" الساعية إلى أن تحوّلها مركزا للأعمال والسياحة والرياضة.

هذا التحوّل الكبير والجذري شكّل مادة خصبة لترويج منشورات غرائبيّة لاقت رغم عدم صحتها رواجا واسعا وصدّقها الكثيرون.

ويعزوا الخبراء ذلك إلى كونها تثير العاطفة الدينية في ظل قلق من التحولات الاجتماعية الكبرى في "مهد الإسلام" أو الاعتراض على سياسات الرياض.

من رفع "أصنام" خلال عروض أزياء إلى وضع فنانة على خصرها سيفا قيل إنه يُشبه سيف الإمام علي بن أبي طالب، وصولا إلى الرقص على مجسّم يشبه الكعبة وغناء آيات من القرآن، لا تكاد صور ومقاطع فيديوهات يقول ناشروها إنها التقطت من موسم الرياض الأخير تفارق مواقع التواصل الاجتماعي، في ما وُصف بأنه "عودة للوثنيّة" بعد أكثر من 1400 عام من زوالها وانتشار الإسلام ومؤشر على "الانحلال الأخلاقي في بلاد الحرمين".

ويأتي ظهور هذه المنشورات في ظل إقامة أنشطة وحفلات وعروض، من بينها عرض لملابس البحر في مايو، وهي فعاليات كانت تُعدّ ضربا من الخيال قبل سنوات قليلة.

في هذا السياق، بدأت الأخبار المضللة ذات الصلة بالظهور وحققت بشكل عام تفاعلا واسعا على مواقع التواصل.

ويعلّق الخبير في مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط هشام الغنّام على الانتشار الواسع لهذه الأخبار بالقول: "تنطوي هذه الأخبار المزيفة على عناصر دينية أو ثقافية حساسة، فهي على الأغلب تثير استجابات عاطفية قوية".

ويضيف الغنّام الذي يُشرف على مركز البحوث الأمنية وبرامج الأمن الوطني في جامعة نايف في الرياض، أن ذلك يأتي في ظل "غياب التفكير النقدي" لدى الكثيرين من مستخدمي مواقع التواصل، وخصوصا مع استخدام الذكاء الاصطناعي.

ويسعى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في إطار خطته الإصلاحية "رؤية 2030"، إلى إدخال تغييرات اجتماعية وتنويع مصادر دخل بلاده، وتحويل المملكة إلى مركز أعمال ورياضة وسياحة.

فمنذ إطلاق تأشيرة السياحة العامة للمرة الأولى عام 2019، أطلقت المملكة تغييرات مجتمعية، إذ خففت من حدة القيود المفروضة على النساء وأقامت فعاليات ترفيهية كثيرة، بعدما كانت ولوقت طويل تفرض قواعد صارمة جدا على النساء، بينها حظر القيادة وفرض ارتداء العباءة والحجاب.

ولقيت هذه التغييرات ترحيبا، وأيضا انتقادات ولا سيما في الأوساط المحافظة في المنطقة العربية.

في هذا السياق، انتشرت بالتزامن مع موسم الرياض 2024 الكثير من المنشورات المضللة التي تناولت الحدث، فنّدت عددا منها خدمة تقصي صحة الأخبار في وكالة فرانس برس في سلسلة تقارير.

حصدت صورة مئات المشاركات والتعليقات قيل إنها لأصنام وُضعت على منصة لعرض الأزياء في السعودية، في ما وُصف بأنه "عودة للوثنية" بعد أكثر من 1400 عام من زوالها وانتشار الإسلام.

لكن التفتيش عنها كشف أنها مركّبة، إذ عمد مستخدمو مواقع التواصل إلى إضافة التماثيل عليها للإشارة إلى أنها فعلا التقطت في الرياض.

وتعود هذه التماثيل إلى الحضارة السومرية ومملكة إشنونة التاريخية وإلى مجموعة يُطلق عليها اسم "المواي" في جزيرة الفصح في المحيط الهادئ.

في هذا الصدد، تقول الأستاذة في كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية مهى زراقط لوكالة فرانس برس إن هذه المنشورات تلقى رواجا بين المستخدمين لأنها تخاطب مشاعر المسلمين و"تُشعرهم بأن الأرض المقدسة التي انطلقت منها رسالة النبيّ، تُدنّس".

أما عن دوافع الناشرين، فترى زراقط أن "الهدف الأساسي، كما يبدو، سياسي بالدرجة الأولى (...) هناك طرف لا تعجبه السياسة الجديدة التي تنتهجها السعودية حاليا، ويحاول محاربتها".

لم تسلم الحفلات الغنائية الأخيرة في المملكة الخليجية من ناشري الأخبار المضللة، فقد ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو وصور اعتبرها البعض مؤشرا على "الانحلال الأخلاقي في بلاد الحرمين".

فهذا الفيديو الذي قيل إنه يصوّر مغنية بثياب خادشة للحياء ترقص على مجسم للكعبة في الرياض، لا شأن له بالسعودية لا من قريب ولا من بعيد، وهو في الحقيقة يصوّر حفلة لمغنية البوب الأميركية تايلور سويفت أقامتها في العاصمة الأرجنتينية بوينس إيريس قبل نحو عام.

وفي السياق نفسه، انتشر فيديو قيل إنه يُصوّر اقتحام فتاة سعودية المسرح خلال حفل للمغني الإسباني إنريكي إغليسياس في الرياض.

إلا أن البحث أظهر أن المغني الإسباني لم يُقم أيَ حفل في السعودية في الأيام الماضية، أما الفيديو المتداول فهو مصوّر في أذربيجان قبل سنوات.

لطالما كانت السياحة في السعودية مقتصرة لعقود على السياحة الدينية المرتبطة بالحج والعمرة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، إلا أنها في السنوات الأخيرة شهدت حفلات غنائية لفنانين عالميين وعروض أزياء لكبار المصممين وغيرها من النشاطات السياحية والفنية.

في هذا السياق، انتشر مقطع آخر قيل إنه يُظهر حفلة غنائية في الرياض تُغنّى فيها آيات من القرآن على موسيقى غربية صاخبة.

إلا أن الصوت المسموع مركّب على فيديو لعرض موسيقي لفرقة أميركية في الولايات المتحدة عام 2014.

وفي حفل ضخم ضمن موسم الرياض 2024 حضرته شخصيات من عالمي السينما والموسيقى من أنحاء العالم، وأحياه نجوم مثل سيلين ديون وجنيفر لوبيز وكاميلا كابيلو ونانسي عجرم وعمرو دياب، احتفل مصمم الأزياء العالمي اللبناني إيلي صعب بمسيرة عمرها 45 عاما وضع خلالها الموضة العربية على قائمة الخريطة العالمية.

وضجت مواقع التواصل بمشاهد من الحفل الذي تضمن عروضا ترفيهية وموسيقية مباشرة على الهواء، أشادت بالعمل الفني للمصمم اللبناني، فيما تداول آخرون مشاهد مضللة ادعوا أنها من الحفل.

فقد انتشرت صور قيل إنها تُظهر المغنية الأميركيّة جنيفر لوبيز وهي تضع حول خصرها سيفا ذا رأسين يشبه سيف عليّ بن أبي طالب بحسب ما وصفه التراث الإسلامي.

إلا أن ما قيل غير صحيح فالفنانة الظاهرة في الصور هي المغنية التشيلية من أصل فلسطيني إليانا خلال حفل لها في نيويورك قبل أسابيع.

يرى الغنام أن الطوق يكتمل "حين تأتي الأخبار من مصادر يثق بها المستخدم أو توافق موقفه الأيديولوجي والثقافي، ما يدفعه إلى تصديق المعلومات من دون التحقق من صحتها".

وترى زراقط أن "المتلّقي يصدّق هذه الأخبار لأنها تؤكد أفكاره المسبقة أو آراءه السياسية غير الراضية عن التغييرات الحاصلة في السعودية، فيرى في انتشار مثل هذه الأخبار تأكيدا لوجهة نظره، فيصدّقها وقد يصبح مشاركا في نشرها بل ورافضا تصحيحها".

ويختم الغنام قائلا "في البيئات التي تحظى فيها الأديان والتراث الثقافي بتقدير عميق مثل المجتمعات العربية والشرقية، فإن أي أخبار تشير إلى عدم احترام الدين أو تدنيسه تلقى صدى قويا".