أثارت شخصيات مقربة من نظام بشار الأسد في سوريا جدلا في الساعات الماضية، بعد نشرها معلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بزيارة وفد سعودي أمني للعاصمة دمشق، حيث التقى بمسؤولين أمنيين سوريين "رفيعي المستوى"، وهو ما أكدته مصادر عدة لموقع "الحرة".
ولم يصدر أي تعليق رسمي من النظام السوري أو السلطات السعودية، مع العلم بأن موقع الحرة أرسل استفسارا، عبر البريد الإلكتروني، عن هذه الزيارة لوزارة الخارجية السعودية وسفارة الرياض في واشنطن، دون تلقي أي رد.
ومن بين الشخصيات التي أثارت القضية، عضو "وفد المصالحة الوطنية"، عمر رحمون، الذي قال عبر "تويتر" الاثنين "وفد سعودي برئاسة رئيس جهاز المخابرات، الفريق خالد الحميدان يزور دمشق ويلتقي الرئيس بشار الأسد واللواء علي مملوك".
وأضاف رحمون أن الزيارة تأتي "لتمهيد لفتح السفارة السعودية بعد عيد الفطر واستعادة العلاقات على جميع المستويات".
وفي اتصال هاتفي أكد رحمون صحة ما كتبه عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وقال لموقع "الحرة": "بشأن هذه القضية فالإعلام الرسمي لم ينشر أي شيء حولها. تم تسريب الخبر عبر بعض الصفحات وأنا ممن سربه عن طريق صفحاتي بالإضافة إلى أشخاص آخرين".
وأضاف رحمون: "الخبر صحيح 100 بالمئة وأتحمل مسؤوليته، والوفد الأمني السعودي الذي زار دمشق كان برئاسة رئيس جهاز المخابرات خالد الحميدان. هذه المعلومات أمنية واللقاء كان على أعلى قمة أمنية".
بدوره، أكد محمد حسين، وهو أمين سر "لجان المصالحات"، التابعة لنظام الأسد المعلومات المذكورة سابقا.
وأضاف حسين، المقيم في دمشق لموقع "الحرة" "بمعلوماتي المتواضعة أعرف أن وفدا سعوديا برئاسة رئيس المخابرات قد أجرى لقاءات في دمشق".
وتابع مستدركا "لكن لا يمكن أخذ ذلك بشكل قاطع إذا لم يكن هناك رأي من الحكومة السورية. الأمور بخير والمستجدات جيدة. معلوماتي أن السفارة السعودية في دمشق ستفتح بعد عيد الفطر".
وأكد مصدر آخر على اطلاع على الملف السوري هذه المعلومات، وقال لموقع الحرة، طالبا عدم الكشف عن هويته، إن "وفدا أمنيا سعوديا برئاسة مسؤول أمني كبير زار دمشق الاثنين الماضي في إطار التباحث لفتح سفارات بناء على تنسيق روسي".
وأضاف أن هذه الخطوة سبقتها وقبل أسبوعين زيارة لنائب الرئيس السوري للشؤون الأمنية، اللواء علي مملوك، رفقة ضابط استخبارات روسي، للسعودية، حيث عقد سلسلة لقاءات مع مسؤولين سعوديين.
مسؤول أميركي يعلق
وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فضل عدم الكشف عن اسمه للحرة، أن "الوزارة على علم بالتقارير التي تحدثت عن محادثات سورية سعودية جارية لإعادة فتح السفارة السعودية في العاصمة السورية.
وقال المسؤول نفسه "أحيلكم إلى الحكومة السعودية للتعليق على ذلك"، قبل أن يضيف "نؤمن بأن الاستقرار في سوريا والمنطقة بشكل عام يمكن تحقيقه فقط من خلال عملية سياسية تمثل إرادة كل السوريين ونحن ملتزمون بالعمل مع الحلفاء والأمم المتحدة لضمان بقاء حل سياسي دائم في متناول اليد".
"تطبيع بعد عيد الفطر"
وكانت صحيفة الغارديان نقلت بدورها عن مسؤولين في الرياض قولهم إن "تطبيع العلاقات يمكن أن يبدأ بعد فترة وجيزة من عيد الفطر".
وأشار أحد المسؤولين للصحيفة إلى أن "التخطيط لهذا الأمر بدأ منذ فترة، ولكن لم يتم المضي بشئ"، موضحا أن التغييرات الإقليمية التي شهدتها المنطقة كانت بمثابة "انفتاحة" جديدة.
ويأتي ما سبق في الوقت الذي يمضي فيه النظام السوري لتنظيم الانتخابات الرئاسية في أواخر مايو الحالي، والتي يعتبرها معارضون سوريون "غير شرعية"، كما ترفضها الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي.
ويتزامن ما سبق مع تقارير إعلامية تنشرها شخصيات مقربة من النظام السوري، وتقول فيها إن عودة سوريا إلى الجامعة العربية ستكون قريبة، وقد تكون البوابة لذلك إعادة تطبيع العلاقات مع دول عربية، كان أولها الإمارات.
وكانت السعودية استدعت سفيرها من دمشق في أغسطس 2011، ثم أعلنت، في مارس 2012 إغلاق سفارتها وسحب جميع الدبلوماسيين والعاملين فيها.
أما الجامعة العربية فعلقت عضوية النظام السوري في 12 من أكتوبر عام 2011، ودعت إلى سحب السفراء من دمشق، إلى حين تنفيذ النظام كامل تعهداته في توفير الحماية للمدنيين السوريين.
وكانت آخر التصريحات السعودية حيال العلاقة مع سوريا في الرابع من أبريل الماضي، حيث قال وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، في مقابلة مع شبكة "CNN" الأميركية إن السعودية تأمل أن "تتخذ حكومة بشار الأسد الخطوات المناسبة لإيجاد حل سياسي، لأن هذا هو السبيل الوحيد للتقدم في سوريا".
وأضاف بن فرحان، أن الاستقرار في سوريا "يتطلب حلا وسطا من قبل الحكومة السورية، وتضافر جهود الحكومة والمعارضة حتى نتمكن من المضي قدما في عملية سياسية".
وردا على سؤال فيما إذا كانت السعودية تؤيد الموقف الإماراتي المطالب برفع العقوبات الأميركية عن النظام السوري بموجب قانون "قيصر"، قال الوزير السعودي إن "الشيء المهم هو معالجة القضية الأساسية، وهي إيجاد حل سياسي. من دون ذلك لن نتمكن من المضي قدما".